لا خالق سوى الله
التوحيد
2024 Sep 18المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج٢، ص ٤٣ ـ ٤٥
(٤٣)
التوحيد في الخالقية
(٤)
لا خالق سوى الله
دلَّت البراهين العقلية على أنَّه ليس في الكون خالق أصيل إلا الله
سبحانه ، وأنَّ الموجودات الإِمكانية وما يتبعها من الأَفعال والآثار ، حتى
الإِنسان وما يصدر منه ، مخلوقات لله سبحانه بلا مجاز ولا شائبة عناية ، غاية
الأمر أنَّ ما في الكون مخلوق له إِمَّا بالمباشرة أو بالتسبيب.
وذلك لما عرفت من أنَّه سبحانه هو الواجب الغني ، وغيره ممكن
بالذات ، ولا يُعْقَل أنْ يكون الممكن غنياً في فعله وذاته عن الواجب ، فكما أنَّ
ذاته قائمة بالله سبحانه ، فهكذا فعله ، والحاجة في الذات إلى الواجب آية
الحاجة في الفعل أيضاً . ومَن عرف الممكن حق المعرفة ، وأنّه الفقير الفاقد
لكل شيء ، والواجد ـ في ظل خالقه ـ فعلَهُ وأَثَرَهُ ، لا يشكّ في استناد
الأَفعال والآثار إلى الله سبحانه ، وهذا ما يعبّر عنه بالتوحيد في الخالقية ، وأنَّ
هنا خالقاً واحداً أصيلاً ، وهو الله سبحانه ، وأمَّا غيره فبين غير خالق لشيء إلى
خالق بإذنه ومشيئته وإقداره سبحانه.
هذا ما لدى العقل ، وأمّا النَّقل فقد تضافرت النصوص القرآنية على أنّ
الله سبحانه هو الخالق ، ولا خالق سواه . ( وسيوافيك أنَّ المراد هو حصر
________________________________________
(٤٤)
الخالقية بالآصالة على الله سبحانه ، لا التَبَعِية والظلّيّة بإذنه ( (١) ، وإليك
الآيات الواردة في هذا المجال.
قال سبحانه :{ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }(٢).
وقال سبحانه :{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
وَكِيلٌ }(٣).
وقال سبحانه :{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ }(٤).
وقال سبحانه : { ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
فَاعْبُدُوهُ }(٥).
وقال سبحانه: { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى }(٦).
وقال سبحانه:{ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ }(٧).
وقال سبحانه :{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ
غَيْرُ اللَّهِ }(٨).
وقال سبحانه:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }(٩).
هذا هو حكم العقل وهذه نصوص القرآن الكريم لا يشكّ فيها إلا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١)لاحظ نظرية الأمر بين الأمرين في الفصل السادس من الكتاب.
(٢) سورة الرعد: الآية ١٦.
(٣) سورة الزمر: الآية ٦٢.
(٤) سورة المؤمن : الآية ٦٢.
(٥) سورة الأنعام: الآية ١٠٢ .
(٦) سورة الحشر: الآية ٢٤.
(٧) سورة الأنعام: الآية ١٠١.
(٨) سورة فاطر: الآية ٣.
(٩) سورة الأعراف: الآية ٥٤.
________________________________________
(٤٥)
المنحرف عن الفطرة ، غير أنَّ الذي يهمنا هو الوقوف على ما تهدف إليه
الآيات.
وهناك احتمالان ذهب إلى كلِّ طائفة من المتكلمين ، ونحن نذكرهما ،
وندعم الحق منهما بالبرهان.
التعلیقات