تربة الحسين عليه السلام شفاء من كلّ داء
التربة الحسينيّة
منذ 10 سنواتتربة الحسين عليه السلام شفاء من كلّ داء
أجمع أئمّة أهل البیت علیهم السلام ، على أن تربة الإمام الحسین علیه السلام هي شفاء من کلّ داء.
وقد انتشرت فکرة الاستشفاء بتربة الإمام الحسین علیه السلام في عهد الإمام الصادق علیه السلام ، بعدما أصبح للشیعة کیان خاصّ ، وصارت طائفة کبیرة من طوائف المسلمین ، فأخذ الإمام الصادق علیه السلام یحث أصحابه وشیعته على لزوم التداوی بتربة الحسین علیه السلام ، فقد وصف علیه السلام طین قبر الحسین بأنّه شفاء من کلّ داء ، وهو الدواء الأکبر ، وفي روایة أخرى : أماناً من کلّ خوف ، وروی الحسن بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبدالله علیه السلام ، یقول : « حنکوا أولادکم بتربة الحسین فإنّها أمان ».
وفي روایة ابن قولویه قال : حدّثنی محمّد بن عبدالله ، عن أبیه ، عن عبدالله البرقي ، عن بعض أصحابنا ، قال : « دفعت إلی امرأة غزلاً وقالت : ادفعه إلى حجبة مکّة لیخاط به کسوة للکعبة ، قال : کرهت إلى الحجبة وأنا أعرفهم ، فلمّا أن صرنا إلى المدینة دخلت على أبي جعفر علیه السلام وقلت له : جعلت فداک أن امرأة أعطتني غزلاً فقالت : ادفعه إلى حجبة مکّة لیخاط به کسوة للکعبة ، فقال : اشتر به عسلاً وزعفراناً ، وخذ من طین قبر الحسین علیه السلام واعجنه بماء السماء ، واجعل فیه من العسل والزعفران ، وفرقه للشیعة لیداووا مرضاهم ».
وذکر ابن قولویه روایة بسند إلى محمّد بن زیاد ، عن عمّته قالت : « سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : إنّ في طین الحائر الذي فیه الحسین علیه السلام شفاء من کلّ داء ، وأماناً من کلّ خوف ».
وکان الإمام الصادق علیه السلام بحکم موقعه القیادی للشیعة ، کان له موضع خاصّ ومقام فرید في نفوس أصحابه الذین عاصروه ، فهو کان لهم قائداً وموجها وراداً على استفساراتهم وما أشکل من أمورهم ، فقد روی عن ابن أبی یعفور قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : « یأخذ الإنسان من طین قبر الحسین علیه السلام فینتفع به ویأخذ غیره فلا ینتفع به ! فقال : لا ، والله الذي لا إله إلا هو ، ما یأخذه أحد وهو یرى أن الله ینفعه به إلا نفعه الله به ».
وعنه علیه السلام قال : « من أصابته علّة فبدء بطین قبر الحسین علیه السلام شفاه الله من تلک العلّة ، إلّا أن تکون علّة السام ».
ولنستمع إلى شهادة أحد الذین عولجوا بطین قبر الحسین علیه السلام وبرأوا بأذن الله تعالى ، فقد ذکر ابن قولویه روایة بسند إلى محمّد بن مسلم ، قال : خرجت إلى المدینة وأنا وجع ، فقیل له أيّ الإمام الباقر علیه السلام محمّد بن مسلم وجع ، فأرسل إلی أبو جعفر علیه السلام بشراب مع غلام مغطّى بمندیل ، فناولنیه الغلام وقال لي : أشربه ، فإنّه قد أمرنی أن لا أبرح حتّى تشربه ، فتناولته فإذا رائحة المسک منه ، وإذا بشراب طیب الطعم بارد ، فلمّا شربته قال لي الغلام : یقول لک مولاک : إذا شربته فتعال.
ففکرت فیما قال لي وما أقدر على النهوض قبل ذلک على رجلي ، فلمّا استقرّ الشراب في جوفي فکأنّما نشطت من عقال ، فأتیت بابه فاستأذنت علیه فصوت بي : صح الجسم أدخل.
