أمّ المؤمنين خديجة رضوان الله عليها
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 9 سنواتأمّ المؤمنين خديجة رضوان الله عليها
خديجة اُمّ المؤمنين زوجة الرسول الكريم ، تزوّجها صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان سنه خمسة وعشرين سنة ـ وخديجة يومئذٍ ابنة أربعين سنة ، وهي أوّل امرأة دخلت حياته ، ولم يتزوّج عليها حتّى ماتت.
لقد أجمع أهل السير والتاريخ أن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ابن قصي (1) كانت امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إيّاه بشيء تجعله لهم منه ، وكانت قريش تجّاراً. فلمّا بلغها عن رسول الله (ص) صدق الحديث وعظم الأمانة ، وكرم الأخلاق ، أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام تاجراً ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره مع غلامها ميسرة ، فأجابها.
خرج معه ميسرة حتّى قدم الشام ، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ظلّ شجرة قريباً من صومعة راهب ، فاطّلع الراهب رأسه إلى ميسرة ، فقال : من هذا ؟؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش ، فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلّا نبي.
ثمّ باع رسول الله (ص) واشترى وعاد فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة ، يرى ملكين يظللانه من الشمس وهو على بعير ، فلمّا قدم مكّة ربحت خديجة ربحاً كثيراً ، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وما رأى من اظلال الملكين إيّاه.
كانت خديجة امرأة حازمة عاقلة شريفة مع ما أراد الله من كرامتها ، فأرسلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعرضت عليه نفسها ، وكانت من أوسط نساء قريش نسباً (2) وأكثرهنّ مالاً وشرفاً. وكلّ رجل من قومها كان حريصاً على الزواج منها لو يقدر عليه.
فلمّا أرسلت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فأخبر أعمامه. وخرج ومعه حمزة بن عبد المطلب وأبو طالب وغيرهما من عمومته ، حتّى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه.
فتزوّجها فولدت له أولاده كلّهم ما عدا ابراهيم.
قصّة زواج الرسول (ص) من خديجة :
ذكر جميع أهل السير عن نفيسة بنت منية قالت : كانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة ضابطة جلدة ، قويّة ، شريفة مع ما أراد الله تعالى لها من الكرامة والخير ، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً ، وأعظمهم شرفاً ، وأكثرهم مالاً ، وأحسنهم جمالاً وكانت تدعى في الجاهليّة بالطاهرة قد طلبها جلّ رجال قومها ، وذكروا لها الأموال ، فلم تقبل فأرسلتني دسيساً (3) إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم. بعد أن رجع في عيرها من الشام فقلت : يا محمّد ما يمنعك أن تتزوج ؟ ..
فقال : ما بيدي ما أتزوّج به ..
قلت : فإن كفيت ذلك .. ودعيت إلى المال .. والجمال .. والشرف .. والكفاية .. ألا تجيب ؟
قال : فمن هي ؟ .. قلت : خديجة بنت خويلد ..
قال : وكيف لي بذلك يا نفيسة ؟؟ وأنا يتيم قريش ، وهي أيم قريش ذات الجاه العظيم والثروة الواسعة.
فقالت نفيسة : قلت بلى وأنا أفعل ، فذهبت فأخبرتها فأرسلت إليه أن يحضر إليها. وأرسلت إلى عمّها عمرو بن أسد ليزوّجها فحضر.
ودخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في عمومته ـ وقد خطب عمّه أبو طالب يومئذٍ خطبته المشهورة التي ذكرها أهل التاريخ وأصحاب السير.
خطبة أبو طالب يوم زواج الرسول (ص) :
قال أبو طالب :
الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة ابراهيم ، وزرع اسماعيل ، وضئضئ معد (4) وعنصر مضر (5) وجعلنا حضنة بيته المتكفّلين بشأنه ، وسوَّاس حرمه ، القائمين بخدمته. وجعله لنا بيتاً محجوباً ، وحرماً آمناً ، وجعلنا أحكام أحكام الناس.
ثمّ ابن أخي هذا محمّد بن عبدالله ، لا يوزن به رجل إلّا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، وإن كان في المال قلّ فإن المال ظلّ زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة.
