الفتيا الّتي اصدرها الشاميّون في حق ابن تيمية
ابن تيمية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 4 ، ص 60 ـ 62
________________________________________
وفي الختام نثبت في المقام صورة الفتيا الّتي أصدرها الشاميون ونقلها
________________________________________
«وقد اصدر الشاميون فتياً وكتب عليها البرهان ابن الفركاح الفزاري نحو أربعين سطراً بأشياء، إلى أن قال بتكفيره، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتب تحت خطه، كذلك المالكي، ثم عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعية بمصر: البدر بن جماعة، فكتب على ظاهر الفتوى:
الحمد للّه، هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله: إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة، وما ذكره من نحو ذلك، ومن أنّه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء، باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أنّ زيارة النبي فضيلة وسنة مجمع عليها، وهذا المفتي المذكور ـ يعني ابن تيمية ـ ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء، ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك، ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به.
وكتبه محمد بن إبراهيم بن سعد اللّه بن جماعة الشافعي .
وكذلك يقول محمد بن الجريري الأنصاري، الحنفي: لكن يحبس الآن جزماً مطلقاً، وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي، ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من الفاسد .
وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي:
وهؤلاء الأربعة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيام تلك الفتنة في سنة (726 هـ)(1) .
ولو أردنا أن نستقصي كل ما كتب رداًعلى ابن تيمية، لخرجنا عمّا هو الهدف، وكفى في ذلك ما نشر باسم «الوهابية في نظر المسلمين»(2) .
إلى هنا تمّ تبيين الرأي العام في ابن تيمية، في حياته ومماته، وقد عرفت
________________________________________
1. راجع تكملة السيف الصيقل، ص 155، ودفع الشبهة لتقي الدين الحصني ص 45 ـ 47 .
2. تأليف إحسان عبداللطيف البكري: الطبعة الرابعة، ومجلة «تراثنا» .
________________________________________
«إنّما بدءُ وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب اللّه، ويتولى عليها رجال رجالا، على غير دين اللّه. فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحق، لم يخف على المرتادين، ولو أنّ الحق خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه السنُ المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى»(1) .
________________________________________
1. نهج البلاغة الخطبة 49 .
(60)
الفتيا الّتي اصدرها الشاميّون في حق ابن تيمية وفي الختام نثبت في المقام صورة الفتيا الّتي أصدرها الشاميون ونقلها
________________________________________
(61)
الشيخ محمد زاهد الكوثري في تكملة السيف الصقيل، وإليك ما ذكره:«وقد اصدر الشاميون فتياً وكتب عليها البرهان ابن الفركاح الفزاري نحو أربعين سطراً بأشياء، إلى أن قال بتكفيره، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتب تحت خطه، كذلك المالكي، ثم عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعية بمصر: البدر بن جماعة، فكتب على ظاهر الفتوى:
الحمد للّه، هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله: إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة، وما ذكره من نحو ذلك، ومن أنّه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء، باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أنّ زيارة النبي فضيلة وسنة مجمع عليها، وهذا المفتي المذكور ـ يعني ابن تيمية ـ ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء، ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك، ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به.
وكتبه محمد بن إبراهيم بن سعد اللّه بن جماعة الشافعي .
وكذلك يقول محمد بن الجريري الأنصاري، الحنفي: لكن يحبس الآن جزماً مطلقاً، وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي، ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من الفاسد .
وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي:
وهؤلاء الأربعة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيام تلك الفتنة في سنة (726 هـ)(1) .
ولو أردنا أن نستقصي كل ما كتب رداًعلى ابن تيمية، لخرجنا عمّا هو الهدف، وكفى في ذلك ما نشر باسم «الوهابية في نظر المسلمين»(2) .
إلى هنا تمّ تبيين الرأي العام في ابن تيمية، في حياته ومماته، وقد عرفت
________________________________________
1. راجع تكملة السيف الصيقل، ص 155، ودفع الشبهة لتقي الدين الحصني ص 45 ـ 47 .
2. تأليف إحسان عبداللطيف البكري: الطبعة الرابعة، ومجلة «تراثنا» .
________________________________________
(62)
فما هو الحق، غير أن تقييم الرجل بنقل آراء الأكابر من العلماء وإن كان له قيمة ـ ولكنّه تقييم تقليدي لهم ـ ومن أراد تقييمه عن اجتهاد وإمعان فيجب أن يستعرض آراءه وأقواله من كتبه ورسائله، ليعرف ما هو الحق في ذلك المجال، وعندئذ يصدر القاضي عن اجتهاد وإمعان، لا عن تقليد واقتداء بالغير، ولأجل ذلك نخص الفصل الآتي بنقل آرائه في مواضع مختلفة، ونكتفي ببعضها الّذي أوجد ضجة في الأيام الغابرة، وقام العلماء في وجهه كصف واحد، وزجروه وعاتبوه ونفوه وسجنوه، إلى أن مات في سجن دمشق، ولا ينافي كل ذلك ما للرجل من فضل وفضيلة في نواح من العلوم الإسلامية، فإنه لولا تحلّيه بالذكاء والتوقّد، أو بالعلم بالكتاب والسنة لما اكتسب مقاماً في الأوساط الإسلامية، ولم يكن لآرائه قيمة، فالمبدع لا يكون ناجحاً في بدعه وضلاله إلاّ إذا خلط الحق بالباطل ـ وإلاّ ـ فالباطل المطلق لا يكون له نجاح ونفوذ، ولنعم ما قال أميرالمؤمنين علىّ ـ عليه السَّلام ـ :«إنّما بدءُ وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب اللّه، ويتولى عليها رجال رجالا، على غير دين اللّه. فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحق، لم يخف على المرتادين، ولو أنّ الحق خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه السنُ المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى»(1) .
________________________________________
1. نهج البلاغة الخطبة 49 .
التعلیقات