الإمام الحسن عليه السلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
السيّد سعيد كاظم العذاري
منذ 9 سنواتالإمام الحسن عليه السلام في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله
ولد الإمام الحسن عليه السلام في حياة جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وعاش في ظلّ رعايته وتربيته سبع سنوات وستّة أشهر ، وكانت هذه الفترة كافية للسموّ والتكامل والإرتقاء إلى أعلى قمم الإيمان والتقوى والصلاح. حيث تلقّى رعاية خاصّة من جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ابتدأت من اللحظات الأولى لولادته. حيث أذّن رسول الله صلّى الله عليه وآله في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ولهذه الممارسة نتائج إيجابيّة على شخصيّة الإنسان المستقبليّة كما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال : « من ولد له مولود فيؤذّن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليقم في اليسرى ؛ فإنّها عصمة من الشيطان الرجيم » (1). ومن الطبيعي أن تصل هذه العصمة إلى قمّتها حينما يكون رسول الله صلّى الله عليه وآله هو من يفعل ذلك ، وبمن ؟ بسبطه ابن علي وفاطمة صلوات الله عليهم. وهكذا أحيط الحسن عليه السلام منذ نعومة أظفاره بجميع مقوّمات التربية والتعليم والرعاية النفسية والروحية ؛ فأصبح بهذه المقوّمات ـ ومن قبلها الرعاية الإلهيّة ـ معصوماً بإرادته.
التقدير والتكريم والإهتمام
دلّت الدراسات العلمية والنفسية على دور التقدير والتكريم في مرحلة الطفولة في بناء شخصيّة الإنسان في جميع مقوّماتها الفكريّة والعاطفيّة والسلوكيّة ، وقد ثبت « أنّ نموّ الطفل متكيّفاً تكيّفاً حسناً وكينونته راشداً صالحاً يتوقّف على ما إذا كان الطفل محبوباً مقبولاً شاعراً بالاطمئنان في البيت » (2). وكلّما وجد الطفل التقدير والاهتمام والتكريم كان منقاداً لمن يقدّره ويهتمّ به ويكرّمه. ويتوقّف تأثير ذلك على شخصيّة المربّي وشخصية المراد تربيته والمحيط الإجتماعي الذي يعيشان فيه ، وفي مقامنا هذا نرى أنّ الإمام الحسن عليه السلام قد تلقّى ذلك من قبل جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، في مواقع عديدة أمام مرأى ومسمع الصحابة ، وكلّ ذلك أسهم ـ مع بقيّة المقوّمات ـ على أن يكون الإمام عليه السلام معصوماً بإرادته التي تطابقت مع الإرادة الإلهيّة ، فالله تعالى هيّأ هذه المقوّمات وهي الوراثة الصالحة والتربية الصالحة والرعاية الروحيّة والنفسيّة. وهذا النوع من الرعاية تعدّى رعاية الجدّ لحفيده ، وتعدّى الرعاية العاطفيّة المحضة بل كانت مظاهرها العديدة تنبيهاً للأمّة على دور الإمام الحسن عليه السلام الريادي ودوره كقدوة وأسوة وإمام مفترض الطاعة ، ولولا هذا الإشعار لأمكن له صلّى الله عليه وآله أن يقدّره ويكرّمه بشكل آخر كما يفعل الأجداد والآباء ، وقد تجلّى ذلك في ممارسات عديدة.
عن البرّاء بن عازب قال : « رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله حامل الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه وهو يقول : اللهمّ إنّي أحبّ حسناً فأحبّه » (3). فقد أشار صلّى الله عليه وآله إلى هذا الحبّ وهو حامل الإمام الحسن عليه السلام على عاتقه ؛ ليُشْعِر المسلمين بأهمية وضرورة هذا الحبّ ؛ وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، فهو حبّ عقائدي يفرض على المسلمين أن يقتدوا بهذا المحبوب المكرّم من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله.
وعن جابر قال : « دخلت على النبي صلّى الله عليه وآله وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما ، وهو يقول : نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما » (4).
وعن عبدالله بن مسعود ، قال : « حمل رسول الله صلّى الله عليه وآله الحسن والحسين على ظهره ، الحسن على أضلاعه اليمنى والحسين على أضلاعه اليسرى ، ثمّ مشى وقال : نعم المطيّ مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما » (5).
وهذه الممارسة قد يستهجنها البعض في تلك المرحلة القريبة من الجاهليّة ، ولكنها مداليل عظيمة تبيّن عظمة هذين السبطين من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله ؛ فهي ليست ممارسة عاطفيّة محضة ؛ بل هي ممارسة تربويّة لتربية المسلمين على أهميّة هذين السبطين في الحياة الإسلاميّة والإنسانيّة ؛ هذه الأهميّة دفعت برسول الله صلّى الله عليه وآله إلى أداء هذه الممارسة. ليوجّه أنظار الصحابة إلى الدور الذي سيقوم به الحسن عليه السلام بعد رحيل جدّه وأبيه.
وفي مقام آخر نجد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقطع خطبته وينزل عن منبره ليحتضن الحسن والحسين عليهما السلام ويأخذهما معه إلى المنبر ؛ لكي يستشعر الصحابة ويستشعر المسلمون مقام هذين السبطين. قال ابن كثير : « وقد ثبت في الحديث أنّه عليه السلام بينما هو يخطب إذ رأى الحسن والحسين مقبلين فنزل إليهما فاحتظنهما وأخذهما معه إلى المنبر ، وقال : صدق الله ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (6) ، إنّي رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أملك أن نزلت إليهما ، ثمّ قال : إنّكم لمن روح الله وإنّكم لتبجلون وتحبّبون » (7).
