نظرة في مناقب ابن هند
العلامة الأميني
منذ 3 سنواتنظرة في مناقب ابن هند
لعلّك إلى هاهنا عرفت معاوية ، وأنّه أيّ رجل هو ، وأنّه كيف كانت نفسيّاته وملكاته ، وأنّ رجلاً كمثله لا يتبوّأ مقعده إلّا حيث تنيخ شية العار ، وفي مستوى السوأة والبوائق ، وأنّ أيّ فضيلة تلصقه به رواة السوء وتخطُّ عنه الأقلام المستأجرة فهو حديث إفك نمّقته الأهواء والشهوات ، ولا يُقام له في سوق الاعتبار وزنٌ ، ولا في مُبَوّأ الحقِّ مقيلٌ ، فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر.
أليس معاوية هو صاحب تلكم الموبقات والجرأة على الله وعلى الإسلام ونبيّه وكتابه وسنّته. سنّة الله التي لا تبديل لها ؟!
أليس هو الهاتك حرمات الله والمصغّر قدر أوليائه ، والمريق دماءهم الزكيّة ، والدؤوب على الظلم والجور بإزهاق النفوس البريئة من غير جرم ؟ ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) (1).
أليس هو من آذى الله ورسوله في الصالحين من رجالات الأُمّة وعدول الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان ، المحرّمة دماؤهم وأقدارهم وحرماتهم بزجّهم إلى أعماق السجون ، وإبعادهم عن عقر دورهم وإخافتهم ؟ ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) (2).
أليس هو من آذى رسول الله في أهل بيته بإثارة الحرب على صنوه ونفسه وخليفته حقّاً ، وكان من واجبه أن يخضع له ويتحرّى مرضاته ؟ ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (3).
أليس هو الذي لم يراقب حرمة الرسول الأعظم في ذوي قرباه وصغّرها بسبِّ أبي ولده ، وأمر الملأ الدينيّ بتلك الجريمة الموبقة ، واتّخذها سنّة متّبعة ، وقذف من طهّره الجليل بالأفائك والمفتريات ؟
أليس هو السبّاق الأوّل في المآثم الجمّة المخزية ؟
أوّل من باع الخمر وشربها من الخلفاء ؟! والخمر وشاربها وبائعها ومشتريها ملعونٌ ملعون.
أول من أشاع الفاحشة في الملأ الإسلامي ؟! ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (4).
أوّل من أحلّ الربا وأكله ؟! وأحلّ الله البيع وحرّم الربا ، ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) (5) وآكل الربا وموكّله ملعونٌ بلسان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.
أوّل من أتمَّ الصلاة في السفر تقديساً لأحدوثة ابن عمّه ؟!
أوّل من أحدث الأذان في صلاة العيدين ؟!
أوّل من رأى الجمع بين الأختين إحياءً لما ذهب إليه عثمان ؟!
أوّل من غيّر السنّة في الديات وأدخل فيها ما ليس منها ؟!
أوّل من ترك التكبير في الصلوات عند كلِّ هويّ وانتصاب وهي سنّة ثابتة ؟!
أوّل من ترك التلبية وأمر به خلافاً لعليّ أمير المؤمنين عليه السلام العامل بسنّة الله ورسوله ؟!
أوّل من قدّم الخطبة على الصلاة في العيد لإسماع الناس سبَّ عليّ عليه السلام ؟! وقد صحّ عن نبيّ الإسلام : « من سبّ عليّاً فقد سبّه ، ومن سبّه فقد سبّ الله ».
أوّل من عصى ربّه بترك حدوده وإقامة سنّته ؟! ( وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) (6).
أوّل من نقض حكم العاهر ، وأحيى طقوس الجاهليّة ، وخالف دين محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم و « الولد للفراش وللعاهر الحَجر » ؟!
أوّل من تختّم باليسار ؟ فأخذ المروانية (7) بذلك إلى أن نقله السفّاح إلى اليمين فبقى إلى أيّام الرشيد فنقله إلى اليسار (8).
أوّل من سنَّ سبّ عليّ عليه السلام وقنت به وجعله سنّة جارية في خلفه الذين أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات ، وشوّه خطب المنابر بذلك الحادث المخزي ؟!
أوّل من بغى على إمام وقته وحاربه وقاتله وقتل أُمّة كبيرة من صلحاء الصحابة البدريّين وأهل بيعة الشجرة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ؟!
أوّل من أعطى المال لوضع الحديث وتحريف كتاب الله وكلمته الطيّبة عن مواضعها ؟!
أوّل من اشترط البراءة من عليّ عليه السلام على من بايعه في خلافته الغاشمة أو في ملكه العضوض ؟!
أوّل من حُمل إليه رأس الصحابيّ العادل عمرو بن الحمق وأُدير به في البلاد ؟!
أوّل من قتل عدول الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان من عيون الأُمّة وعبّادها ونسّاكها لمحض ولائهم سيّد العترة ، وقد جعله الله أجر رسالة نبيّه الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟!
أوّل من قتل نساء كلّ من والى أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وذبح صبيانهم ونهب أموالهم ، ومثَّل قتلاهم وشتَّت شملهم ، وفرّق جمعهم ، واستأصل شأفتهم ، ونفاهم عن عُقر دورهم ، وأبادهم تحت كلّ حجر ومدَر ؟!
أوّل من عبثت به رعيّته ، وسنَّ العمل بالشهادات المزوّرة ، وسلّط رجال الشرِّ والغيّ والجور على صلحاء أُمّة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟!
أوّل من همَّ بنقل منبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن المدينة المشرّفة إلى الشام ؟! ولمّا حرّك المنبر خسفت الشمس فترك (9).
أوّل من بدّل الخلافة الإسلاميّة إلى شرّ ملك وسلطة سوء ؟!
أوّل من ملك وتجبّر في الإسلام بلبس الحرير والديباج ، وشرب في آنية الذهب والفضّة ، وركب السروج المحلّاة بهما ؟!
أوّل من سمع الغناء وطرب عليه وأعطى ووصل إليه وهو يرى نفسه أمير المؤمنين ؟!
أوّل من هتك دين الله باستخلاف جروه الفاجر المستهتر التارك للصلاة ؟!
أوّل من شنَّ الغارة على مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم حرم أمن الله ، وأخاف أهليها ، وما رعى حرمة ذلك الجوار المقدّس ؟!
إلى جرائم وبوائق تجد الرجل فيها هو السابق الأوّل إليها. (10)
أصحيحٌ أنَّ مثل هذا الطاغية تصدر فيه كلمة إطراء من مصدر النبوّة ؟ أو يأتي عن نبيِّ العدل والحقِّ والصدق ما يوهم الثناء عليه ؟ لا ، لا يمكن ذلك ؛ بل نبيّ العظمة أكبر من يبغض هذا الإنسان وجرائمه ، والرجل أشدّ أعدائه صلّى الله عليه وآله وسلّم في جاهليّته وإسلامه ، ولو كان صلّى الله عليه وآله وسلّم ينطق بشيء من ذلك ـ وحاشاه ـ لكان أكبر ترويج للباطل وأهله ، وأوضح ترخيص في المعصية ، وأبين استهانة بالحقِّ.
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن عليّ ومعاوية ، فقال : اعلم أنَّ عليّاً كان كثير الأعداء ، ففتّش له أعداؤه عيباً فلم يجدوا فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم لعليّ (11).
وقال الحاكم : سمعت أبا العبّاس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول : سمعت أبي يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : لا يصحّ في فضل معاوية حديث (12).
