هل إنّ صلاح الدين الأيوبي هو رجل حق ؟
أعلام وكتب
منذ 15 سنة
هل إنّ صلاح الدين الأيوبي هو رجل حق ؟
السؤال : هل إنّ صلاح الدين الأيوبي هو رجل حق ؟ وهل هناك مآخذ على شخصيته ؟
الجواب : من سماحة الشيخ باقر الإيرواني
طار صيت صلاح الدين في قضية واحدة هي مهمة حقاً ، إنّه كان بطل معركة حطين التي انتهت في الرابع من تموز عام 1187 م بتحرير القدس من أيدي الصليبين أعداء الإسلام ، وحقّقت في ذلك نصراً رائعاً ، ولكنه :
1 ـ مع الأسف الشديد قام بالقضاء على الفاطميين في مصر ، وأخذ بمطاردتهم وقتلهم بشكل ذريع ، وكان هذا التطرف منه في هذا المجال نقطة سوداء واضحة في تاريخه ، يضاف إلى ذلك إبادته للمكتبات العظيمة التي أنشأها الفاطميون ، وإتلافه للكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها .
2 ـ بعد تسجيل انتصارته الرائعة على الصلبيين وتحرير القدس من وجودهم أخذ بالتنازل لهم بعد ذلك عن الكثير من المدن ، التي كان قد استردّها منهم بالحرب ، حتى عادت فلسطين من جديد لهم إلا القليل .
بل في عام 1190 م اصدر مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس ، في الوقت الذي نرى فيها الصلبيين أثناء احتلالهم للمدينة كانوا قد حظروا على اليهود الإقامة فيها .
وكان السبب في ذلك يعود إلى أنّ نور الدين زنكي ولي نعمة صلاح الدين قد طلب منه أن يزحف من مصر وهو يزحف من الشام ، ويقوما آنذاك بمحاصرة الصليبين بين الجيشين ممّا يسهّل القضاء عليهم ، فأبى ذلك صلاح الدين ؛ لأنّه اعتقد أنّه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين ، ولما أدرك إنّ نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدبه احتمى منه بالصليبين ؛ لأجل هذا تنازل للصليبين وتحالف معهم ، ولم يكتف بهذا بل أخذ يؤكد تحالفه معهم ؛ حينما أرسل له الخليفة الناصر العباسي رسالة يوضح له فيها أنّه في صدد إرسال جيش قوي لطرد الصليبين ، فرفض صلاح الدين قدوم جيش الخلافة لقتال الصليبين والقضاء عليهم ؛ لأنّه اعتقد أنّه سيصبح والياً من ولاة الخليفة وتابعاً له .
وكل هذا ينبئ عن كون الرجل ممّن يؤثر مصلحته الشخصية على كلّ شيء .
3 ـ قبل أن يموت صلاح الدين قام بتقسيم البلاد التي يحكمها بين ورثته ، فمثلاً دفع مصر طعمةً لولده « العزيز عماد الدين أبي الفتح » ، ودمشق لولده « الأفضل نور الدين علي » ، وحلب وما حولها لولده « الظاهر غازي غياث الدين » ، وهكذا أخذ يفعل بالنسبة إلى بقية المدن ، الأمر الذي صار سبباً لنزاع ورثته من بعده على مصالحهم ، وضعفت بسبب ذلك الدولة الإسلامية .
والنتيجة : إنّ صلاح الدين إذا كان تحريره للقدس أمراً يستحق أن يفتخر به ، ولكن تصرفاته الرعناء ، ومطامعه الشخصية ادتْ إلى عودة الصليبين من جديد إلى القدس ، وإلى ضعف الدولة الإسلامية .
التعلیقات