التحدي في تربية الأولاد
موقع المراة العربية اليوم
منذ 10 سنواتكيف نتعامل مع أولادنا؟ لماذا التنافس والمزاحمات؟ لماذا تنقلب الأدوار ويعود
الصراع لسبب أساسي هو الانتماء، فأكثر ما يحبه الانسان ويطلبه هو أن ينتمي.
فالولد الأول ينتمي للأب والأم الركنين الأساسيين في حياته وهم كلّ عالمه وهم الأهم في حياته, ومطلبه أن يكونَ مقبولاً منهما لأنه عندما أسدلَت الستارة على المسرح كان الجمهور الأساسي يتألّف من الأب والأم, لذا سيحاول الولد من خلال التجربة والتكرار أن يجيب عن سؤاله: ماذا أعمل لأكون مقبولاً من هؤء الناس؟
هذا الولد سيكتب مسرحياته ويستمرّ بها ويختار مساره ويسير عليه مدى حياته .. يمتاز الطفل بالإحساس المرهف أكثر من الإنسان الكبير، هو مثل الرادار يلتقط كلّ ما يدور حوله سمعياً وبصرياً. والطفل أيضاً مراقب بارع, لكنه مُفسّر فاشل حتى ولو كان يلتقط كلّ شيء ويراقب بدقة, لكنّ تفسيره لما يراقبه خاطئ.
كل إنسان هدفه الأعلى الانتماء لأمه وأبيه لأنّ كل عالمه يعمل على هذا, ويحاول أن يكونَ مريحاً مرضياً خفيف الظلّ ليُرضي الأهل وينال القبول.
يكبر هذا الطفل ويأتيه الثاني, ذكراً كان أم أُنثى, فيذهب التدليل والاهتمام, وتتزاحم الأسئلة: ياترى ماذا عملت؟ لماذا لم أعد مقبولاً كالسابق؟
لا يعي أنّ اهمام أمه بأخيه ليس خطأ, أو يعتقد أنها نسيته, لا يُدرك هذا ولا يريد أن يتقبل الأمر الواقع لذا يعود [يتبول] أو يكسر شيئاً, أو يبكي بلا سبب
وينزوي ليلفت الانتباه وقلبه يصرخ: إنني موجود أنا هو من أحببتم ولا يبالي ما ستفعل به ولا يأبه للعواقب, المهم أن تنتبه هي وتوليه بعض الاهتمام
كما في السابق حتى ولو بالتأنيب. من هنا أتت السلبية, ودونما ندري نصير نحن السبب ويلزمنا بعض الاهتمام بهذا الفرد الذي أصبح مهمَلاً.
السؤال : هل دائماً النتيجة سلبية؟ الجواب :لا
كيف أربي ابني ليكون مستعداً للعيش خارج نطاق أمه؟
يقول العقاد: ربوا أولادكم لجيلٍ غير جيلكم.
ويقول جبران : أولادكم ليسوا لكم أولادكم أولاد الحياة.
نحن نفكر عمودياً كسلمٍ . إذا كان الكبير رأساً, لا نستطيع أن ننتقده أو ندينه, بل نهابه ونعطيه الاحترام حتى ولو لم يستحقه أحياناً, أما علمياً فالتعامل الأصحّ ينبغي أن يكون أفقياً , فهو يحمي من التعامل الأناني والتنافس السلبي. كما أنه عمودياً لا يمكن التقدّم إلا على أكتاف الآخر فأدوس على مَن قبلي لأنجح، أما أفقياً فلكلٍ مساره ومساحته واتجاهه الذي يسير به للأمام دون أن يدوس على مَن قبله.
أولادنا يعرفوننا 100/100 أما نحن فنعرفهم 10/100. فعند طرح الأسئلة على الوالدين ينبغي ألا نغيّر من حقائق الأجوبة. هناك ما يسمّى بصمم الأمّ وصمم الأب, أي تُقفَلُ الأذن أُتوماتيكياً لدى سماع سؤالٍ لا نريد الإجابة عنه بوضوح.
ما هي مؤهلات الولد الأول والثاني والثالث؟
قد لا أعرفها , لكن عليّ مهمة هامة وهي أن أُشجع أولادي على مهاراتهم, ولا أطلب منهم غير ميولهم كي لا يفشلوا. لنبتعد عن الأنانية ولنشجع أولادنا أن يعملوا ويدرسوا ما يحبّونه، والمهم أن ينجحوا فيما يعملونه بحياتهم ونشجعهم أن يكونوا أنفسهم.
هدف الكل من الكل أن يكون مقبولاً عند الكل أو على الأقل عند من يهمّهم،
نقول لأولادنا نحن نحبكم مهما كانت ميولكم واختصاصاتكم. أولادنا ليسوا سلبيين لا يقبلون أن يكونوا الرقم الثاني في المعادلة بل هم رقم أساسي ومهمّ في الأسرة والمجتمع، وانسحابهم ليس تحدياً إنما صرخة استغاثة: يا أهلنا افهمونا وفكّوا أسرنا قليلاً!
لنعطِ ولنساعد أولادنا على ما يُحبونه هم لا نحن، فيكونون هم أنفسهم وليس شخصية الأم أو الأب أو ما يريد الأب من ابنه أن يُحققه بعد أن فشل هو بتحقيقه لسببٍ ما، فهذا خطأ جداً. لنعطِ الحرية لأولادنا لينجحوا بما اختاروه هم من دراستهم الأكاديمية, فنراقب هوية الابن أو الابنة ونكشفها وننمّيها ونكتشف كل الذهب المكنون فيها شرط ألا أتخلى عن مسؤولياتي ولا ألوم نفسي على تربيتي القديمة، بل أبحث عن الأخطاء وأصححها وأمتدح الأمر الجيد أكثر مما أُوبخ عن أمرٍ صدر خطأ. فمثلاً قد ترتّب ابنتي المائدة بشكلٍ جيد فأتجاهل مدحها، ولكنها إن وضعت الكأس بشكلٍ خاطئ أُوبّخها! بينما عليّ أن أشجّعها وأمدحها ثم أعلمها وبلباقة أُصلح الخطأ ..... وهكذا تجدني مع ابني إن أتى بتقدير جيد أبتسم وأقول: كان من الممكن أن تكون أفضل, لكن إن لم يحظَ بتقدير جيد أُوبّخ وأتفنّن بتوبيخه، وهذا خاطئ جداً.
التعلیقات