ما سبب نزول آية التيمّم ؟
بعد أن أوجب الله تعالى الوضوء والغسل بالماء ذكر حكم من لم يجد الماء إمّا لعدم وجوده أصلاً أو لكون استعماله موجباً للضرر ، وان كان موجوداً أو يوقع في الحرج الشديد الذي لا يتحمّل عادة ، ففي مثل ذلك يجب التيمّم بأن ينوي التيمّم بدلاً عن الغسل والوضوء ، ثمّ يضرب كفّيه على التراب أو الحجر والمدر ، ثمّ يمسح وجهه ـ جبهته ـ بباطن الكفّين ظاهر كفّه اليمنى بباطن كفّه اليسرى ، ويمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى. والأحوط ان يضرب كفّيه مرّة أخرى على الأرض ثمّ يمسح باليسرى ظاهر اليمنى وباليمنى ظاهر اليسرى.
قال الله تعالى : ( وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) [ النساء : 43 ].
وعن الصادق عليه السلام انّه وصف التيمّم : فضرب بيديه على الأرض ، ثمّ رفعهما فنفضهما ، ثمّ مسح على جبينه وكفّيه مرّة واحدة.
وفي رواية : ثمّ مسح كفّيه احداهما على ظهر الأخرى.
وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله عمّار بن ياسر ، فقال : يا رسول الله أجنبت الليلة ولم يكن معي ماء. قال : كيف صنعت ؟ قال : طرحت ثيابي فتمعكت ـ أي تمرغت في التراب ـ. قال : صنعت كما يصنع الحمار ، إنّما قال الله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) ، فضرب بيده الأرض ثمّ مسح إحداهما على الأخرى ، ثمّ مسح يديه بجبينه ، ثمّ كفّيه كلّ واحدة منهما على الأخرى.
والعجيب انّ عمر كان يفتى في زمان خلافته بسقوط الصلاة عمّن أجنب ولم يكن معه ماء ، فاعترض عليه عمّار ، وقد روى ذلك علماء أهل السنّة في كتبهم.
ففي صحيح مسلم بسنده عن عبد الرحمن بن أبزي : انّ رجلاً أتى عمر فقال : انّي أجنبت فلم أجد ماء. فقال : لا تصلّ. فقال عمّار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء ، أمّا أنت فلم تصلّ ، أمّا أنا فتمعكت في التراب فصلّيت ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : انّما كان يكفيك ان تضرب بيدك الأرض ثمّ تنفخ ثمّ تمسح بهما وجهك وكفّيك. فقال عمر : اتّق الله يا عمّار. فقال : إن شئت لم احدث به. [ صحيح مسلم 1 / 193 ، السنن الكبرى للبيهقي 1 / 209 بطرق عديدة ]
أقول : كيف يترك عمر الصلاة ويفتي بتركها فيما إذا كان الشخص مجنباً وليس لديه ماء ، وقد صرّح القرآن بقوله : ( وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) ، وكيف يترك الصلاة بعد ان علّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله كيفيّة التيمّم عند عدم وجود الماء.
بل في رواية انّ النبي صلّى الله عليه وآله قال لعمر : أمّا أنت فلم يكن ينبغي لك أن تدع الصلاة.
ثمّ لماذا يقول لعمّار : اتّق الله يا عمّار مع أنّه ذكّره بآية التيمّم وبقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وتعليمه لكيفيّة التيمّم ؟
التعلیقات