هل البكاء على الحسين يغفر الذنوب ؟
العقائد الإسلاميّة
منذ 8 سنواتالسؤال :
إنّ بعض العلماء يشكّك في قضيّة البكاء على الحسين.
هل البكاء على الحسين عليه السلام يغفر الذنوب ؟
الجواب :
لا شكّ أنّ أعداء أهل البيت عليهم السلام حاولوا على مدى الزمان منع إقامة الشعائر الحسينيّة ، أو التشكيك والسخريّة في كثير منها ، ولكن بسبب وقوف مراجع الدين أمام هذا التيار وحثّهم للأُمّة على إقامة الشعائر والحبّ والولاء الموجودان لدى الأُمّة ، أفشل الكثير من تلك المحاولات ، فأثبتوا لهم تمسّكهم بأهل البيت عليهم السلام مهما كلّفهم الأمر.
فقضيّة ثواب البكاء على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام ، فهي من القضايا المسلّمة عند علمائنا ، فقد وردت روايات كثيرة في هذا المجال ، نذكر منها :
أ : عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول :
أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليهما السلام دمعة حتّى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقابا ، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتّى تسيل على خده فينا لأذي مسّنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق ، وأيما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى تسيل على خده من مضاضة ما اوذي فينا صرف الله ، عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار. (1)
ب : عن أبي عمارة المنشد ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال لي : يا ابا عمارة انشدني في الحسين عليه السلام ، قال : فأنشدته ، فبكى ، ثم أنشدته فبكى ، ثم أنشدته فبكى ، قال : فوالله ما زلت انشده ويبكي حتّى سمعت البكاء من الدار ، فقال لي :
يا ابا عمارة من انشد في الحسين عليه السلام شعراً فأبكى خمسين فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فأبكى أربعين فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فأبكى عشرين فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فأبكى عشرة فله الجنة ، ومن انشد في الحسين عليه السلام شعراً فأبكى واحداً فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فبكى فله الجنة ، ومن انشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة. (2)
ج : عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
من انشد في الحسين عليه السلام بيت شعر فبكى وأبكى عشرة فله ولهم الجنة ، ومن انشد في الحسين بيتا فبكى وأبكى تسعة فله ولهم الجنة ، فلم يزل حتّى قال : من أنشد في الحسين بيتاً فبكى ـ وأظنه قال : او تباكى ـ فله الجنة. (3)
د : عن ابي عمارة المنشد ، قال : ما ذكر الحسين عليه السلام عند ابي عبد الله عليه السلام في يوم قط فرئي ابو عبد الله عليه السلام متبسماً في ذلك اليوم الى الليل ، وكان عليه السلام يقول : الحسين عليه السلام عبرة كل مؤمن. (4)
هـ : عن ابي بصير ، قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : قال الحسين بن علي عليهما السلام : أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن الّا استعبر. (5)
و : عن الفضل بن شاذان ، قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : لما أمر الله تبارك وتعالى ابراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه اسماعيل الكبش الذي أنزله عليه ، تمنى ابراهيم عليه السلام أن يكون يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام بيده ، وانه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع الى قلبه ما يرجع الى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده ، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، فأوحى الله عز وجل اليه : يا ابراهيم من أحب خلقي اليك ؟ فقال : يا رب ما خلقت خلقا هو أحب اليّ من حبيبك محمد « ص » فأوحى الله عز وجل اليه : يا ابراهيم أفهو أحب إليك أو نفسك ؟ قال : بل هو أحب اليّ من نفسي ، قال : فولده أحب اليك أو ولدك ؟ قال : بل ولده ، قال : فذبح ولده ظلماً على أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي ؟ قال : يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي ، قال : يا ابراهيم ، فان طائفة تزعم انها من أمة محمد « ص » ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلماً وعدوانا كما يذبح الكبش فيستوجبون بذلك سخطي ، فجزع ابراهيم عليه السلام لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي فأوحى الله عز وجل اليه : يا ابراهيم قد فديت جزعك على ابنك اسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله ، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، فذلك قول الله عز وجل : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. (6)
ز : عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : إنّ المُحرّم شهر كان أهل الجاهلية يُحرّمون فيه القِتال ، فاسْتُحِلّت فيه دماؤنا ، وهُتِكت فيه حُرمتنا ، وسُبي فيه ذَرَارينا ونساؤنا ، وأُضْرمت النيران في مَضَارِبنا ، وانْتُهِب ما فيها من ثَقَلنا ، ولم تُرْعَ لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حُرمة في أمرنا. إنّ يوم الحسين أقرح جُفُوننا ، وأسبل دُمُوعنا ، وأذلّ عزيزنا ، بأرض كَرْبٍ وبلاء ، أوْرَثَتْنا الكَرْب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون ، فإنّ البُكاء يَحُطّ الذُنُوب العِظام.
