تعيين من خرج مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في المباهلة
السيد علي الميلاني
منذ 11 سنةتعيين من خرج مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في المباهلة
إنّه ـ كما أشرنا من قبل ـ ليس في الآية المباركة اسم لأحد ، لا نجد اسم علي ولا نجد اسم غير علي في هذه الآية المباركة.
إذن ، لابدّ أن نرجع إلى السنّة كما ذكرنا ، وإلى أيّ سنّة نرجع ؟ نرجع إلى السنّة المقبولة عند الطرفين ، نرجع إلى السنّة المتّفق عليها عند الفريقين.
ومن حسن الحظّ ، قضيّة المباهلة موجودة في الصحاح ، قضيّة المباهلة موجودة في المسانيد ، قضيّة المباهلة موجودة في التفاسير المعتبرة.
إذن ، أيّ مخاصم ومناظر وباحث يمكنه التخلّي عن هذا المطلب وإنكار الحقيقة ؟
وتوضيح ذلك : إنّا إذا رجعنا إلى السنّة فلابدّ وأن نتمّ البحث دائماً بالبحث عن جهتين ، وإلّا لا يتمّ الإستدلال بأيّ رواية من الروايات :
الجهة الأولى : جهة السند ، لابدّ وأن تكون الرواية معتبرة ، لابدّ وأن تكون مقبولة عند الطرفين ، لابدّ وأن يكون الطرفان ملزمين بقبول تلك الرواية. هذا ما يتعلّق بالسند.
الجهة الثانية : جهة الدلالة ، فلابدّ وأن تكون الرواية واضحة الدلالة على المدّعى.
وإلى الآن فهمنا أنّ الآية المباركة وردت في المباهلة مع النصارى ، نصارى نجران ، ونجران منطقة بين مكّة واليمن على ما في بالي في بعض الكتب اللغويّة ، أو بعض المعاجم المختصّة بالبلدان.
وإذا رجعنا إلى السنّة في تفسير هذه الآية المباركة ، وفي شأن من نزلت ومن خرج مع رسول الله ، نرى مسلماً والترمذي والنسائي وغيرهم من أرباب الصحاح (1) يروون الخبر بأسانيد معتبرة ، فمضافاً إلى كونها في الصحاح ، هي أسانيد معتبرة أيضاً ، يعني حتّى لو لم تكن في الصحاح بهذه الأسانيد ، هي معتبرة قطعاً :
خرج رسول الله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين ، وليس معه أحد غير هؤلاء.
فالسند معتبر ، والخبر موجود في الصحاح ، وفي مسند أحمد ، وفي التفاسير إلى ما شاء الله ، من الطبري وغير الطبري ، ولا أعتقد أنّ أحداً يناقش في سند هذا الحديث بعد وجوده في مثل هذه الكتب.
نعم ، وجدت حديثاً في السيرة الحلبيّة بلا سند ، يضيف عمر بن الخطّاب وعائشة وحفصة ، وأنّهما خرجتا مع رسول الله للمباهلة (2).
ووجدت في كتاب تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّة (3) أنّه كان مع هؤلاء ناس من الصحابة ، ولا يقول أكثر من هذا.
ووجدت رواية في ترجمة عثمان بن عفّان من تاريخ ابن عساكر (4) أنّ رسول الله خرج ومعه علي وفاطمة والحسنان وأبو بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده.
فهذه روايات في مقابل ما ورد في الصحاح ومسند أحمد وغيرها من الكتب المشهورة المعتبرة.
لكن هذه الروايات في الحقيقة :
أوّلاً : روايات آحاد.
ثانياً : روايات متضاربة فيما بينها.
ثالثاً : روايات انفرد رواتها بها ، وليست من الروايات المتّفق عليها.
رابعاً : روايات تعارضها روايات الصحاح.
خامساً : روايات ليس لها أسانيد ، أو أنّ أسانيدها ضعيفة ، على ما حقّقت في بحثي عن هذا الموضوع.
إذن ، تبقى القضيّة على ما في صحيح مسلم ، وفي غيره من الصحاح ، وفي مسند أحمد ، وغير مسند أحمد من المسانيد ، وفي تفسير الطبري والزمخشري والرازي ، وفي تفسير ابن كثير ، وغيرها من التفاسير إلى ما شاء الله ، وليس مع رسول الله إلّا علي وفاطمة والحسنان.
الهوامش
1. راجع : صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، مسند أحمد ١ / ١٨٥ ، صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٦ ، خصائص أمير المؤمنين : ٤٨ ـ ٤٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٠ ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠ ، المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٨٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ / ١٦ ، تفسير الطبري ٣ / ٢١٢ ، تفسير ابن كثير ١ / ٣١٩ ، الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٣٨ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢٩٣ ، أسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ٢٦ ، وغيرها من كتب التفسير والحديث والتاريخ.
2. إنسان العيون ٣ / ٢٣٦.
3. تاريخ المدينة المنورة ١ / ٥٨١.
4. ترجمة عثمان من تاريخ دمشق : ١٦٨.
مقتبس من كتاب : [ آية المباهلة ] / الصفحة : 23 ـ 26
التعلیقات