في بيان ظهور آيات الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام من الاخبار بحديث النفس
ابن حمزة
منذ 4 سنواتفي بيان ظهور آياته عليه السلام من الاخبار بحديث النفس
وفيه : أربعة عشر حديثاً
501 / 1 ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال : سمعت أبا محمّد عليه السلام يقول : « إنّ في الجنّة باباً يقال له : المعروف ، ولا يدخله إلَّا أهل المعروف » . فحمدت الله تعالى في نفسي ، وفرحت بما أتكلف من حوائج الناس ، فنظر عليه السلام إليَّ فقال : « نعم دُمْ على ما أنت عليه ، فإنّ أهل المعروف في دنياهم هم أهل المعروف في الآخرة ، جعلك الله منهم يا أبا هاشم ورحمك » .
502 / 2 ـ وعنه قال : سأل محمّد بن صالح الأرمني : عرّفني عن قول الله عزّ وجل ، ( لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) (1) فقال عليه السلام : « لله الأمر من قبل أن يأمر ، ومن بعد أن يأمر بما يشاء » . فقلت في نفسي : هذا تأويل قوله تعالى : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (2) .
فأقبل عليَّ وقال : « كما هو أسررت في نفسك ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (3) » فقلت : أشهد أنّك حجّة الله وابن حجّته على عباده .
503 / 3 ـ وعنه قال : دخلت على أبي محمد عليه السلام وأنا أريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبارك به ، فجلست ونسيت ما جئت له ، فلمّا ودّعته ونهضت رمى إليَّ خاتماً وقال : « أردت فضَّة فأعطيناك خاتماً ، وربحت الفص والكرى ، هنأك الله يا أبا هاشم » فتعجبت من ذلك وقلت : يا سيدي ، أشهد أنّك ولي الله ، وإمامي الذي أدين لله بفرض طاعته . فقال : « غفر الله لك يا أبا هاشم » .
504 / 4 ـ عن الحسن بن ظريف ، قال : اختلج في صدري (1) مسألتان أردت الكتابة بهما إلى أبي محمّد عليه السلام فكتبت أسأله : إذا قام القائم وأراد أن يقضي ، أين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أكتب إليه أسأله عن حمّى الرِّبع ، أغفلت ذكر الحمى ، فجاء الجواب : « سألت عن القائم فإذا قام يقضي بين الناس بعلمه ، كقضاء داود ، ولا يسأل البينة ، وكنت أردت أن تسأل عن حمّى الربع فأنسيت ، فاكتب على ورقة وعلّقها على المحموم ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ) (2) فإنّه يبرأ بإذن الله تعالى» .
505 / 5 ـ عن أبي هاشم ، قال : كنت مضيّقاً عليَّ ، فأردت أن أطلب منه شيئاً من الدنانير في كتاب فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليَّ مائة دينار ، وكتب إليَّ : « إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحب إن شاء الله تعالى » .
506 / 6 ـ وعنه قال : كنت عند أبي محمد عليه السلام فسألته عن قول الله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ ) (1) فقال عليه السلام : « كلّهم من آل محمّد عليهم السلام ، الظالم لنفسه الذي لا يقرّ بالإِمام ، والمقتصد العارف بالإِمام ، والسابق بالخيرات بإذن الله الإِمام » .
قال : فدمعت عيناي وجعلت أفكر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمّد عليهم السلام ، فنظر إليَّ وقال : « الأمر أعظم مما حدَّثتك به نفسك من عظم شأن آل محمّد عليهم السلام ، فاحمد الله فقد جعلك متمسكاً بحبلهم ، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم ، فابشر يا أبا هاشم فإنّك على خير » .
507 / 7 ـ وعنه ، قال : سأل محمّد بن صالح الأرمني أبا محمّد عليه السلام عن قول الله تعالى : ( يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (1) فقال عليه السلام : « هل يمحو إلَّا ما كان ، وهل يثبت إلا ما لم يكن ؟ » فقلت في نفسي : هذا خلاف قول هشام أنّه لا يعلم بالشيء حتّى يكون .
فنظر إليَّ أبو محمد عليه السلام وقال : « تعالى الجبّار العالم بالأشياء قبل كونها ، الخالق إذ لا مخلوق ، والرب إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه » . فقلت : أشهد أنّك حجّة الله ووليه بقسط ، وأنّك على منهاج أمير المؤمنين عليه السلام .
508 / 8 ـ وعنه قال : كنت عنده فسأله محمّد بن صالح الأرمني عن قول الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ) (1) الآية قال : « ثبتوا المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ومن رازقه » .
قال أبو هاشم : فجعلت أتعجّب في نفسي من عظيم ما أعطى الله وليّه من جزيل ما حمله ، فأقبل أبو محمّد عليه السلام عليَّ وقال : « الأمر أعجب ممّا عجبت منه يا أبا هاشم ، وأعظم ، ما ظنك بقوم مَن عرفهم عرف الله ، ومَن أنكرهم أنكر الله ، ولا يكون مؤمناً حتىٰ يكون لولايتهم مصدّقاً ، وبمعرفتهم موقناً ؟ » .