فدخلت علیه وأنا باک ، فسلّمت علیه وقبّلت یده ورأسه.
فقال لي : ما یبکیک یا محمّد ؟! قلت : جعلت فداک أبکي على اغترابي وبعد الشقّة وقلّة القدرة ، على المقام عندک أنظر إلیک.
فقال لي : أمّا قلّة القدرة فکذلک جعل الله أولیاءنا وأهل مودّتنا وجعل البلاء إلیهم سریعاً ، وأمّا ما ذکرت من الغربة ، فإن المؤمن في هذه الدنیا غریب وفي هذا الخلق المنکوس حتّى یخرج من هذه الدار إلى رحمة الله ، وأمّا ما ذکرت من بعد الشقّة فلک بأبي عبد الله علیه السلام أسوة بأرض نائیة عنّا بالفرات ، وأمّا ما ذکرت من حبّک قربنا والنظر إلینا ، وإنّک لا تقدر على ذلک ، فالله یعلم ما في قلبک وجزاؤک علیه.
ثمّ قال لي : هل تأتي قبر الحسین علیه السلام ؟ قلت : نعم ، على الخوف ووجل ، فقال لي : ما کان في هذا أشدّ بالثواب فیه على قدر الخوف ، ومن خاف في إتیانه أمن الله روعته یوم یقوم الناس لربّ العالمین ، وانصرف بالمغفرة ، وسلمت علیه الملائکة ، ورآه النبی صلّى الله علیه وآله وسلّم وما یصنع ، ودعا له ، وانقلب بنعمة من الله وفضل لم یمسّه سوء واتّبع رضوان الله ، ثمّ قال لي : کیف وجدت الشراب ؟ فقلت : أشهد أنّکم أهل بیت الرحمة وأنّک وصي الأوصیاء ، ولقد أتاني الغلام بما بعثته وما أقدر على أن أستقلّ على قدمي ، ولقد کنت آیساً من نفسي ، فناولني الشراب فشربته فما وجدت مثل ریحه ولا أطیب من ذوقه ولا طعمه ولا أبرد منه ، فلمّا شربته قال لي الغلام : إنّه أمرني أن أقول لک : إذا شربته فأقبل إليّ ، وقد علمت من عقال ، فالحمد لله الذي جعلکم رحمة لشیعتکم ورحمة عليّ ! فقال : یا محمّد إنّ الشراب الذي شربته فیه من طین قبر الحسین علیه السلام ، وهو أفضل ما استشفی به ، فلا تعدل به ، فإنّا نسقیه صبیاننا ونساءنا فنرى فیه کلّ خیر ، فقلت له : جعلت فداک إنّا لنأخذ منه ونستشفی به ، فقال : یأخذه الرجل یخرجه من الحائر وقد أظهره فلا یمرّ بأحد من الجنّ به عاهة ، ولا دابّة ولا شيء فیه آفة إلّا شمّه ، فتذهب برکته فیصیر برکته لغیره ، وهذا الذي نتعالج به لیس هکذا ، ولولا ما ذکرت ما یمسح به شيء ولا شرب منه شيء إلّا أفاق من ساعته ، وما هو إلّا کحجر الأسود أتاه صاحب العاهات والکفر والجاهلیّة ، وکان لا یتمسح به أحد إلّا أفاق ، وکان کأبیض یاقوتة فأسود حتّى صار ما رأیت.
فقلت : جعلت فداک کیف أصنع به ؟ فقال : تصنع به مع إظهارک إیّاه ما یصنع غیرک مستخفّ به فتطرحه في خرجک وفي أشیاء دنیّة فیذهب ما فیه ممّا تریده له ، فقلت : صدقت جعلت فداک ، قال : لیس یأخذه أحد إلّا وهو جاهل بأخذه لا یکاد یسلم بالناس ، فقلت : جعلت فداک وکیف لي أن آخذه کما تأخذه ؟ فقال لي : أعطیک منه شیئاً ، فقلت : نعم ، قال : إذا أخذته فکیف تصنع ؟ فقلت : أذهب به معي ، فقال لي : في أيّ شیئاً تجعله ؟ فقلت : في ثیابي ، قال : قد رجعت إلى ما کنت تصنع ، اشرب عندنا منه حاجتک ولا تحمله ، فإنّه لا یسلم لک ، فسقانی منه مرّتین ، فما أعلم أنّي وجدت شیئا ممّا کنت أجد حتّى انصرفت.
