الدفاع عن الولاية والإمامة
علي موسى الكعبي
منذ 10 سنواتالدفاع عن الولاية والإمامة
تقدّم أنّ أهمّ الأهداف التي توخّتها الزهراء عليها السلام في مطالباتها المالية ، هو الدفاع عن ولاية أهل البيت عليهم السلام وإثبات أحقيّتهم في قيادة الاُمّة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويتّضح ذلك من خلال خطبة الزهراء عليها السلام في المسجد النبوي ، وخطبتها الاُخرى بنساء المدينة ، وفي مواقف اُخرى متعدّدة ، أدّت فيها واجبها الرسالي في الدفاع عن إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
ففي خطبتها الاُولى ذكرت ولاية أهل البيت عليهم السلام كفرض إلهي لا يختلف عن سائر الواجبات والفروض التي عدّدتها في الخطبة وبينت العلة من إيجابها ، قالت عليها السلام : « فجعل الله طاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ».
وأكّدت عليها السلام على ذكر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وتقدّمه على سواه بالعلم والشجاعة ، فقالت عليها السلام : « أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي » وقالت عليها السلام : « كلّما فغرت فاغرة المشركين ، قذف أخاه عليّاً في لهواتها ، وأنتم في رفاهيّة من العيش وادعون ، فاكهون آمنون ، تتربّصون بنا الدوائر ، وتتوكفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون من القتال ». وقالت عليها السلام في خطبتها الثانية : « وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلّة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله ».
وأشارت عليها السلام إلى أحقيّة أمير المؤمنين عليه السلام في خلافة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وفضله على غيره ، فقالت عليها السلام في خطبتها الاُولى : « وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض ». وقالت عليها السلام في خطبتها الثانية : « ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطّبين بأمور الدنيا والدين ».
وذكرت عليها السلام النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام بالتلميح الذي هو أقوى من التصريح حيث قالت عليها السلام في خطبتها الثانية : « وتالله لو تكافّوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول الله لاعتقله ، ثمّ لسار بهم سيراً سجحاً ».
ونبّهت عليها السلام على أنّ الاختيار غير صحيح بقولها في خطبتها الاُولى : « فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، بداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنّم لمحيطة بالكافرين ».
وقالت عليها السلام في خطبتها الثانية : « استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل » وقالت عليها السلام فيها أيضاً : « ليت شعري إلى أيّ لجأ لجأوا ، وإلى أيّ سنادٍ استندوا ، وعلى أيّ عمادٍ اعتمدوا ، وبأيّ عروةٍ تمسّكوا ، وعلى أيّ ذريةٍ قدّموا واحتنكوا ؟! ».
وللزهراء عليها السلام مواقف اُخرى في الدفاع عن الإمامة ، منها ما رواه الجوهري عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليه السلام قال : « إنّ عليّاً عليه السلام حمل فاطمة عليها السلام على حمارٍ ، وسار بها ليلاً إلى بيوت الأنصار ، يسألهم النصرة ، وتسألهم فاطمة عليها السلام الانتصار له ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، لو كان ابن عمّك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به. فقال علي عليه السلام أكنت أترك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ميّتاً في بيته لا أُجهزه ، وأخرج إلى الناس أُنازعهم سلطانه ! وقالت فاطمة عليها السلام : ما صنع أبو الحسن إلّا ما كان ينبغي له ، وصنعوا هم ما الله حسيبهم عليه » (1).
وخروج الزهراء عليها السلام ليلاً مع شدّة اللوعة التي تنتابها لفقد أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم وضعف حالها ، وقوّة السلطة في ملاحقة من يعارضها ، إنّما هو أداء لدورٍ رسالي يقتضيه الواجب الإسلامي المقدّس في حفظ العقيدة الحقّة من الضياع والانحراف ، وفي ذلك درس بليغ لنا حقيق بالاقتداء وخليق بالاحتذاء.
وكان للأنصار موقف من السلطة أقلّه الندم على البيعة ، وأعلاه الهتاف باسم أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنّى يكون ذلك لولا خروج الزهراء عليها السلام تطلب نصرتهم ، وخطبتها عليها السلام التي ذكّرت فيها وحذّرت.
عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : لما بويع أبو بكر واستقرّ أمره ، ندم قومٌ كثيرٌ من الأنصار على بيعته ولام بعضهم بعضاً ، وذكروا علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهتفوا باسمه (2).
الهوامش
1. شرح ابن أبي الحديد ٦ : ١٣. والإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٢.
2. الموفقيات / الزبير بن بكار : ٥٨٣ / ٣٨٢.
مقتبس من كتاب : [ سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ] / الصفحة : 204 ـ 206
التعلیقات