في بيان ظهور آيات من معجزات نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله من الإِخبار بالغائبات
ابن حمزة
2019 Nov 15في بيان ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات
وفيه : ستة أحاديث
إعلم أنّ هذا الباب لو استقصيناه ، لاحتاج إلى مجلّدة ضخمة ، ولكن اقتصرنا على طرف منه .
٩٢ / ١ ـ عن محمّد بن عليّ بن عتاب ، قال : خرجت في الهزيمة مع عبد الله بن عزيز ، فلمّا صرت بطوس أتيت قبر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، فإذا أنا بشيخ كبير هرم ، فسألني عن أهل الري ، فأخبرته بما نالهم وبما رأيت فيهم ، وبهدم السور ، فقال : حدّثني صاحب هذا القبر ، عن أبيه عن ، جدّه ، عن آبائه ، عن النبيّ (ص) أنه قال : « كأنّي بأهل الري وقد وليهم رجل يقال له (عبد الله بن عزيز) فيؤسر ، فيؤتىٰ به طبرستان ، فيضرب عنقه في يوم النحر ، ويرفع رأسه على خشبة ويطرح بدنه في بئر » .
قال : فرجعت إلى الري وابن عزيز في البلد ، فحدّثته الحديث فتغير لون وجهه ، وقال لي : قد يكون اسم يوافق اسماً ، وأرجو أن يكفيني الله ذلك ، ولا بدّ من مناصحة من استكفانا أمره .
قال : فكرهت ذلك وندمت على قولي حتّى تبيّن ذلك في وجهي ، فقال : لا عليك قد أدّيت ما سمعت . فما عدت إليه حتّى نزل به ما حدّثت به .
وفي الحديث عدّة آيات .
٩٣ / ٢ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : « كان رسول الله (ص) يخبر أهل مكّة بأسرارهم ، حتّى لا يبقى (١) منها شيء .
منها أنّ عمير بن وهب أتى المدينة وقال : جئت في فكاك ابني .
فقال (ص) : كذبت ، بل قلت لصفوان وقد اجتمعتم بالحطيم ، وقد ذكر صفوان قتلىٰ بدر وقال : والله الموت خير من البقاء ، مع ما صنع بنا ، وهل حياة بعد أهل القليب ؟! فقلت : لولا عيال ودَين لأرحتك من محمّد . فقال صفوان : عليَّ أن أقضي دينك ، وأجعل بناتك مع بناتي ، يصيبهنّ ما أصابهنَّ من خير أو شر . فقلت أنت : فاكتمها عليَّ ، وجهزني حتّى أذهب وأقتله فجئت لتقتلني .
فقال : صدقت يا رسول الله ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله .
٩٤ / ٣ ـ وعنه عليه السلام مجملًا ، وعن ابن شهاب مفصلًا ، قال : إنّ رسول الله (ص) لمّا بعث الجيش إلى مؤتة ، كان ذات يوم على المنبر ، فنظر إلى معركتهم فقال (ص) : « أخذ الراية زيد بن حارثة ، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة الدنيا ، فقال : حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين ، تحبّب إليّ الدنيا ؟! فمضى قدماً حتّى استشهد رضي الله عنه » فقال (ص) : « استغفروا له ، ودخل الجنّة وهو يسعى (١) .
ثمّ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فجاءه الشيطان فمنّاه الحياة ، وكرّه إليه الموت ، فقال : الآن حين استحكم الإِيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ؟! ثمّ مضى قدماً حتّى استشهد » فصلَّى عليه ، ودعا له .
ثم قال : « استغفروا لأخيكم جعفر فإنّه شهيد ، لقد دخل الجنّة ، وهو يطير بجناحين من ياقوت حيث يشاء في الجنّة .
ثمّ أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة ، فاستشهد ، ثمّ دخل الجنّة معترضاً » فشقّ ذلك على الأنصار ، فقيل : يا رسول الله ، ما اعترضه ؟
فقال : « لمّا أصابه الجرح نكل (٢) ، فغابت نفسه ، فشجع ، فدخل الجنّة » فسري عن قومه .
ثمّ ورد على ابن مُنْيَه (٣) ، فقال (ص) : « إن شئت أخبرتك ، وإن شئت أخبرني » . فقال : بل أخبرني يا رسول الله فأخبره خبره كلّه قال : وإنّك والَّذي بعثك بالحقّ ، ما تركت من حديثهم حرفاً لم تذكره . فقال (ص) : « إنّ الله رفع لي الأرض حتّى رأيت معركتهم (٤) » .
