هل صحيح أنّ النبي محمّد صلّى الله عليه واله أمر الامام علي صلوات الله وسلامه عليه أن يقتل النضر بن حارث صبراً ؟ وهل ايضاً أمر بقتل عقبة بن أبي معيط ؟ وان كان نعم فلماذا ؟ هل صحيح ما ورد في كتاب « أعيان الشيعة » لسيّد محسن الأمين الجزء الأول الصفحة 245 وكان في الأسرى النضر بن الحارث بن كلدة الثقفي أحد بني عبد الدار ، فأمر النبي صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب فقتله بالأثيل ، فقالت ابنته وقيل أخته قتيلة ترثيه يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ به ميتا فان تحية ما ان تزال بها الركائب تخفق مني إليه وعبرة مسفوحة جادت لماتحها وأخرى تخنق فليسمعن النضر ان ناديته إن كان يسمع ميت أو ينطق ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق صبرا يقاد إلى المنية راغما رسف المقيد وهو عان موثق أمحمد ولأنت ضن ء نجيبة في قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت وربما من القتو هو المغيظ المحنق والنضر أقرب من أصبت وسيلة وأحقهم إن كان عتق يعتق فلمّا بلغ شعرها النبي صلّى الله عليه وآله رقّ لها وبكى ، وقال صلّى الله عليه وآله لو بلغني شعرها قبل قتله لعفوت عنه. قال أبو الفرج الأصبهاني فيقال إن شعرها أكرم شعر موتورة وأعفه وأكفه وأحلمه. فلمّا بلغ إلى مكان يسمّى عرق الظبية أمر صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب ـ وقيل عاصم بن ثابت ـ بضرب عنق عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ، فجعل يقول يا ويلي علا م أقتل من بين من هاهنا ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعداوتك لله ولرسوله ، فقال يا محمد من للصبية ؟ فقال النار ؟
أولاً : السيّد محسن الأمين ينقل قضايا تأريخيّة ، وقد كان أكثر المؤرّخين من أهل السنّة الذين لا يعتقدون بعصمة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام من الخطأ والاشتباه ولا يمكن تصديق كل ما ينقلونه ، بل الحقائق التأريخيّة لا بدّ أن نفحص عنها في متون الأحاديث والأخبار المرويّة من طرق أهل البيت عليهم السلام.
ثانياً : النضر بن الحارث بن كلدة ذكر عنه ابن حزم انّه كان شديد العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وآله ، فأخذ يوم بدر ، فقتله رسول الله صلّى الله عليه وآله بالصفراء منصرفه من بدر ، وتولّى ضرب عنقه علي بن أبي طالب.
وقال البيهقي :
كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا شرع في أن يتلو سورة أو آية جمع النضر لنفسه جماعة ، وكان قد ابتاع كتب الدجّالين الذين يقرؤونها على العامّة في الخلق ، فإذا قرأها على جماعته قال : أليس هذا أحسن ممّا يُسمعه محمّد أصحابه ، فنزل في حقّه : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ).
وذكر الماوردي في كتاب النكت أنّه :
انزلت في النضر بضع عشرة آية منها : ( اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ ) ، ومنها : ( عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) ، ومنها : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ).
وقال ابن اسحاق :
وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش وممّن كان يؤذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وينصب له العداوة.
وقال ابن هشام :
وهو الذي قال فيما بلغني : سانزل مثل ما انزل الله.
وقال ابن اسحاق :
وكان ابن عبّاس رضي الله عنهما يقول : نزل فيه ثمان آيات من القرآن منها : قول الله عزّ وجلّ : ( إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) [ المطففين : 13 ]. ونزلت فيه : ( سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ) [ الأنعام : 93 ].
وقال الباحث المتخصّص بالآثار الإسلاميّة والقبطيّة سامح الزهار :
ومن أشهر العمليّات الإرهابيّة التي نفذت حتّى نهاية القرن الثاني الهجري محاولة اغتيال سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله حيث تعرض لمحاولات الاغتيال من قبل سادات قريش واليهود. ومن بين تلك المحاولات ما قام به النضر بن الحارث بن كلدة ، وأخرى حينما أجمعت قريش على قتل الرسول عندما أراد الخروج من مكّة إلى المدينة وأتوا كلّ قبيلة بغلام ...
فالنضر بن الحارث بن كلدة كان من رؤساء الفتنة ومن المفسدين في الأرض والمحاربين لله ولرسوله ، وحكمة القتل أينما وجد فلم يكن قتله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام لمجرّد أنّه كان مشاركاً في غزوة بدر ، ووقع أسيراً بيد المسلمين ، بل قتله كان بأمر من الله تعالى. وامّا النبي صلّى الله عليه وآله رقّ لشعر ابنته ، فهذا يدلّ على رأفة النبي ورحمته. ولعلّه لو كان يسمع شعرها قبل ذلك ، دعا الله تعالى لكي يمنّ على النضر بن الحارث برفع القتل منه أو هدايته.
وأمّا عقبة ابن أبي معيط ، فقد كان من كبار مشركي قريش وكان يؤذى النبي صلّى الله عليه وآله ، وكان يضع السلاء ـ أي الأوساخ التي تخرج من الناقة حين ولادتها ـ على رأس النبي صلّى الله عليه وآله في حال الصلاة ، وكان يلقى السلاء في بيت النبي صلّى الله عليه وآله ، وقد لفّ عباءه حول عنق النبي صلّى الله عليه وآله حتّى ظنّ الناس انّ النبي صلّى الله عليه وآله قتل بسبب ذلك.
ونقل البلاذري انّ عقبة بن أبي معيط أظهر الشهادة بوحدانيّة الله تعالى ، لكنّه أهان النبي صلّى الله عليه وآله وبصق في وجه النبي صلّى الله عليه وآله بعد ذلك.
أقول : صار مرتدّاً واجب القتل بذلك ، وقد كان رجال من المشركين من قريش أمثال حارث بن عامر وحكيم بن حزام وأبي البختري وعلي بن أميّة بن خلف يجتنبون عن مقابلة والتعرّض له بالإيذاء أو القيام بمحاربته ، لكن حثّهم عقبة بن أبي معيط على أن يقابلوا النبي صلّى الله عليه وآله حيث وصفهم بالجبن والخوف ، فاضطرّوا إلى الاشتراك في حرب بدر ضدّ النبي والمسلمين ، وبناء على ذلك كان وجود هذا الشخص فتنة ومادة فساد ، وبما انّ الإسلام كان في ابتداء دعوته ولم يكن في موضع القدرة والقوّة لذا أحسّ النبي صلّى الله عليه وآله بأنّ وجود أمثال عقبة خطر على الإسلام ولذا أمر بقتله ، فقتله علي بن أبي طالب عليه السلام.
التعلیقات