وهو والله بعد هذا ، له نبأ عظيم ، وخطر جليل ، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة ، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثني عشر اوقية ونشاً (6).
وعند ذلك قال عمّها عمرو بن أسد : « هو الفحل لا يقدع أنفه ».
وبعد أن انتهى أبوطالب من خطبته (7) تكلّم ورقة بن نوفل. فقال :
« الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضّلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كلّه ، لا ينكر العرب فضلكم. ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم فاشهدوا عليَّ معاشر قريش ، إنّي قد زوّجت خديجة بنت خويلد ، من محمّد بن عبد الله ، وذكر المهر ».
وأولم عليها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ونحر جزوراً ، وقيل نحر جزورين ، وأطعم الناس وفرح أبو طالب فرحاً شديداً. وقال : « الحمد لله الذي أذهب عنّا الكرب ، ودفع الغموم ». وهي أوّل وليمة يولمها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال الشاعر في ذلك :
ورأته خديجة والتقى والز |
هد فيه سجيّة والحياء | |
وأتاها أن الغمامة والسر |
ح أظلته منهما أفياء | |
وأحاديث أن وعد رسول |
الله بالبعث حان منه الوفاء |
ابن أخيك ما كان ، وهذا عمارة بن المغيرة أحسن فتى في قريش جمالاً ونسباً ونهادة وشعراً ، ندفعه اليك فيكون لك نصره وميراثه ، وتدفع الينا ابن أخيك نقتله ، فإن ذلك أجمع للعشيرة وأفضل في عواقب الأمور. قال أبو طالب : والله ما انصفتموني ، تعطوني إبنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابن أخي تقتلونه ؟! ما هذا بالنصف ! لا كان ذلك أبداً.
وحينما فقده مرّة ولم يجده (ص) أمر فتيان بني هاشم وقال لهم : ليأخذ كلّ واحد منكم حديدة صارمة ، حتّى اذا ما وجدنا محمّداً فليقتل كلّ واحد منكم واحداً من زعماء قريش ، وكانت قريش مجتمعة في الكعبة. ولما وجد محمّد (ص) أخبر زعماء قريش عمّا كان أراد من قتلهم اذا لم يجد محمّداً (ص) وحينما طلبت قريش أن يترك محمّد (ص) الدعوة الى الاسلام ويسوِّدونه عليهم أجاب عليه الصلاة والسلام : « يا عمّ والله لو وضعوا الشمس بيمني والقمر بيساري على أن أترك هذا الأمر لما تركته ». فأجابه عمّه بقوله :
والله لن يصلوا اليك بجمعهم |
حتّى اوسد في التراب دفينا | |
ولقد علمت بأن دين محمّد |
من خير أديان البريّة دينا |
وكلّ من يقول بعدم اسلام أبي طالب يكون قد افترى وأخطأ لأن دفاعه أكبر شاهد على اسلامه ...
فدعته إلى الزواج وما |
أحسن ما يبلغ المنى الأذكياء |
إنّ خديجة رضي الله عنها عندما رأت محمّداً وما يتحلى به من الأمانة والتقى والورع والحياء والزهد والوفاء ، لم تتأخّر بانتهاز الفرصة ، ودعوة محمّد الى الزواج فعرضت نفسها عليه ، وهي ذات الشرف الظاهر ، والمال الوافر ، والخلق الكريم ، والحسب ، والنسب.
وذكر ابن هشام : « أنّ خديجة اُمّ المؤمنين كانت قد تزوّجت من أبي هالة بن زرارة التميمي. ومات أبو هالة في الجاهليّة ، وقد ولدت له خديجة هنداً الصحابي ، راوي حديث صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وقد شهد بدراً وقيل أحداً. وقد روى عنه الحسن بن علي فقال : حدّثني خالي لأنّه أخو فاطمة لامها. وكان هند هذا فصيحاً ، بليغاً ، وصّافاً. وكان يقول : أنا أكرم الناس أباً ـ واُمّاً وأخاً واُختاً ـ أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (8).
وأخي القاسم ، وأختي فاطمة ، وأمّي خديجة. رضي الله عنهم جميعاً.
وقتل هنداً هذا مع علي رضي الله عنه يوم الجمل (9).
