الأشاعرة
الدكتور صائب عبد الحميد
منذ 10 سنواتفي الفترة التي ضعف فيها دور المعتزلة وقوي موقع أصحاب الحديث ظهر في البصرة أبو الحسن الأشعري بمذهب جديد يعارض فيه المعتزلة وينتصر لأصحاب الحديث. والأشعري المولود سنة ٢٦٠ ه والمتوفى سنة ثلاثمئة ونيّف وثلاثين للهجرة ، قد كان أول أمره معتزلياً ، تلميذاً لشيخ المعتزلة في عصره أبي على الجُبّائي ، وقد كان أحياناً ينوب عن شيخه في الجدل. ثمّ طلع علي الناس بعد عزلة قصيرة ، قيل خمسة عشر يوماً فأعلن توبته عن مقالة المعتزلة في القدر وقال بقول الجبرية إلا أنّه أدخل عليه مفهوم الكسب ، ليكون الإنسان مسؤولاً عن فعله بالكسب .. كما ردّ على المعتزلة عقيدتهم في الصفات وتبنّى قول أحمد بن حنبل باتّباع الظاهر بدون تأويل .. لكنّه تراجع بعد ذلك إلى التأويل في كلّ ما يوهم التشبيه ، إلا الاعتقاد برؤية الله تعالى في الآخرة.
وناقض المعتزلة في منزلة العقل ودوره في الشرع ، وخالفهم في مسألة الحُسن والقُبح العقليين ، فجعل الحَسَن ما حسّنه الشارع والقبيح ما قبّحه الشارع وليس للعقل دور في معرفة ذلك.
ولم يفرّق في العقيدة بين السنّة المتواترة وأحاديث الآحاد.
وجعل الصفات الثبوتية ـ العلم ، والقدرة ، والحياة ، والإرادة ، والكلام ، والسمع ، والبصر ـ صفات قديمة قائمة بذاته ، لا يقال : هي هو ، ولا هي غيره ، ولا لا هو ، ولا غيره.
وجوز تكليف ما لا يطاق ، وتعذيب المحسن ، ثواب المسيء .. أمّا مصدر عقيدته في الإمامة والتفضيل فإنّما هو الواقع التاريخي لا غير (١).
الهوامش
1. اُنظر : الملل والنحل ١ : ٨٥ ـ ٩٤ ، المذاهب الإسلامية : ٢٦٥ ـ ٢٧٩.
مقتبس من كتاب المذاهب والفرق في الإسلام
التعلیقات