هل اُشير في الكتب السماويّة لمسألة ظهور المصلح العالمي ، أم أنّ هذه العقيدة هي من مختصّات المسلمين ؟
لا تختصّ هذه العقيدة بالمسلمين فقط ، بل أنّ جميع الأديان والكتب الإلٰهيّة ـ حتّى بعض النظم ـ بشّرت بمنجي العالم في آخر الزمان ، والذي سيجعل الدنيا مليئة بالعدل والإنصاف.
كما ورد في القرآن الكريم : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (١).
إختلف المفّسرون للقرآن الكريم في كلمة ( الذِّكْرِ ) ، فمنهم من قال : « إنّها تطلق علي جميع الكتب السماويّة النازلة من قِبل الله عزّ وجلّ على الأنبياء » (٢).
وقال آخرون : « بأنّ المراد منها هو التوراة » (٣).
وعلى كلّ حال ، فإنّ الكتب السماويّة بشّرت بأنّ الصالحين وأولياء الله في نهاية سيحكمون كلّ العالم.
وكتب الاُستاذ محمّد رضا الحكيمي : « بأنّ فكرة ظهور المصلح في آخر الزمان من الاُصول الأساسية منذ العصور القديمة ، وكانوا يذكرونها بشكل دائم ، ونحن اليوم وبعد مرور عدّة قرون نجد ما يدلّ على ذلك من خلال الآثار التي تركها الماضون » (٤).
وكتب أحد العلماء المعاصرين يقول : « الفتوريسم في الحقيقة تعني الإعتقاد بفترة آخر الزمان وانتظار ظهور المنجي ، عقيدة ثابتة ومسلّمة ومقبولة لدى الأديان السماويّة ، كاليهوديّة والزرادشتيه والمسيحيّة بمذاهبها الأصليّة الثلاثة ـ الكاثوليك والبروتستانت والارتذوكس ـ وكلّ الأديان السماويّة بشكل عام ، والدين الإسلامي بشكل خاصّ. وقد تمّ بيانها بشكل كامل ، وبسط البحث بهذا الصدد في أبحاث علم الأديان قسم دراسة الكتب السماويّة » (5).
ويقول الاُستاذ الحكيمي : « إنّ في الكتب وآثار زرادشت والزرادشتيّة ذكرت مسائل كثيرة حول آخر الزمان وظهور الموعود ، من جملتها : كتاب اوستا ، وكتاب زند ، وكتاب رسالة جاماسب ، وداتستان دينيك ورسالة زردشت. وهكذا ورد في الكتب المحرّفة لليهود والعهد القديم ومثل كتاب النبيّ دانيال عليه السلام ، وإنجيل لوقا ، وانجيل مرقس ، وإنجيل برنابا ، ومكاشفات يوحنّا ، فهي مع كونها محرّفة فقد ورد فيها أحاديث حول المنجي الموعود (6).
ولا شكّ هذه الكتب لو لم تحرّف لذكر فيها حقائق أوضح وأكثر من ذلك حول المصلح العالمي ، ورغم ذلك نقول : لو لم يذكر في الكتب السماويّة السابقة أي إسم وعلامة عن الموعود ، لقلنا أيضاً : إنّ الله عزّ وجلّ تحدّث عن المهدي المنتظر في كلّ الكتب السماويّة ؛ لأنّ القرآن الكريم صرّح بأنّ المصلح العالمي ومنجي البشريّة قد ذكر في الكتب السماويّة السابقة ، كما مرّ عليك.
الهوامش
1. الأنبياء (٢١) : ١٠٥.
2. تفسير الميزان : ١٤ / ٣٣٧.
3. المصدر المتقدّم : ٣٢٩.
4. خورشيد مغرب : ٦٦.
5. خورشيد مغرب : ٦٦.
6. المصدر المتقدّم : ٦٧.
مقتبس من كتاب : [ الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر ] / الصفحة : 13 ـ 15
التعلیقات