برير بن خضير الهمداني التميمي الكوفي
الشيخ ذبيح الله المحلاتي
منذ 3 سنواتبرير (1) بن خضير (2) الهمداني التميمي الكوفي
من أشرف أصحاب سيّد الشهداء الحسين عليه السلام ومن شيوخ التابعين ، ومقدّم ركب الزاهدين وسيّد العبّاد والناسكين ويسمّونه سيّد القرّاء ومن حواريّي أمير المؤمنين وأشراف الكوفة ، وله كتاب في القضايا والأحكام رواه عن الإمامين أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام ، وهو من أُصولنا المعتبرة.
ولمّا علم بخروج الحسين إلى مكّة خرج بنفسه النفيسة إليه والتحق بركبه وصار ملازماً له لا يكاد يفارقه ، وأصبح واحداً من رجاله المجاهدين إلى أن بلغ الإمام الحسين ذا خشب في طريقه إلى العراق وكان الحرّ بن يزيد الرياحي قد اعترضه ، قام برير قائماً وقال : لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيك أعضائنا حتّى يكون جدّك بين أيدينا يوم القيامة شفيعاً فلا أفلح قوم ضيّعوا ابن بنت نبيّهم وويل لهم ماذا يلقون به الله وافٍ لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنّم .. (3).
وروى أبو مخنف وغيره أنّ الحسين عليه السلام في ليلة التاسع من المحرّم أو في يومه ، أمر الحسين بفسطاط فضرب ثمّ أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة ، قال : دخل الحسين عليه السلام ذلك الفسطاط فتطلّى بالنورة ، قال : ومولاي عبدالرحمن بن عبد ربّه وبرير بن حضير الهمداني على باب الفسطاط تحتك مناكبها فازدحهما أيّهما يطلي على أثره ، فجعل برير يهازل عبدالرحمن ، فقال عبدالرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل [ فقال له برير : والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شابّاً ولا كهلاً ولكن والله لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إنّ بيننا وبين الحور العين (ليس إلّا أن نحمل على هؤلاء ـ المؤلّف) إلّا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت أنّهم قد مالوا بها الساعة .. ] (4).
وذكر محمّد بن جرير الطبري بسنده عن الضحّاك بن قيس المشرقي (5) ، قال : فلمّا أمسى حسين وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون. قال : فتمرّ بنا خيل تحرسنا ، وإنّ حسيناً ليقرأ : ( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (6) ، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم. قال : فقلت لبرير بن حضير تدري من هذا ؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب السبيعي عبدالله بن شهر ، وكان مضحاكاً بطّالاً وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس ربّما حبسه في جناية ، فقال له برير بن حضير : يا فاسق ، أنت يجعلك الله في الطيّبين ، فقال له : من أنت ؟ قال : أنا برير من حضير ، قال : أنا لله عزّ عليَّ هلكت والله هلكت والله يا برير.
قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام ، فوالله إنّا لنحن الطيّبون ولكنّكم لأنتم الخبيثون. قال : وأنا (والله) على ذلك من الشاهدين. قلت : ويحك أفلا ينفعك معرفتك ؟ قال : جعلت فداك ، فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل ؟ قال : ها هو ذا معي ، قال : قبّح الله رأيك على كلّ حال وأنت سفيه ، قال : ثمّ انصرف عنّا .. (7).
وفي مطالب السئول : ذكر محمّد بن طلحة في مطالب السئول وعليّ بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة قصّة قدوم برير بن حضير على عمر بن سعد حين منع الماء عن الحسين وأهل بيتيه وأصحابه ، ونحن ذكرناها في ترجمة أنس بن الحرث الكاهلي ، وفي الكتابين المذكورين عزيت الحكاية إلى يزيد بن الحصين الهمداني (8) ولكن المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام ذكر أنّه برير (9) وينبغي أن يكون الأمر كذلك لأنّ بريراً معروف في الأصحاب بجهورة الصوت ، وهو مدرة القوم وشريفهم ، ولا يبعد تعدّد الواقعة.
وكيف كان فقد أتى برير الحسين عليه السلام وقال له : ائذن لي يابن رسول الله لآتي هذا ابن سعد فأُكلّمه في أمر الماء لعلّه يرتدع ، فقال له الحسين عليه السلام : ذلك إليك ، فجاء برير الهمداني إلى عمر بن سعد فلم يسلّم عليه ، فقال : يا أخا همدان ، ما منعك من السلام عليَّ ؟ ألست مسلماً أعرف الله ورسوله ؟ فقال له الهمداني : لو كنت مسلماً كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله صلّى الله عليه وآله تريد قتالهم ، وبعد هذا ماء الفرات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها ، وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونسائه وأهل بيته يموتون عطشاً قد حلت بينهم وبين ماء الفرات ، وأنت تزعم أنّك تعرف الله ورسوله !
