ما معنى كون الهداية و الضلالة بيده سبحانه ؟
العدل الإلهي
منذ 16 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج2، ص 387 ـ 395
(387)
السؤال الرابع
ما معنى كون الهداية و الضلالة بيده سبحانه؟
دلّت الآيات القرآنية على أنَّ الهداية و الضلالة بيده سبحانه ، فهو يضل 
من يشاء و يهدي من يشاء .  فإذا كان أمر الهداية مرتبطاً بمشيئته ، فلا يكون
 للعبد دور لا في الهداية و لا في الضلالة ، فالضال يعصي بلا اختيار ، 
والمهتدي يطيع كذلك ، و هذا بالجبر  أشبه منه بالإِختيار .
قال سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ 
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(1). 
و قال سبحانه:  { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ 
يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(2). 
وقال سبحانه:  { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ 
يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا 
يَصْنَعُونَ}(3). 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة إبراهيم: الآية 4.
(2) سورة النحل: الآية 93.
(3) سورة فاطر: الآية 8 . 
________________________________________
(388)
إلى غير ذلك من الآيات المخصصة للهداية والإِضلال باللّه تعالى .
أَمَّا الجواب : فإن تحليل أمر الهداية و الضلالة الذي ورد في القرآن 
الكريم من المسائل الدقيقة المتشعبة الأبحاث ، و لا يقف على المحصل من 
الآيات إلاَّ من فسّرها عن طريق التفسير الموضوعي ، بمعنى جمع كل ما ورد 
في هذين المجالين في مقام واحد ، ثمّ تفسير المجموع باتخاذ البعض قرينة 
على البعض الآخر . و بما أنَّ هذا الطراز من البحث لا يناسب وضع 
الكتاب ، نكتفي بما تمسك به الجبريون في المقام من الآيات لإِثبات 
الجبر ، و بتفسيرها و تحليلها يسقط أهم ما تسلحوا به من العصور الأولى .
حقيقة الجواب تتضح في التفريق بين الهداية العامة التي عليها تبتنى 
مسألة الجبر و الإِختيار ، و الهداية الخاصة التي لا تمت إلى هذه المسألة 
بصلة.
الهداية العامّة
الهداية العامة من اللّه سبحانه تعمّ كل الموجودات عاقلها و غير 
عاقلها ، و هي على قسمين:
أ ـ الهداية العامة التكوينية : والمراد منها خلق كل شيء و تجهيزه بما 
يهديه إلى الغاية التي خلق لها : قال سبحانه حاكياً كلام النبي موسى 
ـ عليه السَّلام ـ : { قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}(1) . و جهّز 
كل موجود بجهاز يوصله إلى الكمال ، فالنبات مجهز بأدقّ الأجهزة التي 
توصله في ظروف خاصة إلى تفتح طاقاته ، فالحبّة المستورة تحت الأرض 
ترعاها أجهزة داخلية و عوامل خارجية كالماء و النور إلى أن تصير شجرة مثمرة 
مِعطَاءة . و مثله الحيوان والإنسان ، فهذه الهداية عامة لجميع الأشياء ليس 
فيها تبعيض و تمييز.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة طه: الآية 50. 
________________________________________
(389)
قال سبحانه:  { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي 
قَدَّرَ فَهَدَى}(1). 
و قال سبحانه : { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ 
النَّجْدَيْنِ}(2). 
و قال سبحانه:  { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا 
وَتَقْوَاهَا}(3). 
إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول الهداية التكوينية التي ترجع 
حقيقتها إلى الهداية النابعة من حاق ذات الشيء بما أودع اللّه فيه من الأجهزة 
و الإِلهامات التي توصله إلى الغاية المنشودة والطريق المَهْيع ، من غير فرق
 بين المؤمن و الكافر . قال سبحانه : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ 
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ 
لاَ يَعْلَمُونَ}(4). 
فهذا الفيض الإلهي الذي يأخذ بيد كل ممكن في النظام ، عام لا 
يختص بموجود دون موجود ، غير أن كيفية الهداية و الأجهزة الهادية لكل 
موجود تختلف حسب اختلاف درجات وجوده . وقد أسماه سبحانه في بعض 
الموجودات « الوحي » و قال : { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ 
بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ 
رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي 
ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(5). 
و من الهداية التكوينية في الإِنسان العقل الموهوب له ، المرشد له إلى
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأعلى: الآيات 1 ـ 3.
(2) سورة البلد: الآيات 8 ـ 10.
(3) سورة الشمس: الآيتان 7 و 8.
(4) سورة الروم: الآية 30.
(5) سورة النحل: الآيتان 68 و 69. 
