ما الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة على ضرورة وجود إمام بعد الرسول ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 6 سنواتالسؤال :
ما الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة على ضرورة وجود إمام بعد الرسول في الأمّة ؟ وما الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة على إمامة علي بن أبي طالب وأولاده ؟
الجواب :
نفس الدليل العقلي الذي يثبت النبوّة والرسالة للأنبياء والرسل يثبت لزوم وجود الإمام والحجّة على الخلق حينما لا يكون بينهم نبي أو رسول.
وإليك بعض الروايات :
محمد بن إسماعيل ؛ عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ؛ عن منصور ابن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل الخلق يعرفون بالله ؛ قال : صدقت ، قلت : إن من عرف أن له ربا ، فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة وقلت للناس : تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى قلت فحين مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كان الحجة على خلقه ؟ فقالوا : القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، فما قال فيه من شيء كان حقا ، فقلت لهم : من قيم القرآن فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم ، قلت : كله ؟ قالوا : لا ، فلم أجد أحدا يقال : إنه يعرف ذلك كله إلا عليا عليه السلام وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا ادرى وقال هذا : أنا أدري ، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن ما قال في القرآن فهو حق ، فقال : رحمك الله . (1)
علي بن إبراهيم ؛ عن أبيه ؛ عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين ومحمد بن النعمان وهشام ابن سالم والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال أبو عبد الله عليه السلام : يا هشام ! ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد ؟ وكيف سألته ؟ فقال هشام : يا ابن رسول الله إني اجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك ، فقال أبو عبد الله إذا أمرتكم بشيء فافعلوا قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك علي فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملة سودآء متزرا بها من صوف ، وشملة مرتديا بها والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ؛ ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثم قلت : أيها العالم ! إني رجل غريب تأذن لي في مسألة ! فقال لي : نعم ؛ فقلت له ألك عين ؟ فقال : يا بني أي شيء هذا من السؤال ؟ وشيء تراه كيف تسأل عنه ؟ فقلت هكذا مسألتي ، فقال يا بني سل وان كانت مسألتك حمقاء قلت : أجبني فيها ؛ قال لي : سل ، قلت : الك عين ! قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والاشخاص قلت : فلك انف ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة ، قلت : ألك فم ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به ؟ قال : أذوق به الطعم ، قلت : فلك اذن ! قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الصوت ؛ قلت ؛ ألك قلب ، قال : نعم ؛ قلت : فما تصنع به ؟ قال : أميز به كلما ورد على هذه الجوارح والحواس ، قلت : أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ فقال : لا ؛ قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشك ؛ قال هشام : فقلت له : فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم ؛ قلت . لابد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم فقلت له : يا أبا مروان فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شك فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم ؛ لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك ؟ ! قال : فسكت ولم يقل لي شيئا ، ثم التفت إلي فقال لي : أنت هشام بن الحكم فقلت : لا ، قال : أمن جلسائه ؟ قلت : لا ، قال : فمن أين أنت قال قلت : من أهل الكوفة قال : فأنت إذا هو ، ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه وما نطق حتى قمت ، قال : فضحك أبو عبد الله عليه السلام وقال : يا هشام . من علمك هذا ؟ قلت : شيء أخذته منك وألفته ، فقال : هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى . (2)
ويدلّ على لزوم الحجّة على الناس بعد النبي قول الله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (3) ، وليست هذه الإمامة هي النبوّة والرسالة ، لأنّ الله تعالى أعطى إبراهيم الإمامة بعد ابتلائه وامتحانه ، وقد كان نبيّاً ورسولاً قبل ذلك.
علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السفاتج ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول : إن الله اتخذ إبراهيم عليه السلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا واتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له هذه الأشياء - وقبض يده - قال له : يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماما ، فمن عظمها في عين إبراهيم قال : يا رب ومن ذريتي ، قال : لا ينال عهدي الظالمين . (4)
وممّا يدلّ على لزوم وجود إمام في كلّ عصر وزمان قول النبي صلّى الله عليه وآله المشهور بين الفريقين السنّة والشيعة :
« من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة ». (5)
وليس المراد القرآن الكريم لأنّه امام جميع الأزمنة لا إمام زمان خاصّ ، وليس المراد الخلفاء والحكّام لأنّ عدم معرفتهم لا يستلزم ميتة الجاهليّة بل لابدّ أن يكون هناك إمام معصوم وحجّة من الله على الخلق ليكون الجهل به وعدم معرفته موجباً لميتة الجاهليّة.
ويدلّ أيضاً قوله المعروف المشهور بين الفريقين :
« إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً وانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ». (6)
الهوامش
1. الأصول من الكافي « للكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 128 ـ 129 / الناشر : المكتبة الإسلاميّة ـ طهران.
2. الأصول من الكافي « للكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 129 ـ 130 / الناشر : المكتبة الإسلاميّة ـ طهران.
3. البقرة : 124.
4. الأصول من الكافي « للكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 134 / الناشر : المكتبة الإسلاميّة ـ طهران.
5. الحدائق الناضرة « للبحراني » / المجلّد : 5 / الصفحة : 176 / الناشر : دار الكتب الإسلامية ـ نجف.
راجع : الأصول من الكافي « للكليني » / المجلّد : 2 / الصفحة : 20 / الناشر : المكتبة الإسلامية ـ طهران.
6. مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 5 / الصفحة : 189.
راجع : سنن الترمذي / المجلّد : 5 / الصفحة : 662 / الناشر : دار احياء التراث العربي ـ بيروت.
راجع : الجامع للشرايع « للحلي » / تقديم صفحة ج / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.
راجع : الوافي / المجلّد : 4 / الصفحة : 201 / الناشر : مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ـ اصفهان.
التعلیقات