فأطرق عمر بن سعد ثمّ قال : والله يا أخا همدان ، إنّي لأعلم حرمة أذاهم ولكن (10) يا أخا همدان ! ما أجد نفسي تجيبني إلى ترك الري لغيري !
فرجع برير ، فقال للحسين عليه السلام : يابن رسول الله ، قد رضي أن يقتلك بولاية الري (11).
وفي البحار نقلاً عن كتاب مقتل محمّد بن أبي طالب بن أحمد الحسيني الحائري : وقال محمّد بن أبي طالب : وركب عمر بن سعد فقرّب إلى الحسين عليه السلام فرسه فاستوى عليه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه وبين يديه برير بن خضير ، فقال له الحسين عليه السلام : كلّم القوم ، فتقدّم برير فقال : يا قوم ، اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته وحرمه فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم ؟ (12)
فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم.
فقال لهم برير : أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه ؟ ويلكم يا أهل الكوفة ! أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها ؟! يا ويلكم ! أدعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات ، بئس ما خلّفتم نبيّكم في ذرّيّته ، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم.
فقال له نفر منهم : يا هذا ، ما ندري ما تقول ؟!
فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ، اللهمّ إنّي أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم ، اللهمّ الق بأسم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان.
فجعل القوم يرمونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه .. (13).
وقال العاملي في لواعج الأشجان بعد خطبة برير : فقالوا : يا يزيد (برير) قد أكثرت الكلام فاكفف ، والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله (14). وغرضهم عثمان لعنه الله.
ولمّا بلغ الحديث إلى هذا الحدّ ، قال الحسين عليه السلام : اقعد يا يزيد (برير) ، ثمّ وثب الحسين متوكّئاً على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته .. الخ.
وقال الطبري : قال أبو مخنف : وحدّثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير ابن أبي الأخنس وكان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام ، قال : وخرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس ، فقال : يا برير بن حضير ، كيف ترى صنع الله بك ؟ قال : صنع الله ـ والله ـ بي خيراً ، وصنع الله بك شرّاً.
قال : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّاباً ، هل تذكر وأنا أُماشيك في بني لواذن وأنت تقول : إنّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ ، وإنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب ؟! فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي. فقال له يزيد بن معقل : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين. فقال له برير بن حضير : هل لك فلأُباهلك (15) ولندعُ الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل ، ثمّ اخرج فلأُبارزك.
قال : فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا بضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً ، وضربه برير بن حضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وإنّ سيف ابن حضير لثابت في رأسه ، فكأنّي أنظر إليه ينضنضه من رأسه ، وحمل عليه رضى بن منقذ العبدي فاعتنق بريراً فاعتركا ساعة ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره ، فقال رضى : أين أهل المصاع والدفاع ؟ قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه .. الخ (16).
(فذكر الله بريرٌ وضرب يزيد بن معقل على أُمّ رأسه فشقّه نصفين وقذف رأسه من على بدنه فهوى عن ظهر فرسه وذهب إلى نار جهنّم) (17) ولمّا أوصله إلى دار البوار حمل عليه كالبرق الخاطف ، ولقد أجاد شيخ العراقين :
برير بن خضير آن خضر پيمان |
سکندر سان روان شد سوى حيوان | |
سمند افکند در ظلمات پيکار |
دليلش گشت شمشير شرر بار | |
به تيغ تيز آن پر شور بى باک |
گروهى را فکند از باره بر خاک | |
گذشت از خويش اين عيش مکدّر |
گرفت از دست خواجه خضر صاغر |
الترجمة :
وليس برير بن الخضير بل الخضر |
تجلّى كذي القرنين والعسكر المجر | |
وفي ظلمات الحرب ألقى جواده |
ويهديه قرضاب به الشرر الثرّ | |
وفي حدّه ألقى أخو العزم في الثرى |
أعاديه حتّى ضمّها اللهب الغمر | |
وطلّق عيشاً في الحياة مكدّراً |
لعيش رغيد دائم ما له حصر (18) |
وقال الخوارزمي في المقتل وابن شهرآشوب في المناقب وغيرهما : إنّ بريراً برز بعد مقتل الحر بن يزيد الرياحي بسيف أمضى حدّاً من أنياب الليث وهو يرتجز ويقول :
أنا برير وأبي خضير |
أضربكم ولا أرى من ضير | |
يعرف فينا الخير أهل الخير |
كذاك فعل الخير من برير (19) |
وفي الناسخ إضافة على ما تقدّم :
ليث يروع الأسد عند الزيري |
كذاك فعل الخير من برير |
والأسد الهصور والأفعوان النافخ ترتجف فرائصه من هول صيحتي ، ثمّ حمل عليهم فكان كالصاعقة المتحرّكة أينما اتجه لاذ الجيش منه بالفرار ، ولم يزل يحمل عليهم مع ضعف بدنه وظمأه وقلبه الجريح حتّى قتل منهم ثلاثين شخصاً وهو يصيح فيهم : اقتربوا منّي يا قتلة أولاد رسول (الله) ربّ العالمين وذرّيّة الباقين ، اقتربوا منّي يا قتلة أولاد البدريّين ، اقتربوا منّي يا قتلة أولاد رسول ربّ العالمين وذرّيّة الباقين.