ومن مصاديق ومظاهر الإهتمام ما ورد عن أبي هريرة أنّه قال لمروان بن الحكم : « أشهد لخرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى إذ كنّا ببعض الطريق سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله صوت الحسن والحسين وهما يبكيان مع أمّهما ، فأسرع السير حتّى أتاهما فسمعته يقول لها : ما شأن ابْنَيَّ ، فقالت : العطش ، قال : فاختلف رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى شنة يبتغي فيها ماء ، وكان الماء يومئذ أغدار ، والناس يريدون الماء ، فنادى : هل أحد منكم معه ماء ؟ فلم يبقَ أحد أخلف بيده إلى كلّابه يبتغي الماء في شنة ، فلم يجد أحد منهم قطرة فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ناوليني أحدهما ، فناولته إيّاه من تحت الخدر ، فأخذه فضمّه إلى صدره وهو يطغو ما يسكت ، فأدلع له لسانه فجعل يمصّه حتّى هدأ أو سكن ، فلم أسمع له بكاء ، والآخر يبكي كما هو ما يسكت ، فقال : ناوليني الآخر ، فناولته إيّاه ففعل به كذلك ، فسكتا » (8). ومن خلال هذه الرواية نجد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أشبع حاجات الحسن والحسين بنفسه ، وأبدى عناية واهتماماً بهما أمام مرأى الصحابة ليبيّن عظمة هذين السبطين ومكانتهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله.
الحُبّ
الحاجة إلى المحبّة أو الشعور بها حاجة أساسيّة للإنسان وخصوصاً في مرحلة الطفولة ، والحبّ الذي يشعر به الطفل له تأثير كبير على جميع جوانب شخصيّته الفكريّة والعاطفيّة والسلوكيّة ، ويكون تأثير المحبّة أكثر إيجابيّة حينما يكون المحبّ هو رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن فوقه الله تعالى ، ويكون المحبوب هو الحسن عليه السلام المنحدر من سلالة طاهرة ، والمهيّأ من قبل الله تعالى ورسوله ليكون إماماً مفترض الطاعة وحجّة على الإنسانيّة إلى يوم القيامة. وقد تواترت الروايات على تأكيد هذا الحبّ بعد التصريح به من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله في مناسبات عديدة.
عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال للحسن : « اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه وأحبب من يحبّه » (9).
وعن أسامة بن زيد قال : « طرقت النبي صلّى الله عليه وآله ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي صلّى الله عليه وآله وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو ، فلمّا فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه فكشفه فإذا حسن وحسين على وركيه ، فقال : هذان إبناي وإبنا إبنتي اللهمّ إنّي أحبُّهما فأحبَّهُما واحبب من يحبُّهما » (10).
وعن سلمان رضي الله عنه قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله للحسن والحسين : من أحبّهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله جنّات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنّم وله عذاب مقيم » (11).
وعن الإمام علي عليه السلام قال : « إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخذ الحسن والحسين ، فقال : من أحبّ هذين ، وأباهما وأمّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة » (12). والدعوة لحبّ أهل البيت عليهم السلام دعوة رساليّة لتوجيه المسلمين إلى الارتباط بهم فكريّاً وعاطفيّاً ومن ثمّ الإقتداء بهم والالتزام بأوامرهم وتوجيهاتهم لتكون مفاهيمهم وقيمهم هي الحاكمة على حركة الإنسان والمجتمع المسلم.
المناغاة والتربية البدنية
تُعدُّ المناغاة في مراحل الإنسان الأولى من الممارسات الضروريّة له ولهذا نرى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد مارسها مع حفيده الحسن عليه السلام فقد روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يرقّص الحسن والحسين عليهما السلام ويقول : حزقّة حزقّة ترقّ عين بقّة. وفي رواية أنّه أخذ يديه جميعاً بكتفي الحسن والحسين وقَدَماهما على قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقول : ترقّ عين بقّة (13). وكانت فاطمة عليها السلام ترقص ابنها حسناً وتقول :
« أشبه أباك يا حسن |
واخلع عن الحقّ الرسن |
|
واعبد إلها ذا منن |
ولا توال ذا الإحن » |
وكانت أمّ سلمة ترقّص الحسن وتقول :
« بأبي ابن علي |
أنت بالخير مليّ |
|
كن كأسنان حليّ |
كن ككبش الحولي » (14) |
التربية والتعليم
التربية والتعليم من المسؤوليّات العظيمة التي تساهم في إعداد الإنسان للدخول في الحياة الاجتماعية ؛ ليكون عنصراً فعّالاً في إصلاحها وبنائها ، والأسرة هي نقطة البدء التي تتبنّى إنشاء وتنشئة الشخصية بجميع مقوّماتها : الفكريّة والعاطفيّة والسلوكيّة ، وهي نقطة البدء المؤثّرة في جميع مراحل الحياة إيجاباً وسلباً ؛ وفي مقامنا هذا نجد إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أدّى مسؤوليّته في أسرته ومجتمعه ؛ فقد ربّى هذه الأسرة الكريمة على أساس مفاهيم وقيم القرآن ، وقد أبدى عناية تربوية وتعليمية استثنائيّة وعظيمة لعظم الشخصّيات المراد تربيتها وتعليمها لأنّها عدل للقرآن الكريم ولأنّها القرآن الناطق ، ومنها الإمام الحسن عليه السلام ، فقد كان يصطحبه إلى المسجد وإلى المواقع المتعدّدة التي يتواجد فيها صلّى الله عليه وآله ، ومن يتتبّع الروايات وأخبار المؤرّخين يجد أنّ أسرة علي وفاطمة عليهما السلام أقرب الأسر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله من حيث اللقاءات والزيارات ، ولا نبالغ إذا قلنا إنّ لقاءاته مع هذه الأسرة الكريمة تكاد تكون أكثر من لقاءاته مع زوجاته ؛ فالإمام علي عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام كان يصحبونه إلى المسجد أو يلتقون به في المسجد ، إضافة إلى اللقاءات المستمرّة في دارهم تارة وفي دار رسول الله صلّى الله عليه وآله تارة أخرى ؛ ولهذا كانت الصحبة أدوم وأكثر نوعاً وكمّاً ، وكان تأثير التربية واضحاً على أفراد هذه الأسرة الكريمة لدوام ارتباطهم برسول الله صلّى الله عليه وآله ودوام تلقّيهم لتوجيهاته وإرشاداته وتعاليمه. وقد دلّت الأخبار على هذا القرب المكاني ، فقد ورد أنّ عليّاً عليه السلام أصاب منزلاً مستأخراً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قليلاً ، فقال له صلّى الله عليه وآله : « إنّي أريد أن أحوّلك إليّ ». فحوّله بجنبه (15). ولم تنقطع العلاقة بهذه الأسرة يوماً ما ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلّى به ركعتين ثمّ يأتي فاطمة ، ثمّ يأتي أزواجه (16). ومن الطبيعي أن يكون الحسن عليه السلام قريباً من رسول الله صلّى الله عليه وآله ومصاحباً له في أغلب أوقاته ، ومن خلال هذا القرب وهذه المصاحبة أحاط الإمام الحسن عليه السلام بالعلوم والمعارف والمفاهيم والقيم ، من طرق شتّى ، ويأتي التسديد الإلهي والإلهام في طليعتها ؛ باعتباره من الصفوة المختارة من قبل الله عزّ وجلّ ، زيادة على التعلّم المباشر والاستماع إلى توجيهات رسول الله صلّى الله عليه وآله مباشرة ، وقد صرّح الإمام الحسن عليه السلام بذلك وهذا واضح من خلال أقواله وتصريحاته ، فتارة يقول : « علّمني رسول الله صلّى الله عليه وآله » ، وأخرى يقول : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله ».