نبذة من حياة السيّدة خديجة مع الرسول الأعظم (ص)
لنلقي نظرة سريعة على حياة السيّدة خديجة رضي الله عنها ، بعد زواجها من الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم نرى ما لاقته من ظلم قريش وقطعيتها ، لأنّها وقفت من محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم تلك الوقفة الجبارة التي سجّلها التاريخ على صفحاته.
لقد كانت رضوان الله عليها أكبر مساعد للرسول (ص) وأعظم عون على نشر دعوته ، حتّى قال عليه وآله الصلاة والسلام : « قام الدين بسيف علي ومال خديجة » لأنّها صرفت مالها الكثير في سبيل نصرة الإسلام.
لقد كانت خديجة رضي الله عنها ، في العزّ والجاه والثروة ، وهي سيّدة قريش ـ كما أسلفنا ـ ولكن بعد زواجها من محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، انفضوا من حولها ، ورجعوا باللائمّة عليها وأخيراً تنكر لها الجميع كأنّها أتت شيئاً نكراً.
ولمّا بُعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كانت خديجة أوّل من آمن بالله ورسوله وصدقه فيما جاء به عن ربّه ، وآزره على أمره ، فكان عليه وآله الصلاة والسلام ، لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه ـ من ردٍ عليه أو تكذيب له أو استهزاء به ـ إلّا فرج الله عنه بخديجة ، التي كانت تثبته على دعوته ، وتخفف عنه وتهون عليه ما يلقى من قومه من المعارضة والأذى (10).
نزول الوحي ـ ومبعث الرسول :
استقرّت الحياة هادئة ناعمة ، فقد لاقى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم في بيت الزوجيّة العطف والحنان ، الذي افتقده منذ طفولته ، وهذه خديجة الزوجة الوفيّة ، قد أضفت على البيت الراحة والاستقرار والأمان ، وولدت البنات والصبيان.
نعمت أسرة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، سنوات بحياة هادئة ، وادعة ، بالألفة والمودّة ، يرشف الزوجان على مهل ، رحيق ودٍ عميق ، وحلاوة سعادة صافية.
لقد كان في الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ميل إلى التفكير والاستغراق ، ونزوع إلى الخلاء والتأمّل منذ صباه ، فكان يذهب إلى غار حراء ، (11) يقضي فيه الساعات ، بل يتعدّاها إلى الليالي يمارس هناك ، بعيداً عن الناس ما طاب له من التعبّد والتهجّد وما يسمّونه الآن في العصر الحاضر : « الرياضة الروحيّة ».
وهنا تتجلّى شخصيّة السيّدة خديجة ، وما كان لها من تأثير بالغ على حياة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنراها في وقارها ، وجلال سنّها ونضوجها ، لا تتأفف أو تضيق بهذه الخلوات ، التي كانت تبعد عنها زوجها الحبيب ، وعن أولادها ، وبيتها ، وما خطر لها أن تعاتبه ، أو تتذمر من هجره لها الليالي الطوال ، وما حاولت رضي الله عنها ، أن تعكر عليه صفاءه كما نعهد ، من فضول النساء ، التي تستأثر بالرجل وتغار عليه.
ولكن السيّدة خديجة رضوان الله عليها ، كانت على عكس ذلك ، فقد حاولت ما وسعها الجهد ، أن توفّر له الهدوء والاستقرار ، وأحاطته بالرعاية التامّة ، مدّة إقامته في البيت ، وعندما يذهب إلى غار حراء ، كانت ترسل من يحرسه ويرعاه ولا يعكر عليه صفو خلوته.
وهناك في غار حراء ، « بعث الله رسوله وأكرمه بما اختصّه به من نبوّته ، بعد أن استكمل أربعين سنة وذلك بعد بنيان الكعبة بخمس سنين » (12).
وكان مبعثه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، في شهر ربيع الأوّل ـ وقيل في السابع والعشرين من شهر رجب ، وقيل في رمضان ـ وأشار لذلك قول الشاعر :
وأتت عليه أربعون فأشرقت |
شمس النبوّة منه في رمضان |
« وكان جبريل يظهر له ، فيكلّمه ، وربّما ناداه من السماء ، ومن الشجرة ، ومن الجبل ، فيذعر من ذلك الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم » (13).
عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل (14) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لخديجة : إنّي إذا خلوت وحدي ، سمعت نداءً ، فقالت : ما يفعل بك الله إلّا خيراً ، فوالله إنّك لتؤدّي الأمانة وتصل الرحم ، وتصدق الحديث. قالت خديجة : فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، وهو ابن عمّ خديجة فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بما رأى فقال له ورقة إذا أتاك فاثبت له حتّى تسمع ما يقول ، ثمّ ائتني فأخبرني ، فلمّا خلا ناداه يا محمّد ، قل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين حتّى بلغ ولا الضالين قل لا إله إلّا الله ، فأتى ورقة فذكر له ذلك ، فقال له : أبشر ثمّ أبشر ، فأنا أشهد أنّك الذي بشّر به ابن مريم وأنّك على مثل ناموس موسى وأنّك نبي مرسل ، وأنّك سوف تؤمر بالجهاد ، بعد يومك هذا ، ولئن أدركني ذلك لأجاهدنَّ معك ، فلمّا توفّي ورقة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لقد رأيت القس في الجنّة ، عليه ثياب الحرير لأنّه آمن بي وصدّقني ـ يعني ورقة ـ وروي أنّ ورقة قال في ذلك :
فإن يك حقاً يا خديجة فاعلمي |
حديثك إيّانا فأحمد مرسل | |
وجبريل يأتيه وميكال معهما |
من الله وحي يشرح الصدر منزل | |
يفوز به من فاز عزاً لدينه |
ويشقى به الغاوي الشقي المضلل | |
فريقان منه فرقة في جنانه |
واخرى بأغلال الجحيم تغلغل |
عن عائشة أم المؤمنين انّها قالت : (15) أوّل ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الوحي ، الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح.
ثمّ حبب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه ، وهو التعبّد ، الليالي ذوات العدد ، قبل أن ينزع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثمّ يرجع إلى خديجة ، فيتزوّد لمثلها ، حتّى جاءه الحقّ ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ. قال : فأخذني فغطني (16) حتّى بلغ منّي الجهد. ثمّ أرسلني.
فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطّني الثانية حتّى بلغ منّي الجهد ثمّ أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطّني الثالثة حتّى بلغ منّي الجهد ثمّ أرسلني فقال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) (17).
فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني ـ زملوني فزملوه حتّى ذهب عنه الرعب فقال لخديجة : وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة : كلّا ما يخزيك الله ابداً ، إنّك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق !
وفي سيرة ابن هشام عن النبي (ص) قال : فخرجت حتّى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمّد أنت رسول الله وأنا جبريل. قال : فوقفت أنظر اليه. ما أتقدّم وما أتأخّر ، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ، قال : فلا أنظر في ناحية منها إلّا رأيته كذلك ، فما زلت واقفاً ما أتقدم أمامي ، ولا أرجع ورائي ، حتّى بعثت خديجة رسلها في طلبي ، فبلغوا أعلى مكّة ، ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثمّ انصرف عنّي.
وانصرفت راجعاً إلى أهلي ، حتّى أتيت خديجة ، فجلست إليها مضيفاً (18). فقالت يا أبا القاسم : أين كنت ! فو الله لقد بعثت رسلي في طلبك حتّى بلغوا مكّة ، ورجعوا إليّ فحدّثتها بالذي رأيت ، فقالت أبشر ، واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إنّي لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمّة (19).
وآمنت خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله عزّ وجلّ ، وآزرته على أمره فكانت أوّل من آمن بالله ورسوله.
أجل لقد كانت ساعده الأقوى ، مشجعة إيّاه على القيام بأعباء النبوّة العظيمة ، فخفّف الله بذلك عن نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من المشركين ، من ردٍ عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلّا فرج الله عنه بها ، إذا رجع إليها وجدها العطوف الحنون.
صلاة النبي (ص) وخديجة وعلي (ع)
إنّ الصلاة حين افترضت على الرسول (ص) أتاه جبريل وهو بأعلى مكّة ، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت منه عين ، فتوضّأ جبريل عليه السلام ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينظر اليه ليريه كيف الطهور للصلاة ، ثمّ توضّأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، كما رأى جبريل توضّأ ، ثمّ قام به جبريل فصلّى به وصلّى رسول الله بصلاته. ثمّ انصرف جبريل عليه السلام فجاء رسول الله خديجة فتوضّأ لها ليريها كيف الطهور ، كما أراه جبريل. فتوضّأت كما توضّأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثمّ صلّى بها الرسول كما صلّى به جبريل فصلّت بصلاته.