قال أبو مخنف : وحمل عليه رضى بن منقذ العبدي (وهو أخو مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي) فاعتنق بريراً فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره فقال رضى : أين أهل المصاع والدفاع.
قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه (فقال عفيف) فقلت : إنّ هذا برير بن حضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد (فلم يعبأ بقولي) فحمل عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره ، فلمّا وجد مسّ الرمح برك عليه فعضّ بوجهه وقطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حتّى ألقاه عنه وقد غيّب السنان في ظهره ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى قتله.
قال عفيف : كأنّي أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول : أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبداً. قال : فقلت : أنت رأيت هذا ؟ قال : نعم رأى عيني وسمع أُذني.
فلمّا رجع كعب بن جابر قالت له [ امرأته ] أو أُخته النوار بنت جابر : أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء ، لقد أتيت عظيماً من الأمر لا أُكلّمك من رأسي كلمة أبداً ، وقال كعب بن جابر (هذا الشعر يعتذر عمّا فعله إليها) :
سلي تخبري عنّي وأنت ذميمة |
غداة حسين والرماح شوارع | |
ألم آت أقصى ما كرهت ولم يخل |
عليَّ غداة الروع ما أنا صانع | |
معي يزنيٌّ لم تخنه كعوبه |
وأبيض مخشوب الغرارين قاطع | |
فجرّدته في عصبة ليس دينهم |
بديني وإنّي يابن حرب لقانع | |
ولم تر عيني مثلهم في زمانهم |
ولا قبلهم في الناس إذ أنا يافع | |
أشدّ قراعاً بالسيوف لدى الوغى |
ألا كلّ من يحمي الذمار مقارع | |
وقد صبروا للطعن والضرب حُسّراً |
وقد نازلوا لو أنّ ذلك نافع | |
فأبلغ عبيدالله إمّا لقيته |
بأنّي مطيع للخليفة سامع | |
قتلت بريراً ثمّ حمّلت نعمة |
إلى منقذ لمّا دعى من يماصع (20) |
قال أبو مخنف : وزعموا أنّ رضى بن منقذ العبدي ردّ على كعب بن جابر ، فقال :
فلو شاء ربّي ما شهدت قتالهم |
ولا جعل النعماء عند ابن جابر | |
لقد كان ذاك اليوم عاراً وسبّة (21) |
يعيّره الأبناء بعد (22) المعاشر | |
فياليتني قد كنت من قبل قتله (23) |
ويوم حسين كنت (24) في رمس قابر | |
(فيا سوأتا ماذا أقول لخالقي |
وما حجّتي يوم الحساب القماطر) (25) |
ويظهر من أشعار هذا الخبيث أنّه على مذهب الجبريّة لأنّه يقول : لو لم يكن الله قد قدّر عليَّ الحضور لما حضرت قتالهم ولم تكن لابن جابر نعمة في عنقي ولقد أصبح يوم عاشوراء عاراً عليَّ ، ويعيّرنا الناس صاغراً عن كابرى في الأندية والمجامع العامّة وانقلب إلى ذمّ لي ومن قائل يقول : ليتك كنت حيضة وكنت تحت أطباق الثرى في ذلك اليوم فما هي حجّتك يوم تلاقي ربّك في المحشر ، فما هي حجّتي ؟ وماذا عسى أن أقول ؟ أقول : كسبت العار واللعنة الأبديّة والعذاب الأليم وخسرت خسراناً مبيناً (26).
