هل يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب أم لا؟
أهل الكتاب
منذ 14 سنةهل يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب أم لا؟
السؤال : سألني شخص وهّابي عن دليلنا من القرآن حول عدم حلية الأكل من يد الكتابي ، وهنا أعني اللحوم طبعاً ....
ما هي الآية التي تثبت صحة ما ذهب إليه فقهائنا الكرام؟
ما هي الآية التي تثبت صحة ما ذهب إليه فقهائنا الكرام؟
الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
يؤكد القرآن الكريم في سورة الأنعام (الآيات: 117 ـ 118 ـ 121) على ضرورة التفريق بين (ما ذكر اسم اللّه) ، و(ما لم يذكر اسم اللّه عليه) أيّ بين المذكّى والميتة ، فيقول بالنسبة إلى المذكّى : { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ... } {الأنعام/118}.
ويقول أيضاً : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ } {الأنعام/119}.
ويقول بالنسبة إلى الميتة : { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } {الأنعام/121}.
إذاً : فالآية الأخيرة تنهى عن الأكل من اللحوم التي لم يذكر اسم اللّه عليها حين الذبح ، ومن الواضح أنّ الذبائح التي يذبحها الكفّار ـ سواء الكتابيون وغيرهم ـ هي غير مذكّاة تذكية إسلامية عادةً ، ولم يذكر اسم اللّه عليها ، فتدخل تحت عموم الآية الشريفة ، ويكون أكلها فسقاً بموجب الآية.
وهناك نصوص كثيرة من السنّة الشريفة أيضاً تدلّ على عدم حلّيّة ذبيحة الكافر سواء الكتابي وغيره ، وقد ذكرها فقهائنا الكرام في كتبهم الفقهية الاستدلالية ، فعليكم مراجعتها ، والأخذ منها ـ وعلى سبيل المثال ـ كتاب (جواهر الكلام) الجزء المختص بـ (الصيد والذباحة) ، وعلى ضوئها أفتى فقهائنا الكرام بحرمة ذبيحة الكافر مطلقاً حتّى الكتابي نظراً إلى أنّه يشترط في الذابح أن يكون مُسلماً ، كما يُشترط أيضاً في الذبح التسمية ، وذكر اسم اللّه على الذبيحة .
وأمّا قوله تعالى في سورة {المائدة/5} { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ... } فهو لا يتنافى أبداً مع الآية الشريفة التي ذكرناها أعلاه ، ولا يكون ناسخاً لقوله تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } {الأنعام/121}. بالرغم من ورود هذا النسخ في (سنن أبي داود) و (سنن البيهقي) مروياً عن ابن عبّاس ـ كما في (الدر المنثور) ، وذلك :
أوّلاً : لأنّ كلمة (الطعام) بحسب اصل اللغة معناها كلّ مايقتات به ويُطعم ، لكن قيل إنّ المراد بها في الآية الشريفة (البُرّ) أيّ الحنطة و(سائر الحبوب) ، ولذا ورد عندنا في أكثر الروايات المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) : أنّ المراد بقوله: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } هو (البُرّ) وسائر الحبوب ، ومن الواضح أنّه لا تنافي حينئذٍ بين حرمة ذبائحهم وحلّيّة الحبوب والموادّ الغذائية الأخرى المأخوذة أو المشتراة منهم ؛ فإنّ اللحوم بالخصوص لها خصوصيات وأحكام معينة في الشريعة ، ولذا ذهب المعظم من علمائنا إلى حصر الحلّ في الحبوب وأشباهها والموادّ الغذائية .
وثانياً : حتّى لو أريد من كلمة الطعام في قوله : { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } اللحوم ؛ فإنّه مع ذلك لا إشكال في أنّ هذه الحلّيّة المنصوصة عليها في هذه الآية لا تشمل اللحوم التي غير قابلة للتذكية من لحوم أهل الكتاب كلحم الخنزير ، وكذلك لا تشمل اللحوم التي هي قابلة للتذكية في الأصل لكنهم ـ أيّ أهل الكتاب ـ لم يذكوها تذكية إسلامية ، وما أهلّ به لغير اللّه ، وما لم يذكر اسم اللّه ؛ فإنّ اللّه سبحانه وتعالى عَدَّ ذلك رجساً وفسقاً وإثماً ، وحاشاه أن يحلّ ما سمّاه رجساً أوفسقاً او إثماً ، هذا بالإضافة إلى أن هذه المحرّمات بعينها واقعة قبيل هذه الآية في نفس سورة المائدة وليس لأحد أن يقول في مثل هذا المورد بالنسخ كما هو واضح ، وخاصة في مثل سورة المائدة التي ورد فيها أنّها ناسخة غير منسوخة.
إذاً : فلا هذه الآية ولا أيّ دليل آخر يوحد فقهياً يدلّ على حلّيّة ذبائح أهل الكتاب واللحوم المأخوذة منهم إذا ذبحت بغير التذكية الإسلامية .
فإن قلنا بحلّيّة ذبائحهم للآية الشريفة كما نقل عن بعض أصحابنا فلابدّ من تقييدها بما إذا علم وقوع الذبح عن تذكية شرعية كما قد يظهر من بعض رواياتنا كالخبر المرويّ عن الإمام الصادق (سلام اللّه عليه) : « فإنّما هي الإسم ولا يُؤمَن عليها إلّا مسلم » .