٩٥ / ٤ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : « قال النبيّ (ص) ذات يوم : يأتيني غداً تسعة نفر (١) من حضرموت ، فيسلم منهم ستة نفر ، ولا يسلم ثلاثة .
فوقع في قلوب أناس كثير ، فقلت أنا أصدّق الله ورسوله : هو كما قلت يا رسول الله .
فقال : أنت الصدّيق الأكبر ، ويعسوب المؤمنين ، وإمامهم ترى ما أرى ، وتعلم ما أعلم ، وأنت أول المؤمنين إيماناً ، ولذلك خلقك ونزع منك الشك والضلال ، وأنت الهادي الثاني ، والوزير الصادق .
فلمّا أصبح رسول الله (ص) وقعد في مجلسه وأنا عن يمينه ، أقبل تسعة رهط من حضرموت ، حتّى دنوا منه (ص) ، فسلّموا عليه ، فردّ عليهم السلام ، فقالوا : يا محمد ، اعرض علينا الإِسلام . فعرض عليهم ، فأسلم الستة ولم يسلم ثلاثة ، وانصرفوا .
فقال رسول الله (ص) للثلاثة : أمّا أنت يا فلان فستموت بصاعقة من السماء ، وأما أنت يا فلان فيضربك أفعى في موضع كذا وكذا ، وأما أنت يا فلان فإنّك تخرج في طلب إبلك فيستقبلك أناس من كذا فيقتلونك .
فوقع في قلوب كثير من الناس ، فقلت : صدق الله ورسوله ، لا يتقدمون ولا يتأخرون عمّا قلت فقال (ص) : صدّق الله قولك ، ولا زلت صدوقاً .
فأتى لذلك ما أتى ، فأقبل الستة الذين أسلموا فوقفوا على رسول الله (ص) ، فقال لهم : ما فعل أصحابكم ؟ فقالوا : والَّذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما جاوزوا ما قلت ، وكلٌّ مات بما قلت ، وإنّا جئناك لنجدّد الإِسلام ، ونشهد أنك رسول الله ، وأنك الأمين على الأحياء والأموات » .
٩٦ / ٥ ـ وعنه عليه السلام ، قال : « كنت صاحب رسول الله (ص) يوم أقبل أبو جهل ـ لعنه الله ـ وهو يقول : ألست تزعم أنّك نبيّ مرسل ، وأنّك تعلم الغيب ، وأنّ ربّك يخبرك بما تفعله ، هل تخبرني بشيء فعلته لم يطّلع عليه بشر ؟
فقال (ص) : لأخبرنّك بما فعلته ، ولم يكن معك أحد ، الذهب الَّذي دفنته في بيتك في موضع كذا وكذا ، ونكاحك سودة ، هل كان ما قلت ؟ فأنكر ، فقال (ص) : لئن لم تقر لأظهرنّ ذلك .
فعلم أنه سيظهره فقال : قد علمت أنّ معك رجل من الجنّ يخبرك بجميع ما نفعله ، فأمّا أنا فلا لا أقول إنّك نبيّ أبداً .
فقال (ص) : لأقتلنك ، ولأقتلنّ شيبة ، ولأقتلنّ عتبة ، ولأقتلنّ الوليد بن عتبة ، ولأقتلنّ أشراركم ، ولأقطعنّ دابركم ودابر مخزوم ، ولأوطينّ الخيل بلادكم ، ولآخذنّ مكّة عنوة ، ولتديننّ لي الدنيا شرقها وغربها ، وليعاديني قوم من قريش يكونوا طلقاي ، وطلقاء هذا وذريّتي يمتّعهم الله إلى حين ، والعاقبة بالنصر لرجل من ذرّيتي .
فتولى عنّا أبو جهل عليه اللعنة وهو كالمستهزئ ، ففعل الله بهم ذلك » .
٩٧ / ٦ ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله (ص) : « إنّك ستبقى حتّى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف في التوراة بالباقر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام » .
قال الراوي : فدخل جابر على عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام فوجد محمّد بن عليّ عنده غلاماً ، فقال : يا غلام أقبل . فأقبل ، ثمّ قال : أدبر . فأدبر فقال جابر : شمائل رسول الله (ص) وربّ الكعبة .
ثمّ أقبل على عليّ بن الحسين عليه السلام فقال له : من هذا ؟ فقال : « هذا ابني ، وصاحب الأمر من بعدي : محمّد الباقر » .
فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما ويقول : نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله اقبل سلام أبيك ، إن رسول الله (ص) يقرئك السلام .
