هل صحيح أن الحقيقة في القرآن الكريم لا يجب أن تذكر بشكل صريح ؟
القرآن الكريم وتفسيره
منذ 12 سنةهل صحيح أن الحقيقة في القرآن الكريم لا يجب أن تذكر بشكل صريح ونص واضح لكي تفيد علماً بل يمكن أن لا تذكر بشكل صريح ونص واضح ومع ذلك تفيد علماً سواء في العقائد أو الاحكام ؟
الجواب من سماحة السيّد جعفر علم الهدى
القرآن الكريم يصرّح بكثير من الحقائق في مجال العقائد والأحكام ، وهناك آيات يعبّر عنها بالمحكم في قبال المتشابه وهي الآيات التي تكون نصاً تفيد العلم بمدلولها ، أو تكون ظاهرة فيه. نعم قد يكون هناك مانع من التصريح ببعض الأمور فيكون ذكرها بنحو النص والتصريح منافياً للحكمة فلا بد من الإشارة إليها ، والدلالة عليها بالكناية التي قد تكون أبلغ من التصريح وقد يحتاج البيان إلى مراعاة التدرّج والتسهيل فيذكر القرآن الكريم بعض الحقائق ثم لما تمهّدت الظروف يذكر الباقي كما هو الحال في تحريم الخمر والميسر ، حيث ان شرب الخمر كان متداولاً بين الناس في ذلك العصر وكان من الصعب الاقلاع عنه ولذا نرى أن بعض الآيات تذكر
أولاً وجود الضرر والإثم في شرب الخمر ( واثمهما اكبر من نفعهما ) ، ثم تتعرض لبيان مفاسد الخمر وان الشيطان يريد ايقاع العداوة والبغضاء بسبب شرب الخمر ، ثم بعد ذلك يصرح القرآن بتحريم الخمر بقوله : ( فهل انتم منتهون ). وهكذا الحال بالنسبة إلى ولاية علي عليه السلام والأئمة من بعده فإن الآيات نزلت في بيان فضائل ومناقب علي عليه السلام تشير إلى أنه أولى بالخلافة والإمامة من غيره كقوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضات الله ـ الخ ـ ).
وهكذا الآيات الواردة في سورة هل أتى النازلة بحق علي عليه السلام وأهل البيت وقوله تعالى : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيراً ) ، وقوله تعالى : ( قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الظالمين ).
ثم نزلت آيات تدل على ولاية علي عليه السلام صراحة وبالكناية كقوله تعالى : ( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، وقد اتّفق المفسّرون والمحدّثون من السنة والشيعة على أن الآية نزلت في حق علي عليه السلام وكقوله تعالى ( انما انت منذر ولكل قوم هاد ).
ثم نزلت الآية تأمر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بتبليغ ولاية علي عليه السلام علناً وعلى رؤوس الاشهاد فقال تعالى : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) وبعد هذا التهديد الالهي جمع رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين في غدير خم بعد رجوعه من حجّة الوداع وخطب فيهم وقال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ، ثم امر المسلمين وهم أكثر من مائة ألف بأن يبايعوا علياً بالخلافة والإمامة وقد روى السيوطي في تفسيره ( الدر المنثور ) في ذيل الآية الكريمة عن بعض الصحابة ان الآية نزلت هكذا ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ان علياً مولى المؤمنين وان لم تفعل فما بلغ رسالته ).
التعلیقات