وعلى كل حال فالكلام في هذه المسألة من الناحية القرآنية والتفسيرية ومن الناحية الحديثية والروائية ومن الناحية الفقهية كلام طويل لا يسعنا الالمام بكلّ نكاته في هذه العجالة ، لكن فيما قلناه اجمالاً الكفاية بإذن اللّه تعالى ، واللّه العالم.
ويقول أيضاً : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ } {الأنعام/119}.
ويقول بالنسبة إلى الميتة : { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } {الأنعام/121}.
إذاً : فالآية الأخيرة تنهى عن الأكل من اللحوم التي لم يذكر اسم اللّه عليها حين الذبح ، ومن الواضح أنّ الذبائح التي يذبحها الكفّار ـ سواء الكتابيون وغيرهم ـ هي غير مذكّاة تذكية إسلامية عادةً ، ولم يذكر اسم اللّه عليها ، فتدخل تحت عموم الآية الشريفة ، ويكون أكلها فسقاً بموجب الآية.
وهناك نصوص كثيرة من السنّة الشريفة أيضاً تدلّ على عدم حلّيّة ذبيحة الكافر سواء الكتابي وغيره ، وقد ذكرها فقهائنا الكرام في كتبهم الفقهية الاستدلالية ، فعليكم مراجعتها ، والأخذ منها ـ وعلى سبيل المثال ـ كتاب (جواهر الكلام) الجزء المختص بـ (الصيد والذباحة) ، وعلى ضوئها أفتى فقهائنا الكرام بحرمة ذبيحة الكافر مطلقاً حتّى الكتابي نظراً إلى أنّه يشترط في الذابح أن يكون مُسلماً ، كما يُشترط أيضاً في الذبح التسمية ، وذكر اسم اللّه على الذبيحة .
وأمّا قوله تعالى في سورة {المائدة/5} { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ... } فهو لا يتنافى أبداً مع الآية الشريفة التي ذكرناها أعلاه ، ولا يكون ناسخاً لقوله تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } {الأنعام/121}. بالرغم من ورود هذا النسخ في (سنن أبي داود) و (سنن البيهقي) مروياً عن ابن عبّاس ـ كما في (الدر المنثور) ، وذلك :
أوّلاً : لأنّ كلمة (الطعام) بحسب اصل اللغة معناها كلّ مايقتات به ويُطعم ، لكن قيل إنّ المراد بها في الآية الشريفة (البُرّ) أيّ الحنطة و(سائر الحبوب) ، ولذا ورد عندنا في أكثر الروايات المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) : أنّ المراد بقوله: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } هو (البُرّ) وسائر الحبوب ، ومن الواضح أنّه لا تنافي حينئذٍ بين حرمة ذبائحهم وحلّيّة الحبوب والموادّ الغذائية الأخرى المأخوذة أو المشتراة منهم ؛ فإنّ اللحوم بالخصوص لها خصوصيات وأحكام معينة في الشريعة ، ولذا ذهب المعظم من علمائنا إلى حصر الحلّ في الحبوب وأشباهها والموادّ الغذائية .
وثانياً : حتّى لو أريد من كلمة الطعام في قوله : { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } اللحوم ؛ فإنّه مع ذلك لا إشكال في أنّ هذه الحلّيّة المنصوصة عليها في هذه الآية لا تشمل اللحوم التي غير قابلة للتذكية من لحوم أهل الكتاب كلحم الخنزير ، وكذلك لا تشمل اللحوم التي هي قابلة للتذكية في الأصل لكنهم ـ أيّ أهل الكتاب ـ لم يذكوها تذكية إسلامية ، وما أهلّ به لغير اللّه ، وما لم يذكر اسم اللّه ؛ فإنّ اللّه سبحانه وتعالى عَدَّ ذلك رجساً وفسقاً وإثماً ، وحاشاه أن يحلّ ما سمّاه رجساً أوفسقاً او إثماً ، هذا بالإضافة إلى أن هذه المحرّمات بعينها واقعة قبيل هذه الآية في نفس سورة المائدة وليس لأحد أن يقول في مثل هذا المورد بالنسخ كما هو واضح ، وخاصة في مثل سورة المائدة التي ورد فيها أنّها ناسخة غير منسوخة.
إذاً : فلا هذه الآية ولا أيّ دليل آخر يوحد فقهياً يدلّ على حلّيّة ذبائح أهل الكتاب واللحوم المأخوذة منهم إذا ذبحت بغير التذكية الإسلامية .
فإن قلنا بحلّيّة ذبائحهم للآية الشريفة كما نقل عن بعض أصحابنا فلابدّ من تقييدها بما إذا علم وقوع الذبح عن تذكية شرعية كما قد يظهر من بعض رواياتنا كالخبر المرويّ عن الإمام الصادق (سلام اللّه عليه) : « فإنّما هي الإسم ولا يُؤمَن عليها إلّا مسلم » .
وعلى كل حال فالكلام في هذه المسألة من الناحية القرآنية والتفسيرية ومن الناحية الحديثية والروائية ومن الناحية الفقهية كلام طويل لا يسعنا الالمام بكلّ نكاته في هذه العجالة ، لكن فيما قلناه اجمالاً الكفاية بإذن اللّه تعالى ، واللّه العالم.
التعلیقات