ثمّ بیّن الإمام الصادق علیه السلام کمیّة الطین المستخدم لغرض التداوي والعلاج ، فذکر الکمیّة فقال : مثل رأس الأنملة ، کما جاء في روایة أبو بکر الحضرمي عن الصادق علیه السلام قال : « لو أنّ مریضاً من المؤمنین یعرف حقّ أبي عبدالله علیه السلام وحرمته ، أخذ له من طین قبر الحسین صلّى الله علیه وآله وسلّم مثل رأس الأنملة کان له دواء وشفاء ».
ومرّة أخرى کما جاء في بعض الروایات یقول علیه السلام في کمیّة الطین بقدر الحمصة کما في روایة الحسن بن علی بن فضال عنه علیه السلام قال : « إنّ الله تعالى خلق آدم من الطین ، فحرّم الطین على ولده ، قال : قلت : فما تقول فی طین قبر الحسین علیه السلام ؟ قال : حرّم على الناس أکل لحومهم ، ویحلّ لهم أکل لحومنا ، ولکن الیسیر منه مثل الحمصة ».
ثمّ ذکر الإمام الصادق علیه السلام لشیعته بأن هناک آداب في استعمال طین قبر الحسین علیه السلام کما جاء في روایة ابن قولویه ، قال علیه السلام : « الطین أکله حرام ، کلحم الخنزیر ، ومن أکله ثمّ مات لم أصل علیه ، إلّا طین قبر الحسین علیه السلام ، فأنّ فیه شفاء من کلّ داء ، ومن أکله بشهوة لم یکن فیه شفاء ».
ثمّ علم الإمام الصادق علیه السلام أصحابه ، الأدعیة التي تقرأ عند تناول طین قبر الحسین علیه السلام لغرض عرض الاستشفاء به ، کذلک بیّن علیه السلام الأماکن التي یؤخذ منها الطین ، ففي روایة یؤخذ الطین من قبره علیه السلام على مقدار رأس میل کما ذکر ابن قولویه ، عن أبي بکر الحضرمي ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : « لو أنّ مریضاً من المؤمنین یعرف حقّ أبي عبدالله علیه السلام وحرمته وولایته أخذ له من طین قبره على رأس میل کان له دواء وشفاء ».
وفي روایة أخرى یذکر الإمام الصادق بأن طین التداوي یجب أن یؤخذ من عند رأس الشریف
ففي روایة یونس بن ربیع ، عن أبي عبدالله علیه السلام قال : « إنّ عند رأس الحسین بن علي علیهما السلام لتربة حمراء فیها شفاء من کلّ داء إلّا السام ، قال : فأتینا القبر بعد ما سمعنا هذا الحدیث ، فاحتفرنا عند رأس القبر ، فلمّا حفرنا قدر ذراع انحدرت علینا من رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر درهم ، فحملناه إلى الکوفة فمزجناه فأقبلنا نعطي یتداوون به ».
ویظهر من هذه الروایة بأن الطین الذي عند رأس الإمام الحسین علیه السلام یتّصف باللون الأحمر وله رائحة زکیّة ، وکان الأئمّة الأطهار إذا عرضت لهم تربة الإمام الحسین علیه السلام یعرفونها من لونها ورائحتها ، ففي روایة بسند عن أبي بکار قال : « أخذت من التربة التي عند رأس قبر الحسین بن علي علیه السلام ، فإنّها طینة حمراء ، فدخلت على الرضا علیه السلام فعرضتها علیه فأخذها في کفّه ، ثمّ شمّها ثمّ بکى حتّى جرت دموعه ، ثمّ قال : هذه تربة جدّي ».