الهوامش
1. وزان زبير وكذا خضير بالخاء المعجمة والضاد المعجمة.
2. بطن من قبيلة همدان. وقال الصدوق في أماليه عن إبراهيم بن عبدالله بن موسى بن إسحاق السبيعي قاضي بلخ أنّه قال : برير خال أبي إسحاق السبيعي. [ الأمالي ، ص 150 وليس في هذا القول ، ولعلّ المؤلّف استشعره من مجموع السند ]
(قيل على وزن زبير ، وقيل بل على وزن شريف) من قبيلة همدان. وقال بعضهم : بل يزيد بن الحصين خال أبي إسحاق كما في الكني والألقاب. [ وكان أبو إسحاق المذكور (السبيعي) ابن أُخت يزيد بن الحصين من أصحاب الحسين عليه السلام. راجع : الكنى والألقاب ، ج 1 ، ص 7 ]
وقاله أيضاً ملّا خليل القزويني في شرح أُصول الكافي ، والعلّامة في إيضاح الاشتباه من أنّ أبا إسحاق عمر بن سعيد بن عليّ الهمداني السبيعي الكوفي التابعي وبرير بن خضير خاله. وفي مجمع البحرين ذكر في مادّة عمرو عن عمر بن عبدالله السبيعي : روى محمّد ابن جعفر المؤدّب أنّ أبا إسحاق واسمه عمرو بن عبدالله السبيعي صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة وكان يختم القرآن في كلّ ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاصّ والعام (الخاصّة والعامّة ـ المؤلّف) وكان من ثقاة عليّ بن الحسين عليه السلام وولد في الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليه السلام وله تسعون سنة ، انتهى. [ مجمع البحرين ، ج 3 ص 250 ]
ولا يخفى معارضة هذا النقل مع ما ذكره ابن خلّكان في وفاة الأعيان ، قال : إنّه رأى عليّاً وابن عبّاس وغيرهم من الصحابة ، وروى عنه الأعمش وشعبة والثوري وغيرهم وكان كثير الرواية ولد لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان وتوفّي سنة 127 ، أو مائة وثمان وعشرين أو مائة وتسعة وعشرين.
ويقول القمّي في تحفة الأحباب : عمرو بن عبدالله بن علي الهمداني أبو إسحاق السبيعي هو نفسه الذي قال عنه الشيخ المفيد في الاختصاص : صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة ، وكان يختم القرآن في كلّ ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاصّ والعامّ ، وكان من ثقات عليّ بن الحسين عليهما السلام في الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين عليه السلام وقبض وله تسعون سنة ، انتهى. [ الاختصاص للمفيد ، ص 83 ]
وقد بلغك أنّ هذا النقل يخالف ما ورد عن ابن خلّكان وكذلك يخالف ما نقله الحسين بن هاشم عن أبي عثمان الدوري أنّه قال : سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : ذهبت مع أبي للجمعة وكان يحملي على منكبه ، ورأيت عليّاً بن أبي طالب يخطب في المسجد وكان يروح عن نفسه بكمّه ، فقلت لأبي : هل يؤلم الحرّ أمير المؤمنين ؟ فقال أبي : كلّا إنّ الحرّ والبرد لديه سواء ولكنّه غسل قميصه فهو يلوح به ليجفّ.
وكذلك نقل إبراهيم بن ميمون عن عليّ بن عابس عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : كان أبي يرفعني حتّى أرى أميرالمؤمنين عليه السلام وكان أبيض الرأس واللحية وكان واسع المنكبين ، هكذا يترائى لي.
أقول : ما أشدّ الاختلاف بين هذا وبين ما قاله محمّد بن جرير بن رستم الطبري في المسترشد والشيخ حسن بن عليّ بن محمّد الطبري في كامل البهائي من أنّ أبا إسحاق من مبغضي أمير المؤمنين ، فما هو الدليل على هذا التعدد في الرأي.
3. هذا النصّ موجود في الهامش وترجمته في المتن ، ورأيت أنّ الترجمة لا أرب لي بها ، إنّما النصّ هو المقصود فاعتضت به عن الترجمة ولم أعربها إذ لا غرض يتعلّق بذلك. (المترجم)
4. ما كان بين الحاصرتين المؤلّف في الهامش وجاء بترجمته فألحقناه بموضعه. راجع المقتل ، ص 115.
5. لهذا الرجل قصّة عجيبة تأتي في موضعها وقد كان حاضراً ليلة عاشوراء.
