جعفر بن محمد بن الأشعث رئيس وزراء هارون
الشيخ علي الكوراني
منذ سنةجعفر بن محمد بن الأشعث رئيس وزراء هارون
1 ـ محمد بن الأشعث الخزاعي غير محمد بن الأشعث بن قيس الكندي ، وقد خلط البعض بينهما ، وجعفر هنا هو الخزاعي وليس الكندي . وأبوه من قادة الثورة العباسية ، ففي تاريخ اليعقوبي : 2 / 386 : « فولى أبو جعفر محمد بن الأشعث الخزاعي ، فقدم طرابلس ».
وفي فتوح البلاذري : 1 / 275 : « ثم دخل محمد بن الأشعث الخزاعي إفريقية والياً عليها في آخر خلافة أبى العباس ، في سبعين ألفاً ويقال في أربعين ألفاً ، فوليها أربع سنين ، فرمَّ مدينة القيروان » . أي رممها وبنى فيها.
وفي أنساب السمعاني : 4 / 573 : « وقيل : بنى القيروان محمد بن الأشعث الخزاعي ، وتحت لوائه عشرون ومائة قائد ».
وفي تاريخ الذهبي : 9 / 262 : « محمد بن الأشعث بن يحيى الخزاعي الخراساني ، الأمير ، أحد قواد بني عباس . ولي دمشق للمنصور بعد صالح بن علي العباسي ثم ولاه إمرة الديار المصرية ، ودخل القيروان لحرب الإباضية ، وكان شجاعاً حازماً مهيباً ، هزم أبا الخطاب عبد الأعلى رأس الخوارج ، ثم ظفر به وقتله ، ومات ابن الأشعث هذا سنة تسع وأربعين ومائة ».
وكان جعفر بن محمد بن الأشعث قائداً كأبيه ، وذكره الطبري وذكر ابنه العباس فقال : ( 6 / 529 ، و 447 ) : « سنة 187 وفيها أقدم الرشيد جعفر بن محمد بن الأشعث من خراسان ، وولاها ابنه العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث ».
وكان هارون يستقدمه ليعطيه مسؤولية كبيرة كخاتم الخلافة أو الحرس الشخصي له. ( تاريخ خليفة / 382 ). وقد بلغت ثقة هارون بجعفر بن محمد بن الأشعث أنه جعل ابنه المأمون في حجره ليربيه ، فحسده البرامكة كما تقدم !
وورد ذكر ابنه العباس في غزو الروم أيضاً ، قال الطبري ( 6 / 500 ) : « دخل القاسم بن هارون أرض الروم في شعبان فأناخ على قرة وحاصرها ، ووجه العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث فأناخ على حصن سنان حتى جهدوا ، فبعثت إليه الروم تبذل له ثلاث مائة وعشرين رجلاً من أسارى المسلمين على أن يرحل عنهم ، فأجابهم إلى ذلك ».
« فوجه ابنه المأمون قبل وفاته بثلاث وعشرين ليلة إلى مرو ، ومعه عبد الله بن مالك ، ويحيى بن معاذ ، وأسد بن يزيد بن مزيد ، والعباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث .. ثم اشتد بهارون الوجع حتى ضعف عن السير » . ( الطبري : 6 / 525 ).
2 ـ روى محمد بن الأشعث قصة تشيعهم ، فقال لمحمد بن أبي عمير : « أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به ، وما كان عندنا فيه ذكر ولا معرفة شئ مما عند الناس ؟ قال قلت : ما ذاك ؟ قال : إن أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لأبي محمد الأشعث : يا محمد إبغ لي رجلاً له عقل يؤدي عني.
فقال له : إني قد أصبته لك ، هذا فلان بن مهاجر خالي. قال : فأتني به . قال : فأتيته بخالي فقال له أبو جعفر : يا ابن مهاجر خذ هذا المال ، فأعطاه ألوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك ، وائت المدينة والق عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد ، فقل لهم : إني رجل غريب من أهل خراسان ، وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليكم بهذا المال ، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا وكذا ، فإذا قبضوا المال فقل إني رسول ، وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم مني !
قال فأخذ المال وأتى المدينة ثم رجع إلى أبي جعفر ، وكان محمد بن الأشعث عنده فقال أبو جعفر : ما وراءك ؟ قال : أتيت القوم وفعلت ما أمرتني به ، وهذه خطوطهم بقبضهم ، خلا جعفر بن محمد فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (ص) فجلست خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه ، فعجل وانصرف ثم التفت إليَّ فقال : يا هذا إتق الله ولا تَغُرَّنَّ أهل بيت محمد صلّى الله عليه وآله وقل لصاحبك إتق الله ولا تغرن أهل بيت محمد صلّى الله عليه وآله ، فإنهم قريبوا العهد بدولة بني مروان وكلهم محتاج !
قال فقلت : وماذا أصلحك الله ؟! فقال : أدن مني ، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتى كأنه كان ثالثنا !
قال فقال أبو جعفر : يا ابن مهاجر ، إعلم إنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيهم محدث ، وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم ! فكان هذه دلالة أنا قلنا بهذا المقالة » ( بصائر الدرجات / 265 ، والكافي : 1 / 475 ).
أقول : أراد المنصور أن يُزّوِّر ممسكاً على العلويين بأنهم يجمعون المال والأنصار للثورة عليه ، فيحبسهم لذلك أو يقتلهم ! وانطلت الحيلة على الحسنيين ، بينما كشفها الله تعالى للإمام الصادق عليه السلام فأخبر رسول المنصور ، فاندهش !
وتتعجب من قدرة المنصور على التزوير ، وأنه لم ينبهت عندما أخبره رسوله بما رأى بل غيَّر الموضوع وجعله فخراً له بالإمام الصادق عليه السلام لأنه من بني هاشم !
وتتعجب أكثر من أن المنصور مع شهادته بأن الإمام الصادق عليهالسلام إمام تحدثه الملائكة فهو لا يهتم بمقامه ولا بعلمه ، ولا بالملائكة ولا بالرسل ولا بربهم عز وجل ! بل يريد مستمسكاً على الإمام عليه السلام ليقتله ويبعد ضرره عن ملكه ! تماماً كما قال الله تعالى عنهم : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ !
وكانت هذه الحادثة سبب تشيع رسول المنصور ومحمد بن الأشعث ، ولا بد أنهم رأوا غيرها من الآيات فاعتقدوا بأن الإمام الصادق عليهالسلام حجة الله تعالى على خلقه ، والإمام المفترض الطاعة ! لكنهم حافظوا على ثقة المنصور بهم واحتفظوا بمناصبهم ! ولا بد أن الإمام عليه السلام علمهم وعلم ابن يقطين كيف يتصرفون !
مقتبس من كتاب : الإمام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد / الصفحة : 181 ـ 184
التعلیقات