أمّا مسألة الدعاء مع استعمال طین قبر الحسین علیه السلام ، فقد أکّد الإمام الصادق علیه السلام على قراءة الأدعیة المأثورة والتوسّل بالله تعالى بأن یجعل هذا الطین شفاء من کلّ داء ، وبدون الدعاء فأن صاحب الحاجة لا ینتفع به ، روی أنّ رجلاً سأل الصادق علیه السلام فقال : إنّي سمعتک تقول : إنّ تربة الحسین علیه السلام من الأدویة المفردة ، وإنّها لا تمرّ بداء إلّا هضمته ، فقال : قد کان ، قلت ذلک : فما بالک ؟ فقال : إنّي تناولتها فما انتفعت بها.
فقال : أمّا إن لها دعاء فمن تناولها ولم یدع به واستعملها لم یکد ینتفع بها ، قال : فقال له : ما یقول إذا تناولها ؟ قال : تقبّلها قبل کلّ شيء وتضعها على عینک ، ولا تناول أکثر من حمصة ، فإنّ من تناول أکثر فکأنّما أکل من لحومنا ودماءنا ، فقل : « اللهمّ إنّي أسألک بحقّ الملک الذي قبضها ، وبحقّ الملک الذي خزنها ، وأسألک بحقّ الوصيّ الذي حلّ فیها ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعله شفاء من کلّ داء ، وأماناً من کلّ خوف ، وحفظاً من کلّ سوء ».
فإذا قلت ذلک فاشددها في شيء ، واقرأ علیها إنا أنزلناه في لیلة القدر ، فإنّ الدعاء الذي تقدم لأخذها هو الاستیذان علیها واقرأ إنّا أنزلناه ختمها.
وجاء رجل إلى الإمام الصادق علیه السلام وقال له : إنّي رجل کثیر العلل والأمراض ، وما ترکت دواء إلّا تداویت به ، فقال لي : فأین أنت عن تربة الحسین علیه السلام فإنّ فیها الشفاء من کلّ داء ، والأمن کل کل خوف وقل إذا أخذته : « اللهمّ إنّي أسألک بحقّ هذه الطینة ، وبحقّ الملک الذي أخذها ، وبحقّ بیته ، واجعل لي فیها شفاء من کلّ داء وأماناً من کلّ خوف ». قال : ثمّ قال : إنّ الملک الذي أخذها جبرئیل وأراها النبي صلّى الله علیه وآله وسلّم فقال : هذه تربة ابنک هذا ، تقتله أمّتک من بعدک ، والنبي الذي قبضها فهو محمّد صلّى الله علیه وآله وسلّم ، وأمّا الوصي الذي حلّ فهو الحسین بن علي سیّد الشهداء ، قلت : قد عرفت الشفاء من کلّ داء ، فکیف الأمان من کلّ خوف ؟ قال : إذا خفت سلطاناً أو غیر ذلک فلا تخرج من منزلک إلّا ومعک من طین قبر الحسین علیه السلام ، وقل إذا أخذته : « اللهمّ إنّ هذه طینة قبر الحسین ولیّک وابن ولیّک ، اتّخذتها حرزاً لما أخاف ولما لا أخاف » فإنّه یرد علیک ما لا تخاف.
قال الرجل : فأخذتها ما قال فصحّ بدني ، وکان لي أماناً من کلّ ما خفت وما لم أخف کما قال ، فما رأیت بحمد الله بعدها مکروها.
کما ورد عن الإمام الصادق علیه السلام روایة عن حمل الطین من قبر الحسین علیه السلام وما یلزم من قراءة بعض السور من القرآن الکریم ، وبعض الأدعیة حتّى تتمّ الفائدة وتعمّ البرکة بفضل تربته الطاهرة ، ففي روایة أبو حمزة الثمالي ، قال : قال الصادق علیه السلام : إذا أردت حمل الطین من قبر الحسین علیه السلام فاقرأ : « فاتحة الکتاب » ، و « والمعوذتین » ، و « قل هو الله أحد » ، و « إنّا أنزلناه في لیلة القدر » ، و « یس » ، و « آیة الکرسي » وتقول : « اللهم بحقّ محمّد عبدک ورسولک وحبیبک ونبیّک وأمینک، وبحقّ أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب عبدک وأخي رسولک ، وبحقّ فاطمة بنت نبیّک وزوجة ولیّک ، وبحقّ الحسن والحسین ، وبحقّ الأئمّة الراشدین ، وبحقّ هذه التربة ، وبحقّ الملک الموکّل بها ، وبحقّ الذي ضمنت ، وبحقّ جمیع ملائکتک وأنبیائک ورسلک ، صلّ على محمّد وآل محمّد ، واجعل لي هذا الطین شفاء من کلّ داء ، وأن یستشفی به من کلّ داء وسقم ومرض ، وأماناً من کلّ خوف ، اللهمّ بحقّ محمّد وأهل بیته ، اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً ، وشفاء من کلّ داء وسقم وآفة وعاهة وجمیع الأوجاع کلّها ، إنّک على کلّ شيء قدیر ».
