النص بالجلي أو الخفي على إمامة علي ع
عقائد الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 472 ـ 474.
________________________________________(472)
النص بالجلي أو الخفي على إمامة علي _ عليه السلام _ :إنّ كتب تاريخ العقائد طفحت بهذا العنوان، فمثلاً نقلوا بأنّ الجارودية ذهبت إلى أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على إمامة عليّ بالوصف دون النص (1) ومعنى هذا أنّ النبي الاَكرم _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قد بيّن الملامح العامة للاِمام، وكان علي _ عليه السلام _ هو المصداق الوحيد لهذه الملامح.
________________________________________
(1) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 67، البغدادي: الفرق بين الفرق: 30.
________________________________________
(473)
وقال النوبختي عن الجارودية: إنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على عليّ _ عليه السلام _ بالوصف دون التسمية، والناس مقصرون إذا لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف (1)وربما يعبرون بأنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّّ على ولاية الاِمام نصاً خفياً غير جلي.
هذه الكلمات ونظائرها توجد، في التعبير عن المذهب الجارودي في مقام الاِمامة.
وأمّا السليمانية أو الجريرية فأظهروا المرونة أكثر من الجارودية، فقد قالوا: إنّ الاِمامة شورى وأنّها تنعقد بعقد رجلين من خيار الاَُمّة، وأجازوا إجازة المفضول وأثبتوا إمامة أبي بكر وعمر، وزعموا أنّ الاَُمّة تركت الاَصل في البيعة لها، لاَنّ علياً كان أولى بالاِمامة منهما، إلاّ أنّ الخطأ في بيعتهما لم يوجب كفراً ولافسقاً(2).
والذي أظن ـ وظنّ الاَلمعي صـواب ـ أنّ النظرتين قد صدرتا تقية وصيانة لوجودهم بين أهل السنّة. ومع أنّ الزيدية يرفضون التقية كما سيوافيك، ولكنّهم عملوا بها حيث لا يشاوَون، فإنّهم قد عاشروا أهل السنّة في بيئة واحدة ومجتمع واحد تربطهم أحكام واحدة، حيث رأوا أنّ التعبير عن واقع المذهب أي وجود النصّ على الاسم وإن شئت قلت: وجود النصّ الصريح يستلزم تفسيق الصحابة، وهذا لا يتلائم وطبيعة حياتهم، فلذلك جعلوا من هذا التعبير واجهة لعقيدتهم الواقعية فجمعوا ـ حسب زعمهم ـ بين العقيدة والهدف في الحياة. كيف وأئمة أهل البيت _ عليهم السلام _ عن بكرة أبيهم يرون النصّ على خلافة علي ـ عليه السلام ـ وهذا المميز لشيعة أئمة أهل البيت عن غيرهم. والذي يميز الشيعة عن غيرهم من الفرق هو هذا العنصر فقط، وما سوى ذلك عقائد كلامية مستخرجة
________________________________________
(1) النوبختي: فرق الشيعة: 74.
(2) الاَشعري: مقالات الاِسلاميين: 68، البغدادي: الفرق بين الفرق: 32.
________________________________________
(474)
من الكتاب والسنّة.فإن كان ما ذكرناه مقبولاً لدى القارىَ وإلاّ فإنّ هذا النوع من التفكير تطرّق إلى المذهب الزيدي في العصور السابقة عن طريق معاشرتهم مع معتزلة بغداد، الذين قالوا بأفضلية الاِمام علي _ عليه السلام _ وجواز تقديم المفضول على الفاضل.وقد مرّ تحقيق القول في ترجمة حمزة بن عبد اللّه فلاحظ.
التعلیقات