ولمّا لم يجد البخاري حديثاً يصحّ من مناقب معاوية فقال عند عدّ مناقب الصحابة من صحيحه : باب ذكر معاوية رضي الله عنه (13). فقال ابن حجر في فتح الباري (14) (7 / 83) : أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل ممّا لا أصل له ، وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصحّ من طريق الإسناد ، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما.
وأمّا مسلم وابن ماجة فلمّا لم يريا حديثاً يُعبأ به في فضائل معاوية ضربا عن اسمه في الصحيح والسنن صفحاً عند عدّ مناقب الصحابة ، والترمذي (15) لم يذكر له إلّا حديث :
اللّهمّ اجعله هادياً مهديّاً واهدِ به. فقال : حسنٌ غريب. ونحن أوقفناك على بطلانه في الجزء العاشر (ص 373). وذكر حديث : اللّهمّ اهد به. وزيّفه هو بنفسه لمكان عمرو بن واقد ، وعمرو أحد الكذّابين ذكرناه في الجزء الخامس (ص 249). فالصحاح والسنن خالية عمّا لفّقتها رواةُ السوء في فضل الرجل.
ودخل الحافظ النسائي صاحب السنن إلى دمشق فسأله أهلها أن يُحدِّثهم بشيء من فضائل معاوية فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأساً برأس حتى يروى له فضائل ؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خُصيتيه حتى أُخرج من المسجد الجامع ، فقال : أخرجوني إلى مكة. فأخرجوه وهو عليلٌ فتوفّى بمكة مقتولاً شهيداً (16).
وقال ابن تيميّة في منهاجه (2 / 207) : طائفةٌ وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث عن النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك كلّها كذب.
وقال الفيروزآبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة ، والعجلوني في كشف الخفاء (17) (ص 420) : باب فضائل معاوية ليس فيه حديثٌ صحيح.
وقال العيني في عمدة القاري (18) : فإن قلت : قد ورد في فضله يعني معاوية أحاديث كثيرة. قلت : نعم ، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصحُّ من طرق الإسناد ، نصَّ عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، فلذلك قال ـ يعني البخاري ـ : باب ذكر معاوية. ولم يقل : فضيلة ولا منقبة.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (19) : اتّفق الحفّاظ على أنّه لم يصحّ في فضل معاوية حديث.
نعم ؛ إنَّ الغلوّ في حبِّ الرجل خلق له فضائل مفتراة تبعد جدّاً عن ساحة النبيِّ الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يبوح بشيء منها ، وإنّما يد الافتعال نسجت له على نول ما نسجته لبقيّة الخلفاء مناقب تندى منها جبهة الإنسانيّة ، وألّف محمد بن عبدالواحد أبو عمر غلام ثعلب جزءاً في فضائل هذا الإنسان المحشوّ رداؤه بالرذائل. قال ابن حجر في لسان الميزان (20) (1 / 374) : إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيدالله السقطي عنه فهو المتّهم بها أو شيخه.
فنحن نجمع هاهنا شتات جملة من تلكم الأكاذيب التي خلقتها أو اختلقتها يد الوضع الأثيمة في مناقب الرجل ممّا مرّ الإيعاز إليه ، وما لم نذكره بعدُ ، ونجعلها بين يدي القارئ النابه الحرّ ، وله القضاء بالحقِّ ، والله المستعان ، ألا وهي :
1 ـ عن أنس مرفوعاً : لا أفتقد أحداً من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان لا أراه ثمانين عاماً ، فإذا كان بعد ثمانين عاماً يقبل إليّ على ناقة من المسك الأذفر حشوها من رحمة الله ؛ قوائمها من الزبرجد ، فأقول : معاوية ؟ فيقول : لبّيك يا محمد ! فأقول : أين كنت من ثمانين عاماً ؟ فيقول : كنت في روضة تحت عرش ربّي يناجيني وأُناجيه ، ويحيّيني وأُحيّيه ويقول : هذا عوضٌ ممّا كنت تُشتم في دار الدنيا.
راجع الجزء الخامس (ص 254) الطبعة الأولى ، (ص 298) الطبعة الثانية.
2 ـ عن أنس مرفوعاً : هبط عليَّ جبريل ومعه قلمٌ من ذهب إبريز فقال : إنَّ العليَّ الأعلى يقرئك السلام ويقول لك : حبيبي قد أهديت هذا القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان فأوصله إليه ومُره أن يكتب آية الكرسيّ بخطّه بهذا القلم ويشكله ويعجمه ويعرضه عليك ، فإنّي قد كتبت له من الثواب بعدد كلّ من قرأ آية الكرسيِّ من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من يأتيني بأبي عبدالرحمن ؟ فقام أبو بكر الصدّيق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعاً إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فسلّموا عليه فردّ عليهم السلام ثم قال لمعاوية : أُدن منّي يا أبا عبدالرحمن ! أُدن منِّي يا أبا عبدالرحمن ! فدنا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدفع إليه القلم ثم قال له : يا معاوية هذا قلمٌ أهداه إليك ربّك من فوق العرش لتكتب به آية الكرسيِّ بخطّك وتشكله وتعجمه وتعرضه عليَّ. فاحمد الله واشكره على ما أعطاك ، فإنَّ الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية الكرسيِّ من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة. فأخذ القلم من يد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فوضعه فوق أُذنه فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي قد أوصلته إليه. ثلاثاً. فجثا معاوية بين يدي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره ، حتى أُتي بطرس ومحبرة فأخذ القلم ولم يزل يخطُّ به آية الكرسيِّ أحسن ما يكون من الخطّ حتى كتبها وأشكلها وعرضها على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا معاوية إنَّ الله قد كتب لك من الثواب بعدد كلِّ من يقرأ آية الكرسيّ من ساعة كتبتها إلى يوم القيامة.
راجع الجزء الخامس (ص 259) الطبعة الأولى (ص 304) الطبعة الثانية.
3 ـ عن جابر : إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم استشار جبريل في استكتاب معاوية فقال : استكتبه فإنّه أمين.
راجع الجزء الخامس (ص 260) الطبعة الأولى ، (ص 305) الطبعة الثانية.
4 ـ عن عبادة بن الصامت : أوحى الله إلى النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : استكتب معاوية فإنّه أمينٌ مأمون.
راجع الجزء الخامس (ص 261) الطبعة الأولى ، (ص 305) الطبعة الثانية.
5 ـ عن أنس مرفوعاً : الأُمناء سبعة : اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.
راجع الجزء الخامس (ص 262) الطبعة الأولى ، (ص 308) الطبعة الثانية.
6 ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : الأُمناء عند الله ثلاثة : انا وجبريل ومعاوية.
راجع الجزء الخامس (ص 261) الطبعة الأولى ، (ص 306) الطبعة الثانية.
7 ـ أخبر رجلٌ عن رجل قال : اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فلمّا قضى الصلاة قالوا : يا رسول الله غدونا إليك لنذكر لك بعض أمورنا ، إنَّ الله قد تفضّل بهذه الرسالة فشرّفك بها وشرّفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أنَّ غيره من أهل بيتك أولى به لك منه. قال : نعم. انظروا في رجل غيره. قال : وكان الوحي ينزل في كلِّ أربعة أيّام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوماً لا ينزل ، فلمّا كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب : يا محمد ليس لك أن تغيّر من اختاره الله لكتابة وحيه فأقِرّه فإنَّه أمين ، فأقرّه.
راجع الجزء الخامس (ص 262) الطبعة الأولى ، (ص 307) الطبعة الثانية.
8 ـ عن واثلة مرفوعاً : إنّ الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية ، وكاد أن يبعث معاوية نبيّاً من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربّي ، يغفر الله لمعاوية ذنوبه ، ووقاه حسابه ، وعلّمه كتابه ، وجعله هادياً مهديّاً وهدى به. راجع الجزء الخامس (ص 262) الطبعة الأولى ، (ص 308) الطبعة الثانية.