ففي مجال الدعاء ورد عنه عليه السلام أنّه قال : « علّمني رسول الله صلّى الله عليه وآله كلمات أقولهنّ في الوتر : اللهمّ اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولّني فيمن تولّيت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذلّ من واليت ، تباركت ربّنا وتعاليت » (17).
وفي مجال العبادة وما يتعلّق بها من مندوبات ورد عن عمير بن مأمون ، قال : « سمعت الحسن بن علي يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : من صلّى الغداة فجلس في مصلّاه حتّى تطلع الشمس كان له حجاب من النار » (18).
وفي المجال الاجتماعي والأخلاقي يجيب عليه السلام عن تساؤلات البعض ، فقد ورد عن أبي الحوراء ، قال : « قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : مثل من كنت في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ وما عقلت عنه ؟ قال : عقلت عنه أنّي سمعته يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإنّ الشرّ ريبة ، والخير طمأنينة ، وعقلت عنه الصلوات الخمس ، وكلمات أقولهنّ عند انقضائهنّ قال : اللهمّ اهدني ... » (19). وقال عليه السلام : « أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله أن نلبس أجود ما نجد ، وأن نتطيّب بأجود ما نجد ، وأن نضحّي بأسمن ما نجد ، البقرة عن سبعة ، والجزور عن عشرة ، وأن نظهر التكبير ، وعلينا السكينة والوقار » (20).
وفي مجال الفقه والتشريع كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يتدخّل ـ أحياناً ـ ليعلّم الحسن عليه السلام بعض الأحكام عن طريق الموقف العملي ، فقد ورد عن ربيعة بن شيبان قال : « قلت للحسن بن علي رضي الله عنه : ما تعقل عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ قال : صعدت معه غرفة الصدقة ، فأخذت تمرة فلكتها ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : القها فإنّا لا تحلّ لنا الصدقة » (21).
وفي مجال الثواب والتعويض يوم القيامة ، قال الأصبغ بن نباتة : « دخلت مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحسن بن علي نعوده ، فقال له عليّ رضي الله عنه : كيف أصبحت يا ابن رسول الله ؟ قال : أصبحت بحمد الله بارئاً ، قال : كذلك إن شاء الله ، ثمّ قال الحسن رضي الله عنه : أسندوني ، فأسنده علي رضي الله عنه إلى صدره ، فقال : سمعت جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : إنّ في الجنّة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلا يرفع لهم ديوان ، ولا ينصب لهم ميزان ، يُصبّ عليهم الأجر صبّا » (22). وكان الحسن عليه السلام يحضر مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو ابن سبع سنين ، فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي أمّه فيلقي إليها ما حفظه ، وكلّما دخل عليّ عليه السلام وجد عندها علماً بالتنزيل ، فيسألها عن ذلك ، فتقول : « من ولدك الحسن » (23). وهذا الحضور وفي عمر مبكّر يؤهّل صاحبه لأنّ يكون قمّة في العلم والمعرفة ، فقد كان الحسن عليه السلام يستمع إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله برغبته ويصغي إليه فيحفظ ما يقوله من آيات قرآنيّة ومن أحاديث شريفة ، ولم يكتف بهذا الحفظ ، بل يلقي إلى أمّه فاطمة الزهراء عليها السلام ما حفظه ، فتأخذ به مسلمة بصحّة صدوره ، لمعرفتها وثقتها بالقدرة العلمية لولدها لأنّه ذو شأن عند الله ورسوله صلّى الله عليه وآله. وكان الحسن عليه السلام يبادر رسول الله صلّى الله عليه وآله بالأسئلة ليتعلّم منه ما يحتاجه من علوم ومعارف في مختلف جوانب الحياة الإنسانيّة ومنها الارتباط الروحي برسول الله صلّى الله عليه وآله وآثاره الإيجابيّة. قال الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام « بينا الحسن بن علي عليهما السلام ذات يوم في حجر رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ رفع رأسه فقال : يا أبة ما لمن زارك بعد موتك ، قال : يا بني من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة ، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة ، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة ، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة » (24).
حضور الحسنين عليهما السلام بيعة الرضوان : من أساسيّات المنهج الإسلامي الاعتماد على الأمّة في إنجاح المسيرة التكامليّة لحركة الإسلام الواقعيّة ، ومسؤوليّة إنجاح المسيرة تكليف عام يشمل جميع المكلّفين القادرين على العمل والنشاط والفاعلية ، ومن هنا جاءت البيعة تعبيراً عن توزيع المسؤولية بين القائد وبين الأمّة ، وكان لها دور كبير في انطلاقة المسلمين في العهد النبوي ، ولأهميّتها عمل بها رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وطلب من المسلمين أن يبايعوه في مواقف عديدة ومنها بيعة الرضوان ، وكان جابر بن عبدالله يقول : « إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يبايعنا على الموت ، ولكن بايعنا على أن لا نفرّ » (25). ولا فرق كبير بين الاثنين ، فمن يبايع على الموت يكون قد بايع على عدم الفرار ؛ لأنّ الإنسان غالباً ما يفرّ من المعركة إن أصابه الخوف من الموت ؛ فهي بيعة على الجهاد والثبات والتضحية.