509 / 9 ـ وعنه ، قال : سمعت أبا محمّد عليه السلام قال : « الذنوب التي لا تغفر قول الرجل : ليتني لا أُواخذ إلَّا بهذا » فقلت في نفسي : إن هذا لهو الدقيق (1) ، وقد ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه كلّ شيء ، فأقبل عليَّ عليه السلام ، وقال : « صدقت يا أبا هاشم ، نِعْمَ ما حدثتك به نفسك ، فإن الإِشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، ومن دبيب الذر على الشبح الأسود » .
510 / 10 ـ عن يحيى بن المرزبان ، قال : التقيت مع رجل فَأخبرني أنّه كان له ابن عم ينازعه في الإِمامة والقول في أبي محمد عليه السلام وغيره ، فقلت : لا أقول به ولا أرى منه علامة ، فوردت العسكري في حاجة ، فأقبل أبو محمّد عليه السلام ، فقلت في نفسي متعنتاً : إنْ مدّ يده إلى رأسه وكشفه ثمّ نظر إليّ وردّه قلت به .
فلمّا حاذاني مدّ يده إلى رأسه أو القلنسوة ، فكشفها ثمّ برق عينيه فيَّ ثمّ ردَّها وقال : « يا يحيى ، ما فعل ابن عمك الذي ينازعك في الإِمامة ؟ » فقلت : خلّفته صالحاً فقال : « لا تنازعه » ثمّ مضى .
511 / 11 ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال : فكّرت في نفسي فقلت : أشتهي أن أعلم ما يقول أبو محمّد عليه السلام في القرآن ؟ فبدأني وقال : « الله خالق كلّ شيء ، وما سواه فهو مخلوق » .
512 / 12 ـ عن ابن الفرات قال : كان لي على ابن عم لي عشرة آلاف درهم ، فكتبت إلى أبي محمّد عليه السلام أشكو إليه وأسأله الدعاء ، وقلت في نفسي : لا أبالي أين يذهب مالي بعد أن أهلكه الله .
قال : فكتب إليَّ : « إنّ يوسف عليه السلام شكا إلى ربّه السجن فأوحى الله إليه : أنت أخترت لنفسك ذلك حيث قلت : ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) (1) ولو سألتني أن أعافيك لعافيتك ؛ إنّ ابن عمّك لراد عليك مالك ، وهو ميت بعد جمعة » .
قال : فردّ عليَّ ابن عمّي مالي ، فقلت : ما بدا لك في ردّه وقد منعتني إيّاه ؟ قال : رأيت أبا محمّد عليه السلام في المنام فقال لي : « إنّ أجلك قد دنا ، فردّ على ابن عمّك ماله » .
513 / 13 ـ عن أبي القاسم الحليسي قال : كنت أزور العسكري في شعبان في أوله ، ثمّ أزور الحسين عليه السلام في النصف من شعبان ، فلمّا كانت سنة من السّنين وردت (1) العسكري قبل شعبان وظننت أني لا أزوره في شعبان ، فلمّا دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها ، وخرجت إلى العسكر ، وكنت إذا وافيت العسكر ، أعلمتهم برقعة أو رسالة ، فلمّا كان في هذه المرّة قلت : أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها ، وقلت لصاحب المنزل : أحب أن لا تعلمهم بقدومي .
فلمّا أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين وهو ( متبسّم ضاحك مستبشر ) ويقول : بعث إلي بهذين الدينارين وقيل لي : ادفعهما إلى الحليسي وقل له : « من كان في طاعة الله كان الله في حاجته » .
514 / 14 ـ عن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : ضاقَ بنا الأمر فقال لي أبي : امضِ بنا حتّى نصيرَ إلى هذا الرجل ـ يعني أبا محمد عليه السلام ـ فإنّه قد وصف عنه سماحة . فقال لي : أتعرفه ؟ فقلت : ما أعرفه ولا رأيته قط .
قال : فقصدناه ، فقال لي أبي وهو في طريقه ، ما أحوجنا أن يأمر لنا بخمسمائة درهم ، مائتين للكسوة ومائتي درهم للدين (1) ، ومائة درهم للنفقة ، وأخرج إلى الجبل .
فقلت في نفسي : ليته أمر لي بثلاثمائة درهم ، أشتري بمائة حماراً ، وبمائة كسوة ، ومائة درهم للنفقة ، وأخرج إلى الجبل .
فلمّا وافينا الباب خرج إلينا غلام فقال : يدخل عليُّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه ؛ فلمّا دخلنا عليه وسلّمنا عليه قال لأبي : « على ما خلّفك عنّا إلى هذا الوقت ؟ » فقال : يا سيدي ، استحييت أن ألقاك وأنا على هذه الصورة والحال . فلمّا خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرّة فيها خمسمائة درهم وقال : هذه الصرة : مائتان للكسوة ، ومائتان للدين ، ومائة درهم للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء (2) . وأعطاني صرَّة فقال هذه ثلاثمائة درهم ، اجعل مائة منها ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء .
قال : فصار أبي إلى سوراء ، فتزوج بامرأة ، فدخله إلى اليوم ألفا درهم ، وهو مع ذلك يقول بالوقف .
515 / 15 ـ عن إسحاق ، عن الأقرع قال : كنت كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الإِمام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعدها قد أعاذ الله تبارك وتعالىٰ أولياءه من ذلك .
فورد الجواب : « حال الأئمة عليهم السلام في المنام حالهم في اليقظة ، لا يغيّر النوم منهم شيئاً ، وقد أعاذ الله عز وجل أولياءه من الشيطان ، كما حدّثتك نفسك » .
الهوامش
1 ـ الخرائج والجرائح 2 : 689 / 12 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 432 ، إعلام الورىٰ : 356 ، كشف الغمة 2 : 420 .
2 ـ الخرائج والجرائح 2 : 686 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 436 ، كشف الغمة 2 : 420 .
(1) سورة الروم الآية : 4 .
(2) سورة الأعراف الآية : 54 .
(3) سورة الأعراف آية : 54 .
3 ـ الكافي 1 : 429 / 21 ، الخرائج والجرائح 2 : 684 / 4 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 437 ، إعلام الورىٰ : 356 ، كشف الغمة 2 : 421 ، حلية الأبرار 2 : 492 ، مدينة المعاجز : 563 / 24 .
4 ـ الكافي 1 : 426 / 13 ، ارشاد المفيد : 343 ، الخرائج والجرائح 1 : 431 / 10 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 431 ، إعلام الورىٰ : 357 ، كشف الغمة 2 : 413 ، حلية الأبرار 2 : 627 .
(1) في هامش « ر » : خاطري .
(2) سورة الأنبياء الآية : 69 .
5 ـ الكافي 1 : 426 / 10 ، مثله ، الخرائج والجرائح 1 : 435 / ذيل حديث 13 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 439 ، إعلام الورىٰ : 354 .
6 ـ ارشاد المفيد : 386 ، اثبات الوصية : 213 ، الخرائج والجرائح 2 : 687 / 9 ، كشف الغمة 2 : 419 ، حلية الأبرار 2 : 492 ، مدينة المعاجز : 576 / 98 .
(1) سورة فاطر الآية : 32 .
7 ـ اثبات الوصية : 212 ، غيبة الطوسي : 264 ، الخرائج والجرائح 2 : 687 / 10 ، كشف الغمة 2 : 419 ، مدينة المعاجز : 577 / 103 .
(1) سورة الرعد الآية : 39 .
8 ـ إثبات الوصية : 212 ، كشف الغمة 2 : 419 .
(1) سورة الأعراف الآية : 172 .
9 ـ اثبات الوصية : 212 ، غيبة الطوسي : 123 ، الخرائج والجرائح 2 : 688 / 11 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 439 ، كشف الغمة 2 : 420 ، إعلام الورى : 355 .
(1) الدقيق : الأمر الغامض ، لسان العرب : 10 : 101 ( دقق ) .
10 ـ الخرائج والجرائح 1 : 440 / 21 ، كشف الغمة 2 : 428 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 436 .
11 ـ الخرائج والجرائح 2 : 686 / 6 ، باختلاف فيه ، مدينة المعاجز : 576 / 93 .
12 ـ الخرائج والجرائح 1 : 441 / 22 ، الصراط المستقيم 2 : 207 / 14 ، كلاهما باختصار ، كشف الغمة 2 : 429 ، مدينة المعاجز : 577 / 106 .
(1) سورة يوسف الآية : 33 .
13 ـ كمال الدين : 493 / 18 ، الخرائج والجرائح 1 : 443 / 34 ، مدينة المعاجز : 574 / 84 .
(1) في ص ، ش ، ك : زرت .
14 ـ الكافي 1 : 424 / 3 ، ارشاد المفيد : 341 ، كشف الغمة 2 : 410 ، روضة الواعظين : 247 .
(1) في المخطوطات : الدقيق ، وما أثبتناه من الكافي .
(2) سُوراء : قيل هو موضع قرب بغداد ، وقيل مدينة من توابع الكوفة ، انظر « معجم البلدان 3 : 278 ، واحسن التقاسم : 105 » .
15 ـ الكافي 1 : 426 / 12 ، اثبات الوصية : 214 ، الخرائج والجرائح 1 : 446 / 31 ، كشف الغمة 2 : 422 ، الصراط المستقيم 2 : 208 / 20 ، مدينة المعاجز : 562 / 14 .
مقتبس من كتاب : [ الثاقب في المناقب ] / الصفحة : 564 ـ 571
التعلیقات