إشكاليّة قتل المرتدّ وحرّية المعتقد في الإسلام
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 11 سنةالسؤال :
سؤالي حول إشكاليّة قتل المرتدّ وحرّية المعتقد في الإسلام أرجو مساعدتي حول الموضوع ؟
الجواب :
قال الله تعالى : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) [ البقرة : 256 ] ، والمراد انّ الإعتقاد والإيمان أمر قلبي تابع لقيام الحجّة والدليل على صحّة العقيدة فلا يكون الإنسان مؤمناً أو متديّناً بدين إلّا إذا اقتنع بصحّة ذلك الدين ، فلا يمكن إكراه أحد على الإيمان والإعتقاد بدين لم يقبله قلباً ولم يذعن بصحّته ، لكن ليس معنى ذلك حريّة الإنسان في إظهار عقيدته ومسلكه ، إذ قد يكون إظهار الكفر والشرك موجباً لتقوية دعائم الكفر وتضعيف عقائد المؤمنين ، فيكون موجباً لوقوع الفتنة والفساد في المجتمع حيث ان الإيمان بالله وصفاته الكماليّة وبعثة الأنبياء الرسل والمعاد من الاُمور الفطريّة أو البديهيّة ، والمجتمع البشري انّما يكون سعيداً إذا آمن بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ونحو ذلك ممّا تدعوه الفطرة الإنسانيّة إلى الإعتقاد به ، فكلّ من يقدم على وقوع الفتنة والفساد والإنحراف العقائدي في المجتمع لا بدّ من دفعه ولو بقتله واستئصال جذوره ، قال الله تعالى : ( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) [ البقرة : 217 ].
فالمرتد إذا لم يظهر إنحرافه العقائدي ولم يعلن عن إرتداده لا يتعرّض له أحد وكان أمره إلى الله تعالى وهو حرّ في عقيدته بل لا يمكن إجباره على الإيمان والإعتقاد الصحيح ، لكنّه إذا أعلن عن إرتداده وأظهر إنحرافه العقائدي خصوصاً في المجتمع الإسلامي فيكون فتنة وموجباً للفساد ، إذ من المحتمل أن يؤثّر إرتداده في بعض الناس لضعف عقيدتهم فيسلك مسلكه ويقتدى به.
بل نفس إعلانه عن ارتداده وكفره يكون محاربة للإسلام والمسلمين وتقوية للكفر والكافرين ، فبذلك يستحقّ العقاب وقد يقتل لانّ بقاءه على قيد الحياة ـ مع إعلانه عن إرتداده ـ موجب للفتنة والفساد والإنحراف لدى غيره.
ولذا نرى انّ الإسلام يفرّق بين المرتد الفطري وهو الذي ولد مسلماً ثم ارتدّ عن الإسلام وبين المرتدّ الملّي وهو الكافر إذا أسلم ثم ارتدّ ، فانّ تأثير المرتدّ الفطري في المجتمع البشري والإسلامي أقوى من تأثير المرتدّ الملّي ، فالذي ولد وهو مسلم ثمّ اختار الكفر وأظهر ذلك للناس تكون فتنة أعظم وتأثيره في انحراف الناس أكثر ، وإذا يحكم عليه بالقتل حتّى لو تاب ورجع عن ارتداده لانّه صار سبباً للفساد والإنحراف العقائدي بنفس إعلانه الإرتداد. امّا المرتد الملّي فلا يكون تأثيره على المسلمين بارتداده مثل تأثير المرتدّ الفطري ، وكذلك المرأة المرتدّه مطلقاً ، ولأجل ذلك يستتاب المرتد الملّي والمرأة تستتاب فان لم يتوبا يقتل الملّي وتحبس المرأة.
التعلیقات