استفسار عن الفرقة الناجية التي ذكرت في حديث الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 4 سنواتالسؤال :
السلام عليكم .. استفسر عن الفرقه الناجية التي ذكرت في حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، إذ قال : هي التي على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
نعم نحن إن شاء الله على سنّه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ، ولكن مجتمعاتنا وأحوالها هذه الأيّام ليست كمثل ما عليه الرسول والصحابه ، والله المستعان ، ومع ما يشهده العالم من تقلبات عبر الزمن ، ظهرت للناس فرق وأحزاب وتنظيمات تدعي انّها تطبقه السنّه المحضة ، وتقيم الحدود كما كانت تقام شرعا ...
فكيف لنا الجمع بين هذا وذاك ، والله الهادي الى سواء السبيل ؟
الجواب :
الفرقة الناجية هم شيعة علي عليه السلام وأتباعه ، ومن يسير على نهجه.
وقد صرّح النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله في أحاديث كثيرة ، يرويها علماء أهل السنّة ، فضلاً عن الشيعة ، في كتبهم المعتبرة : انّ عليّاً وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.
ففي تفسير الدرّ المنثور ، في ذيل قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1) ، قال :
وأخرج ابن عساكر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنّا عند النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأقبل علي ـ عليه السلام ـ ، فقال النبي ـ صلّى الله عليه وآله : « والذي نفسي بيدهِ ، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يومَ القيامةِ ». ونزَلت : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ). فكان أصحابُ النبيِّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا أقبَل عليٌّ قالوا : جاء خيرُ البريةِ. (2)
وروى ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده ، عن أبي الجارودِ ، عن محمدِ ابنِ عليٍّ : ( أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ). فقال النبيُّ صلّى الله عليه وآله : « أنت يا عليُّ وشيعتُك ». (3)
وفي الصواعق المحرقة ، الآية الحادية عشرة : قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ). قال :
أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي عن ابن عبّاس رضي الله عنها انّ هذه الآية لما نزلت قال صلّى الله عليه وآله لعلي : هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوّك غضاباً مقمحين. قال : ومن عدوي ؟ قال : من تبرأ منك ولعنك. (4)
هذا مضافاً إلى حديث الثقلين المعروف والمشهور بين الفريقين والذي رواه علماء أهل السنّة بطرق متعدّدة.
قال النبي صلّى الله عليه وآله : إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً وانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (5).
وهذا الحديث يدلّ على أمور :
1 ـ الفرقة الناجية هم الذين يتمسّكون بالقرآن الكريم وبالعترة الطاهرة من ذريّة النبي صلّى الله عليه وآله.
2 ـ يجب التمسّك بالعترة الطاهرة كوجوب التمسّك بالقرآن الكريم ، ولا يغني أحدهما عن الآخر ، وبذلك يبطل قول من قال : « حسبنا كتاب الله » (6).
3 ـ العترة الطاهرة معصومون من الخطأ فضلاً عن الكذب والمعصية ، لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله قرنهم بالقرآن الكريم ، وأمر بالتمسّك بهما.
4 ـ في كلّ زمان لا بدّ أن يكون هناك إمام وحجّة من العترة الطاهرة ، يجب التمسّك به ، حتّى في زماننا هذا ، وإلّا لافترق الكتاب عن أهل البيت ، والحال انّ النبي صلّى الله عليه وآله صرح بأنّهما لن يفترقا إلى يوم القيامة.
وقد أشار النبي صلّى الله عليه وآله إلى ذلك في الحديث المعروف بقوله : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة (7).
فمن هو إمام هذا الزمان الذي إذا لم نعرفه نموت ميتة جاهليّة ؟!
ويدلّ أيضاً على الفرقة الناجية قول النبي صلّى الله عليه وآله : أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق
وقول النبي صلّى الله عليه وآله : علي مع الحق والحق مع علي ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة (9).
وقوله صلّى الله عليه وآله : عليّ مع القرآن ، والقرآن مع عليّ ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض (10).
وليعلم انّ شيعة علي عليه السلام أو أتباع أهل البيت عليهم السلام ليس من يحبّهم فقط ، بل من يتبعهم ، ويسير على هديهم ونهجهم ، ويأخذ معالم دينه منهم.
ولنعم ما قال :
إذا شئت أن تغتر لنفسك مذهباً |
وتعلم أنَّ النّاس في نقل أخبار |
|
فدع عنك قول الشافعيِّ ومالكِ |
وأحمد والمرويَّ عن كعب أحبار |
|
ووالِ اناساً قولهم وحديثهم |
روى جدُّنا عن جبرئيل عن الباري (11) |
الهوامش
1. البيّنة : 7.
2. الدرّ المنثور « لجلال الدين السيوطي » / المجلّد : 15 / الصفحة : 577 / الناشر : مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلاميّة ـ قاهرة.
3. تفسير الطبري / المجلّد : 24 / الصفحة : 556 / الناشر : دار عالم الكتب ـ رياض.
4. الصواعق المحرقة « لابن حجر الهيثمي » / الصفحة : 246 ـ 247 / الناشر : دار الكتب العلميّة ـ بيروت / الطبعة : 3.
5. راجع : مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 3 / الصفحة : 4 و 17 و 26 و 59 / الناشر : دار الفكر.
راجع : مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 4 / الصفحة : 367 / الناشر : دار الفكر.
حلية الأولياء « للاصبهاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 335 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت / الطبعة : 2.
مستدرك الصحيحين « للحاكم النيسابوري » / المجلّد : 3 / الصفحة : 109 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت.
صحيح الترمذي / المجلّد : 5 / الصفحة : 663 / الناشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
صحيح مسلم / المجلّد : 4 / الصفحة : 1873.
6. صحيح البخاري / المجلّد : 7 / الصفحة : 156 / الناشر : دار إحياء التراث العربي.
صحيح مسلم / المجلّد : 3 / الصفحة : 1259 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت / الطبعة : 2.
7. الغدير « للأميني » / المجلّد : 10 / الصفحة : 360 / الناشر : مؤسسة موحدي الخيريّة / الطبعة : 4.
8. الحدائق الناظرة « للبحراني » / المجلّد : 9 / الصفحة : 360 / الناشر : منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة ـ قم المقدّسة.
9. تاريخ بغداد « للبغدادي » / المجلّد : 14 / الصفحة : 321 / الناشر : دار الكتاب العربي ـ بيروت.
10. الصواعق المحرقة « لابن حجر » / الصفحة : 191 / الناشر : دار الكتب العلميّة ـ بيروت / الطبعة : 3.
11. الصراط المستقيم « لليونس العاملي النباطي البياضي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 207 / الناشر : المكتبة الرضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.
التعلیقات