9 ـ عن سعد : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لمعاوية : إنَّه يُحشر وعليه حلّةٌ من نور ظاهرها من الرحمة ، وباطنها من الرضا ، يفتخر بها في الجمع لكتابة الوحي.
راجع الجزء الخامس (ص 276) الطبعة الأولى ، (ص 324) الطبعة الثانية.
10 ـ عن عبدالله بن عمر : أنَّ جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم سفرجلاً فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات وقال : تلقاني بهنَّ في الجنّة.
راجع الجزء الخامس (ص 281) الطبعة الأولى ، (ص 329) الطبعة الثانية.
قال ابن حبّان (21) : موضوعٌ. وقال الخطيب : حديثٌ غير ثابت. وقال ابن عساكر (22) : لا أصل له.
راجع اللآلئ المصنوعة (23) (1 / 422 ، 423).
11 ـ عن عبدالله بن عمر مرفوعاً : الآن يطلع عليكم رجلٌ من أهل الجنّة ،فطلع معاوية فقال : أنت يا معاوية منّي وأنا منك ، لتزاحمني على باب الجنّة كهاتين وأشار بإصبعيه.
ذكره الذهبي في الميزان (24) (2 / 133) وقال : خبرٌ باطل.
12 ـ أخرج البخاري في تاريخه (4 قسم 2 ص 180) عن إسحاق بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جدّه قال : كان معاوية ردف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا معاوية ما يليني منك ؟ قال : بطني. قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : اللّهمّ املأه علماً وحلماً.
وذكره الذهبيّ في الميزان (25) (3 / 268).
قال الأميني : لو كان لهذه الرواية اعتبارٌ ولو قليلاً عند البخاري لأخرجه في صحيحه ، ولم يجعل باب ذكر معاوية خالياً من كلّ فضيلة ومنقبة ، وهو يعلم أنَّ معاوية بكلّه فارغٌ عن العلم والحلم فكيف يصدّقها من يعرف الرجل بالجهل والغضب المرديين ؟
ولو كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا على رجل بأن يخلو بطنه من العلم والحلم فهل كان هو غير بطن معاوية ؟ أيّ عمل الرجل في ورده وصدره ينبئ عن الخلّتين ؟ وأيّ فرق فيهما بين جاهليّته الممقوتة وبين إسلامه المظلم ؟ فتلك وهذا سواسية ، وهو بينهما رهين جهله المبير وغضبه المهلك ، فإذا سألت عبادة بن الصامت ـ الصحابي العظيم ـ عن علمه فعلى الخبير سقطت يقول لك : إنَّ أُمّه هند أعلم منه (26) وإذا سألت شريكاً عن حلمه فتسمع منه قوله : ليس بحليم من سفه الحقَّ وقاتل عليّاً (27). وتقول أمّ المؤمنين عائشة (28) : أين كان حلمه حين قتل حُجراً وأصحابه ؟ ويلٌ له من حُجر وأصحابه.
وقال شريك حين ذُكر معاوية عنده بالحلم : هل كان معاوية إلّا معدن السفه ؟ والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متّكئاً فاستوى جالساً ثم قال : يا جارية غنّيني فاليوم قرّت عيني. فأنشأت تقول :
ألا أبلغ معاوية بن حربٍ |
فلا قرّت عيون الشامتينا |
|
أفي شهر الصيام فجعتمونا |
بخير الناس طرّاً أجمعينا |
|
قتلتم خيرَ من ركب المطايا |
وأفضلهم ومن ركب السفينا |
فرفع معاوية عموداً كان بين يديه فضرب راسها ونثر دماغها ، أين كان حلمه ذلك اليوم ؟ (29) والذي جاء في بطن معاوية من الحديث المتسالم عليه إنّما هو أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا عليه وقال : « لا أشبع الله بطنه » وأمّا غيره فحديث إفك لا يُؤبه به.
13 ـ عن جابر : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطى معاوية سهماً وقال : هاك حتى تلقاني به في الجنّة. وفي لفظ عن أبي هريرة : حتى توافيني به في الجنّة.
رواه القاسم بن بهران (30). قال ابن حبّان (31) : لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي : إنّه كذّاب. وقال الذهبي : موضوع (32).
14 ـ عن خارجة بن زيد عن أبيه مرفوعاً : يا أُمَّ حبيبة ! للهُ أشدُّ حبّاً لمعاوية منك كأنّي أراه على رفارف الجنّة. ميزان الاعتدال (33) (3 / 56) ، قال الذهبي :خبرٌ باطل اتّهم بوضعه محمد بن رجاء.
قال الأميني : وفي الإسناد : عبدالرحمن بن أبي الزناد ، قال يحيى بن معين (34) : ليس ممّن يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء ، ضعيفٌ. وقال صالح بن أحمد عن أبيه : مضطرب الحديث. وعن ابن المديني : كان عند أصحابنا ضعيفاً. وقال النسائي (35) : لا يحتجُّ بحديثه ، وكان يُضَعَّف لروايته عن أبيه.
تهذيب التهذيب (36) (6 / 170).
15 ـ قال أبو عمرو الزاهد : أخبرني عليّ بن محمد بن الصائغ عن أبيه أنّه قال : رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائراً ، فأتاه في يوم جمعة وهو قائمٌ على المنبر خطيباً ، فقال له رجلٌ من القوم : يا أمير المؤمنين ائذن للحسين يصعد المنبر ، فقال له معاوية : ويلك دعني أفتخر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبدالله أليس أنا ابن بطحاء مكة ؟ فقال : إي والذي بعث جدّي بالحقِّ بشيراً. ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبدالله أليس أنا خال المؤمنين ؟ فقال : إي والذي بعث جدّي نبيّاً ، ثم قال : سألتك بالله يا أبا عبدالله أليس أنا كاتب الوحي ؟ فقال : إي والذي بعث جدّي نذيراً. ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن عليّ فحمد الله بمحامد لم يحمده الأوّلون والآخرون بمثلها ثم قال : حدّثني أبي عن جدّي عن جبريل عن الله تعالى : أنَّ تحت قائمة كرسيِّ العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها : لا إله إلّا الله ، محمد رسول الله ، يا شيعة آل محمد لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول : لا إله إلّا الله إلّا أدخله الله الجنّة ، فقال له معاوية : سألتك بالله يا أبا عبدالله من شيعة آل محمد ؟ فقال : الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر ، ولا يشتمون عثمان ، ولا يشتمون أبي ، ولا يشتمونك يا معاوية !
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (37) (4 / 312 ، 313) وقال : هذا حديثٌ منكرٌ ولا أرى إسناده متّصلاً إلى الحسين.
قال الأميني : ألا تعجب من حافظ يروي مثل هذا الحديث ويراه منكراً غير مسند ؟ أليس في إسناده أبو عمرو الزاهد محمد بن عبدالواحد الذي ألّف من الأكاذيب جزءاً في فضائل معاوية ومنها هذه الأُكذوبة الفاحشة ؟ أليس فيه عليّ بن محمد الصائغ الذي قال [ عنه ] الخطيب في تاريخه (3 / 222) : ضعيفٌ جدّاً ؟ ألا يقول الحافظ : إنَّ عليّ بن محمد الصائغ الذي يروي عنه أبو أحمد الجرجاني المتوفّى (374) الذي يروي عن مالك المتوفّى (179) بواسطة كيف يروي أبوه عن الحسين السبط عليه السلام الشهيد سنة (60) ؟! وكيف يُعقل إدراكه معاوية وحضوره في خطبته ؟!
