ما هو المراد من النهي عن دعوة غير اللّه ؟
عقائد محمد بن عبد الوهاب
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 4 ، ص 88 ـ 90
________________________________________(88)
ما هو المراد من النهي عن دعوة غير اللّه ؟إنّ الآفة كل الآفة هي أن الوهابيين كشيخهم ابن تيمية يسردون الآيات والروايات من دون أن يتفكروا في مفادهما ومواردهما، ولكنهم يأخذون بالظواهر الابتدائية مع تناسي ما حول الآيات من القرائن، فتراهم يعدون دعاء الصالحين والاستغاثة بهم والطلب منهم شركاً، بحجّة أنّه سبحانه عد دعاء المشركين للأصنام والأوثان شركاً وقال:
(وَ أنّ المَساجِدَ للّه فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللّه أحَداً)(1) .
(لَهُ دَعوَةُ الحَقّ والّذينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِه لا يَسْتَجيبونَ لَهُم بِشَىء)(2) .
(إنّ الّذينَ تَدْعونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عَبادٌ أمْثَالَكُمُ)(3) .
(وَالّذينَ تَدعُونَ مِنْ دُونِهَ مَا يَملِكُونَ مِن قِمطير)(4) .
(قُلِ ادْعُوا الّذينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرّ عَنْكُم وَلا تَحويلا)(5) .
(أُولئِكَ الّذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهم الوَسيلَة...)(6) .
________________________________________
1. سورة الجن: الآية 18 .
2. سورة الرعد: الآية 14 .
3. سورة الأعراف: الآية 194 .
4. سورة فاطر: الآية 13 .
5. سورة الإسراء: الآية 56 .
6. سورة الإسراء: الآية 57 .
________________________________________
(89)
(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّه مَا لا يَنْفَعُكَ وَ لا يَضُرُّكَ...)(1) .(وَ مَنْ أضَلّ مَمَّن يَدْعُو مَنْ دُونِ اللّه مَنْ لا يَسْتَجيبُ لَهُ إلى يَومِ القيامَةِ)(2) .
ترى أنهم يسردون هذه الآيات الواردة في حقّ المشركين المعتقدين بالوهية الأصنام وربوبيتهم، وكونهم مفوّضاً إليهم القيام بالأفعال والأعمال، من الشفاعة والمغفرة، والشفاء وغيرها. يسردون هذه الآيات بصلافة وقحة في حق المسلمين الإلهيين الذين لا يعتقدون في حق الأنبياء والصالحين سوى كونهم عباداً مقربين، تستجاب دعوتهم إذا دعوا، ويقومون بحاجة المستنجد بإذنه سبحانه وقدرته، وإليك محصّلها:
1- إنّ هذه الآيات وما ضاهاها تختص بالمشركين الذين كانوا يصورون أوثانهم وأصانهم آلهة يملكون كشف الضر والتحويل، وينصرون بلا استئذان منه سبحانه، لأنّهم يملكون هذا الجانب من الأفعال الإلهية، وأين هو من عقيدة المسلم الموحد في حقّ الأنبياء والصالحين من أنهم عباد مكرمون، لا يعصون اللّه ما أمرهم، وهم بأمره يعملون، وبإذنه يشفعون و...؟
2- إنّ المراد من الدعاء في هذه الآيات، ليس الدعوة المجردة بمعنى النداء بل المراد هو الدعاء الخاص المرادف للعبادة، وليس ذلك بغريب، فقد جمع سبحانه في آية واحدة، بين الدعوة والعبادة، وفسّر الأُولى بالثانية نحو قوله: (وَقالَ رَبُّكُم ادْعُوني أستَجِب لَكُم إنَّ الّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنم دَاخرينَ)(3) .
يقول الإمام زين العابدين ـ عليه السَّلام ـ : «وسميت دعاءك عبادة، وتركه استكباراً وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين»(4) .
________________________________________
1. سورة يونس: الآية 106 .
2. سورة الاحقاف: الآية 5 .
3. سورة غافر: الآية 60 .
4. الصحيفة السجادية، الدعاء 49 .
________________________________________
(90)
وما ورد في الحديث: «الدعاء مخّ العبادة» فالمراد هو هذا القسم من الدعاء، أي الدعاء المقرون بالوهية المدعو بنحو من الأنحاء .3- إنّ المنهي عنه هو جعل المدعو في مرتبة اللّه الخالق، كما يعرب عنه قوله: (وَ أنَّ المَسَاجِدَ للّه فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّه أحَداً)(1) وكان هو أساس عبادة المشركين، قال سبحانه: (و جَعلوا للّهِ أنداداً لِيُضلُّوا عَنْ سبيله)(2) وقال: (إذْ نُسَوِّيكُم بِرَبّ العَالمين)(3) وأين هذه الآيات من الموحدين الذين لا يرون مع اللّه شيئاً، بل يرون الكل دونه لكونهم مربوبين؟.
________________________________________
1. سورة الجن: الآية 18 .
2. سورة إبراهيم: الآية 30 .
3. سورة الشعراء: الآية 98 .
التعلیقات