لماذا أحلّ الإسلام في الحرب إسترقاق المرأة المتزوّجة ؟
السيّد علي الحائري
منذ 14 سنةالسؤال :
لماذا أحلّ الإسلام في الحرب عند سبي امرأة متزوجّة بجواز أسرها وإتّخاذها أمة وتكون أحد سراريه ، فكيف نوافق بين هذا وبين الآية الكريمه التي تنصّ بحرمه ذلك ؟
وما هو الإستبراء المذكور في ذلك ؟
الجواب :
استرقاق الكفّار الذين يتُمّ أسرهم في الحرب والقتال ضدّ المسلمين أمر لم ترفضه الشريعة رفضاً باتّاً ولم تفرضه أيضاً فرضاً باتّاً وبصورة معيّنة ، وإنّما فرضة بنحو الوجوب التخييري في ظلّ شروط معيّنة مذكورة في الكتب الفقهيّة ، وهذه الشروط لا تتوفّر عادةً في عصرنا الحاضر ، فالإسترقاق في الواقع هو أحد البدائل الثلاثة التي وضعتها الشريعة أمام إمام المسلمين الذي يقود الحرب وبيده الأمر وعلى عاتقه مسؤوليّة اتّخاذ القرار بشأن الحرب والصلح ، فهو يدرس القضيّة من كلّ جوانبها ويأخذ بعين الاعتبار الظروف العالميّة والدوليّة والإقليميّة والمحلّيّة ، وعلى ضوئها يختار من بين هذه البدائل الثلاثة ـ الّتي خُيّر بينها شرعاً ، والتي هي عبارة عن « الإسترقاق » و « المَنّ » و « الفداء » ـ ذاك الذي تقتضيه المصالح العليا للإسلام والمسلمين ، ويتناسب مع الظروف التي أشرنا إليها ، فقد يختار الإمام غير الإسترقاق ـ كالمَنّ أو الفداء ـ إذا رأى المصلحة في ذلك ، وقد يختار الإسترقاق ، واتخاذ الكفّار الأسرى عبيداً وإماءاً فيما إذا رأى أنّ المصلحة تقتضي ذلك ، كما إذا كانت عمليّة الإسترقاق ممّا يتّخذه العدوّ الكافر أيضاً بشأن الأسرى المسلمين الذين يتمّ أسرهم على يد الكفّار في الحرب ، فإنّ مقتضى المقابلة بالتمثل حينئذٍ هو أن يسترقّ الإمام الكفّار الأسرى أيضاً في مقابل ما يصنعه العدوّ بالمسلمين.
وعلى كلّ حال فالأمر كما قلنا متروك إلى إمام المسلمين ، فهو الذي يجب عليه أن يتّخذ القرار الأخير بشأن الإسترقاق ، وإذا قرّر الإمام إسترقاقهم فلا فرق حينئذٍ بين المتزوّجين منهم وغير المتزوّجين ، إذ لا حرمة لدم الكافر الحربي ولا لعرضه ولا لماله وثروته ، فكما يقاتلون ويُقتَلون ، فكذلك تُؤخذ أموالهم غنائم حربيّة وسبي أزواجهم وذراريهم.
وأمّا ما جاء في السؤال ، كيف نوافق بين هذا وبين الآية الكريمة الّتي تنصّ بحرمة ذلك ؟ فلم نفهم المقصود منه ، فما هي الآية التي تنصّ على حرمة الإسترقاق ؟ وكذلك لم نفهم المقصود من الإستبراء الذي جاء في السؤال ، فإن كان المقصود منه إستبراء الأمّة عند انتقالها من مالك إلى مالك آخر فهو مذكور في الكتب الفقهيّة ، وإن كان المقصود شيئاً آخر فلا بدّ من توضيحه ليتسنّى الجواب ، واللّه العالم.
التعلیقات