قال : فدمعت عينا أبي جعفر عليه السلام وقال : « يا جابر وعلى أبي رسول الله (ص) السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليك يا جابر بما بلّغت » .
ومنها : ما أخبر به أبا اليقظان عمّار بن ياسر رضي الله عنه بقوله (ص) : « ستقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك ضياح من لبن » (١) .
ومنها : ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام أنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين (٢) .
ومنها : ما أخبره أنّه يموت قتلًا ، ضرباً على رأسه (٣) .
ومنها : ما أخبر بقتل الحسين عليه السلام ، ووضع تربته عند أمّ سلمة رضي الله عنها وقال : « إذا صار هذا دماً عبيطاً فاعلمي أنّ ابني الحسين قد قتلوه » (٤) .
ومنها : ما أخبر بقتل عمر بن الخطّاب ، وعثمان بن عفّان (٥) .
ومنها : ما أخبر أن معاوية سيطلب الإِمارة (٦) .
ومنها : ما أخبر بخبر بني أميّة (٧) .
ومنها : ما أخبر بملك ولد العبّاس ، وأمثال ذلك لا يحصى كثرة ، فإنّما اقتصرنا على هذا المقدار لأنّ استيفاء آياته لا يمكن أن تحصى (٨) .
الهوامش
١ ـ مسند الإِمام الرضا عليه السلام ١ : ٢٤٧ / ٤٦٩ .
٢ ـ الاحتجاج : ٢٢٥ .
(١) في ص : لا يترك ، وفي ر : يسقى .
(٢) في هامش ص : وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأنّك نبيّ حقّ .
٣ ـ البداية والنهاية ٤ : ٢٤١ ـ ٢٤٧ مثله ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٣ ، طبقات ابن سعد ٢ : ١٢٨ ، مغازي الواقدي ٢ : ٧٦١ ، ٧٦٢ بسند آخر ، سيرة ابن هشام ٤ : ١٥ ، دلائل النبوة ٤ : ٣٥٨ ، ٣٧٥ ، الخرائج والجرائح ١ : ١٦٦ / ٢٥٦ .
(١) في م : يسقى ، وفي ك : سيفي .
(٢) في ر : زيادة فدخل النار .
(٣) وهو : يعلىٰ بن أمية ، ومنية أمّه ، انظر « البداية والنهاية لابن كثير ٤ : ٢٤٧ » .
(٤) في م : معركتكم .
٤ ـ كشف اليقين : ١٩٦ .
(١) في ص ، ع : رهط .
٥ ـ . . .
٦ ـ أمالي الصدوق : ٢٨٩ / ٩ ، علل الشرائع : ٢٣٣ ، الاختصاص : ٥٦ ، الكافي مسنداً ، ١ : ٤٦٩ ، كفاية الأثر : ٥٣ ـ ٥٦ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٧٩ / ١٢ ، اعلام الورى : ٢٦٨ قطعة منه ، حلية الأبرار ٢ : ٩٣ ، وذكره المامقاني في رجاله ١ : ٢٧٦ / ٢٤٣٤ في ترجمة الحسن .
(١) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ١٦١ ، ١٦٤ ، ٢٠٦ ، و ٣ : ٥ ، ٢٢ ، ٢٨ ، ٩١ و ٤ : ١٩٧ ، ١٩٩ و ٥ : ٢١٤ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، و ٦ : ٢٨٩ ، ٣٠٠ ، ٣١١ ، ٣١٥ ، صحيح البخاري ١ : ١٢٢ ، صحيح مسلم ٤ : ٢٢٣٥ / ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٣ ، إعلام الورى : ٤٢ مثله بأسانيد مختلفة .
(٢) مناقب ابن شهراشوب : ١ : ١٠٩ ، إعلام الورى : ٤٣ .
(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ٥٢ / ١٩ .
(٤) الخصائص الكبرى ٢ : ٢١٢ ، ذخائر العقبى ١٤٦ ، الصواعق المحرقة : ١٩٣ ، احقاق الحق ١١ : ٣٦٠ .
(٥) مدينة المعاجز : ١٣٣ ، إلّا أنّ فيه إخباره عن قتل عمر ، الخصائص الكبرى ٢ : ٢٠٨ في قتل عثمان .
(٦) الخصائص الكبرى ٢ : ١٩٨ ـ ١٩٩ .
(٧) الخصائص الكبرى ٢ : ٢٠٠ .
(٨) الخصائص الكبرى ٢ : ٢٠٢ .
مقتبس من كتاب : [ الثاقب في المناقب ] / الصفحة : ١٠٠ ـ ١٠٦
التعلیقات