الاستدلال بالسنّة على المسح
المصدر : المسح على الرجلين في الوضوء ، تأليف : السيّد علي الحسيني الميلاني ، ص 25 ـ 34
________________________________________ الصفحة 25 ________________________________________
الاستدلال بالسنّة على المسح
وفي السنّة النبويّة ـ بغضّ النظر عن روايات أهل البيت ومافي كتاب وسائل الشيعة وغير وسائل الشيعة من روايات أهل البيت (عليهم السلام) ـ ننظر إلى روايات أهل السنّة في هذه المسألة.
وفي كتبهم المعروفة المشهورة، نجد أنّ الروايات بهذه المسألة على قسمين، وتنقسم إلى طائفتين، منها ما هو صريح في وجوب المسح دون الغسل، أقرأ لكم بعض النصوص عن جمع من الصحابة الكبار، وننتقل إلى أدلّة القول الاخر.
الرواية الاُولى:
عن علي (عليه السلام): إنّه توضّأ فمسح على ظهر القدم وقال: لولا أنّي رأيت رسول الله فعله لكان باطن القدم أحقّ من ظاهره.
هذا نصّ في المسح عن علي (عليه السلام) أخرجه أحمد
________________________________________ ال
صفحة 26 ________________________________________
والطحاوي(1) .
الرواية الثانية:
عن علي (عليه السلام) قال: كان النبي يتوضّأ ثلاثاً ثلاثاً إلاّ المسح مرّةً مرّة.
في المصنّف لابن أبي شيبة وعنه المتقي الهندي(2) .
الرواية الثالثة:
عن علي (عليه السلام) إنّه توضّأ ومسح رجليه، في حديث مفصّل وقال: أين السائل عن وضوء رسول الله ؟ كذا كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
هذا في مسند عبد بن حميد وعنه المتقي الهندي(3) .
وهذا الخبر الاخير تجدونه بأسانيد أُخرى عند ابن أبي شيبة وأبي داود وغيرهما، وعنهم المتقي(4) ، وبسند آخر تجدون هذا
____________
(1) مسند أحمد 1 / 95، 114، 124، شرح معاني الاثار 2 / 372.
(2) كنز العمال 9 / 444.
(3) كنز العمال 9 / 448.
(4) كنز العمال 9 / 448، 605.
________________________________________ الصفحة 27 ________________________________________
الحديث الاخير في أحكام القرآن(1) .
فأميرالمؤمنين (عليه السلام) يروي المسح عن رسول الله، وهم يروون خبره وأخباره في كتبهم المعتبرة بأسانيد عديدة.
الرواية الرابعة:
عن ابن عبّاس: أبى الناس إلاّ الغسل ولا أجد في كتاب الله إلاّ المسح.
رواه عبدالرزّاق الصنعاني وابن أبي شيبة وابن ماجة، وعنهم الحافظ الجلال السيوطي(2) .
الرواية الخامسة:
عن رفاعة بن رافع عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.
وهذا نص صريح أخرجه أبو داود في سننه(3) ، والنسائي في
____________
(1) أحكام القرآن للجصّاص 1 / 347.
(2) الدر المنثور 2 / 262.
(3) سنن أبي داود 1 / 86.
________________________________________ الصفحة 28 ________________________________________
سننه(1) ، وابن ماجه في سننه(2) ، والطحاوي(3) ، والحاكم(4) ، والبيهقي، والسيوطي في الدر المنثور(5) .
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
قال الذهبي: صحيح.
وقال العيني: حسّنه أبو علي الطوسي وأبو عيسى الترمذي وأبو بكر البزّار، وصحّحه الحافظ ابن حبّان وابن حزم.
الرواية السادسة:
عن عبدالله بن عمر، كان إذا توضّأ عبدالله ونعلاه في قدميه، مسح ظهور قدميه برجليه ويقول: كان رسول الله يصنع هكذا(6) .
الرواية السابعة:
عن عبّاد بن تميم عن عمّه: إنّ النبي توضّأ ومسح على
____________
(1) سنن النسائي 1 / 161.
(2) سنن ابن ماجة 1 / 156.
(3) الطحاوي 1 / 35.
(4) المستدرك 1 / 241.
(5) الدر المنثور 2 / 262.
(6) شرح معاني الاثار 1 / 35.
________________________________________ الصفحة 29 ________________________________________
القدمين، وإنّ عروة بن الزبير كان يفعل ذلك.
هذا الحديث رواه كثيرون من أعلام القوم، فلاحظوا في شرح معاني الاثار(1) ، وفي الاستيعاب(2) وصحّحه صاحب الاستيعاب.
وقال ابن حجر: روى البخاري في تاريخه وأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عمرو والبغوي والباوردي وغيرهم كلّهم من طريق أبي الاسود عن عبّاد بن تميم المازني عن أبيه قال: رأيت رسول الله يتوضّأ ويمسح الماء على رجليه.
قال ابن حجر: رجاله ثقات(3) .
وروى هذا أيضاً ابن الاثير في أُسد الغابة عن ابن أبي عاصم وابن أبي شيبة(4) .
الرواية الثامنة:
عن عبدالله بن زيد المازني: إنّ النبي توضّأ ومسح بالماء على
____________
(1) شرح معاني الاثار 1 / 35.