وتقول : « اللهم ربّ هذه الترب المبارکة المیمونة ، والملک الذي هبط بها ، والوصيّ الذي هو فیها ، صلّ على محمّد وآل محمّد وسلّم ، وانفعني بها ، إنّک على کلّ شيء قدیر ».
وکما بینا من الروایات السالفة عن الإمام الصادق علیه السلام بأنّ الدعاء عند أخذ طین قبر الحسین علیه السلام أو عند حمله أو استعماله مع الیقین والاعتقاد فهو یعتبر من الأدویة الشافیة من کلّ داء ، وأماناً من کلّ خوف ، وأمّا ما یفسد الطین ولم ینتفع به کما جاء في روایة أبو حمزة الثمالي ، عن الإمام الصادق علیه السلام ما یخالطها من أوعیتها ، والاستخفاف وعدم الیقین بصاحب القبر ، قال أبو حمزة الثمالي : کنت بمکّة ، وذکر في حدیثه الإمام الصادق قلت : جعلت فداک إنّي رأیت أصحابنا یأخذون من طین الحائر یستشفون به ، هل في ذلک شيء ممّا یقولون من الشفاء ؟ قال : قال : یستشفي بما بینه وبین القبر على رأس أربعة أمیال ، وکذلک قبر جدّي رسول الله صلّى الله علیه وآله وسلّم ، وکذلک طین القبر الحسین وعلي ومحمّد ، فخذ منها فإنّها شفاء من کلّ سقم ، وجنّة ممّا یخاف ، ولا یعد لها شيء من الأشیاء التي یستشفی بها إلّا الدعاء ، وإنّما یفسدها ما یخالطها من أوعیتها وقلّة الیقین لمن یعالج بها ، فأمّا من أیقن أنها له شفاء إذا یعالج بها کفته بإذن الله من غیرها ممّا یتعالج به ، ویفسدها الشیاطین والجنّ من أهل الکفر من هم یتمسحون بها ، وما تمرّ بشيء إلّا شمّها ، وأمّا الشیاطین وکفّار الجنّ فانّهم یحسدون بني آدم علیها ، فیتمسحون بها فیذهب عامة طیبها ، ولا یخرج الطین من الحائر إلّا وقد استعدّ له ما لا یحصى منهم وأنّه لفي ید صاحبها ، وهم یتمسحون بها ، ولا یقدرون مع الملائکة أن یدخلوا الحائر ، ولو کان من التربة شيء سلم ما عولج به أحد إلّا برئ من ساعته ، فإذا أخذتها فاکتمها ، وأکثر علیها من ذکر الله تعالى ، وقد بلغني أنّ بعض من یأخذ التربة شیئاً یستخفّ به ، حتّى أن بعضهم لیطرحها في مخلاة الإبل والبغل والحمار أو في وعاء الطعام ، وما یمسح به الأیدي من الطعام ، والخرج والجوالق ، فکیف یستشفی به من هذا حاله عنده ؟! ولکن القلب الذي لیس فیه الیقین من المستخفّ بما فیه صلاحه لیفسد علیه عمله.
ووردت روایات أخرى عن الإمام الصادق علیه السلام بخصوص الاستشفاء بطین قبر الحسین علیه السلام ، وقراءة أدعیة التوسّل بالله عزّ وجلّ خلال تناول بعضاً من طین القبر ، فقد ورد عنه علیه السلام قال : إذا تناول أحدکم من طین قبر الحسین علیه السلام فلیقل : « اللهمّ إنّي أسألک بحقّ الملک الذي تناوله ، والرسول الذي بوأه ، والوصيّ الذي ضمن فیه ، أن تجعله شفاء من کلّ داء ـ کذا وکذا ـ ویسمّی ذلک الداء ».
