زيارة الحسين عليه السلام في عيدي الفطر والأضحى
الشيخ عبّاس القمّي
منذ سنتينبسند معتبر عن الصادق عليه السلام قال : « من زار قبر الحسين عليه السلام ليلة من ثلاث ليالٍ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ليلة الفطر ، وليلة الأضحى ، وليلة النصف من شعبان ».
وفي رواية معتبرة عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال : « ثلاث ليال من زار فيها الحسين عليه السلام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر : ليلة النصف من شعبان ، وليلة الثالثة والعشرون من رمضان ، وليلة العيد أي ليلة عيد الفطر ».
وعن الصادق عليه السلام قال : « من زار الحسين بن علي عليه السلام ، ليلة النصف من شعبان ، وليلة الفطر ، وليلة عرفة في سنة واحدة ، كتب الله له ألف حجة مبرورة ، وألف عمرة متقبلة ، وقضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ».
وعن الباقر عليه السلام أنه قال : « من بات ليلة عرفة بأرض كربلاء ، وأقام بها حتى يُعَيِّدْ ، وينصرف ، وقاه الله شرّ سنته ».
واعلم أنّ العلماء قد أوردوا لهذين العيدين الشريفين زيارتين إحداهما ما مضت من الزيارة في ليالي القدر ، والثانية هي ما يلي ، والزيارة السابقة يزار بها على ما يظهر من كلماتهم في يومي العيدين ، وهذه الزيارة تخصّ ليلتهما ، قالوا : إذا أردت زيارته في الليلتين المذكورتين ، فقف على باب القبة الطاهرة ، وارم بطرفك نحو القبر ، مستأذناً فقل :
يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِ الله يا بْنَ رَسُولِ الله عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ الذَّلِيلُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَالْمُصَغَّرُ فِي عُلُوِّ قَدْرِكَ وَالْمُعْتَرِفُ بِحَقِّكَ جاءَكَ مُسْتَجِيراً بِكَ قاصِداً إلَى حَرَمِكَ مُتَوَجِّهاً إلَى مَقامِكَ مُتَوَسِّلاً إلَى الله تَعالَى بِكَ أَأَدْخُلُ يا مَوْلايَ ؟ أَأَدْخُلُ يا وَلِيَّ الله ؟ أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله الْمُحْدِقِينَ بِهَذا الْحَرَمِ الْمُقِيمِينَ فِي هَذا الْمَشْهَدِ ؟.
فإن خشع قلبك ، ودمعت عينك ، فادخل وقدم رجلك اليمنى على اليسرى ، وقل : بِسْمِ الله وَبالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله اللهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ.
ثم قل : اللهُ أَكْبَرُ كَبِيراً وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالْحَمْدُ للهِ الْفَرْدِ الصَّمَدِ الْماجِدِ الْأَحَدِ الْمُتَفَضِّلِ الْمَنَّانِ الْمُتَطَوِّلِ الْحَنَّانِ الَّذِي مِنْ تَطَوُّلِهِ سَهَّلَ لِي زِيارَةَ مَوْلايَ بِإحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِ مَمْنُوعاً وَلا عَنْ ذِمَّتِهِ مَدْفُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ.
ثم ادخل ، فإذا توسطت ، فقم حذاء القبر بخضوع وبكاء وتضرع وقل : أَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ أَمِينِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إبْراهِيمَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسَى كَلِيمِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِيسَى رُوحِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَلِيٍّ حُجَّةِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الْوَصِيُّ الْبَرُّ التَّقِيُّ السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ حَتَّى اسْتُبِيحَ حَرَمُكَ وَقُتِلْتَ مَظْلُوماً.
ثم قم عند رأسه خاشعاً قلبك ، دامعة عينك ، ثم قل : أَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا عَبْدِ اللهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَطَلَ الْمُسْلِمِينَ يا مَوْلايَ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالْأَرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ ثِيابِها وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعائِمِ الدِّينِ وَأَرْكانِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْقِلِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الْإمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ وَأَشْهَدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَأَعْلامُ الْهُدَى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيا.
ثم انكب على القبر وقل : إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيْهِ راجِعُونَ يا مَوْلايَ أَنَا مُوالٍ لِوَلِيِّكُمْ وَمُعادٍ لِعَدُوِّكُمْ وَأَنَا بِكُمْ مُؤْمِنٌ وَبِإيابِكُمْ مُوقِنٌ بِشَرائِعِ دِينِي وَخَواتِيمِ عَمَلِي وَقَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَأَمْرِي لأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ يا مَوْلايَ أَتَيْتُكَ خائِفاً فَآمِنِّي وَأَتَيْتُكَ مُسْتَجِيراً فَأَجِرْنِي وَأَتَيْتُكَ فَقِيراً فَأَغْنِنِي سَيِّدِي وَمَوْلايَ أَنْتَ مَوْلايَ حُجَّةُ الله عَلى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ آمَنْتُ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَبِظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ وَأَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ التَّالِي لِكِتابِ الله وَأَمِينُ الله الدَّاعِي إلَى الله بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لَعَنَ الله أُمَّةً ظَلَمَتْكَ وَأُمَّةً قَتَلَتْكَ وَلَعَنَ الله أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.
