قرأت أنّ المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام هم كالحبل الذي يصل بيننا وبين الله تعالى ، وأنّه لا يستجاب دعاء إلّا بهم ؛ فهل معنى ذلك أنّني لا أستطيع الدعاء ومناجاة الله مباشرة إلّا عن طريقهم ، علماً بأنّ ما يحدث لي مثلاً أنّني أناجي ربّي وأحسّ بقربه وأبكي شوقاً وخوفاً وأكون في سرور واطمئنان وأريد الإرتقاء أكثر ، ولكن ما أن أتذكر أنّه لا سبيل لي بالإرتقاء إلّا بالإستعانة بأئمّتنا ، أحسّ أنّه قد انقطع وصلي بالله ، فلا أحسّ أنّني أستطيع أن أرتبط أكثر بربّي ، فهل العلّة بعدم فهمي ؟ وهل فهمتم منّي جهلي الكبير بأئمّتي ؟
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (1).
وقال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (2).
وقد فسّر « الوسيلة » (3) و « الحبل » (4) بأهل البيت عليهم السلام في أخبار الفريقين.
ومثلها الآيات الأخرى.
وقال رسول الله ـ في الحديث المتواتر بين الفريقين ـ :
إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وإنّكم لن تضلوا ما اتّبعتموهما واستمسكتم بهما. (5)
ومثله الأحاديث الأخرى يدلّان على أنّ الله تعالى جعل أهل بيت الرسول هم الباب والوسيلة إليه (6) ، وقد ضمن ـ كما في الأخبار ـ أن لا يردّ من دخل من هذا الباب ، والعاقل لا يترك الطريق الموصل إلى المقصد ، والهدف على وجه اليقين أخذاً بالطريق المشكوك في إيصاله للمقصود ، فضلاً عن الطريق الأعوج الخاطئ.
أمّا أنّه لماذا كان أهل البيت هكذا ، ولماذا جعلهم الله كذلك ؟ فهذا بحث آخر.
الهوامش
1. المائدة : 35.
2. آل عمران : 103.
3. راجع :
تفسير القمي « لعلي بن ابراهيم القمي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 168 / الناشر : مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر / الطبعة : 3.
تفسير جوامع الجامع « للشيخ الطبرسي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 496 / الناشر : مؤسسة النشر الاسلامي / الطبعة : 1.
المحرر الوجيز « لابن عطية الأندلسي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 187 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
4. راجع :
تفسير العيّاشي « لمحمّد بن مسعود العياشي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 194 / الناشر : المكتبة العلميّة الإسلامية.
الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 70 / الناشر : مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.
ينابيع المودة « للقندوزي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 356 ـ 357 / الناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر / الطبعة : 1.
5. الأمالي « للشيخ الطوسي » / الصفحة : 548 / الناشر : دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع / الطبعة : 1.
وسائل الشيعة « للشيخ الحرّ العاملي » / المجلّد : 27 / الصفحة : 33 ـ 34 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 2.
مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 17 / الصفحة : 170 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
تفسير العياشي « لمحمد بن مسعود العياشي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 5 / الناشر : المكتبة العلميّة الإسلاميّة.
6. تفسير العياشي « لمحمد بن مسعود العياشي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 102 / الناشر : المكتبة العلميّة الإسلاميّة :
وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : السلم هو آل محمّد أمر الله بالدخول فيه ، وهم حبل الله الذي أمر بالاهتمام به قال الله : « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ».
الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 230 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5 :
عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الأوصياء هم أبواب الله عزَّ وجلَّ الّتي يؤتى منها ولولاهم ما عُرف الله عزَّ وجلَّ وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه.
الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 230 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5 :
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنَّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ثمَّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
التعلیقات