(2) الاستيعاب 1 / 159.
(3) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 185.
(4) أسد الغابة في معرفة الصحابة 1 / 217.
________________________________________ الصفحة 30 ________________________________________
رجليه.
ابن أبي شيبة في المصنَّف وعنه في كنز العمّال(1) ، وابن خزيمة في صحيحه وعنه العيني في عمدة القاري(2) .
الرواية التاسعة:
عن حمران مولى عثمان بن عفّان قال: رأيت عثمان بن عفّان دعا بماء، فغسل كفّيه ثلاثاً، ومضمض واستنشق وغسّل وجهه ثلاثاً وذراعيه، ومسح برأسه وظهر قدميه.
رواه أحمد والبزّار وأبو يعلى وصحّحه أبو يعلى(3) .
الرواية العاشرة:
ابن جرير الطبري بسنده عن أنس بن مالك: وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما.
قال ابن كثير: إسناده صحيح(4) .
____________
(1) كنز العمال 9 / 451.
(2) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.
(3) كنز العمال 9 / 442.
(4) تفسير ابن كثير 2 / 25.
________________________________________ الصفحة 31 ________________________________________
الرواية الحادية عشرة:
عن عمر بن الخطّاب.
أخرج ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عنه حديثاً في المسح، ولاحظ عمدة القاري(1) .
الرواية الثانية عشرة:
عن جابر بن عبدالله الانصاري كذلك.
أخرجها الطبراني في الاوسط وعنه العيني(2) .
وهناك أحاديث وآثار أُخرى لا أُطيل عليكم بذكرها، وإلاّ فهي موجودة عندي وجاهزة.
ومن هنا نرى أنّهم يعترفون بذهاب كثير من الصحابة والتابعين إلى المسح.
لاحظوا أنّه اعترف بذلك ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، وابن العربي في أحكام القرآن، وابن كثير في تفسيره، هؤلاء كلّهم
____________
(1) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.
(2) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.
________________________________________ الصفحة 32 ________________________________________
اعترفوا بذهاب جماعة من الصحابة والتابعين والسلف إلى المسح، وفي بداية المجتهد لابن رشد: ذهب إليه قوم، أي المسح.
وأمّا رأي محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ والتفسير، فقد نقلوا عنه الردّ على القول بتعيّن الغسل، وهذا القول عنه منقول في تفاسير: الرازي والبغوي والقرطبي وابن كثير والشوكاني في ذيل آية الوضوء، وكذا في أحكام القرآن، وفي شرح المهذّب للنووي، والمغني لابن قدامة أيضاً، وفي غيرها من الكتب.
وإلى الان ظهر دليل القول بالمسح من الكتاب والسنّة، على أساس كتب السنّة ورواياتهم، وظهر أنّ عدّة كثيرة من الصحابة والتابعين يقولون بتعيّن المسح، ويروون هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا فشل القوم من إثبات مذهبهم ـ الغسل ـ عن الكتاب والسنّة ماذا يفعلون ؟
القرآن لا يمكنهم تكذيبه، لكنَّ الروايات يكذّبونها:
في روح المعاني للالوسي: إنّ هذه الروايات كذب...!! وسأقرأ لكم نصّ عبارته في روح المعاني.
أمّا ابن حجر العسقلاني، ففي فتح الباري(1) يقول: نعم،
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 1 / 213.
________________________________________ الصفحة 33 ________________________________________
الكتاب والسنّة يدلاّن على المسح وإنّ كثيراً من الصحابة قالوا بالمسح، لكنّهم عدلوا عن هذا الرأي.
ومن أين يقول عدلوا ؟ لا يوضّح هذا ولا يذكر شيئاً !!
ومنهم من يناقش في بعض أسانيد هذه الاحاديث كي يتمكّن من ردّها، وإلاّ لخسر الكتاب والسنّة كليهما، فهؤلاء مشوا على هذا الطريق، وسأذكر بعضهم.
ومنهم الذين حرّفوا هذه الاحاديث، الاحاديث الدالّة على المسح، وجعلوها دالّة على الغسل، وهذه طريقة أُخرى، سجّلت بعضهم وبعض ما فعلوا.
فمثلاً في إحدى الروايات عن علي (عليه السلام)، الرواية التي قرأناها، كانت تلك الرواية دالّة على المسح، فجعلوها دالّة على الغسل، يقول الراوي: إنّ عليّاً مسح رجليه، فحُرّف إلى: غسل رجليه، فارجعوا إلى كنز العمال(1) وقارنوا بين هذا الخبر في هذه الصفحة وبين رواية أحمد(2) ، وأيضاً الطحاوي في معاني الاثار.
ومن ذلك أيضاً الحديث الذي قرأناه عن حمران مولى عثمان، فقد حرّفوه وجعلوه دالاًّ على الغسل، فبدل ما يقول إنّه مسح على
____________
(1) كنز العمال 9 / 444.
(2) مسند أحمد 1 / 95.
________________________________________ الصفحة 34 ________________________________________
قدميه، جعلوا اللفظ: غسل قدميه، وهذا الحديث في مسند أحمد(1) .
وأكتفي بهذا المقدار لانّ هناك بحوثاً أُخرى.
____________
(1) مسند أحمد 1 / 95.
التعلیقات