بعض الأسئلة حول قوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة}٣
القرآن الكريم وتفسيره
منذ 14 سنةبعض الأسئلة حول قوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة}
السؤال : هناك بعض الأسئلة حول قوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } .
1- ما المقصود بالأمانة؟
2- عندما نعرض أمراً على الغير ونطلب منه القيام بالدور المطلوب لابدّ أن يتوفّر فيه شرطان أساسيان : القابلية الذاتية لتحمل الدور ، والأهلية اللازمة لايفاء التعهد .
فاذا افترضنا إنّ إباء السماوات والأرض عن تحمّل الأمانة كانت بسبب عدم وجود القابلية الذاتية : أيّ عدم وجود الملكة ، فيلزم منه أن يكون أصل العرض عليها غير صحيح .
واذا افترضنا كانت فيها القابلية ، ولكن مع ذلك أبين عن تحمّل الأمانة كما يستفاد من ظهور {أَبَيْنَ} و{أَشْفَقْنَ} .
فينقدح هذا السؤال هل يحقّ أساساً لهذا الموجود المخلوق أن يأبى عن تحمّل ما عرض عليه خالقه؟
3- تحمّل هذه الأمانة من قبل الإنسان : إمّا كان باختياره أو بغير اختياره.
فان كان باختياره ، فأيضاً عرض هذه الأمانة على من ليس الأهلية بالوفاء قبيح . وهذا من قبيل إعطاء زمام أمور بلد إلى فرد لا أهلية له للقيام بهذا الدور.
وإن لم يكن باختياره بل كان تحميلاً عليه ، فهذا
أوّلاً : لا يناسب قوله : { عَرَضْنَا } حيث يستفاد منه كون تحمّل الأمانة اختيارياً.
وثانياً : لا مقتضي للتعبير: { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } ؛ لأنّه نظراً لفقدان الأهلية بالوفاء فيه كانت هذه النتيجة متصورة في حقّه من بادئ الأمر.
الجواب : من سماحة العلامة السيّد كمال الحيدري
المقصود من الأمانة هنا الولاية الإلهية .
والمراد من عرض الأمانة وحملها : هو العرض الكوني الوجودي للولاية والخلافة الإلهية , والذي يحمل هذه الأمانة الإلهية لابدّ أن يكون قادراً ومستعداً لحملها , فيكون واسطة الفيض ، وهو الإنسان ، ووصف بالظلوم الجهول للإشارة إلى أنّ الإنسان فيه القدرة على أن يكون ظلوماً جهولاً ، وفيه القدرة على أن يكون عالماً عادلاً ، وإذا لم تكن فيه هذه القدرة والاستعداد - الظلم والجهل - لم يكن فيه تلك القدرة والاستعداد - عالماً عادلاً - .
والإباء هنا من قبل السموات والأرض هو إباء إشفاقي لا إستكباري ، فهو إباء الذّلة والضعف ، لا إباء استكبار كما في إبليس : { أَبَى وَاسْتَكْبَرَ } {البقرة/34} .
بعبارة أخرى : الآية بصدد بيان المقايسة بين الأشياء عند عرض الأمانة الإلهية عليها , فيكون المراد بحملها والإباء عنها هو وجود استعداد وصلاحية التلبس بها وعدمه , وهذا المعنى هو القابل لئن ينطبق على الآية ، فالسماوات والأرض والجبال على ما فيها من العظمة والشدة والقوة فاقد لاستعداد حصولها فيها ، وهو المراد بإبائهنّ عن حملها وأشفاقهنّ منها , لكن الإنسان الظلوم الجهول لم يأب ولم يشفق من ثقلها وعظم خطرها فحملها على ما بها من الثقل وعظم الخطر ، فتعقب ذلك أن أنقسم الإنسان من جهة حفظ الأمانة وعدمه بالخيانة إلى : منافق ومشرك ومؤمن بخلاف السماوات والأرض والجبال فما منها إلّا مؤمن مطيع .
التعلیقات