وقد شارك كبار الصحابة في هذه البيعة كما شارك في البيعة جمع من الصحابة الشباب ، ولم يشارك من صغار السنّ إلّا الحسن والحسين عليهما السلام كما ورد في قول الإمام محمّد الجواد عليه السلام مخاطباً المأمون والعباسيين في أحد المجالس : « أما علمتم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام وحكم له به ، ولم يدع أحداً في سنّه غيره. وبايع الحسن والحسين عليهما السلام وهما ابنا دون الستّ سنين ، ولم يبايع صبيّاً غيرهما ... » (26). وبيعتهما لرسول الله صلّى الله عليه وآله تعبّر عن النضوج والمعرفة الرشيدة والإرادة الصلبة لمن يحسنون اليقين بالله تعالى والتوكّل عليه والاتّجاه نحوه ، ويحسنون العمل والسلوك والتصرّف مع القائد ومع المسلمين ، وتعبّر تلك البيعة عن الشجاعة الفائقة والثبات المنقطع النظير على تكاليف الرسالة ؛ وهي ليست بيعة يراد منها التشجيع ، ولا بيعة عاطفيّة ؛ بل هي بيعة رسالية حقيقيّة بين القائد وأتباعه لا بين الجدّ وأحفاده ، وهي بيعة يراد منها توجيه أنظار وعقول المسلمين إلى عظم شخصيّة الحسن والحسين عليهما السلام وإلى دورهم الريادي في المجتمع الإنساني ؛ لأنّ ما يصدر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يكون عبثاً بل حكمة يراد منها أمر هام في حياة المسلمين.
شهادة الإمام الحسن عليه السلام على كتاب ثقيف : كتب رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى ثقيف كتاباً بيّن فيه بعض الأمور المتعلّقة بحقوقهم ، وقد جاء فيه : « هذا كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله لثقيف ، كتب : أنّ لهم ذمّة الله الذي لا إله إلّا هو ، وذمّة محمّد بن عبدالله النبي ، على ما كتب عليهم في هذه الصحيفة : أنّ واديهم حرام محرّم لله كلّه : عضاهه ، وصيده وظلم فيه ، وشرق فيه أو إساءة ، وثقيف أحقّ الناس بوجّ ، ولا يعبر طائعهم ، ولا يدخله عليهم أحد من المسلمين يغلبهم عليه ... وشهد على نسخة هذه الصحيفة : علي بن أبي طالب وحسن بن علي وحسين بن علي ، وكتب نسختها لمكان الشهادة ». قال أبو عبيد : « وفي هذا الحديث من الفقه : إثباته صلّى الله عليه وآله شهادة الحسن والحسين » (27). واثباته صلّى الله عليه وآله شهادتهما عليهما السلام وهما في ذلك السن لم يكن نابعاً عن هوى أو نزوة أو رغبة عاطفية لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله معصوم من جميع ذلك ، فكلّ عمل أو ممارسة تصدر منه إنّما تصدر عن وحي يوحى وعن تسديد إلهي ، بل هو إشارة واضحة إلى تكاملهما في جميع مقوّمات الشخصيّة ، خصوصاً وأن تلك الشهاة قد جاءت في قضية مهمّة تتحدّد فيها علاقات رسول الله صلّى الله عليه وآله مع ثقيف وهي من العشائر الكبيرة في عدّتها وعددها. ومن الأمور الملفتة للنظر إنّ الطرف الآخر وهو ثقيف لم يعترض على هذه الشهادة باعتبار صغر سنّ الحسنين عليهما السلام ، وهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلّ على قناعة ثقيف بأهليّتهما الكاملة للشهادة وهما في هذا العمر المبكر.
ولا يخفى ما في هذا الأسلوب النبوي الفذ من إلفات النظر إلى تصحيح مواقف الحسن عليه السلام المستقبليّة والإعتراف بسلامتها العقائديّة والتشريعيّة ، ومن هذه المواقف ـ التي سيأتي البحث عنها ـ شهادته لأمّه فاطمة عليها السلام في مسألة فدك ، ومنها قوله لأبي بكر ومن ثمّ لعمر بن الخطّاب « إنزل عن منبر أبي » ، فهي لم تكن شهادة صبي ولا اعتراض صبي ، بل هي شهادة رساليّة واعتراض رسالي يعبّر عن إدراك كامل لما يجري من أحداث ومواقف ومدى سلامتها الفكريّة والشرعيّة.
موقف الإمام الحسن عليه السلام من أبي سفيان
صالح رسول الله صلّى الله عليه وآله قادة قريش على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهنّ الناس ويكفّ بعضهم عن بعض ، إلّا أنّ قادة قريش نقضت بعض بنود الصلح بالاعتداء على خزاعة الذين كانوا في عقد رسول الله صلّى الله عليه وآله وعهده ، فقرّر رسول الله صلّى الله عليه وآله التوجّه إلى مكّة ، وحينما سمع أبو سفيان بالأمر توجّه إلى المدينة ، وأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله فكلّمه في تجديد العهد ، فلم يردّ عليه شيئاً ، ثمّ كلّم بعض الصحابة فلم يستجيبوا له ، فتوجّه إلى الإمام علي عليه السلام فدخل عليه فقال : « يا أبا الحسن تمشي معي إلى ابن عمّك محمّد فتسأله أن يعقد لنا عقداً ويكتب لنا كتاباً ، فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله عقداً لا يرجع عنه أبداً » ، وكانت فاطمة عليها السلام من وراء الستر والحسن يدرج بين يديها وهو من أبناء أربعة عشر شهراً ، فقال لها : « يا بنت محمّد قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بكلامه العرب والعجم ، فأقبل الحسن إلى أبي سفيان وضرب احدى يديه على أنفه والأخرى على لحيته ، ثم أنطقه الله عزّوجلّ بأن قال : يا أبا سفيان قل : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ؛ حتى أكون شفيعاً » (28). وفي هذه الواقعة يتّضح شأن الحسن عليه السلام وإدراكه العميق للأشخاص والأحداث ، فقد مارس عملية تأديب لأبي سفيان كان مستحقّاً لها لنقضه عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقد دعاه إلى الإسلام لأنّه العلاج الأساسي للأزمة التي حدثت ، فجعل شفاعته مشروطة بإسلامه.