________________________________________
(390)
معالم الخير و الصلاح ، و ما ورد في الذكر الحكيم من الآيات الحاثَّة على 
التعقل و التفكر و التدبر خير دليل على وجود هذه الهداية العامة في أفراد 
الإِنسان ، وإن كان قسم منه لا يستضيء بنور العقل و لا يهتدي بالتّفكّر و التّدبّر. 
ب ـ الهداية العامّة التّشريعية : إذا كانت الهداية التكوينية العامة أمراً 
نابعاً من ذات الشيء بما أودع اللّه فيه من أجهزة تسوقه إلى الخير و الكمال ، 
فالهداية التشريعية العامة عبارة عن الهداية الشاملة للموجود العاقل المدرك ، 
المفاضة عليه بتوسط عوامل خارجة عن ذاته ، و ذلك كالأنبياء و الرسل 
و الكتب السماوية و أوصياء الرسل و خلفائهم و العلماء و المصلحين و غير ذلك 
من أدوات الهداية التشريعية العامة التي تعمّ جميع المكلفين. قال سبحانه:  
{ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ}(1). 
و قال سبحانه : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ 
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }(2). 
وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي 
الأَمْرِ مِنْكُمْ }(3). 
و قال سبحانه:  { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ 
الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(4) . و أهل الذكر في المجتمع اليهودي هم 
الأحبار ، و المجتمع المسيحي هم الرُهْبان.
إلى غير ذلك من الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تشير إلى أنَّه 
سبحانه هدى الإِنسان ببعث الرسل ، و إنزال الكتب ، و دعوته إلى إطاعة أُولي 
الأمر ،  والرجوع إلى أهل الذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة فاطر: الآية 24.
(2) سورة الحديد: الآية 25.
(3) سورة النساء: الآية 59 .
(4) سورة الأنبياء: الآية 7. 
________________________________________
(391)
قال سبحانه مصرّحاً بأنَّ النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله  ـ هو 
الهادي لجميع أُمته:  { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }(1). 
و قال سبحانه في هداية القرآن إلى الطريق الأقوم:  {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ 
يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }(2). 
هذا ، و إن مقتضى الحِكْمَة الإِلهية أن يعمّ هذا القسم من الهداية 
العامة جميع البشر ، و لا يختص بجيل دون جيل و لا طائفة دون طائفة.
و الهداية العامة بكلا قسميها في مورد الإِنسان ، ملاك الجبر و الإِختيار ،
فلو عمّت هدايته التكوينية و التشريعية في خصوص الإِنسان كل فرد منه ، 
لارتفع الجبر ، و ساد الإِختيار ؛ لأنَّ لكل إنسان أن يهتدي بعقله ، و ما حَفَّهُ 
سبحانه به من عوامل الهِدايَة من الأنبياء والرسل والمزامير و الكتب و غير
 ذلك.
ولو كانت الهدايَة المذكورة خاصة بأُناس دون آخرين ، و أنَّه سبحانه 
هدى أُمة و لم يهدِ أُخرى ، لكان لتوهم الجبر مجال و هو وَهْم واهٍ ، كيف
 و قد قال سبحانه : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}(3) . و قال سبحانه:  
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً }(4) . و غير ذلك 
من الآيات التي تدلّ على أنَّ نزول العذاب كان بعد بعث الرسول و شمول 
الهداية العامّة للمُعَذبين و الهالكين ، و بالتالي يدلّ على أنَّ من لم تبلغه تلك 
الهداية لا يكون مسؤولاً إلاّ بمقدار ما يدلّ عليه عقله و يرشده إليه لبّه.
الهداية الخاصّة
وهناك هداية خاصة تختص بجملة من الأفراد الذين استضاؤوا بنور
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الشورى: الآية 52.
(2) سورة الإِسراء: الآية 9.
(3) سورة الإِسراء: الآية 15.
(4) سورة القصص: الآية 59. 
________________________________________
(392)
الهداية العامة تكوينها و تشريعها ، فيقعون مورداً للعناية الخاصة منه سبحانه. 
ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة ، و توفيقهم 
للتزود بصالح الأعمال ، و يكون معنى الإِضلال في هذه المرحلة هو منعهم 
من هذه المواهب ، وخذلانهم في الحياة ، و يدلّ على ذلك ( أنَّ هذه الهداية 
خاصة لمَن استفاد من الهداية الأولى ) ، قوله سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ 
يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}(1) . فعلّق الهداية على مَن اتصف بالإِنابة 
و التوجّه إلى اللّه سبحانه .
و قال سبحانه : { اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}(2). 
و قال سبحانه : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ 
الْمُحْسِنِينَ}(3) . فمَن أراد وجه اللّه سبحانه يمده بالهداية إلى سبله.
و قال سبحانه : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى }(4). 
و قال سبحانه:  { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا 
عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ 
إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}(5). 