وهل لا يأبى لفظ الرواية صحّتها ؟ هل تجتمع هي مع ما أسلفناه من حديث رسول الله الثابت الصحيح ، ومن حديث أمير المؤمنين والحسن السبط ومن حديث الحسين السبط نفسه ، ومع ما ثبت عنهم من كتاب أو مقال في الرجل ؟ وهل يساعدها ما كان من سيرة معاوية في عليّ أمير المؤمنين طيلة حياته ؟ أقرأ واحكم.
16 ـ مرفوعاً : يُبعث معاوية عليه رداءٌ من نور.
أخرجه ابن حبّان (38) من طريق جعفر بن محمد الأنطاكي وقال : خبر باطل (39).
ميزان الاعتدال (1 / 193) ، لسان الميزان (2 / 124) (40). أقرَّ الذهبي وابن حجر بطلان الحديث وعدم ثقة الأنطاكي.
17 ـ أخرج أبو نعيم في الحلية (10 / 393) عن عبدالله بن محمد بن جعفر عن أحمد بن محمد البزّاز المدني عن إبراهيم بن عيسى الزاهد عن أحمد الدينوري عن عبدالعزيز بن يحيى عن إسماعيل بن عيّاش عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يطلع عليكم رجلٌ من أهل الجنّة. فطلع معاوية ، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية ، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية. قال الذهبي : إنّه ليس بصحيح.
راجع لسان الميزان (41) (2 / 213).
قال الأميني : أحمد ـ بن مروان ـ الدينوري مالكيٌّ صاحب المجالسة ، صرّح الدارقطني في غرائب مالك بأنّه يضع الحديث. وذكر حديث : سبقت رحمتي غضبي.
فقال : لا يصحّ بهذا الإسناد ، والمتّهم به أحمد بن مروان ، وهو عندي ممّن كان يضع الحديث.
لسان الميزان (42) (1 / 309).
وفي الإسناد : عبدالعزيز بن يحيى ، قال ابن أبي حاتم (43) : سمع منه أبي ثم تركه وقال : لا أُحدّث عنه ، ضعيفٌ. وقال أبو زرعة : ليس بثقة وذكرته لإبراهيم بن المنذر فكذّبه ، وذكرته لأبي مصعب فقلت : يحدّث عن سليمان بن بلال ، فقال : كذّابٌ أنا أكبر منه وما أدركته. وقال العقيلي (44) : يحدِّث عن الثقات بالبواطيل ، ويدّعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدّمين عن مالك وغيره. وقال ابن عدي (45) : ضعيفٌ جدّاً وهو يسرق حديث الناس.
ميزان الاعتدال (2 / 140) ، تهذيب التهذيب (6 / 363) (46).
وفيه : إسماعيل بن عيّاش ، قال يحيى بن معين (47) : ليس به في أهل الشام بأس ، والعراقيّون يكرهون حديثه. وقال الأسدي : إذا حدّث عن الحجازيّين والعراقيّين خلط ما شئت. وقال الجوزجاني : أروى الناس عن الكذّابين. وقال ابن خزيمة : لا يحتجّ به. وقال ابن المبارك لا أستحلي حديثه ، وضعّف روايته عن غير الشاميّين أيضاً النسائي (48) وأبو أحمد الحاكم والبرقي والساجي. وقال الحاكم : إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه. وقال ابن حبّان (49) : كان من الحفّاظ المتقنين في حديثهم فلمّا كبر تغيّر حفظه ، فما حفظ في صباه وحداثته اتى به على جهته ، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه ، وأدخل الإسناد في الإسناد ، وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم ، فمن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر خرج عن حدِّ الاحتجاج به.
ميزان الاعتدال (1 / 112) ، تهذيب التهذيب (1 / 324 ـ 326) (50).
وفيه : عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار ، ضعّفه ابن معين (51). وقال أبو حاتم (52) : فيه لين يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به. وقال ابن عدي (53) : وبعض ما يرويه منكرٌ لا يتابع عليه وهو في جملة من يُكتب حديثه من الضعفاء.
ميزان الاعتدال (2 / 109) ، تهذيب التهذيب (6 / 206) (54).
18 ـ أخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه (55) (8 / 121) من طريق نصير عن أبي هلال محمد بن سليم حدّثنا جبلة عن رجل عن مسلمة بن مخلد ؛ أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : اللّهمَّ علّم معاوية الكتاب ، ومكّن له في البلاد.
قال الذهبي : جبلة لا يُعرف والخبر منكرٌ بمرّة. وقال ابن حجر في اللسان (56) (2 / 96) : ولعلّ الآفة في الحديث من الرجل المجهول.
قال الأميني : لِمَ لا تكن الآفة من الرجل المعلوم محمد بن سليم الكذّاب ، وقد ترجمه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه عن يحيى بن معين (57) بأنّه كان يكذب في الحديث.
راجع (58) : الميزان (3 / 62) ولسان الميزان (5 / 192).
19 ـ أخرج العقيلي (59) من طريق بشر بن بشّار السمسار ، عن عبدالله بن بكّار المقري من ولد أبي موسى الأشعري ، عن أبيه عن جدّه ، عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : دخل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على أُمّ حبيبة ورأس معاوية في حجرها فقال لها : أتحبِّينه ؟ قالت : وما لي لا أُحبّ أخي ؟ قال : فإنَّ الله ورسوله يحبّانه.
قال العقيلي عبدالله بن بكّار مجهول النسب وروايته غير محفوظة. وقال الذهبي في الميزان : غير صحيح.
راجع (60) : ميزان الاعتدال (2 / 26) ، لسان الميزان (3 / 263) وبشر السمسار ليس في الجهالة والنكارة أقلّ من نسب ابن بكّار.
20 ـ عن أنس مرفوعاً : ائتمن الله على وحيه جبرئيل ومحمداً ومعاوية.
زيّفه الذهبي لمكان محمد بن أحمد البلخي الضعيف سارق الحديث الذي لم يكن من أهل الحديث.
راجع (61) : ميزان الاعتدال (3 / 15) ، لسان الميزان (5 / 34).
21 ـ مرفوعاً : إنَّ معاوية يُبعث نبيّاً من علمه وائتمانه على كلام ربِّي.
ذكره الذهبي من طريق محمد بن الحسن وقال : روى عنه إسحاق بن محمد السوسي أحاديث مختلقة في فضل معاوية ، ولعلّه النقّاش صاحب التفسير فإنّه كذّابٌ ، أو هو آخر من الدجاجلة.
راجع (62) : ميزان الاعتدال (3 / 43) ، لسان الميزان (5 / 125).
وفي اللسان (63) (1 / 374) : إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيدالله بن محمد بن أحمد السقطي عنه ، فهو المتّهم بها أو شيوخه المجهولون.
22 ـ أخرج البخاري في تاريخه (4 قسم 1 ص 328) من طريق عمرو بن واقد الدمشقي ، عن يونس الدمشقي ، عن أبي إدريس الدمشقي ، عن عمير بن سعد نزيل دمشق قال : لا تذكروا معاوية إلّا بخير فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : اللّهمّ اهدِه.
قال الأميني : عمرو بن واقد الدمشقي كان ممّن لا يشكُّ شيوخ الحديث أنَّه يكذب ، وأنَّه ليس بشيء ، وأنَّه ضعيف منكر الحديث ، وأنّه يقلّب الأسانيد ، وأنّ أحاديثه معضلة منكرة ، استحقَّ الترك (64).
ألم يك في الحواضر الإسلاميّة من رجال الحديث من قرع سمعه نبأ هذه الأفيكة ؟ فلماذا خصّت بالشام ، وسلسلت حلقة إسنادها بالشاميِّين فحسب ؟ أنت تدري لماذا.
