كيف ساغ للشيعة القول بإمامة من عمره خمس سنين ؟
السيّد جعفر علم الهدى
2024 Oct 8السؤال :
إنّ الشريعة منعت من ولاية الصغير فكيف ساغ للشيعة القول بإمامة من عمره خمس سنين ؟
الجواب :
القرآن الكريم يصرّح بأن الله تعالى أعطى النبوّة والرسالة للمسيح عيسى بن مريم عليه السلام وهو رضيع. قال الله تعالى : ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) [ مريم : 29 ـ 31 ]. وكذلك أعطى النبوّة ليحيى بن زكريّا وهو طفل صغير. قال الله تعالى : ( يَا يَحْيَى? خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) [ مريم : 12 ]. فالنبوّة والرسالة والإمامة منصب إلهي يمكن أن يعطيه الله للكبير البالغ أو للصغير ، فيما إذا كان واجداً لشروط النبوّة والإمامة. والشريعة انّما منعت من ولاية الصغير فيما إذا لم يكن واجداً لشروط الإمامة التي منها العصمة والعلم الكامل.
وقد ورد في رواية عن ابن اسباط عن الإمام الجواد عليه السلام نفس هذا الجواب قال : « خرج عليّ أبو جعفر عليه السلام فجعلت انظر إليه وإلى رأسه ورجليه لأصف قامته بمصر ، فلمّا جلس قال : يا علي انّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوّة ، قال الله تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) [ مريم : 12 ] و ( إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) [ الأحقاف : 15 ] فقد يجوز أن يعطي الحكم صبيّاً ويجوز ان يعطي وهو أربعين سنة ».
وعن الخيراني عن أبيه قال : « كنت واقفاً عند أبي الحسن الرضا بخراسان فقال قائل : يا سيّدي ان كان كون فإلى من ؟ قال : إلى أبي جعفر ابني ـ الإمام الجواد عليه السلام ـ. وكأنّ القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام ، فقال أبو الحسن عليه السلام : انّ الله سبحانه بعث عيسى رسولاً نبيّاً صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الذي فيه أبو جعفر عليه السلام ». وعن عبد الله بن جعفر قال : « دخلت على الرضا عليه السلام أنا وصفوان بن يحيى وأبو جعفر عليه السلام قائم قد أتي له ثلاث سنين ، فقلنا له : جعلنا الله فداك ان ـ واعوذ بالله ـ حدث حدثٌ فمن يكون بعدك ؟ قال : ابني هذا وأومأ إليه. فقلنا له : وهو في هذا السنّ ؟ قال : نعم وهو في هذا السنّ ، انّ الله تبارك وتعالى احتجّ بعيسى بن مريم عليه السلام وهو ابن سنتين ».
وفي هذه الأحاديث إشارة إلى أنّ الرسالة أو الإمامة عهد من الله تعالى يعطيه من يشاء صغيراً كان أو كبيراً ، قال الله تعالى : ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) [ الأنعام : 124 ] ، فانّ الله تعالى قادر على أن يجعل الطفل الصغير مستجمعاً لجميع المواصفات المطلوبة في النبي أو الإمام عليه السلام ، ومن يشكّك في ذلك فهو شاكّ في الحقيقة في قدرة الله تعالى التامّة الكاملة ، بل يشكّ في القرآن الكريم.
التعلیقات