و كما أنَّه علق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهب العِناية 
الخاصّة ، علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه 
الضلال و الحرمان من الهداية الخاصة.
قال سبحانه : { وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(6). 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الرعد : الآية 27.
(2) سورة الشورى : الآية 13.
(3) سورة العنكبوت : الآية 69.
(4) سورة محمّد : الآية 17.
(5) سورة الكهف : الآيتان 13 و 14.
(6) سورة الجمعة : الآية 5. 
________________________________________
(393)
و قال سبحانه:  { وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}(1). 
و قال سبحانه : { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ }(2). 
و قال سبحانه:  { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ 
لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ }(3). 
و قال سبحانه:  { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ 
الْفَاسِقِينَ}(4). 
فالمراد من الإِضلال هو عدم الهداية لأجل عدم استحقاق العِناية 
و التوفيق الخاص ؛ لأنّهم كانوا ظالمين و فاسقين ، كافرين و منحرفين عن 
الحق.  و بالمراجعة الى الآيات الواردة حول الهداية و الضلالة يظهر أنَّه 
سبحانه لم ينسب في كلامه إلى نفسه إضلالاً إلاَّ ما كان مسبوقاً بظلم من 
العبد أو فسق أو كفر أو تكذيب و نظائرها التي استوجبت قطع العِناية الخاصة 
و حِرمانه منها.
إذا عرفتَ ما ذكرناه ، تقف على أنَّ الهداية العامة التي بها تناط مسألة 
الجبر و الإِختيار ، عامة شاملة لجميع الأفراد ، ففي وسع كل إنسان أن يهتدي 
بهداها .  و أمَّا الهداية الخاصة والعِناية الزائدة فتختص بطائفة المنيبين 
و المستفيدين من الهداية الأولى . فما جاء في كلام المستدل من الآيات من 
تعليق الهداية و الضلالة على مشيئته سبحانه ناظرٌ إلى القسم الثاني لا الأوّل.
أما القسم الأوّل ؛ فلأنّ المشيئة الإِلهية تعلقت على عمومها بكل مكلف 
بل بكل إنسان ، و أمّا الهداية فقد تعلقت مشيئته بشمولها لصنف دون صنف ،
و لم تكن مشيئته ، مشيئة جزافية ، بل المِلاك في شمولها لصنف خاص هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة إبراهيم : الآية 27.
(2) سورة البقرة : الآية 26.
(3) سورة النساء : الآيتان 168 و 169.
(4) سورة الصف : الآية 5. 
________________________________________
(394)
قابليته لأن تنزل عليه تلك الهداية ؛ لأنَّه قد استفاد من كل من الهداية 
التكوينية و التشريعية العامتين ، فاستحق بذلك العِناية الزائدة. 
كما أنَّ عدم شمولها لصنف خاص ما هو إلاَّ لأجل اتصافهم بصفات 
رديئة لا يستحقون معها تلك العِناية الزائدة.
ولأجل ذلك نرى أنَّه سبحانه بعدما يقول : { فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ 
وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُُ} ، يذيله بقوله : { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }(1) ، مشعراً بأنَّ 
الإِضلال و الهداية كانا على وفاق الحكمة ، فهذا استحق الإِضلال ، و ذاك 
استحق الهداية.
بقي هنا سؤال ، و هو أنَّ هناك جملة من الآيات تعرب عن عدم تعلق 
مشيئته سبحانه بهداية الكل ، قال سبحانه:  { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى 
الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ}(2). 
و قال سبحانه:  { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ 
حَفِيظًا }(3). 
و قال سبحانه:  { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ 
جَمِيعًا }(4). 
و قال سبحانه : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ 
لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(5). 
و قال سبحانه:  { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا }(6). 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة إبراهيم : الآية 4.
(2) سورة الأنعام : الآية 35.
(3) سورة الأنعام : الآية 107.
(4) سورة يونس : الآية 99.
(5) سورة النحل : الآية 9.
(6) سورة السجدة : الآية 13. 
________________________________________
(395)
والجواب : إنَّ هذه الآيات ناظرة إلى الهداية الجبرية بحيث تسلب 
عن الإِنسان الإِختيار و الحرية فلا يقدر على الطرف المقابل . و لمّا كان مثل 
هذه الهداية الخارجة عن الإِختيار ، منافياً لحكمته سبحانه ، و لا يوجب رفع 
منزلة الإِنسان ، نفى تَعَلُّق مشيئته بها ، و إنَّما يُقَدَّرُ الإِيمان الذي يستند إلى 
اختيار المرء ، لا إلى الجبر و الإِلحاد (1).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا بعض الكلام في الهداية و الضَّلالة بالمقدار المناسب لوضع الكتاب ، والبحث في المقام 
واسع يلاحظ فيه الموسوعات التفسيرية.

التعلیقات