معاجز وكرامات الإمام الحسن العسكري عليه السلام
الشيخ أبي علي البصري
منذ سنتينمعاجز وكرامات الإمام الحسن العسكري عليه السلام
قبورهم شتى فمنهم بيثرب |
بدور سعود والغريّ حوى قبرا |
|
وغابت بأرض الطف منهم كواكب |
هم بهجة الهادي وهم مهج الزهرا |
|
وقبران في بغداد والطاهر الرضا |
بطوس ونجما العلم في أرض سامرا |
|
ولم يبق إلّا مدرك ثار من قضوا |
بسم وبيض الهند واعتنقوا السمرا |
|
فعجل الينا يا ابن بنت محمد |
فأنت ولي الثأر فلتدرك الوترا |
|
أتغضي ويوم الطف آل أُمية |
بقتل سليل الطهر أدركت الوترا |
|
أتغضي وقد سارت بربّات خدره |
سبايا على عجف المطا وأعينها عبرا |
|
( وأعظم ما يشجي الغيور دخولها |
إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا ) |
* * *
عگب الخدر يحسين تقبل |
من كربلا نركب الهزل |
|
سبايا او لعند ايزيد نوصل |
وحنه بنات النبي المرسل |
|
من طبة الديوان نخجل |
لو من صخر گلبي تزلزل |
* * *
تستغيث بأبيها أمير المؤمنين عليه السلام :
يا علي يا ياب ما تدري اشسدي اعليه او جرى |
بالمجالس وقفوني او قبل كنت امخدره |
|
سافروا بينا من الكوفة او دونا اليزيد |
سيرونا مثل سبي الروم او قبل كنت امخدره |
|
والذي نحل اعظامي شوفتي راس الشهيد |
ناصبينه اقبال وجهي ويهل دمعي امن انظره |
* * *
اشعمل بيه الوجد يبويه من شاف |
ودم گلبي نزفته دموع منشاف |
|
آنه الشخصي قبل هاليوم منشاف |
عموم الناس تتفرج عليّه |
* * *
ولم ترَ حتى عينها ظلّ شخصها |
إلى أن بدت بالغاضريّة حسّرا |
* * *
معاجز وكرامات الإمام الحسن العسكري عليه السلام :
المقدمة :
لقد أعطى الله سبحانه لأولياءه المخلصين كرامات وذلك بسبب تقواهم لله عزّ وجل وعملهم بطاعته واجتنابهم معصيته ، فهم يقومون بأشياء لا يستطيع غيرهم القيام بها ، ولعلّ التدبر في آيات القرآن الكريم يثبت الكرامات للأولياء ، فمثلاً القرآن الكريم يحدثنا عن السيّدة مريم عليها السلام : ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (1) .
وهذا الأمر وهو حضور الرزق بلا سعي طبيعي ولكونه لم يكن مقترناً بدعوى النبوة أو المقام الرسالي يعد كرامة ولا يسمى معجزة لأنّه لم يرتبط بادّعاء منصب أو مقام .
وإذا كان التأريخ يحدّثنا عن بعض المرتاضين وبسبب الرياضة الروحية يقومون بخوارق الأفعال وعجائبها فيرفعون الاجسام الثقيلة التي لا يتيسر رفعها إلّا بالرافعات الآلية بمجرد الإرادة كما هو ظاهر من بعض المرتاضين في الهند وغيرها من البلدان الأُخرى ، وهذا يدلّ على أنّ في باطن الإنسان قوى عجيبة لا تظهر إلّا تحت شرائط خاصة .
يقول صدر المتألهين الشيرازي : لا عجب أن يكون لبعض النفوس قوة إلهية فيطيعها العنصر في العلم المادي كإطاعة بدنه إيّاها ، فكلّما ازدادت النفس تجرّداً وتشبّهاً بالمبادئ القصوى ، إزدادت قوة وتأثيراً فيما دونها . وهناك من الآيات تشير إلى هذه القضية ، كما ورد في أحوال سليمان بن داود عليه السلام عندما طلب من الملأ احضار عرش ملكة سبأ من اليمن إلى فلسطين قبل أن يأتوه مسلمين ، فقال عفريت من الجن إنّه قادر على حمله والإتيان به قبل انفضاض مجلس سليمان ، ولكن من كان عنده علم من الكتاب قال إنه قادر على الاتيان به قبل أن يرتد طرف سليمان إليه وبالفعل بأسرع من لمح البصر ، كان العرش ماثلاً أمامه . يقول سبحانه ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ... ) (2) .
فهذه الآية وغيرها من الآيات المماثلة لها تدلّ بظهورها على كون الفاعل للكرامات نفوس الأولياء وأرواحهم بإذن الله ، وإنّ أئمة أهل البيت عليهم السلام لهم هذه الكرامات الكثيرة ، وها نحن نذكر بعض كرامات ومعاجز الامام الحسن العسكري عليه السلام :
أولاً : خدمة الملائكة له عليه السلام : عن كتاب عيون المعجزات عن أبي هاشم قال دخلت على أبي محمد عليه السلام وكان يكتب كتاباً فحان وقت الصلاة الأُولى فوضع الكتاب من يده وقام عليه السلام إلى الصلاة ( أقول : وهذا يدلّ على اهتمام الإمام بأوقات الصلاة والمحافظة عليها فعلى محبّي الإمام أن يقتدوا به في هذه الخصلة ) ، قال فرأيت القلم يمرّ على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى إلى آخره فخررت ساجداً فلما انصرف أخذ القلم بيده وأذن للناس . قال بعض الفضلاء تعقيباً على هذه الكرامة ، يحتمل ان ملكاً من الملائكة كان يأخذ القلم ويكتب كما ورد في بعض الأخبار أنّ لله ملائكة وهم موكلون بآل محمد صلّى الله عليه وآله يخدمونهم في بيوتهم .