23 ـ أخرج ابن كثير في تاريخه (65) (8 / 120) من طريق المسيّب بن واضح عن ابن عبّاس قال : أتى جبريل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا محمد اقرئ معاوية السلام واستوص به خيراً ، فإنَّه أمين الله على كتابه ووحيه ونعم الأمين.
قال الأميني : قال الدارقطني : المسيّب بن واضح ضعيفٌ ، قال ابن عدي (66) : قلت لعبدان : أيّهما أحبّ إليك : عبدالوهّاب بن الضحّاك أو المسيّب بن واضح ؟ فقال : كلاهما سواء. وعبدالوهّاب من الكذّابين الوضّاعين المعروفين ، متروكٌ ضعيفٌ جدّاً كثير الخطأ والوهم (67).
وأخرجه الطبراني في الأوسط ، قال : حدّثنا عليّ بن سعيد الرازي ، حدّثنا محمد بن فطر الراملي ، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبدالملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عبّاس.
وذكره الهيثمي في المجمع (9 / 357) وقال : فيه محمد بن فطر ولم أعرفه ، وعليّ ابن سعيد الرازي فيه لين ، وحكاه السيوطي بإسناده في اللآلئ المصنوعة (1 / 419) وقال : أمّا مروان والراوي عنه فلم أر من ترجمهما لا في الثقات ولا في الضعفاء.
قال الأميني : عليّ بن سعيد الرازي هو الذي قال الدارقطني لمّا سُئل عنه : ليس في حديثه بذاك وسمعت بمصر : أنَّه كان والي قرية وكان يطالبهم بالخراج فما يعطونه فيجمع الخنازير في المسجد. فقيل : كيف هو في الحديث ؟ قال : حدّث بأحاديث لم يتابع عليها. ثم قال : في نفسي منه ، وقد تكلّم فيه أصحابنا بمصر ، وأشار بيده وقال هو كذا وكذا ونفض بيده يقول : ليس بثقة.
لسان الميزان (68) (4 / 231).
لقد أوقفناك فيما سلف (5 / 309) ، على أمانة الرجل على كلّ ما تحسب أنّه أمين عليه ، ونزيدك هنا إحفاء السؤال عن معنى الأمانة على كتاب الله ووحيه ، أليست هي كلاءتهما عن التحريف والعمل بمؤدّاهما والجري على مفادهما والأخذ بحدودهما ، وقطع الأيدي الأثيمة عن التلاعب بهما ؟ وهل كان معاوية إلّا ردءاً بهذه كلّها وقد قلب على الكتاب والوحي ظهر المجنّ في كلّ وروده وصدوره ، ووجّه إليهما نظرته الشزراء في حلّه ومرتحله ؟ وهل هو إلّا عدوّهما الألدّ ؟ وصحائف تاريخه المظلم تطفح بهذه كلّها ، وإنّ ما ذكرناه في هذا الكتاب من نماذج ما أثبتته له الحقيقة وخلّده الدهر مع ذكره الشائن وحديثه المائن.
24 ـ أخرج الطبراني عن أحمد بن محمد الصيدلاني عن السري عن (69) عاصم عن عبدالله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه (70) هشام بن عروة عن عائشة ، قالت : لمّا كان يوم أمّ حبيبة من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دقّ الباب داقٌّ ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : انظروا من هذا ؟ قالوا : معاوية. قال : ائذنوا له ، فدخل وعلى أُذنه قلمٌ يخطُّ به ، فقال : ما هذا القلم على أُذنك يا معاوية ؟ قال : قلمٌ أعددته لله ولرسوله ، فقال له : جزاك الله عن نبيّك خيراً ، والله ما استكتبتك إلَّا بوحي من الله ، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلّا بوحي من الله ، كيف بك لو قمّصك الله قميصاً ؟! ـ يعني من الخلافة ـ فقامت أُمّ حبيبة فجلست بين يديه وقالت : يا رسول الله : وإنّ الله مقمّصه قميصاً ؟ قال : نعم. ولكن فيه هنات وهنات. فقالت : يا رسول الله فادع الله له. فقال : اللّهمّ اهده بالهدى ، وجنِّبه الردى ، واغفر له في الآخرة والأولى.
قال الطبراني : تفرّد به السري بن عاصم (71).
قال الأميني : المتفرّد بهذه الأكذوبة الفاحشة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو أحد الكذّابين الوضاعين ، راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص 231 و (8 / 140).
ليت شعري هل بهذا القلم الذي يزعم معاوية أنّه أعدّه لله ولرسوله كان يكتب تلكم القوارص والقذائف إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ؟! ويكتب إلى عمّاله أوامره الباتّة بلعن سيّد الوصيّين صلوات الله عليه ولعن من يمتّ به من شبليه الإمامين السبطين وعظماء المؤمنين ؟ ويكتب إلى أُمرائه الجائرين بهدر دماء صلحاء الأُمّة وشيعة أهل بيت الوحي عليهم السلام ؟ وهل كان يكتب به أحكامه الجائرة ، وفتاواه النائية عن الحقِّ المبين ، وآراءه الشاذّة عن الكتاب والسنّة ، وكلّ ما يلفظه بفمٍ ويخطّه بقلمٍ من جرائر وجرائم ؟
ثم هل استجيبت هذه الدعوة المعزوّة إلى صاحب الرسالة حتى نعتقد في ابن هند اعتناق الهدى ، والتجنّب عن الردى ، والمغفرة له في الآخرة والأُولى ؟ لكن موبقات معاوية وإصراره عليها تنبئنا عن أنّها لم تكن ، إذ لو كانت لمَا عداها الإجابة ، وكأنَّ تلك الدعوة المزعومة المختلقة ذهبت أدراج الرياح ، وكأنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا عليه بضدّ ما هو مذكورٌ واستجيبت دعوته.
على أنَّ معاوية لو كان على الهدى متجنّباً عن الردى للزم أن يكون صاحب الخلافة الكبرى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على قدسه وطهارته خلواً من ذلك كلّه ، لأنّه كان يناوئه ويناجزه القتال ، وكذلك حُجر وأصحابه ، وكلّ صالح صحابيّ أو تابعيّ قُتل تحت نير ظلم معاوية ، هل يسع لمسلم أن يدّعي ذلك ؟ غفرانك اللّهمَّ وإليك المصير.
25 ـ أخرج الطبراني عن يحيى بن عثمان بن صالح عن نعيم بن حمّاد عن محمد ابن شعيب بن سابور عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبدالله بن بُسر : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم استشار أبا بكر وعمر في أمرٍ فقال : أشيروا عليَّ. فقالا : الله ورسوله أعلم ، فقال : ادعوا معاوية. فقال أبو بكر وعمر : أما في رسول الله ورجلين من رجال قريش ما يتقنون أمرهم حتى يبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى غلام من غلمان قريش ؟ فقال : ادعوا لي معاوية. فدُعي له فلمّا وقف بين يديه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : احضروه أمركم ، وأشهدوه أمركم فإنّه قويٌّ أمين. وزاد نعيم : وحمّلوه أمركم (72).
رجال إسناده :
1 ـ يحيى بن عثمان ، كان يتشيّع ، وكان صاحب وراقة يحدّث من غير كتبه فطعن فيه لأجل ذلك.
تهذيب التهذيب (73) (11 / 257).
2 ـ نعيم بن حمّاد ، كذّاب وضّاع. راجع الجزء الخامس (ص 269).
3 ـ محمد بن شعيب ، شاميّ أمويّ.