ومكث رسول الله (ص) وخديجة ، وعلي بن أبي طالب (ع) يقيمون الصلاة سرّاً ما شاء الله. ثمّ أخذوا بالذهاب الى الكعبة غير مبالين باستهزاء قريش وسخريّتهم ، والأذى الذي كانوا يلاقونه.
وأقام الرسول أوّل فرض |
اقتدت فيه أحسن الاقتداء | |
وهي كانت لكل ما يتجلى |
من رسول الهدى من الرقباء | |
فترى بالعيان ما لا تراه |
من عظيم الآيات مقلة راء (20) |
وفي رواية عن عفيف الكندي ، قال (21) :
« جئت في الجاهليّة الى مكّة ، وأنا أريد ان ابتاع لأهلي من ثيابها وعطرها ، فنزلت على العبّاس بن عبد المطلب.
قال : فأنا عنده ، وأنا أنظر الى الكعبة وقد حلّقت الشمس فارتفعت إذ أقبل شاب حتّى دنا من الكعبة ، فرفع رأسه الى السماء ، فنظر مليّاً ، ثمّ استقبل الكعبة قائماً مستقبلها وما هي إلّا ان جاء غلام حتّى قام عن يمينه ثمّ لم يلبث إلّا يسيراً ، حتّى جاءت امرأة فقامت خلفهما. ثمّ ركع الشاب فركع الغلام ، وركعت المرأة ، ثمّ رفع الشاب رأسه ، ورفع الغلام رأسه ، ورفعت المرأة رأسها ثمّ خرَّ الشاب ساجداً ، وخرّ الغلام ساجداً ، وخرّت المرأة ساجدة.
قال : فقلت : يا عبّاس انّي أرى امراً عظيماً فقال العبّاس أمر عظيم !! هل تدري من هذا الشاب ؟ قلت : لا ما أدري قال : هذا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي ... هل تدري من هذه ؟ قلت : لا أدري. قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي هذا. انّ ابن أخي هذا الذي ترى حدّثنا أنّ ربّه ربّ السموات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه والله ما علمت على ظهر الأرض كلّها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة » انتهى.
وإذا حلَّت الهداية قلباً |
نشطت في العبادة الأعضاء |
لما بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. جعل يدعو الناس سرّاً ، واتبعه ناس جلهم من الضعفاء ، من الرجال والنساء والى هذا المعنى يشير الحديث الشريف بقوله : « انّ هذا الدين بدأ غريباً ـ وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ».
ولا يخفى انّ أهل التاريخ وعلماء السير قد اجمعوا على أنّ أوّل الناس إيماناً بالنبي عليه الصلاة والسلام خديجة رضي الله عنها ـ ثمّ علي بن ابي طالب (ع).
ففي المرفوع عن سلمان انّ النبي قال : أوّل هذه الأمّة وروداً على الحوض أوّلها إسلاماً علي بن أبي طالب. ولما زوّجه فاطمة قال لها : زوّجتك سيّداً في الدنيا والآخرة. وانّه لأوّل أصحابي إسلاماً ... وأكثرهم علماً ... وأعظمهم حلماً (22).
لقد كانت خديجة (رض) مثال الإخلاص والوفاء ، فلم تبال عندما تنكرت لها قريش ، ولم تكترث لجفاء نساء مكّة لها ، وهي السيّدة الجليلة ذات المقام الرفيع كما قيل :
وجفتها نساء مكة لما |
زوجت فيه في أشد الجفاء | |
وهي لا تنثني عن الحق صبراً |
ودفاعاً عن خاتم الأنبياء |
وقفت خديجة بجانب محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، تؤازره وتواسيه ، تتحمّل المشاق ، وتستسيغ الهوان في سبيل الإسلام ، صابرة على شظف العيش وعلى الحصار والحرمان.
