كيف يحصل بعض الناس معرفة على أمور غيبيّة ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 9 أشهرالسؤال :
كيف يحصل بعض الناس معرفة على أمور غيبيّة ؟
الجواب :
قد يحصل لدى بعض الناس حالة وملكة يتمكّنون من الأخبار ببعض الحوادث الآتية أو بما حصل سابقاً من الأمور الخفيّة ، ويتحقّق ذلك بعدّة أمور :
الأوّل : تعليم الأئمّة عليهم السلام بإذن الله بعض خواصّ أصحابهم ، كما حصل بالنسبة لميثم التمّار وحبيب بن مظاهر ورشيد الهجري ، فقد علّمهم أمير المؤمنين بعض الأمور الغيبيّة ، حتّى ان رشيد الهجري كان يخبر الأشخاص بما يجري عليهم من البلايا والمنايا ، ولما قبض عليه ابن زياد لعنه الله قال له : كنت تخبر الناس بكيفيّة موتهم ، فهل قال لك علي عليه السلام كيف تموت ؟ فأخبره رشيد بأنّه سوف يقطع يديه ورجليه ولسانه ويصلبه على الشجرة حتّى يموت. فقال ابن زياد : والله لأكذبنّ عليّاً عليه السلام. فأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه وترك لسانه ، فكان رشيد وهو مصلوب يخبر الناس بفضائل علي عليه السلام ومناقبه ومعاجزه وأخباره الغيبيّة ، فلمّا وصل الخبر الى ابن زياد قال صدق مولاه اقطعوا لسانه.
الثاني : مخالفة النفس والهوى وترك جميع المشتهيات ، فانّه قد يحصل للنفس بسبب ذلك قوّة وقدرة على الإحاطة ببعض الأمور الغيبيّة ، وقد يعبّر عن مثله في العلم الحديث « بالحسّ السادس ».
وقد ورد انّ رجلاً كافراً أخبر الإمام موسى بن جعفر عليه السلام بأنّه مثلاً فعل كذا وأكل كذا ، وكان صحيحاً ، فقال له الإمام عليه السلام : كيف علمت بذلك ؟ فقال : انّي في مدّة عمري كنت أخالف نفسي ، فكلّما تشتهي نفسي أخالفها واعمل على خلاف ذلك. فقال له الإمام عليه السلام : اذن على عادتك يجب ان تخالف نفسك وتظهر الإسلام وتتشهّد بالشهادتين. فأسلم وصار مؤمناً وخالف نفسه التي كانت تدعوه إلى الكفر ، ثمّ قبض الإمام بشيء في يده فسأله عمّا في يده ، فلم يتمكّن من معرفة ذلك ، فاغتاظ الرجل وقال : حينما كنت كافراً كنت أتمكّن من معرفة الأمور الخفيّة ، ولكن الآن بعد أن أسلمتُ لا أتمكّن من ذلك مع أن الله يحب أن يعلمني أكثر من ذلك. فقال له الإمام عليه السلام : حينما كنت كافراً وكنت تخالف نفسك أعطاك الله هذه القوّة جزاءً لك في الدنيا اذ لم يكن لك جزاء في الآخرة ، ولكنّك الآن مسلم مؤمن جعل الله جزاء أعمالك ومخالفتك للنفس الأمّارة في الآخرة ، ولا داعي ان يعطيك الجزاء في الدنيا.
الثالث : بعض الرياضات الباطلة والقاء الجسم في المشقّة الشديدة وتحمل المتاعب والصعوبات ، فيحصل للمرتاض قدرة على تسخير الجن والشياطين فيخبرونه ببعض الأمور الغيبيّة ، وهو بدوره يخبر الناس.
الرابع : قد يتسلّط الجنّ والشيطان على الانسان الضعيف النفس ، ويتكلّم الجنّ أو الشيطان على لسانه ، ويخبر الناس ببعض الأمور التي حصلت أو تحصّل في المستقبل ، ويكون نظير « النوم المغناطيسي » أو إحضار الأرواح.
الخامس : قد يريد الشيطان وهو عدوّ الإنسان أن يضلّ طائفة كثيرة من الناس أو يبتدع في الدين ، فيختار شخصاً ويمتحنه بامتحانات ، فإذا رآه مطيعاً له وتابعاً لأوامره ونواهيه حتّى لو كانت مخالفة للدين بل يأمره بإهانة المقدّسات ، فإذا فعل ذلك علّمه بعض الخوارق للعادة أو بعض الأمور الغيبيّة ، ليظهر بدعته وضلاله وانحرافه ويغوى الناس ويستعين على ذلك بما يلقى عليه الشيطان من الأمور الخفيّة. كما حصل ذلك لمحمّد علي باب الذي جاء بمسلك البابيّة حيث تسلّط عليه الشيطان وامتحنه بامتحانات مخالفة للشرع ، فلمّا عمل بذلك ساعده الشيطان على نشر ضلاله وانحرافه. ويشهد لذلك انّ الشيطان تسلّط على شخص آخر قبل ذلك وامتحنه بامتحانات وفيها بعض الأمور المحرّمة والقبيحة ، لكنّه لما انتهى الى امتحانه تهبك القرآن الكريم امتنع ذلك الشخص فيئس منه الشيطان وتركه ، وقال له : أردت أن أوصلك إلى مقامات عالية لكنّك أبيت ذلك والآن اذهب إلى محمّد علي باب الشيرازي.
السادس : بعض ما يدّعي العلم بالأمور الغيبيّة يستعين بذكائه المفرط واستعلامه من كلّ من يراجعه في علاج مشكلته ، فيأخذ منه الأخبار السابقة من دون أن يشعر ، ويتوقّع بفراسته ما يحصل له في المستقبل ، فيخبر بذلك ، والحال أن ذلك الشخص يتخيّل انّه عالم بالأمور الخفيّة ، وهؤلاء يخطأون في كثير من الموارد ويخبرون بخلاف الواقع كثيراً ، لكن المؤسف انّ الذين لم ينطبق عليهم ما يقوله لا يخبرون أحداً بذلك ، لكن إذا انطبق ما أخبره من باب الحدس أو الفراسة على شخص واحد ملأ الدنيا وأخبر الجميع بأن هذا الشخص يعلم الغيب.
التعلیقات