4 ـ مروان بن جناح ، شاميّ أمويّ ، قال أبو حاتم (74) : لا يحتجُّ به وبأخيه روح.
5 ـ يونس بن ميسرة ، شاميّ أعمى.
6 ـ عبدالله بن بُسر ، يُعدَّ في الشاميّين وهو آخر من مات بالشام من الصحابة.
هلمَّ معي إلى تعمية الجاهلين وتغرير بسطاء الأُمّة بالتمويه على الحقائق ، قال ابن كثير في تاريخه (75) بعد ذكر هذا الحديث وعدّة ممّا ذكرناه من الأباطيل في فضائل معاوية : ثم ساق ابن عساكر أحاديث كثيرة موضوعة بلا شكّ في فضل معاوية ، أضربنا عنها صفحاً ، واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصحاح والحسان والمستجادات عمّا سواها من الموضوعات والمنكرات.
وقال بعد ذكر الحديث الرابع والعشرين الذي تفرّد به السريّ الكذّاب الوضّاع : وقد أورد ابن عساكر بعد هذا أحاديث كثيرة موضوعة ، والعجب منه مع حفظه واطّلاعه كيف لا ينبّه عليها وعلى نكارتها وضعف رجالها ؟ والله الموفِّق للصواب.
ترى ابن كثير هاهنا يتحامل على ابن عساكر رجاء أن ينطلي بذلك على الأغرار ما سرده من الأكاذيب الموضوعة ويزيّف جملة منها لإثبات بعضها الآخر. ذاهلاً عن أنَّ يد التنقيب تكشف عمّا غطّاه دجله غلوّاً منه في الفضائل.
26 ـ أخرج ابن عساكر (76) من طريق نعيم بن حمّاد عن محمد بن حرب عن أبي بكر بن أبي مريم عن محمد بن زياد عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : بينما أنا راقدٌ في كنيسة يوحنّا ـ وهي يومئذٍ مسجد يصلّى فيها ـ إذ انتبهت من نومي فإذا بأسد يمشي بين يديَّ ، فوثبت إلى سلاحي ، فقال الأسد : مَه ، إنّما أُرسلت إليك برسالة لتبلّغها ، قلت : ومن أرسلك ؟ قال : الله أرسلني إليك لتبلّغ معاوية السلام وتعلمه أنّه من أهل الجنّة. فقلت له : ومن معاوية ؟ قال : معاوية بن أبي سفيان (77).
في الإسناد :
1 ـ نعيم بن حمّاد ، مرَّ القول بأنَّه كذّابٌ وضّاع.
2 ـ محمد بن زياد هو الحمصي ، شاميّ ناصبيّ من ألدّاء أعداء أمير المؤمنين ، وثّقه ابن معين (78) ، وقال : ثقة مأمون ، وذكره ابن حبّان في الثقات (79) وقال : لا يعتدّ بروايته إلّا ما كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم : اشتهر عنه النصب كحريز (80) ابن عثمان.
تهذيب التهذيب (81) (9 / 170).
3 ـ أبو بكر بن أبي مريم ، شاميّ عثمانيّ ، قال أحمد والنسائي والدارقطني وابن سعد (82) : ضعيف. وضعّفه ابن معين (83). وقال أبو زرعة : ضعيف منكر الحديث. وقال أبو حاتم (84) : ضعيف الحديث طرقه لصوصٌ فأخذوا متاعه فاختلط. وقال الجوزجاني : ليس بالقويِّ. وقال الدارقطني : متروك.
تهذيب التهذيب (85) (12 / 29).
قال ابن كثير (86) بعد ذكر الحديث : وفيه ضعفٌ وهذا غريبٌ جدّاً ولعلَّ الجميع مناماً (87) ويكون قوله : إذ انتبهت من نومي ، مدرجاً لم يضبطه ابن أبي مريم. والله أعلم.
قال الأميني : أنا حائرٌ سادرٌ بين رسالة هذا الأسد الضاري وبشارته معاوية بالجنّة ، وبين رسالة النبيِّ المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، وبشارته معاوية بالنار ولعنه إيّاه.
وكذا بين رسالة الأسد وبين تلكم الصحاح التي جاءت عن الإمام المعصوم أمير المؤمنين وعن عدول الصحابة أو الصحابة العدول في معاوية الخؤون ممّا أسلفناه في الجزء العاشر.
وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء في الكتاب الكريم من عذاب كلّ آثم اقترف سيّئة وأحاطت به خطيئته ، ووعيد من حاد عن حدود الإسلام بالنار ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (88) ، ولا يستوي الحسنة ولا السيّئة ولا المحسن ولا المسيء.
وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء عن نبيِّ الإسلام في تلكم البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوّه بها صحيفة تاريخه.
فماذا الذي خصَّ معاوية برسالة الأسد إليه خاصّة في كنيسة يوحنّا بعد رسالة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم الخاتمة ، بعد تلكم الأنباء الصادقة الواردة في الكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة ، بعد تلكم البشائر السارّة الجمّة العامّة لأهل الصلاح والفلاح ؟
27 ـ أخرج أحمد (89) ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق ابن عبّاس ، قال : كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد جاء فقلت : ما جاء إلَّا إليَّ ، فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطاة أو خطاتين (90) ثم قال : « اذهب فادعُ لي معاوية » ، قال : فذهبت فدعوته له فقيل : إنَّه يأكل ، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت : إنَّه يأكل ، فقال : « إذهب فادعه » ، فأتيته الثانية فقيل : إنّه يأكل فأخبرته ، فقال في الثالثة : « لا أشبع الله بطنه » قال : فما شبع بعدها (91).
هذا الحديث ذكره ابن كثير في عدّ مناقب معاوية فقال : قد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه ، أمّا في دنياه فإنّه لمّا صار إلى الشام أميراً ، كان يأكل في اليوم سبع مرّات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها ، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم ، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً ويقول : والله ما أشبع وإنّما أعيا ، وهذه نعمةٌ ومعدةٌ يرغب فيها كلُّ الملوك.
وأمّا في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري (92) وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة ؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : اللّهمّ إنَّما أنا بشرٌ فأيّما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلاً فاجعل ذلك كفّارة وقُربة تقرّبه بها عندك يوم القيامة. فركّب مسلم من الحديث الأوّل وهذا الحديث فضيلة لمعاوية ، ولم يورد له غير ذلك (93).
قال الأميني : هنا يرتج عليَّ القول في مساءلة هذا المدافع عن ابن هند والناحت له فضيلة مركّبة من رذيلة ثابتة لمعاوية ، وأفيكة مفتراة على قدس صاحب الرسالة ، أنّه هل عرف النافع من الضارِّ ، فحكم بانتفاع معاوية بالدعوة المذكورة في دنياه وأُخراه ؟ وأنَّه هل عرف حدود الإنسانيّة وكمال النفس ؟ ولا أظنّه ، وإلّا لما حكم بأنّ الذي كان يرغب فيه معاوية وحسب أنّه يرغب فيه الملوك من كثرة الأكل وقوّة المعدة إلى ذلك الحدّ الممقوت المساوق حدّ البهائم نعمة من الله أتت ابن آكلة الأكباد ببركة دعوة النبيِّ المعصوم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولم يعرف من سعادة الحياة إلّا أن يملأ أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً ، وما ملأ آدميٌّ وعاءً شرّاً من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه ، وثلثٌ لشرابه ، وثلثٌ لنفسه (94).