فضائل الإمام الحسن عليه السلام وإمامته :
أولاً ـ من القرآن الكريم :
أهل البيت عليهم السلام عنوان مضيء في حياة الإنسانيّة وحركة التاريخ والمسيرة الإسلاميّة ، أراد الله تعالى لهم أن يكونوا أعلام الهدى وقدوة المتّقين ومأوى أفئدة المسلمين ، وروّاد الحركة الإصلاحية والتغييرية في المسيرة الإنسانيّة ؛ ولهذا أبدى القرآن الكريم عناية فائقة بذكر دورهم وفضائلهم وسموّ مكانتهم ، وفيما يلي نستعرّض جملة من آيات القرآن الكريم التي تطرّقت إلى ذلك لكونها شاملة للإمام الحسن عليه السلام كواحد من أهل البيت عليهم السلام.
١ ـ آية التطهير : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (29) : تظافرت التفاسير والروايات إلى أنّ المقصود بأهل البيت عليهم السلام هم أهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وهم : رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فقد روي عن أمّ سلمة وبطرق عديدة أنّها قالت : « لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجلّل عليهم كساءً خيبريّاً ، فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أمّ سلمة : ألست منهم ؟ فقال : أنت إلى خير » (30). وهذه الآية الكريمة تدلّ على عصمة أهل البيت عليهم السلام ومنهم الحسن عليه السلام كما ورد في تفسيرها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث قال : « أنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب » (31). وقال الإمام الحسن عليه السلام في بعض خطبه : « وأنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل ينزل إلينا ، ويصعد من عندنا ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً » (32). وآية التطهير تؤكّد العناية والرعاية الإلهيّة الخاصّة والاستثنائيّة وذلك بإبعادهم عن الزلل والخطأ والإنحراف وهكذا أصبح أهل البيت عليهم السلام الميزان الثابت الذي توزن به الأفكار والعواطف والممارسات ، وتقوّم من خلاله الإشخاص والكيانات والأحداث والمواقف ، فهم المرجع العلمي والسياسي والاجتماعي للناس جميعاً.
٢ ـ آية المودّة : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (33) : أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق ابن جبير عن ابن عباس ، قال : « لمّا نزلت هذه الآية ... قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودّتهم ؟ قال : علي وفاطمة وولدها » (34). وفي رواية أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قالوا : « يا رسول الله من هؤلاء الذين نودّهم ؟ قال : علي وفاطمة وأبناؤهما ». وعلّق القرطبي على ذلك قائلاً : « وكفى قبحاً بقول من يقول : إنّ التقرّب إلى الله بطاعته ومودّة نبيّه صلّى الله عليه وآله وأهل بيته منسوخ ، وقال : قال النبي صلّى الله عليه وآله : من مات على حبّ آل محمد مات شهيداً ، ومن مات على حبّ آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس اليوم من رحمة الله ، ومن مات على بغض آل محمد لم يرَ رائحة الجنّة ، ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له في شفاعتي » (35). وهذا يوجِّه العقول والقلوب نحو أهل البيت عليهم السلام ويشدّها لهم ، ويؤكّد على أنّ أجر الرسالة هو محبّتهم الحقيقيّة ، وهي دعوة للارتباط بهم فكريّاً وعاطفيّاً وسلوكيّاً.
٣ ـ آية الصلاة : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (36) : أخرج النسائي وغيره عن أبي هريرة ، أنّهم سألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله : كيف نصلّي عليك ؟ قال : « قولوا اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم » 37). والصلاة بتلك الكيفيّة جعلت أهل البيت عليهم السلام مناراً وقدوة للأمّة ، فمنهم يتلقّى المسلمون مفاهيم العقيدة وقيم السلوك وموازين التقييم ، وهذا التلقّي هو مصداقٌ واقعي للصلاة عليهم ؛ لأنّ الصلاة واجبة كما ورد في آراء الكثير من العلماء ، حتّى قال الشافعي : « من لم يصلِّ عليكم لاصلاة له » (38). وقال الديلمي : « الدعاء محجوب حتى يُصَلَّىٰ على محمد وأهل بيته » (39).
٤ ـ آية آل ياسين : ( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (40) : ورد في الكثير من التفاسير : إنّ المراد من « ياسين » النبي محمّد صلّى الله عليه وآله (41). وورد عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال : « إنّ الله سمّاني في القرآن بسبعة أسماء : محمّد وأحمد وطه ويس والمزمّل والمدثّر وعبدالله » (42). وتظافرت التفاسير على انّ المقصود من « آل ياسين » هم « آل محمد عليهم السلام ». وعن الإمام علي عليه السلام قال : « يس محمد ، ونحن آل يس » (43). وهنالك قولان في قراءة آل « يس » مفصولة : الأوّل : إنّه آل هذا النبي المذكور وهو يدخل فيهم. والثاني : إنّهم آل محمّد صلّى الله عليه وآله (44). وهذا السلام الصادر من الله تعالى إلى آل رسول الله صلّى الله عليه وآله هو توجيه للبشريّة نحو دورهم الريادي في حركة التاريخ ، وهو توجيه نحو مفاهيمهم وقيمهم وسيرتهم الممتدّة في كلّ زمان ومكان ، وهو توجيه للارتباط بهم فكريّاً وعاطفيّاً وسلوكيّاً.
٥ ـ سورة الإنسان وآية الإطعام : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ) (45) : عن ابن عباس رضي الله عنه : « أنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وآله في ناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، لو نذرت على ولدك ، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة ـ جارية لهما ـ أن برءا ممّا بهما : أن يصوموا ثلاثة أيّام ، فشفيا وما معهم شيء ، فاستقرض عليّ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوا بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمّد ، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء ، وأصبحوا صياماً ؛ فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ؛ فلمّا أصبحوا أخذ علي عليه السلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، قال : ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم ، وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبرائيل وقال : خذها يا محمّد هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة » (46).