وروی عنه علیه السلام قال : إذا أخذته فقل : « اللهم بحقّ هذه التربة الطاهرة ، وبحقّ البقعة الطیّبة وبحقّ الوصي الذي تواریه ، وبحقّ جدّه وأبیه ، وأمّه وأخیه ، والملائکة الذین یحفون به ، والملائکة العکوف على قبر ولیّک ، ینتظرون نصره صلّى الله علیهم أجمعین ، واجعل لي فیه شفاء من کلّ داء، وأماناً من کلّ خوف ، وغنى من کلّ فقر ، وعزّا من کلّ ذلّ ، وأوسع به علی في رزقي ، وأصحّ جسمي ».
وعنه أیضاً علیه السلام قال : فإذا احتاج أحدکم الأکل منه طین قبر الحسین علیه السلام یستشفی به فلیقل : « بسم الله وبالله ، اللّهم ربّ التربة المبارکة الطاهرة ، وربّ النور الذي أنزل فیه ، وربّ الجسد الذي سکن فیه ، وربّ الملائکة الموکّلین به ، اجعله لي شفاء من کلّ داء کذا وکذا ».
واجرع من الماء جرعة خلفه وقل : « اللهم اجعله رزقاً واسعاً وعلماً وشفاء من کلّ داء وسقم ».
فان الله تعالى یدفع عنک بها کلّ ما تجد من السقم والهمّ والغمّ إن شاء الله تعالى.
وفی روایة یونس بن ظبیان عن الإمام الصادق علیه السلام ، قال : « طین قبر الحسین شفاء من کلّ داء فإذا أکلته فقل : بسم الله وبالله ، اللّهم اجعله رزقاً واسعاً ، وعلماً نافعاً ، وشفاء من کلّ داء ، إنّک على کلّ شيء قدیر ، ربّ التربة المبارکة ، وربّ الوصي الذي وارته صلّی على محمّد وآل محمّد ، واجعل هذا الطین شفاء من کلّ داء ، وأماناً من کلّ خوف ».
ومن ذلک صار طین قبر الحسین علیه السلام علاجاً ناجعاً ، تتّخذه الشیعة للتبرّک والمعالجة ، یتداولونه فیما بینهم ، حتّى تعدّى ذلک إلى عامّة المسلمین ، وشهد ببرکة وفضل طین قبر الحسین علیه السلام بعض المعاندین والمخالفین ، ففي روایة الحسین بن محمّد الأزدي ، عن أبیه قال : صلّیت في جامع المدینة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثیاب السفر ، فقال أحدهما لصاحبه : یا فلان أما علمت أنّ طین قبر الحسین علیه السلام شفاء من کلّ داء ؟ وذلک أنّه کان بي وجع الجوف ، فتعالجت بکلّ دواء فلم أجد فیه عافیة ، وخفت على نفسي وآیست منها ، وکانت عندنا امرأة من أهل الکوفة عجوز کبیرة ، فدخلت إليّ وأنا في أشدّ ما بي من العلّة ، فقالت لي : یا سالم ما أرى علّتک إلّا کلّ یوم زائدة ؟! فقلت لها : نعم ، فقالت : فهل لک أن أعالجک فتبرّأ بأذن الله عزّ وجلّ ؟ فقلت لها : ما أنا إلى شيء أحوج منّي إلى هذا ، فسقتني ماء في قدح فسکنت عنّي العلّة وبرئت حتّى کأن لم یکن بي علّة قطّ.
فلمّا کان بعد شهر دخلت علی العجوز ، فقلت لها : بالله علیک یا سلمة « وکان اسمها سلمة » بماذا داویتني ؟ فقالت : بواحدة ممّا في هذه السبحة ، من سبحة کانت في یدها ، فقلت : وما هذه السبحة ؟ فقالت : إنّها من طین قبر الحسین علیه السلام ، فقلت لها : یا رافضیّة داویتنی بطین قبر الحسین علیه السلام ؟ فخرجت من عندي مغضبة ورجعت والله علّتي کأشدّ ما کانت ، وأنا أقاسي منها الجهد والبلاء ، وقد والله خشیت على نفسي ، ثمّ أذّن المؤذّن فقاما یصلّیان وغابا عنّي.