ثم صلّ عند الرأس ركعتين ، فإذا سلّمت فقل : أَللَّهُمَّ إنِّي لَكَ صَلَّيْتُ وَلَكَ رَكَعْتُ وَلَكَ سَجَدْتُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ فَإنَّهُ لا تَجُوزُ الصَّلاةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إلَّا لَكَ لإنَّكَ أَنْتَ الله الَّذِي لا إلهَ إلّا أَنْتَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَبْلِغْهُمْ عَنِّي أَفْضَلَ السَّلامِ وَالتَّحِيَّةِ وَارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ السَّلامَ اللَّهُمَّ وَهاتانِ الرَّكْعَتانِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إلَى سَيِّدِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَتَقَبَّلْهُما مِنِّي وَاجْرِنِي عَلَيْهِما أَفْضَلَ أَمَلِي وَرَجائِي فِيكَ وَفِي وَلِيِّكَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ.
ثم انكب على القبر وقبِّله وقُل : أَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ قَتِيلِ الْعَبَراتِ وَأَسِيرِ الْكُرُباتِ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ وَصَفِيُّكَ الثَّائِرُ بِحَقِّكَ أَكْرَمْتَهُ بِكَرامَتِكَ وَخَتَمْتَ لَهُ بِالشَّهادَةِ وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ وَقائِداً مِنَ الْقادَةِ وَأَكْرَمْتَهُ بِطِيبِ الْوِلادَةِ وَأَعْطَيْتَهُ مَوارِيثَ الْأَنْبِياءِ وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِياءِ فَأَعْذَرَ فِي الدُّعاءِ وَمَنَحَ النَّصِيحَةَ وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ حَتَّى اسْتَنْقَذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ [ وَخَيْبَةِ الضَّلالَةِ ] الضَّلالَةِ وَقَدْ تَوازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا وَباعَ حَظَّهُ مِنَ الآخِرَةِ بِالْأدْنَى وَتَرَدَّى فِي هَواهُ وَأَسْخَطَكَ وَأَسْخَطَ نَبِيَّكَ وَأَطاعَ مِنْ عِبادِكَ أُولِي الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ وَحَمَلَةَ الْأَوْزارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النَّارَ فَجاهَدَهُمْ فِيكَ صابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ لا تَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لائِمٍ حَتَّى سُفِكَ فِي طاعَتِكَ دَمُهُ وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلاً وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
ثم اعطف على علي بن الحسين عليهما السلام ، وهو عند رجل الحسين عليه السلام وقل : أَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ خاتَمِ النَّبِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَة نِساءِ الْعالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الْمَظْلُومُ الشَّهِيدُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي عِشْتَ سَعِيداً وَقُتِلْتَ مَظْلُوماً شَهِيداً.
ثم انحرف إلى قبور الشهداء ( رضوان الله عليهم ) وقل : أَلسَّلامُ عَلَيْكُم أَيُّها الذَّابُّونَ عَنْ تَوْحِيدِ الله السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي فُزْتُمْ فَوْزاً عَظِيماً.
ثم امض إلى مشهد العباس بن علي عليهما السلام وقف على ضريحه الشريف وقل : أَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالصِّدّيقُ الْمُواسِي أَشْهَدُ أَنَّكَ آمَنْتَ بِاللهِ وَنَصَرْتَ ابْنَ رَسُولِ الله وَدَعَوْتَ إلَى سَبِيلِ الله وَواسَيْتَ بِنَفْسِكَ فَعَلَيْكَ مِنَ الله أَفْضَلُ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ.
ثم انكب على القبر وقل : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يا ناصِرَ دِينِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا ناصِرَ الْحُسَيْنِ الصِّدِّيقِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا ناصِرَ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ.
ثمَّ صلّ عند رأسه عليه السلام ركعتين وقل ما قلت عند رأس الحسين عليه السلام أي ادع بدعاء : اللَّهُمَّ إنِّي صَلَّيْتُ ـ إلى آخره ـ ثم ارجع إلى مشهد الحسين عليه السلام وأقم عنده ما أحببت ، إلَّا أنَّه يستحَب أن لا تجعله موضِع مبيتك ، فإذا أردت وداعه فقم عند الرأس وأنت تبكي وتقول :
أَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ سَلامَ مُوَدِّعٍ لا قالٍ وَلا سَئِمٍ فَإنْ أَنْصَرِفْ فَلا عَنْ مَلالَةٍ وَإنْ أُقِمْ فَلا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ الله الصَّابِرِينَ يا مَوْلايَ لا جَعَلَهُ الله آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكَ وَرَزَقَنِي الْعَوْدَ إلَيْكَ وَالْمَقامَ [ وَالْمُقامَ ] فِي حَرَمِكَ وَالْكَوْنَ فِي مَشْهَدِكَ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.
ثمَّ قبّله وأمِرَّ عليه جميع جسدك ، فإنَّه أمان وحِرز ، واخرج من عنده القهقرى ، ولا توله دبْرك ، وقُل :
أَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ الْمَقامِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا شَرِيكَ الْقُرْآنِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الْخِصامِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَفِينَةِ النَّجاةِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا مَلائِكَةَ رَبِّي الْمُقِيمِينَ فِي هذا الْحَرَمِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ والنَّهارُ. وقل : إِنَّا للهِ وَإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
ثمَّ انصرف. وقال السيّد ابن طاووس ، ومحمَّد بن المشهدي : فإذا فعلت ذلك كنت كمن زار الله في عرشه.
مقتبس من كتاب : مفاتيح الجنان / الصفحة : 545 ـ 549
التعلیقات
١