مكان بعث النفوس وحشرها
أسئلة حول المعاد
2013 Apr 2المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج٤ ، ص ٤٠٢ ـ ٤٠٣
(٤٠٢)
أسئلة المعاد
(٦)
مكان بعث النفوس وحشرها
أثبتت البحوث الجيولوجية والتنقيبات الأثرية أنّ الإنسان يعيش في هذا
الكوكب منذ أكثر من مليوني سنة ، ويستدل على ذلك بالمستندات الحفرية الّتي
تؤلف سجلات الخليقة. فعندئذٍ يطرح هذا السؤال : هل يكفي سطح الأرض
لاستقرار جميع الخلائق الّتي لا يحصي عددها إلا خالقها ، في يوم واحد ، كما هو
صريح قوله سبحانه : {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} (١) ، مع أنّ
مساحة الأرض لا تتجاوز ( ٧١٥، ٩٥٠، ٥٠٩) كيلو متر مربع؟
والجواب :
إنّ السؤال مبني على حفظ النظام يوم القيامة ، مع أنّ صريح
الآيات على تبدّل النظام ، وحدوث نظام أوسع وأكبر ، وقد عرفتَ أنّ الديناميكا
الحرارية تثبت اتجاه المواد الكونية إلى الفناء بمرور الزمن ، فلا تقوم القيامة على
صعيد هذا النظام . والآيات في هذا المجال كثيرة.
يقول سبحانه: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ
الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (٢).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) - سورة المرسلات : الآية ٣٨.
(٢) - سورة إبراهيم : الآية ٤٨.
________________________________________
(٤٠٣)
والذكر الحكيم يصرح بأنّ الشمس والقمر يجريان إلى أجل مسمّى . يقول
سبحانه : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي ِلأَجَلٍ مُسَمًّى } (١) ، بل جميع
العوالم المحسوسة من الأرض والسموات ، كلُّها تجري إلى أجَل مسمّىً ، يقول
سبحانه : {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} (٢).
والآيات الّتي ننقلها في كيفيّة حدوث القيامة ، تكشف عن تدمير النظام
بأسره ، وانقلابه إلى نظام آخر ، يقول سبحانه : { إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا *
وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (٣). ويقول سبحانه : { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ
سَيْرًا} (٤). وغير ذلك ممّا سيوافيك بيانه.
فالنّاس يحشرون على صعيد واحد ، في يوم واحد ، لكن في نظام آخر ،
عظيم هائل يسع لجمع جميع العباد ، ومحاسبتهم فيه.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) - سورة الرعد : الآية ٢.
(٢) - سورة الروم : الآية ٨ . ونظيره الأحقاف : ٣.
(٣) - سورة الواقعة : الآيتان ٤ ـ ٥.
(٤) - سورة الطور : الآيتان ٩ ـ ١٠.
التعلیقات