السيرة الأخلاقيّة العمليّة للإمام الرضا عليه السلام
السيد علي الحسيني الصدر
منذ سنةالإمام الرضا عليه السلام
كان صلوات الله عليه المَثَل الأعلى للصفات العُليا ، والمعاشرة الحُسنىٰ ، غوث اللّهفان ، ومعدن الرضوان .
من ذلك ما في حديث الحسن بن حمزة قال : كنت أنا في مجلس أبي الحسن الرِّضا عليه السلام ـ في المدينة ـ اُحدِّثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام ، إذ دخل عليه رجل طوال أدِم فقال له : السلام عليك يا ابن رسول الله رجلٌ من محبّيك ومحبّي آبائك وأجدادك عليهم السلام ، مصدري من الحجّ وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلة ، فإن رأيت أن تُنهِضني إلى بلدي ولله عليَّ نعمة ، فإذا بلغتُ ببلدي تصدّقت بالذي تولّيني عنك ، فلستُ موضع صدقة ، فقال له : اجلس رحمك الله ، وأقبل على الناس يحدِّثهم حتّى تفرّقوا ، وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا ، فقال : أتأذنون لي في الدخول ؟
فقال له : يا سليمان قدّم الله أمرك .
فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثمّ خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال : أين الخراسانيّ ؟
فقال : ها أنا ذا .
فقال : خُذ هذه المأتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك وتبرّك بها ، ولا تصدّق بها عنّي ، واخرج فلا أراك ولا تراني .
ثمّ خرج فقال سليمان : جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت ، فلماذا سترت وجهك عنه ؟
فقال : مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله : « المستتر بالحسنة ، تعدل سبعين حجّة ، والمذيع بالسيّئة مخذول ، والمستتر بها مغفور له » أما سمعت قول الأوّل :
متى آته يوماً لأطلب حاجة |
رجعت إلى أهلي ووجهي بمائة (1) |
الهوامش
1. بحار الأنوار / ج 49 / ص 101 .
مقتبس من كتاب : أخلاق أهل البيت عليهم السلام / الصفحة : 73 ـ 74
التعلیقات