ثم إنّ الذي يتبيّن من تضاعيف الروايات وخصوصيّات المقام أنَّ المورد مورد نقمة لا مورد رحمة ، وإنّما الدعاء عليه لا له كيفما تمحّل ابن كثير ، فقد طعن على الرجل أبو ذر الغفاري بقوله : لعنك رسول الله ودعا عليك مرّات أن لا تشبع (95) واشتهرت عنه هذه المنقصة حتى جرت مجرى المثل وقيل فيها :
وصاحبٌ لي بطنه كالهاويه |
كأنَّ في أحشائه معاويه |
وحديث مسلم (96) الذي يلوح عليه لوائح الافتعال إنّما اختلق لمثل هذه الغاية وتأويل ما إليها ممّا صدر عن النبيّ الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم من طعن ولعن وسبّ وجلد ودعوة على من يستحق كلّها ، وللدفاع عن أولياء الشيطان وفي الطليعة منهم ابن أبي سفيان والمنع عن الوقيعة فيهم وغمزهم تأسِّياً برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لفّقوا مكابرات عجيبة في دلالة الألفاظ والنصوص وأنَّ ذلك صدر منه صلّى الله عليه وآله وسلّم لا عن قصد ، أو أنّه صدر عن نزعات نفسيّة تقتضيها فطرة البشر ، وقد ذهب على المغفّلين أنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لا ينطق عن الهوى إن هو إلَّا وحيٌ يوحى ، وأنَّه لعلى خلق عظيم ، وأنّ في كتابه الذي جاء به من ربّه قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) (97).
وقد صحّ عنه قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » (98).
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « المؤمن لا يكون لعّاناً » (99).
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « سباب المسلم فسوق » (100).
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّي لم أُبعث لعّاناً وإنّما بُعثت رحمة » (101).
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « المستبّان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان » (102).
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من ذكر امرأً بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه » (103).
هل هؤلاء القوم يصفون نبيّاً صحّ عندهم من حديث مسلم : أنّه غضبت عائشة رضي الله عنها مرّة ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما لكِ جاءكِ شيطانكِ ؟ فقالت : وما لكَ شيطان ؟ قال : بلى ولكنّي دعوت الله فأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلّا بخير (104) ؟
وهل يتكلّمون عن نبيّ قال لعبدالله بن عمرو بن العاص : « اكتب عنّي في الغضب والرضا ، فوالذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما يخرج منه إلّا حقّ ». وأشار إلى لسانه (105) ؟
وقال عبدالله بن عمرو : أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بشر يتكلّم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : « أُكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حقٌّ » (106).
وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحقُّ لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له » (107).
وهل يُدنّسون بهذا العزو المختلق ـ لتبرير ذيل أمثال ابن هند ـ ساحة نبيّ صحَّ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله : « إنّ العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً ، فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعِن ، فإن كان أهلاً وإلّا رجعت إلى قائلها » (108) ؟
وهل يشوّهون بها سمعة قداسة نبيّ كان يؤدِّب أُمّته بآداب الله ، وينهى أصحابه عن لعن كلّ شيء حتى الدوابّ والبهائم والديك والبرغوث والريح ؟ وكان يقول : « من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه » (109). وقال لرجل كان يسير معه فلعن بعيره : « يا عبدالله لا تسر معنا على بعير ملعون » (110). وقال لمّا لعنت جارية ناقتها : « لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة ». وفي حديث المعتمر : « ايم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله » (111). وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يبالغ في الأمر ويحذّر الناس عنه حتى قال سلمة بن الأكوع : كنّا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر (112).
دع الأباطيل ولا تشطط في القول فمن لعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم فهو ملعون ، ومن سبّه فهو مستأهل لذلك ، ومن جلده فإنَّ ذلك من شرعه المبين ، ومن دعا عليه أخذته الدعوة ، وهل يجد ذو خبرة مصداقاً لتلك المزعمة المخزية ويسع له أن يستشهد بسبِّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أحداً من صلحاء أُمّته كائناً من كان ممّن لا يستحقُّ السبَّ أو بلعنه وجلده إيّاه ودعوته عليه ؟ حاشا النبي المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق من هذه الفرية الشائنة.
وإن صحّت هذه المزعمة لتطرّق الوهن في أفعاله وأقواله وفي قضائه وحدوده ، فلا يعلم الإنسان أنّها بحافز إلهيّ ، أو اندفاع إلى شهوة وإطفاء ثورة الغضب ، وأيّ نبيّ معصوم هذا ؟ وكيف تُتّبع سنّته ؟ ويُقتفى أثره عندئذٍ ؟ وفي أيٍّ من حالتيه هو مقتدى البشر وحجّة الخلق وقدوة الأُمم ؟ وما المائز بينه وبين أُمّته وكلٌّ يستحوذ عليه الغضب ، ويقوده الهوى ، وكان لأيّ أحد أسوة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يقول مثل ذلك حين يقع في المسلمين بالسباب وينال منهم باللعن فتنقلب المعصية بتلك الدعوة اللاحقة طاعة وبرّاً وكفّارة وقربة.
ومن هنا بلغت القحّة والصلف من ابن حَجر إلى أن تمسّك بذيل حديث مسلم المثبت ما لا يقبله العقل والمنطق وتأباه الأُصول الدينيّة المسلّمة ، فمنع بذلك عن لعن الحَكم لعين رسول الله وطريده وابنه الوزغ ابن الوزغ (113).
وللقوم في هذا المقام تصعيدات وتصويبات ، أو قل : خرافات ومخازٍ مثل ما حكي عن بعضهم (114) : أنَّ ظاهر هذا الحديث يُعطينا إباحة تلكم المحظورات للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فحسب ، وعدّ السيوطي (115) من خصائص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ باب اختصاصه صلّى الله عليه وآله وسلّم بجواز لعن من شاء بغير سبب ـ ، وقال القسطلاني (116) (1 / 395) : كان له صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يقتل بعد الأمان ، وأن يلعن من شاء بغير سبب ، وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون لدعائه عليه السلام. ألا يضحك ضاحكٌ على عقليّة هذا الأرعن ؟ وأنّه كيف يكون ذلك وقد فرض أنَّ مصبَّ هاتيك الطعون مستوجبٌ للرحمة والحنان بالدعوة اللاحقة إيّاها ؟ فما المجوِّز لنبيِّ الرحمة هتك ستار أُولئك وفضحهم على ملأٌ من الأشهاد من غير استحقاق على مرِّ الدهور ؟ وهل الدعاء الأخير يرفع عنهم شية العار الملحقة بهم من الدعوة الأولى ؟ وهل لإباحة تلكم الفواحش التي هي بذاتها فاحشة وقبائح عقليّة لا تقبل التخصيص لصاحب الرسالة معنى معقول ؟ وهل هتك حرمات المؤمنين مع حفظ الوصف لهم والمبدأ فيهم ممّا يُستباح لأحد نبيّاً كان أو غيره ؟! أمّا أنا فلا أعرفه ، وأحسب أنَّ من ذهب إلى ذلك أيضاً مثلي في الجهل.