حصار قريش للمسلمين
لما رأت قريش الاسلام يتسع ويزيد ، واموال خديجة بين يدي محمّد (ص) يتصرّف بها كيف يشاء في سبيل الاسلام ويشتري الارقاء من الذين أسلموا ، ووقعوا تحت التعذيب في أيدي قريش ويحرّرهم ، وهم المستضعفون.
اجتمع كفّار قريش على قتل محمّد وقالوا : قد أفسد علينا أبناءنا ونساءنا الذين اتّبعوه ، وقالوا لقومه خذوا منّا دية مضاعفة ويقتله رجل من قريش وتريحون أنفسكم. فأبى قومه ، فعند ذلك اجتمع رأيهم على منابذة بني هاشم والتضييق عليهم بمنعهم حضور الأسواق فلا يبيعوهم ـ ولا يبتاعوا منهم شيئاً. ولا يقبلوا لهم صلحاً ، ولا تأخذهم بهم رأفة ، حتّى يسلموا محمّداً (ص) ـ للقتل ـ وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها بالكعبة.
فدخل بنو هاشم وبنو المطلب في الشعب إلّا أبو لهب فانّه ضاهر عليهم قريشاً (23).
وكان كاتب الصحيفة ، منصور بن عكرمة ، فدعى عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فشلت أصابعه. وكانت الصحيفة عند أم الجلاس الحنظليّة خالة أبي جهل.
وروي انّ بني هاشم ـ وبني المطلب لاقوا شتى المصاعب وهم محاصرون في الشعب ، فقد جهدوا حتّى كانوا يأكلون الخبط « ورق الشجر » وكانوا إذا قدمت العير مكّة ، يأتي أحدهم السوق ليشتري شيئاً من الطعام يقتاته ، فيقوم أبو لهب فيقول :
يا معشر التجّار غالوا محمّداً ... وأصحاب محمّد ... حتّى لا يدركوا شيئاً معكم ، فقد علمتم مالي ووفاء ذمّتي. فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافاً حتّى يرجع المسلم إلى أطفاله وهم يتضاغون من الجوع ، وليس في يده شيء يعلّلهم به.
وبقي المسلمون في شعب أبي طالب ثلاث سنوات متتالية حتّى جهد المؤمنون ومن معهم جوعاً وعرياً.
وانّ ثباتهم على هذه الشدّة جعل لهم المقام الرفيع في الآخرة وملكهم الأرض في الدنيا ، فكانوا ساداتها. وكما قيل :
وجزاهم في جنة الخلد فيما |
روا وهي منه خير جزاء |
قصّة حكيم بن حزام مع أبي جهل
ذكر المؤرّخون انّ أبا جهل لقي حكيم بن حزام بن خويلد ومعه غلام يحمل قمحاً يريد به عمّته خديجة بنت خويلد ، وهي عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم محاصرة معه في شعب أبي طالب تعاني مع المسلمين الجوع ... والحرمان ... والحبس ... والاضطهاد فتعلّق به أبو جهل وقال : أتذهب بالطعام إلى بني هاشم ؟
والله لا تبرح أنت وطعامك حتّى أفضحك بمكّة ...
فجاءه أبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد فقال : مالك ... وله ؟ فقال : يحمل الطعام إلى بني هاشم !
فقال له أبو البختري : طعام كان لعمّته عنده ، بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها ؟ خلّ سبيل الرجل. فأبى أبو جهل حتّى نال أحدهما من صاحبه ... فأخذ له أبو البختري لحيّ بعير فضربه به فشجه ، ووطئه وطئاً شديداً. وحمزة بن عبدالمطلب قريب يرى ذلك ، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأصحابه ، فيشمتون بهم ...
ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً ... مبادياً بأمر الله لا يتّقي فيه أحداً من الناس.
ثم قام النبي يدعو إلى الله |
وفي الكفر شدة واباء | |
امما شربت في قلوبهم الكفر |
فداء ضلال فيهم عياء |
شخصيّة أمّ المؤمنين خديجة :
ستظلّ خديجة أمّ المؤمنين رضي الله عنها رمزاً حيّاً في سجلّ المرأة المسلمة الصالحة. وستبقى على مرّ العصور القدوة الحسنة التي يجب على كلّ امرأة أن تتبع خطاها.