٦ ـ آية المباهلة : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (47) : والثابت في نزول هذه الآية ، هو أنّ نصارى نجران ، لمّا دعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى المباهلة قالوا : حتّى نرجع وننظر ، فلمّا تخالوا قالوا : للعاقب وكان ذا رأيهم : « يا عبد المسيح ما ترى ؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أنّ محمّداً نبيّ مرسل ، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيّاً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكنّ فإن أبيتم إلّا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفهما وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمّنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى ، إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرّك على دينك ونثبت على ديننا » (48) ... وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام ، وبرهان واضح على نبوّة النبي صلّى الله عليه وآله. وهذه الآية دالّة على أنّ الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلّى الله عليه وآله.
٧ ـ آية أهل الذكر : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (49) : يقول الحارث : « سألت عليّاً عن هذه الآية ، فقال : والله إنّا لنحن أهل الذكر ، نحن أهل الذكر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأويل والتنزيل » (50).
٨ ـ آية الراسخون في العلم : ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (51) : قال الإمام علي عليه السلام : « أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى » (52). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الأخرى التي لا مجال في تفصيلها ، غير أن ما تقدم منها يبيّن لنا دور الإمام الحسن عليه السلام ومقامه السامي في إمامة وقيادة الإنسانيّة ، فهو الطاهر المطهّر المعصوم كما ورد في آية التطهير ، وهو من الذين أمر الله تعالى بحبّهم وطاعتهم وموالاتهم كما في آية المودّة ، ومن المشمولين بالصلاة عليهم وتعظيمهم وتبجيلهم ، وهو من أهل الذكر ، والراسخين في العلم.
وإذا انضمّ هذا إلى ما تقدم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بحقّ الحسن عليه السلام علم أنّه الإمام القدوة الذي ينبغي الاقتداء بأقواله وأفعاله لأنّه العارف بأسس وقواعد المنهج الإسلامي بجميع أبعاده ومجالاته ، والمعصوم الذي لا يميل مع الهوى ولا يتأثّر بالمؤثّرات الضيّقة كالمودّة والشنآن والعصبية ؛ فهو على ضوء ذلك يمثل المرجعية الحقّة التي يُرجع إليها في حال اختلاف المعايير واضطراب الموازين في أجواء التشكيك والبلبلة والاضطراب الفكري الذي أثارته بوجه الإمام الحسن عليه السلام الشجرة الملعونة بقيادة زعيم البغاة ابن آكلة الأكباد كما سنرىٰ.
ثانياً ـ من السنّة النبويّة :
جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله من أجل إيصال المجتمع الإنساني إلى قمّة التكامل والسموّ والارتقاء ؛ بتقرير المنهج الإلهي في واقع الحياة ، وجعله الحاكم على تصوّرات الناس ومشاعرهم ومواقفهم ، وقد عاش مع المجتمع يدعوه إلى عبادة الله تعالى وإلى إصلاح وتغيير العقول والقلوب والإرادات ، ويدعوه إلى الارتباط بالقدوة والأسوة الصالحة ، ولذا نجده يوازن بين الدعوة إلى الدين كمفاهيم وقيم وبين الدعوة لمن يمثّل هذا الدين في حركة الواقع ، ويأتي تبيانه لفضائل أهل البيت عليهم السلام ضمن هذا التوازن. وفي هذا المقام فإنّ تبيان فضائل الإمام الحسن عليه السلام لم يكن نابعاً عن الرغبة العاطفية المحضة نتيجة القرابة القريبة ، بل هو دعوة للاستمرار في حركة الرسالة وامتدادها في الإمام الحسن عليه السلام الذي جسّدها ويجسّدها في سكناته وحركاته وأقواله وأفعاله. فالإمام الحسن عليه السلام هو سيّد شباب أهل الجنّة ، كما ورد في حديث أبي سعيد الخدري قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » (53). وقال أيضاً : « من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن بن علي » (54). وهذا التفضيل العظيم للحسنين عليهما السلام لم يكن على أساس القربى النسبيّة ، بل هو تفضيل رسالي ، فهما أفضل من الغير بدرجة قربهم من المفاهيم والقيم الإلهيّة التي جسّدوها ويجسّدونها في أفكارهم وعواطفهم وممارساتهم.
وعن عبدالله بن عمر قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : إنّ الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا » (55). وفي الحديث : « خير رجالكم علي بن أبي طالب ، وخير شبابكم الحسن والحسين ، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد » (56). وفيه أيضاً : « نحن ولد عبدالمطّلب سادة أهل الجنّة : أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي » (57). وفيه حديث آخر : « الحسن والحسين سيفا العرش وليسا بمعلّقين » (58). وعن عمر بن الخطاب أنّه قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبّة بيضاء سقفها عرش الرحمن » (59). وعن أبي هريرة قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يحشر الأنبياء يوم القيامة على الدّواب ليوافوا من يومهم المحشر ، ويبعث صالح على ناقته ، وأبعث أنا على البراق ، ويبعث ابناي الحسن والحسين على ناقتين من نوق الجنّة » (60). وعن زينب بنت أبي رافع ، عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّها أتت بالحسن والحسين إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله في شكواه الذي توفي فيه ، فقالت : « يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئاً ، فقال : أمّا الحسن فله هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فله جرأتي وجودي » (61). وعن جابر قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ الله عزّ وجل جعل ذريّة كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله تعالى جعل ذريّتي في صلب علي بن أبي طالب » (62).
وعن عمر بن الخطّاب ، قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : كلّ بني أنثى فإنّ عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإنّي أنا عصبتهم وأنا أبوهم » (63). وقال صلّى الله عليه وآله : « الحسن والحسين سبطان من الأسباط » (64). وقال صلّى الله عليه وآله : « حسن سبط من الأسباط » (65).