ثمّ قال ( عليه السلام ) : كان أبي ( صلوات الله عليه ) : إذا دخل شهر المُحرّم لا يُرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تَغْلِبُ عليه حتّى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مُصِيبته وحُزنه وبُكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قُتِل فيه الحسين ( صلوات الله عليه ). (7)
ح : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا نزلت : « وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ » الآية في اليهود أي الّذين نقضوا عهد الله ، وكذَّبوا رسل الله ، وقتلوا أولياء الله : أفلا اُنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الاُمّة قالوا : بلى يا رسول الله قال : قوم من اُمّتي ينتحلون أنّهم من أهل ملّتي ، يقتلون أفاضل ذرّيّتي وأطائب اُرومتي ، ويبدّلون شريعتي وسنّتي ، ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريّا ويحيى.
ألا وإنَّ الله يلعنهم كما لعنهم ، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهديّاً من ولد الحسين المظلوم ، يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنّم ، ألا ولعن الله قتلة الحسين عليه السلام ومحبّيهم وناصريهم ، والسّاكتين عن لعنهم من غير تقيّة يسكتهم.
ألا وصلّى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة ، واللّاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظاً وحنقاً ، ألا وإنَّ الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته ، ألا وإنَّ قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله. (8)
ط : عن الإمام علي عليه السلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله :
إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل القيامة غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد مع قميص مخضوب بدم الحسين فتحتوي على ساق العرش فتقول : أنت الجبار العدل إقض بيني وبين من قتل ولدي ، فيقضي الله لابنتي وربّ الكعبة.
ثم تقول : اللهم اشفعني فيمن بكى على مصيبته ، فيشفعها الله فيهم. (9)
نكتفي بهذا المقدار من الروايات ، وللمزيد راجعوا المصادر الحديثيّة.
الهوامش
1. كامل الزيارات « لجعفر بن محمد بن قولويه » / الصفحة : 201 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1.
راجع :
تفسير القمي « لعلي بن ابراهيم القمي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 291 ـ 292 / الناشر : دار الكتاب / الطبعة : 3.
2. كامل الزيارات « لجعفر بن محمد بن قولويه » / الصفحة : 209 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1.
راجع :
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 84 / الناشر : الشريف الرضي / الطبعة : 2.
3. كامل الزيارات « لجعفر بن محمد بن قولويه » / الصفحة : 210 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1.
راجع :
ثواب الأعمال وعقاب الأعمال « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 84 ـ 85 / الناشر : الشريف الرضي / الطبعة : 2.
4. كامل الزيارات « لجعفر بن محمد بن قولويه » / الصفحة : 214 ـ 215 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1.
5. كامل الزيارات « لجعفر بن محمد بن قولويه » / الصفحة : 215 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1.
راجع :
الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 200 / الناشر : مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.
6. عيون أخبار الرضا (ع) « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 1 / الصفحة : 187 ـ 188 / الناشر : منشورات الشريف الرضي / الطبعة : 1.
راجع :
التفسير الصافي « للفيض الكاشاني » / المجلّد : 4 / الصفحة : 279/ الناشر : مكتبة الصدر / الطبعة : 2.
7. الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 190 ـ 191 / الناشر مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.
راجع :
وسائل الشيعة « للشيخ الحرّ العاملي » / المجلّد : 14 / الصفحة : 504 ـ 505 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 2.
8. بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : 44 / الصفحة : 304 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2.
راجع :
التفسير الصافي « للفيض الكاشاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 154 / الناشر : مكتبة الصدر / الطبعة : 2.
9. ينابيع المودّة لذوي القربى « للقندوزي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 323 / الناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر / الطبعة : 1.
التعلیقات