ثانياً : شفاء المريض : حدّث النضر بن جابر قال قلت للإمام الحسن العسكري عليه السلام يا ابن رسول الله انّ ابني جابراً أُصيب ببصره منذ شهر فادع الله له ان يردّ عليه بصره وعينيه قال عليه السلام فهاته فمسح بيده على عينيه فعاد بصيراً . « نعم أعطاهم الله ميراث الأنبياء وكراماتهم ، فكما أنّ عيسى ابن مريم كان يشفي المرضى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله . هم صلوات الله عليهم كذلك يبرؤن الأكمه والأبرص بإذن الله عزّ وجل وقد ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة ( آتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) » وفي زيارة الحجة من آل محمد في شهر رجب « اَنَا سٰائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فيمٰا اِلَيْكُمُ ، التَّفْويضُ ، وَعَلَيْكُمُ التَّعْويضُ فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهيضُ ، وَيُشْفَى الْمَريضُ ... » .
ثالثاً : علم وموعظة : روى في البحار عن محمد بن الحسن بن ميمون قال كتبت إليه أشكو الفقر ثم قلت في نفسي أليس قد قال أبو عبد الله عليه السلام الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا والقتل معنا خير من الحياة مع عدونا فرجع الجواب من الامام عليه السلام إنّ الله عزّ وجل يخصّ اولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر وقد يعفو عن كثير منهم كما حدثتك نفسك الفقر معنا خير من الغنى مع عدونا ونحن كهف لمن التجأ إلينا ونور لمن استبصر بنا وعصمة لمن اعتصم بنا من أحبنا كان معنا في السنام الأعلى ومن انحرف عنا فإلى النار . نعم من يلتجأ إليهم عند الشدائد لا يخذلوه . وقد استغاث الناس به في أُمور كثيرة وأجابهم .
رابعاً : الخروج للإستسقاء : قحط الناس في زمانه فخرجوا للإستسقاء ثلاثة أيام فلم يمطروا ، فخرج في اليوم الرابع ( الجاثليق ) مع النصارى فسقوا فخرج المسلمون يوم الخامس فلم يمطروا فشك الناس في دينهم وكان العسكري عليه السلام في حبس الخليفة فبعث إليه الخليفة وقال له أدرك دين جدّك يا أبا محمد فأُخرج من الحبس وأمر النصارى بالخروج للاستسقاء فلما رفع ( الجاثليق ) يده إلى السماء قال أبو محمد لبعض غلمانه خذ من يده اليمنى ما فيها فلما أخذه كان عظماً ثم قال استسق الآن فاستسقى فلم يمطر فسأل الخليفة عن العظم ، قال عظم نبي من الأنبياء ولا يكشف إلّا ويمطر .
السيد ابن طاووس :
ذكر السيد ابن طاووس قدّس سرّه ان مولانا الحسن العسكري عليه السلام كان قد أراد قتله الملوك الثلاثة الذين كانوا في زمانه حيث بلغهم ان مولانا المهدي عليه السلام يكون من ظهره صلوات الله عليه وحبسوه عدة دفعات واضطربت الشيعة وأقلقهم ذلك فدعا عليهم فهلكوا في سريع من الأوقات .
ولمّا ولد الحجة ( عج ) قال أبو محمد العسكري عليه السلام زعمت الظلمة انهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل كيف رأوا قدرة القادر ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّـهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) وقد أخفى الامام الحسن العسكري عليه السلام خبر ولادة الحجة إلّا القليل من أصحابه ، وذلك لشدة طلب السلطان هذا المولود ، ليقتلوه ولذلك تولّى جعفر الهادي المعروف ( بجعفر الكذاب ) أخذ تركته وميراثه وسعى في حبس جواري أبي محمد عليه السلام واعتقال حلائله ، وذلك بعد ما دفنوا الامام الحسن العسكري عليه السلام ، هجموا على داره ونهبوا أمواله .
أقول : هذه ليست أول قارورة كسرت ، فقد هجموا على دار أُمه الزهراء بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وكذلك هجموا على مخيم أبي عبد الله الحسين عليه السلام وروّعوا النساء ، قال السيد ابن طاووس قدّس سرّه وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها وخرجن بنات آل الرسول وحريمه يتساعدن على البكاء .
وحائرات أطار القوم أعينها |
رعباً غداة عليها خدرها هجموا |
* * *
انه شايطه ونده ابصوتي |
يسمعوني او يغضون اخوتي |
|
يا ريت قبل احسين موتي |
او لا شوف العده تنهب ابيوتي |
* * *
يحسين انه اختك هاي يحسين |
يحسين اجتنه الگوم صوبين |
|
يحسين وتسلب النساوين |
يحسين وتوج الصواوين |
* * *
امسه المسه والنار ما خلّت لنا اخيام |
صيوان ما ظل تلتجي ابظله هليتام |
|
اقبل عليّه الليل وازدادت الوحشه |
ما شوف غير ايتام تتصارخ ابدهشه |
|
او شيخ العشيره احسين محّد شال نعشه |
مطروح وابجنبه علي الأكبر او جسّام |
* * *
احمى الضائعات بعدك ضعنا |
في يد النائبات حسرى بوادي |
* * *
الهوامش
1. سورة آل عمران : الآية 37 .
2. سورة النمل : الآية 38 ـ 40 .
مقتبس من كتاب : [ المحاضرات المنبرية في المجالس الصفرية ] / الصفحة : 236 ـ 242
التعلیقات