والأحاديث الشريفة المتقّدمة والتي تبيّن فضائل الإمام الحسن عليه السلام يراد منها : تنبيه المسلمين وتوجيههم للإرتباط بأرقى نماذج الشخصية الإنسانية لكي يقتدوا بها ويستسلمون استسلاماً واعياً متعقّلاً لمفاهيمها وقيمها ، ولكي يميّزوا بين الحقّ والباطل في معترك الأهواء والصراع والمنافسة بين التيّارات المتصارعة الآنية والمستقبلية ، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وآله أهل البيت عليهم السلام المقياس والميزان الذي تقاس وتوزن به المواقف والشخصيّات والتيّارات ، فمحاربتهم محاربة لرسول الله صلّى الله عليه وآله ومسالمتهم مسالمة لرسول الله صلّى الله عليه وآله كما ورد عن أبي هريرة ، قال : « نظر رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى عليّ وابنيه وفاطمة ، فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، سلم لمن سالمـكم » (66). ونحوه عن زيد بن أرقـم (67). وفي هذا الحديث الشريف ألقى رسول الله صلّى الله عليه وآله الحجّة على أعداء أهل البيت عليهم السلام وبيّن سلامة مواقفهم في خضمّ الأحداث الواقعة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله كحرب الجمل وصفّين والنهروان ، وتمرّد معاوية الباغي الخبيث على دولة الإمام الحسن عليه السلام ، وقتل يزيد ( لعنه الله ) للإمام الحسين عليه السلام.
الإمامة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله تعيّن بالنصّ ولا تترك لاختيار الأمّة ؛ فهي عهد من الله عزّ وجلّ للمصطفين من عباده ، وقد أكّد أهل البيت عليهم السلام تلك الحقيقة ، فالأمر ليس متروكاً للأمّة ولا حتّى لأهل البيت عليهم السلام أنفسهم ، فهم لا يستخلفون أو ينصّون على من بعدهم إلّا بعهد معهود من رسول الله صلّى الله عليه وآله وبأمر الله تعالى.
عن أبي بصير ، قال : « كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فذكروا الأوصياء وذكرت إسماعيل فقال : لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا وما هو إلّا إلى الله عزّ وجلّ ينزل واحداً بعد واحد » (68). وقال عليه السلام : « أترون الموصي منّا يوصي إلى من يريد ؟ لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلّى الله عليه وآله لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه » (69).
وعلّة النصّ هي أنّ الإمامة منصب عظيم وخطير ؛ لأنّ الإمام هو حجّة الله على خلقه ، وهو المقتدى به في أقواله وأفعاله ؛ ولذا فإنّ الامّة لا تستطيع أن تشخّص إمامها ، وهذا ما تؤكّده المسيرة الإسلامية وسير الأحداث ؛ فلابدّ وأن يكون الاختيار إلهياً للحفاظ على سلامة المفاهيم والقيم الإسلامية ، وحماية الإسلام من تحريف الضّالين وتأويل الجاهلين ، والنصّ سنّة من سنن الله تعالى في تعيين الأئمّة والأوصياء من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين. وقد نصّ رسول الله صلّى الله عليه وآله على إمامة الحسن عليه السلام في أقواله باعتباره أحد الأئمّة الإثني عشر ، فقد وردت روايات عديدة تنصّ على عدد الأئمّة نختار بعضها.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (70). وقال : « بعدي إثنا عشر خليفة » ، ثمّ أخفى صوته وقال : « كلّهم من بني هاشم » (71). وقال : « أهل بيتي عترتي من لحمي ودمي ، هم الأئمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل » (72). وقال : « يا علي أنا وأنت وابناك الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الإسلام ، من تبعنا نجا ، ومن تخلّف عنّا فإلى النار » (73). وقال للإمام الحسين عليه السلام : « أنت إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمّة تسعة تاسعهم قائمهم » (74). وقال في بيان أوصيائه من بعده : « أوّلهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمّتي ، ووليّ كلّ مؤمن بعدي ... ثمّ ابني الحسن ثمّ ابني الحسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين ؛ واحد بعد واحد حتّى يردوا عليّ الحوض ، هم شهداء الله في أرضه ، وحجّته على خلقه ، وخزّان علمه ، ومعادن حكمته ؛ من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله » (75). وقال بشأن الحسن والحسين عليهما السلام : « هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا » (76). وقال في أهل بيته عليهم السلام : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدى ؛ أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (77). وقال أيضاً : « إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غُفِر له » (78). وقال : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » (79).
وما تقدّم يدلّ دلالة واضحة على إمامة الحسن عليه السلام فهو إمام مفترض الطاعة منصّب من الله تعالى ومن رسوله صلّى الله عليه وآله ، وهو المقتدى به في أقواله وأفعاله ؛ وعلى ضوء ذلك فهو المقياس الذي تقاس به أفكار ومواقف الآخرين ، فمن وافقه نجا ، ومن خالفه خسر وهوى ؛ ولهذا فلا يعذر من خالفه ومن قاتله كمعاوية ، فهو ليس مجتهداً فأخطأ ، كما يزعم أنصار الشجرة الملعونة (80) بل هو من البغاة العتاة المردة مع سبق الإصرار ؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد ألقى الحجّة على المسلمين بالنصّ على إمامة سبطه الحسن عليه السلام وعلى عصمته وصحّة أفكاره ومواقفه ، فلا تجوز مخالفته فضلاً عن التمرّد على خلافته بالعصيان العسكري.
الهوامش
1. الكافي ٦ : ٢٤ / ٦ كتاب العقيقة ، باب : ما يفعل بالمولود.
2. علم النفس التربوي / فاخر عاقل : ١١٠.
3. المعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٣٢ / ٢٥٨٤.
4. المعجم الكبير ٣ : ٥٢ / ٢٦٦١.
5. بحار الأنوار / المجلسي ٤٣ : ٢٨٦ / ٥١ تاريخ الإمامين الهمامين ، باب ولادتهما.
6. سورة الأنفال : ٨/٢٨.
7. البداية والنهاية / ابن كثير ٨ : ٣٣.
8. المعجم الكبير ٣ : ٥٠ ـ ٥١ / ٢٦٥٦.
9. صحيح مسلم ٢ : ٤٥٦ / ٥٦ باب فضائل الحسن والحسين عليهما السلام.
10. سنن الترمذي : حديث ٣٧٩٤ ، باب مناقب الإمام الحسن عليه السلام.
11. المعجم الكبير ٣ : ٥٠ / ٢٦٥٥.
12. سير أعلام النبلاء / الذهبي ٣ : ٢٥٤.
13. الحزقة : القصير الصغير الخُطا ، وعين بقّة : أصغر الأعين.
14. بحار الأنوار ٤٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ / ٥١ ، باب فضائل الإمامين الحسنين عليهما السلام.