نستدلّ من الروایة المذکورة بأنّ الرجل کان من أهل السنّة ، وخاطب العجوز بکلمة « یا رافضیّة » وهذا المصطلح کان یطلقه العامّة على شیعة أمیر المؤمنین ، أمّا الوجه الثانی في الروایة فیظهر أنّ الشیعة أقبلت على طین القبر تستعمله لغرض الاستشفاء والعلاج أو للتبرّک فحملوه على هیئة لوح صغیر یضعونه في جیوبهم ، وتعمل منه أیضاً المسبحات.
وفي روایة موسى بن عبد العزیز کما ذکرها الشیخ الطوسي قال : لقیني یوحنا بن سراقیون النصراني المتطبّب في شارع أبي أحمد ، فاستوقفني وقال لي : بحقّ نبیّک ودینک من هذا الذي یزور قبره قوم منکم بناحیة قصر ابن هبیرة ؟! من هو من أصحاب نبیّکم ؟ قلت : لیس هو من أصحابه هو ابن بنته ، فما دعاک إلى المسألة عنه ؟ فقال له : عندي حدیث طریف ، فقلت : حدّثني به ، فقال : وجه إلی سابور الکبیر الخادم الرشیدي في اللیل ، فصرت إلیه ، فقال لي : تعالى معي ، فمضى وأنا معه حتّى دخلنا على موسى بن عیسى الهاشمي ، فوجدناه زائل العقل متّکئاً على وسادة وإذا بین یدیه طست فیها حشو جوفه ، وکان الرشید استحضره من الکوفة.
فأقبل سابور على خادم کان من خاصّة موسى ، فقال له : ویحک ما خبره ! فقال له : أخبرک أنّه کان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه ، وهو من أصحّ الناس جسماً وأطیبهم نفساً ، إذ جرى ذکر الحسین علیه السلام ، قال یوحنا : هذا الذي سألتک عنه ؟ فقال موسى : إنّ الرافضیّة لیغلون فیه حتّى أنّهم فیما عرفت یجعلون تربته دواء یتداوون به ، فقال له رجل من بني هاشم کان حاضراً : قد کان بي علّة علیلة فتعالجت بها کلّ علاج فما نفعني ، حتّى وصف لي کاتبي أن آخذ من هذه التربة فأخذتها فنفعنی الله بها وزال عنّي ما کنت أجده.
قال : فبقی عندک منها شيء ؟ قال : نعم ، فوجه فجاءه منها بقطعة ، فناولها موسى بن عیسى ، فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن تداوى بها ، واحتقاراً وتصغیراً لهذا الرجل هي تربته ـ یعنی الحسین علیه السلام ـ فما هو إلّا أن استدخلها دبره حتى صاح : النار النار ، الطست الطست ، فجئنا بالطست فأخرج فیها ما ترى.
فانصرف الندماء ، فصار المجلس مأتماً ، فأقبل علی سابور فقال : انظر هل لک فیه حیلة ؟ فدعوت بشمعة فنظرت فإذا کبده وطحاله وریته وفؤاده خرج منه في الطست ، فنظرت إلى أمر عظیم فقلت : ما لأحد في هذا أصنع إلّا أن یکون لعیسى الذي کان یحیي الموتى ، فقال لي سابور : صدقت ، ولکن کن هاهنا في البیت إلى أن یتبیّن ما یکون من أمره ، فبت عندهم وهو بتلک الحال ما رفع رأسه ، فمات في وقت السحر.
وکان یوحنّا یزور قبر الحسین علیه السلام وهو على دینه ، ثمّ أسلم بعد هذا وحسن إسلامه.
وروی أنّ علي بن محمّد النوفلي قال لأبي الحسن علیه السلام إنّي أفطرت یوم الفطر على طین القبر وتمر فقال له : جمعت بین برکة وسنّة.
التعلیقات