لقد وقفت السيّدة خديجة (رض) حياتها للعطاء الكامل. الذي وهبته للرسول الكريم ، بكلّ ايمان. وخطّت بعقيدتها الثابتة طريق الصواب ، لبنات جنسها ، في وقت كانت البشريّة لا تعي حقيقة وجود المرأة ، وقبل أن يتفتح العقل الإنساني ، ويتفهم معنى السعادة الحقيقة.
صحيح ان هناك أناساً يقيسون السعادة واللذّة بمقدار ما يغرقون بها من متع جنسيّة ... أو بقدر ما يلتهمون من أطعمة شهيّة ... أو بضخامة ما يمتلكون من ثروة ماليّة ... الخ ... غير ان الواقع لا يؤيّد ذلك أبداً ...
انّ اللذّة والسعادة لا تعني المتعة الحسيّة الماديّة فقط. بل هي الشعور الذاتي بالرضا ... والإسترضاء وهي كلّ ما يدخل الاطمئنان إلى قلب الإنسان.
وممّا لا ريب فيه أن السعادة الحقيقة يفوز بلذّتها كلّ من يتمسّك بايمانه وعقيدته ومبادئ الأخلاق الفاضلة.
انّ السعادة لمن يفضل الإخلاص على الخيانة ... وهي لمن يؤثر الضنك والدخل المحدود ، على الكسب الحرام والربا والاحتكار. وهي لمن يجد اللذّة في تحمل المشاق والمتاعب للمحافظة على دينه وعرضه وشرفه.
وهذه سيّدتنا خديجة أمّ المؤمنين (رض) لقد اكتنفت السعادة حياتها على رغم المصاعب والعقبات التي لاقتها. فكانت تذلّلها بقلب مطمئن بالايمان ، حتّى سجّلها التاريخ بأحرف من نور ، بعد أن لامس الاسلام قلبها وهداها الباري إلى طريق السعادة الأبديّة.
وفاة خديجة أمّ المؤمنين (رض) :
دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على خديجة ، وهي تجود بنفسها ، فوقف ينظر اليها ، والألم يعصر قلبه الشريف ثمّ قال لها : ـ بالكره منّي ما أرى ـ.
ولما توفّيت خديجة (رض) جعلت فاطمة ابنتها تتعلّق بأبيها الرسول (ص) وهي تبكي وتقول : أين اُمّي ... ؟ أين اُمّي ... ؟ فنزل جبريل فقال للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : قل لفاطمة انّ الله بنى لاُمّك بيتاً في الجنّة من قصب لا نصب فيه ولا صخب.
وبعد خروج بني هاشم من الشعب بثمانية أعوام ، ماتت خديجة (رض) وكانت وفاتها ووفاة أبو طالب في عام واحد فحزن النبي (ص) عليهما حزناً عظيماً.
وقد سمّى النبي ذلك العام ـ عام الأحزان ـ وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.
عظمت المصيبة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بفقد عمّه الكفيل أبي طالب (رض) وزوجته الوفية المخلصة المساعدة. وقال عليه الصلاة السلام ما نالت قريش منّي شيئاً أكرهه حتّى مات أبو طالب.
ودفنت خديجة رضوان الله عليها بالحجون ، ونزل صلّى الله عليه وآله وسلّم في حفرتها. وكان لها من العمر خمس وستّون سنة.
لزم الرسول صلوات الله عليه بيته حزناً عليها ، وكانت مدّة إقامتها معه خمساً وعشرين سنة قضتها في كفاح وجهاد مستمر.
وفي ختام المطاف لا بأس من ذكر قول الرسول الأعظم في حقّها ، دلالة على عظمتها : قال عليه الصلاة والسلام :
« كمل من الرجال كثير ـ وكمل من النساء أربع ـ آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ».
الهوامش
1. وعلى هذا فهي من أقرب النساء الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لأنّه لم يتزوّج من ذريّة قصيّ غيرها سوى اُمّ حبيبة وذلك بعد موت خديجة رضوان الله عليها ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير.
2. كان يقال لها : سيّدة قريش ـ لأن الوسط في ذكر النسب ـ من أوصاف المدح والتفضيل : يقال : فلان أوسط القبيلة ـ أيّ أعرقها في نسبها.
3. دسيساً أيّ خفية.
4. الضئضئ ـ الأصل والمعدن.
