سمات الأنبياء
المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج3 ، ص 153 ـ 154
( 153 )
مباحث النبوّة العامة
(البحث الرابع)
سِمات الأنبياء
إنّ أخطر المناصب وأكبرها مسؤولية ، قيادة المجتمع البشري وهدايته إلى
السعادة ، فإنّها تتطلب في المتصدي لها مؤهّلات وامتيازات خاصة يتفرد بها عن
سائر الناس.
ولتقريب عظمة تلك المؤهلات المطلوبة في هكذا إنسان ، نلاحظ جانباً
واحداً من الجوانب الحيوية ، كإدارة الشؤون الإقتصادية ، أو السياسية ، أو
العسكرية أو التربوية ؛ فإنّ القيادة في واحد منها تتطلب درجة عالية من الخبرة
والمعرفة والتدبير ، فكيف إذا كانت دائرة القيادة واسعة النطاق ، تدير دفة كافة
جوانب الحياة ، كما هي وظيفة رسل السماء لا سيما خاتمهم الّذي به سُدَّ باب
الوحي والنبوة؟ فلا بّد ، والحال هذه أن يتصفوا بفضائل روحية ، ومُثل
خُلُقية ، تُميِّزُهم عن غيرهم من البشر ، وتجعَلُهم في قمَّة الأخلاق والتزكية وحسن
السيرة ، ثمّ في الإدارة والقيادة ، وتجتمع هذه الصفات في الأُمور التالية:
1 ـ العِصْمَة ، ولها مراتب ثلاث:
المرتبة الأُولى : المصونية عن الذنب ، ومخالفة الأوامر المولوية.
المرتبة الثانية : المصونية في تلقي الوحي ، ووَعْيه ، وإبلاغه إلى الناس.
المرتبة الثالثة : المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والأمور
الفردية والاجتماعية.
________________________________________
( 154 )
2 ـ التنزّه عن كل ما يوجب نفرة الناس عنه وعُقم التبليغ.
3 ـ الإطلاع على أُصول الدين وفروعه ، وكلِّ ما أُلقي إِبلاغه على عاتقه.
4 ـ التحلّي بكفاءة خاصة في القيادة والإدارة مقترنة بحسن التدبير(1).
وإليك البحث فيما يلي عن هذه السمات الواحدة تلو الأُخرى.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- هذه الصفة تختص بالنبوات الّتي تقود المجتمع في جميع المجالات ، ولا تشترط في كل نبي ؛ إذ رُبَّ نبي
لا تتجاوز نبوتُه نفسّه ، ولا تعدو قيادتُه إطاراً خاصاً ، وما أكثر الأنبياء عدداً ، وما أكثر غاياتهم
وأهدافهم اختلافاً ، سعة وضيقاً.
التعلیقات