6. آل عمران : 178 ـ 179.
7. تاريخ الطبري ، ج 4 ص 319 و 320.
8. أقول : لا أستبعد أن يكون جرى تصحيف للاسمين ، فما أشبه لفظ يزيد بلفظ برير ، والحصين بالحضير ، والمؤلّف ضبط حضير والد برير بالخاء المعجمة ، والأكثر على أنّها بالمهملة. (المترجم)
9. منّ الله عليّ بمنّة جسيمة حيث وفّقني لترجمة هذا الكتاب النفيس وقد رأيت من بركته أشياء كثيرة والحمد لله. (المترجم) القمقام ، ج 1 ص 518.
10.
دعاني عبيدالله من دون قومه |
إلى خطّة فيها خرجت لحيني | |
فوالله ما أدري وإنّي لواقف |
على خطر لا أرتضيه ومين | |
أأترك ملك الريّ والريّ مُنيتي |
أم راجع مأثوماً بقتل حسين | |
وفي قتله النار التي ليس دونها |
حجاب وملك الري قرّة عين |
لم يذكر المؤلّف هذه الأبيات وفي مذكورة في القمقام في سياق الحكاية. راجعه ج 1 ص 518 ترجمة محمّد شعاع فاخر.
11. كشف الغمّة ، ج 2 ص 258 و 259 ؛ مطالب السئول ، ص 263 و 264.
12. وعند المؤلّف زيادة على ما في البحار ، فبعد قوله « بين أظهركم » ، قال : يا معشر الناس ، إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً بالحقّ بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً .. الخ. واعلم بأنّ المؤلّف اتخذ طريقة خاصّة في نقل النصّ العربي يختلف بها عن إخوانه الفضلاء حيث لم
يمزجه بالمتن وإنّما جعله في الهامش واقتصر في المتن على ترجمته ، لذلك رأيت أن أضعه موضعه من المتن لا الهامش. (المترجم)
13. بحار الأنوار ، ج 45 ص 5.
14. لواعج الأشجان للسيّد الأمين رحمه الله ، ص 111.
15. لم يقتصر المؤلّف على نصّ الطبري وإنّما عمد إلى تعريف المباهلة أثناء النصّ ، قال : وصورة المباهلة كالتالي : يعمد رجلان إلى الدعاء والتضرّع والابتهال ، ويقرّان بعبوديّتهما لله تعالى ويسألانه أن يميز الصادق من الكاذب ، ثمّ يتبارزان أمام العسكرين وحينئذٍ تدور الدائرة على الكاذب لا محالة .. ولم نلحق هذه الإضافة بنصّ الطبري ليخلص الكلام للطبري ويقف عليه القاري ، ولا مانع من ذكر إضافات المؤلّف في الهوامش إذا تخلّلت النصوص ، ولم يضع المؤلّف عليها علامة. (المترجم)
16. لم ينقل المؤلّف النصّ كلّه بل أنشأ كلاماً من عنده. راجع : تاريخ الطبري ، ج 4 ص 328.
17. عبارة المؤلّف ، ثمّ ساق عبارة أبي الأخنس حيث يقول : فكأنّي أنظر إليه ينضنضه .. الخ.
18. ليست الترجمة حرفيّة بل هي إلمام بالمعنى وقد يكون بينها وبين الأصل فرق كبير ولكنّها في رأيي خير من ترجمة الشعر نثراً. (المترجم)
19. مناقب ابن شهرآشوب ، ج 3 ص 250.
20. أبو مخنف ، مقتل الحسين ، والأبيات الثلاثة الأخيرة من إضافات المؤلف وقد تخلّل الرواية كلام للمؤلّف شاعري قليل جدّاً أعرضنا عنه (ص 128).
21. عند المؤلّف بدل هذا المصراع : لقد كان ذا عاراً عليًّ وسبّة.
22. عند المؤلّف « عند » بدل « بعد ».
23. عند المؤلّف بدل هذا المصراع : فياليتني قد كنت في الرحم حيضة.
24. عند المؤلّف : « ضمن » بدل « كنت ».
25. مقتل أبي مخنف ، ص 127. وما بين القوسين ممّا انفرد المؤلّف بإيراده.
26. الظاهر أورد المؤلّف هذا الكلام ترجمة للشعر وما كان ينبغي عليَّ تعريبه ولكنّي عرّبته لارتباطه بمذهب الجبر الذي أشار إليه المؤلّف. (المترجم)
مقتبس من كتاب : [ فرسان الهيجاء ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 62 ـ 72
التعلیقات