الإمام الحسن
محمّد جواد مغنية
منذ 14 سنةالإمام الحسن
هو السبط الأوّل لرسول الله (ص) ، والإمام الثاني من أئمّة أهل البيت ، ورابع أصحاب الكساء ، وأحد ريحانتي النبي ، وسيّدي شباب أهل الجنّة ـ ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وجاءت به أمّه الزهراء إلى أبيها رسول الله ، فسمّاه حسناً ، وهو أوّل من سمّي بهذا الاسم.
زوجاته :
منهن خولة بنت الغزارية ، وامّ اسحق بنت طلحة ، وامّ بشر الأنصاريّة ، وجعدة بنت الأشعث التي سقته السم ، وغيرها.
وروى الرواة أن الإمام الحسن كان كثير الزواج ، وليس هذا بغريب ، فقد عدّ أهل السير لجدّه المصطفى أكثر من عشرين امرأة ، واستشهد أبوه أمير المؤمنين ، وعنده 22 ، ولكن الغريب أن تحاك حول زواجه الروايات التي لا أساس لها ولا أصل. لا لشيء إلّا للنيل من مقامه الشريف ، من ذلك أنّه كان إذا رأى جمعاً من النسوة يقول لهن : من منكنّ تأخذ ابن بنت رسول الله ؟ فيجبنه بصوت واحد : كلّنا مطلّقات ابن بنت رسول الله.
وأيّ عاقل يصدق مثل هذا على الإمام الزكيّ الذي له عقل جدّه محمّد المصطفى ، وأبيه علي المرتضى ؟! أيّ عاقل يصدق أنّ الإمام الحسن كان يقف على قارعة الطريق ، وينادي معلناً عن نفسه ورغبته في الزواج والنكاح ؟ وأغرب من كلّ ذلك جواب النسوة كلّنا مطلّقات ابن بنت رسول الله. متى تزوّج بهذه الكثرة الكثيرة ؟! ومتى طلقهنّ ؟! وكيف اجتمع مطلّقاته كلّهن في مجلس واحد ؟! وكيف خفين عليه ، ولم يعرف حتّى ولا واحدة منهنّ ، وبالأمس كنّ في بيته وعلى فراشه ؟! حقّاً إن واضع هذه الأكذوبة قد بلغ الغاية من الجهل والرعونة ، وأجهل منه من يصدق أمثال هذه الأكاذيب.
أولاده :
كان له 15 ولداً ما بين ذكر وأنثى ، وهم : زيد ، وأمّ الحسن ، وأمّ الحسين ، وأمّهم بشير الأنصاريّة ، والحسن ، وأمّه خولة الفزارية ، وعمر ، والقاسم ، وعبد الله ، وأمّهم أمّ ولد ، والحسين الملقّب بالاثرم ، وطلحة ، وفاطمة وأمّهم أمّ اسحق بنت طلحة ، وأمّ عبد الله ، وأمّ سلمة ، ورقية لامّهات شتى ، ولم يعقب منهم غير الحسن وزيد.
بويع بالخلافة سنة 41 هـ ، وله من العمر 37 سنة ، وأقام في خلافته ستّة أشهر ، وثلاثة أيّام ، حيث وقع الصلح بينه وبين معاوية خوفاً على نفسه ، بعد أن تبيّن له أنّ جماعة من رؤساء أصحابه كتبوا سرّاً إلى معاوية ، وضمنوا له أن يسلّموه إليه عند دنو العسكرين.
وفاته :
توفّي سنة 50 هـ ، وسبب وفاته أن معاوية دسّ له سمّاً على يد زوجته جعدة بنت الأشعث ، وضمن لها ان قتلته بالسمّ مائة ألف درهم ، وتزويجها من ولده يزيد ، فأجابته ، ومرض الإمام أربعين يوماً ، وانتقل بعدها إلى رضوان ربّه. فوفى معاوية لها بالمال ، ولم يزوّجها من يزيد ، وقال لها : أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله (1) ، وكان عمره الشريف حين استشهد 47 سنة ، أمضى منها 7 سنين وأشهراً مع جدّه المصطفى ، و37 مع أبيه المرتضى ، وبقي بعده مع أخيه الحسين الشهيد عشراً.
قال الإمام الصادق : إن الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين ، وابنته جعدة سمّت الحسن ، وابنه محمّد شرك في دم الحسين.
وجاء في كتاب « الخوارج والشيعة » للمستشرق فلهوزن نقلاً عن المستشرق دوزي ص 12 طبعة 1985 أن الأشعث قد ظلّ في قلبه مشركاً قديماً ، فأراد الإنتقام من الإسلام بخيانة الإمام علي. ولم يكن لدى الأشعث في هذا الباب من الدوافع أقلّ ممّا كان لغيره من أهل الردّة ـ لانّ الأشعث كان ممّن ارتدّ عن الإسلام بعد رسول الله (ص) (2).
وخطب الإمام الحسن صبيحة الليلة التي قبض فيها أبوه أمير المؤمنين ، وقال بعد الحمد لله ، والثناء عليه ، والصلاة على جدّه محمّد :
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون ، ولم يدركه الآخرون ، لقد كان يجاهد مع رسول الله ، فيقيه بنفسه ، وكان رسول الله يوجهه برأيه ، فيكتنفه جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فلا يرجع ، حتّى يفتح الله على يديه.
ولقد توفّي في هذه الليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم ، وفيها قبض يوشع بن نون ، وما خلف صفراء ولا بيضاء الّا 700 درهم فضلت من عطائه ـ راتبه من بيت المال ـ أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله ..
ثمّ قال الإمام الحسن : أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، أنا من أهل بيت فرض الله تعالى مودّتهم وطاعتهم في كتابه ، فقال : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) ، فالحسنة مودّتنا أهل البيت.
الهوامش
1. ابن عبد البرّ في الاستيعاب ، وابن الجوزي في تذكرة الخواص ، وابن سعد في الطبقات ، وغيره.
2. وهذا الأشعث المرتد يروي عنه البخاري ومسلم ، ويعدان حديثه من الصحاح.
مقتبس من كتاب : [ الشيعة في الميزان ] / الصفحة : 217 ـ 219
التعلیقات