5. العنصر ـ الاصل ـ يقال : إنّه لكريم العنصر ـ أيّ ـ الحسب ـ والهمة ـ المنجد في اللغة.
6. قال المحبّ الطبري : النش عشرون درهماً ـ والاوقية أربعون درهماً ـ وكانت الاواني والنش من الذهب ، فيكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي ـ وقيل أصدقها عشرين بكرة.
7. إنّ البلاغة التي تجلت في خطبة أبي طالب وما ظهر فيها من عطف وحنان أبوي ، لهي أصدق برهان ودليل قاطع على تفانيه في حبّ الرسول (ص) ورعايته ونصرته في دعوته.
على أنّ أبا طالب لم يزل حتّى توفّي يدافع عن الرسول (ص) الدفاع المستميت ولم يدع أحداً يصل إليه بسوء طيلة حياته. وكما قيل في حقّه وحقّ علي (ع) :
فهذا بمكّة آوى وحامى |
وذاك بيثرب خاض الحماما |
وحينما أرادت قريش قتله (ص) جاءت الى أبي طالب وقالت له : أنت سيّدنا ورأيت من أمر.
8. إشارة إلى أن الرسول الكريم بمثابة أبيه ، فهو عمّه زوج امّه خديجة رضي الله عنها ...
9. السيرة النبويّة لابن هشام ـ ج ١ ـ ص ١٩٨.
10. طبقات إبن سعد الكبرى.
11. غار حراء ، هو كهف في جبل حراء بجوار مكّة المكرّمة ـ كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يتعبّد فيه.
12. مروج الذهب ـ للمسعودي.
13. تاريخ اليعقوبي.
14. مجمع البيان في تفسير القرآن ـ للطبرسي.
15. الميزان في تفسير القرآن ـ للطباطبائي.
16. وفي سيرة ابن هشام « فغتني » والفت ـ حبس النفس ـ وفي السيرة الحلبية يقول : فغتني حتّى حسبت أنّه الموت ، إشارة أن (ص) يحصل له شدائد ثلاث ثمّ يحصل له الفرح بعد ذلك. فكانت الاولى ادخال قريش له (ص) في الشعب مع أهله ـ والتضييق عليه ـ والثانية اتّفاقهم على قتله صلّى الله عليه وآله وسلّم والثالثة ـ خروجه من أحبّ البلاد اليه ، مسقط رأسه مكّة ـ المكرّمة ـ وبعده عن الكعبة المقدّسة.
17. سورة العلق ـ آية ـ ١ ـ ٢ ـ ٣ ـ ٤ ـ.
18. مضيفاً معناه ملتصقاً : يقال اضفت الى الرجل ، اذا ملت نحوه ولصقت به ـ ومنه سمّي الضيف ضيفاً.
19. طبقات ابن سعد الكبرى ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير والسيرة النبويّة لابن هشام ـ أعلام النساء ـ عمر رضا كحالة.
20. ملحمة أهل البيت للشيخ عبد المنعم الفرطوسي.
21. السيرة الحلبية ج ١ ـ ص ٢٩٦ واعلام النساء عمر رضا كحاله.
22. ينابيع المودة ـ القندوزي الحنفي.
23. انّ أبا لهب ضاهر قريشاً على المسلمين ، روى انّه لقى هنداً بنت عتبة بن ربيعة فقال لها : يا بنت عتبة هل نصرت اللات العزّى ؟ وفارقت من فارقها ، وضاهر عليهما ؟ قالت نعم : فجزاك الله خيراً يا ابا عتبة.
وفي رواية ، ... كان يقول : يعدني محمّد أشياء لا أراها ، يزعم انّها كائنة بعد الموت. فما وضع في يدي بعد ذلك ، ثمّ ينفخ في يديه ويقول : تبّاً لكما ـ ما أرى فيكما شيئاً ممّا يقول محمّد. فانزل الله تعالى فيه : ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ... ) الآية. ودخل بنو هاشم وبنو المطلب ليلة هلال المحرم سنة سبع من حين بعثة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وكانت مدّة اقامته بالشعب ثلاث سنوات. والله العالم.
مقتبس من كتاب : [ المرأة في ظلّ الإسلام ] / الصفحة : 123 ـ 143
التعلیقات
٢