مخالفات عثمان للشريعة في الأموال والمحاباة بالولايات
السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان
منذ 5 سنواتمخالفاته للشريعة في الأموال والمحاباة بالولايات
أمّا مخالفته للشريعة في الأموال ومخالفته في المحاباة بالولايات فتلك هي الّتي أثارت عليه الزوابع من هنا وهناك ، فتعالى النكير وكثر النفير ، حتّى انتهى به إلى سوء المصير. وكانت عمدة الحجّة عليه مخالفته للشريعة في تلك الهبات والمحاباة مضافاً إلى مخالفته لسيرة من كان قبله وقد أخذ عليه عبد الرحمن شرط العمل بسيرة الشيخين.
ولابدّ لنا من عرض نصوص تدلّ على ما قلناه :
1 ـ قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : « لمّا بنى عثمان قصره طمار الزوراء وضع طعاماً كثيراً ودعا الناس إليه كان فيهم عبد الرحمن ، فلمّا نظر إلى البناء والطعام قال : يابن عفّان لقد صدّقنا عليك ما كنا نكذّب فيك ، وإنّي أستعيذ بالله من بيعتك ، فغضب عثمان وقال : أخرجه عنّي يا غلام ، فأخرجوه وأمر الناس أن لا يجالسوه فلم يكن يأتيه أحد إلّا ابن عبّاس كان يأتيه فيتعلّم منه القرآن والفرائض (1) ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلّمه فلم يكلّمه حتّى مات » (2).
2 ـ قال ابن عبد ربه في العقد الفريد : « لمّا أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلّة من أصحاب محمّد قيل لعبد الرحمن هذا عملك قال : ما ظننت هذا ، ثمّ مضى ودخل عليه وعاتبه وقال إنّما قدّمتك على ان تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين. فقال : انّ عمر كان يقطع قرابته في الله وأنا أصل قرابتي في الله. قال عبد الرحمن : لله عليَّ أن لا أكلّمك أبداً ، فلم يكلّمه حتّى مات وهو مهاجر لعثمان ، ودخل عليه عثمان عائداً له في مرضه فتحوّل عنه إلى الحائط ولم يكلّمه » (3).
3 ـ روى البلاذري في أنساب الأشراف ، وقال أبو مخنف والواقدي في روايتيهما : « أنكر الناس على عثمان إعطاءه سعيد بن العاص مائة ألف درهم.
وكلّمه عليّ والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف في ذلك ، فقال : إنّ له قرابة ورَحماً قالوا أما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم ؟ فقال : إنّ أبا بكر وعمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي. قالوا : فهديهما والله أحبّ إلينا من هديك ، فقال : لا حول ولا قوة إلّا بالله » (4).
4 ـ روى البلاذري في كتابه أنساب الأشراف بإسناده عن محمّد بن سهل ابن سعد الساعدي قال : « تنازع عليّ وطلحة في شِرب (5) فكان عليّ يحبّ إقرارَه ، وكان طلحة يُحبّ إبطاله ، فاختصما إلى عثمان ، فركب معهما إلى الشِرب ، ووافاهم معاوية قادماً من الشام فأدركته المنافية فقال : إن كان هذا الشِرب مُقرّاً في خلافة عمر فمن ذا يغيّر شيئاً أقرّه عمر ؟ فلقنها عثمان فقال : هذا شِرب لم يغيّره عمر ولسنا بمغيّري ما أقره عمر.
فقال طلحة : وما الّذي أنت عليه من أمر عمر ؟ اهـ ... » (6).
فماذا تعني كلمة طلحة : « وما الّذي أنت عليه من أمر عمر » ؟ إن هي إلّا نقد لاذع لعثمان في وجهه بأنّه تخلّف عما اشترطه عليه عبد الرحمن بن عوف من السير بسيرة الشيخين فأنعم له فبايعه وتابعه الناس على ذلك ، ومقارنة بسيطة بين السيرتين نجد البون شاسعاً وحسبنا عرضاً عابراً في موضوع الإدارة والمال فحسب.
الهوامش
1. لقد مرّ بنا في ذكر حديث الفلتة ، ان ابن عبّاس كان يقرئ جماعة من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، فراجع.
2. شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 66 ط مصر الاُولى.
3. العقد الفريد 2 / 280 ط محقّقة لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر.
4. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 515 تحـ إحسان عباس ط بيروت.
5. الشرِب : الماء المشروب والحوض المورود.
6. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 499.
مقتبس من كتاب : [ موسوعة عبدالله بن عبّاس ] / المجلّد : 2 / الصفحة : 171 ـ 173
التعلیقات