15. المنتظم في تاريخ الأمم والملوك / ابن الجوزي ٣ : ٨٧.
16. الاستيعاب / ابن عبد البر ٤ : ٣٧٦.
17. أسد الغابة ١ : ٤٨٨.
18. أسد الغابة ١ : ٤٨٩.
19. المعجم الكبير ٣ : ٧٥ / ٢٧٠٨.
20. المعجم الكبير ٣ : ٩٠ / ٢٧٥٦.
21. المعجم الكبير ٣ : ٨٦ / ٢٧٤١.
22. المعجم الكبير ٣ : ٩٣ / ٢٧٦٠.
23. بحار الأنوار ٤٣ : ٣٣٨ / ١١.
24. روضة الواعظين / محمد بن الفتّال النيسابوري : ١٨٦.
25. السيرة النبوية / ابن هشام ٣ : ٣٣٠.
26. بحار الأنوار ٥٠ : ٧٨ / ح ٣ ونحوه في العقد الفريد / ابن عبد ربه ٥ : ١٣٣.
27. الأموال / أبي عبيد القاسم بن سلام : ٢٠٥ و ٢٠٧.
28. المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٩ ، ونحوه في السيرة النبوية / ابن هشام ٤ : ٣٨.
29. سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٣.
30. جامع البيان / الطبرسي ٢٢ : ٦ ، الدرّ المنثور / السيوطي ٦ : ٦٠٣.
31. البداية والنهاية ٢ : ٢٥٧ ، دلائل النبوّة / البيهقي ١ : ١٧٠.
32. المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٧٢.
33. سورة الشورى : ٤٢ / ٢٣.
34. روح المعاني / الآلوسي ١٣ : ٣٢ ، الدرّ المنثور ٥ : ٧٨.
35. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ١٦ : ٢٣.
36. سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٦.
37. روح المعاني ١١ : ٢٥٣.
38. الصواعق المحرقة : ٢٢٨.
39. الصواعق المحرقة : ٢٢٧.
40. سورة الصّافات : ٣٧ / ١٣٠.
41. تفسير سفيان الثوري : ٢٤٨ ، تفسير القرآن العظيم / ابن كثير ٤ : ٢٠ ، زاد المسير / ابن القيّم ٦ : ٣٢٣ ، البرهان في تفسير القرآن / البحراني ٦ : ٣٨٠.
42. تفسير النسفي ٢ : ٣٩٣ ، وتفسير الماوردي ٥ : ٥.
43. البرهان في تفسير القرآن ٦ : ٤٤٨.
44. زاد المسير / ابن القيّم ٦ : ٣٢٠ ، ونحوه في : تفسير الماوردي ٥ : ٦٤.
45. سورة الإنسان : ٧٦ / ٨ ـ ٩.
46. الكشّاف / الزمخشري ٦ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، التفسير الكبير / الفخر الرازي ٣٠ : ٢٤٤ ، روح البيان / البرسوي ١٠ : ٢٦٩.
47. سورة آل عمران : ٣ / ٦١.
48. الكشّاف ١ : ٥٦٥ ، ٥٦٦ ، التفسير الكبير ٨ : ٨٥ و ٨٦.
49. سورة النحل : ١٦ / ٤٣.
50. شواهد التنزيل / الحاكم الحسكاني ١ : ٤٣٢.
51. سورة آل عمران : ٣ / ٧.
52. نهج البلاغة / ترتيب د. صبحي الصالح : ٢٠٠ ، الخطبة : ١٤٤.
53. سنن الترمذي : حديث ٣٧٩٣ ، باب مناقب الإمام الحسن عليه السلام.
54. تاريخ مدينة دمشق / ابن عساكر ١٣ : ٢٠٩.
55. سنن الترمذي : حديث ٣٧٩٥.
56. تاريخ مدينة دمشق ١٤ : ١٦٧.
57. كنز العمال / المتّقي الهندي ١٢ : ٩٧ / ٣٤١٦٢.
58. كنز العمال ١٢ : ١١٤ / ٣٤٢٦٢.
59. تاريخ مدينة دمشق ١٣ : ٢٢٩.
60. المعجم الكبير ٣ : ٤٣ / ٢٦٢٩.
61. المعجم الكبير ٢٢ : ٤٢٣ / ١٠٤١.
62. المعجم الكبير ٣ : ٤٤ / ٢٦٣٠.
63. المعجم الكبير ٣ : ٤٤ / ٢٦٣١.
64. كنز العمّال ١٢ : ١١٩ / ٣٤٢٨٣.
65. أسد الغابة / ابن الأثير ١ : ٤٩٠.
66. سير أعلام النبلاء ٣ : ٢٥٨.
67. المعجم الكبير ٣ : ٤٠ / ٢٦٢٠.
68. الكافي ١ : ٢٧٧ / ١ ، كتاب الحجّة ، باب : إنّ الإمامة عهد من الله.
69. الكافي ١ : ٢٧٨ / ٢ ، كتاب الحجّة ، باب : إنّ الإمامة عهد من الله.
70. صحيح مسلم ٢ : ١٨٣ / ١٨٢١ ، كتاب الإمارة ، باب : الخلافة في قريش.
71. ينابيع المودّة / القندوزي الحنفي ١ : ٣٠٨.
72. كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر / الخزاز : ٨٩.
73. الأمالي / المفيد : ٢١٧ / ٤ ، مجلس ٢٥.
74. جامع الأخبار / السبزواري : ٦٢ / ٨.
75. فرائد السمطين ، / الجويني ١ : ٣١٨ / ٢٠٥.
76. إعلام الورى بأعلام الهدى / الطبرسي : ٢١٤.
77. سنن الترمذي : حديث ٣٨١٣ ، مناقب أهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله.
78. مجمع الزوائد / الهيثمي ٩ : ١٦٨ ، ونحوه في الصواعق المحرقة / الهيتمي : ٢٣٤ ، ويُنظر : المستدرك على الصحيحين / الحاكم النيسابوري ٣ : ١٥١.
79. المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٩.
80. الصواعق المحرقة : ٣٢٨.
مقتبس من كتاب : [ الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ ] / الصفحة : 9 ـ 31
التعلیقات