وهلّا كان لرسول الله والحالة هذه أن ينصَّ بعد ما سبَّ من لا يستحقُّ أو لعنه أو جلده أو دعا عليه ، وبعد ما هدأت ثورة غضبه وأطفأ نيران سخطه على أنّ ذلك وقع في غير محلّه ، حتى لا يدنّس ساحة الأبرياء طيلة حياتهم بشية العار ووسمة الشنار ، ولا يُشوّه سُمعة أُناس نزهين في الملأ الدينيِّ أبد الدهر ؟
وهلّا كان للصحابة أن يستفهموا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جليّة الحال في كلِّ تلكم الموارد ليعرفوا وجه ما أتى به من الهتيكة : هل وقع في أهله ومحلّه ؟ حتى لا يتّخذوا فعله مدركاً مطّرداً في الوقيعة والتحامل ، ولا يزري أحدٌ أحداً جهلاً منه بالموضوع اقتفاءً لأثره صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وهلّا كان لمثل أبي سفيان ومعاوية والحَكم ومروان وبقيّة ثمرات الشجرة الملعونة في القرآن ونظرائهم الملعونين بلسان النبيّ الأقدس أن يحتجّوا برواية مسلم على من يعيّرهم بلعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إيّاهم كعائشة أمّ المؤمنين وأمير المؤمنين وأبي ذر ووجوه الصحابة غيرهم ؟
وهاهنا دقيقةٌ أخرى وهي : أنَّ اللعنات والطعون المتوجّهة في القرآن الكريم إلى أُناس عناهم الذكر الحكيم ونوّه بذلك الصادع الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم هل هي من الله تعالى كما زعموه في النبيّ الأقدس ومؤوّلة بمدائح ورحمات وقرب ؟! فهي إلى جلالة أُولئك القوم وقداستهم أدلُّ من كونهم ملعونين مطرودين من ساحة رحمة الله تعالى ، وهل الله سبحانه أعطى عهداً بذلك وآلى على نفسه أن يجعلها رحمةً وزكاةً وقربةً ؟ أم أنّها باقيةٌ على مداليلها التي هي ناصّة عليها ؟! لا أدري ماذا يقول القوم ، هل يسلبون الحقائق عن الألفاظ القرآنيّة كما سلبوها عن الألفاظ النبويّة ؟! وفي ذلك إرتاجٌ لباب التفاهم وسدٌّ لطريق المحاورة ، غير أنَّ أحمال الكلام لم تراقبها دائرةُ المكوس ، فللمُتحذلق أن يقول ما شاء ، وللثرثار أن يلهج بما حبّذه الهوى ولا يكترث. نعوذ بالله من التقوّل بلا تعقّل.
28 ـ عن مسرّة بن عبدالله الخادم ، قال : حدّثنا كردوس بن محمد الباقلاني عن يزيد بن محمد المروزي عن أبيه عن جدّه ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّاً رضي الله عنه يقول ، فذكر خبراً فيه : بينا أنا جالس بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ جاء معاوية فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم القلم من يدي فدفعه إلى معاوية ، فما وجدت في نفسي إذْ علمت أنَّ الله أمره بذلك.
ذكره ابن حجر في لسان الميزان (117) (6 / 20) وعدّه من موضوعات مسرّة بن الخادم فقال : متنٌ باطل وإسنادٌ مختلق.
وأخرج الخطيب في تاريخه (118) من طريق مسرّة منقبة لأبي بكر وعمر فقال : هذا الحديث كذب موضوع والرجال المذكورون في إسناده كلّهم ثقاتٌ أئمّةٌ سوى مسرّة والحمل عليه فيه ، على أنّه ذكر سماعه من أبي زرعة بعد موته بأربع سنين (119).
29 ـ عن أنس مرفوعاً : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، ومعاوية حلقتها (120).
زيّفه صاحب المقاصد ، وابن حجر في الفتاوى الحديثيّة (ص 197) ، والعجلوني في كشف الخفاء (1 / 204).
وأكبر ظنّي أنّ مختلق هذه الخرافات لا يبتغي إلّا الاستهزاء بما جاء عن النبيِّ الأعظم من الفضائل في رجال لهم الكفاءة لها وحياً من الله العزيز ، ولا يذهب على أيّ جاهل أنّ ابن هند لا يقدّس ساحة رجاسته ألف تمحّل ، واختلاق ألف حديث مثل هذه ، وهو بعدُ معاوية ، وهو بعدُ ابن هند ، وهو بعدُ هو هو.
30 ـ أخرج الطبراني (121) من طريق عبدالرحمن بن أبي عميرة المزني أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لمعاوية : اللّهمّ علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب.
وفي لفظ الترمذي (122) : اللّهمّ اجعله هادياً مهديّاً واهدِ به ، وبهذا اللفظ أخرجه ابن عساكر في تاريخه (123) (2 / 106).
زيّفه ابن عبدالبرّ في الاستيعاب (124) وقال : لا يثبت. راجع ما أسلفناه في الجزء العاشر (ص 376).
31 ـ عن عبدالرحمن بن أبي عميرة مرفوعاً : يكون في بيت المقدس بيعة هدى.
أخرجه ابن سعد (125) عن الوليد بن مسلم عن شيخ من أهل دمشق عن يونس ابن ميسرة بن جليس عن عبدالرحمن (126).
أنظر إلى سلسلة الشاميّين في إسناد هذه المفتعلة : يروي الوليد مولى بني أُميّة عالم الشام الذي كان كثير الخطأ ، يروي عن الكذّابين ثم يدسّها عنهم ، روى الأوزاعي عن ضعفاء أحاديث مناكير فأسقطهم الوليد وصيّرها من رواية الأوزاعي ، وكان رفّاعاً اختلط عليه ما سمع وما لم يسمع وكانت له منكرات (127) عن شيخ من أهل الشام لا يعرفه إنس ولا جان ، عن يونس الأعمى الشامي الذي أدرك معاوية وروى عنه واستمرأ رضائخه ، عن عبدالرحمن الذي لا تثبت أحاديثه ولا تصحّ صحبته كما قاله ابن عبدالبرّ.
أفهل يروي مثل هذه الأُضحوكة إلّا أمثال هؤلاء ؟ وهل تروى إلّا بمثل هذا الإسناد الوعر ؟ وهل تدري أيّ بيعة غاشمة يراها النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ العياذ بالله ـ بيعة هدى ؟ هي ذلك الملك العضوض الذي كان يُنبئ عنه الصادع الكريم ، ويحضّ أصحابه على قتال صاحبه ، بيعة الطليق ابن الطليق التي كانت قوامها البراءة عن ولاية الله الكبرى ولاية أمير المؤمنين التي جاء بها الكتاب الكريم ، وأكمل الله بها الدين ، وأتمّ بها النعمة ، وقرنها بولايته وولاية رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بيعة عمّت شؤمها الإسلام ، وزرعت في قلوب أهلها الآثام ، وخلطت الحلال بالحرام ، وأباحت الأموال والدماء للطلقاء واللعناء ، وجرّت الويلات على عترة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى أُمّته حتى اليوم.
32 ـ أخرج ابن عساكر (128) قال : أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عليّ ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن عبدالله ، أنبأنا أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي ، حدّثني أبو عمرو السعيدي ، حدّثنا عليّ بن روح ، حدّثنا عليّ بن عبيد العامري ، حدّثنا جعفر بن محمد وهو الأنطاكي ، حدّثنا إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح الأسدي عن عطاء عن ابن عمر قال : كنت مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ورجلان من أصحابه فقال : لو كان عندنا معاوية لشاورناه في بعض أمرنا ، فكأنّهما دخلهما من ذلك شيء ، فقال : إنّه أُوحي إليَّ أن أُشاور ابن أبي سفيان في بعض أمري ، والله أعلم (129).
قال الأميني : في الإسناد جمع من المجاهيل ، وفيه جعفر بن محمد الأنطاكي ليس بثقة (130) وإسماعيل بن عيّاش الحمصي وثّقه جماعة غير أنَّ الجوزجاني قال : أمّا إسماعيل فما أشبه حديثه بثياب نيسابور يرقم على الثوب المائة وأقل وشراؤه دون عشرة ، وكان أروى الناس عن الكذّابين.
وقال أبو إسحاق الفزاري : لا تكتب عن إسماعيل ما روى عن المعروفين ولا غيرهم. وقال : ذاك رجلٌ لا يدري ما يخرج من رأسه. وقال ابن المبارك : لا أستحلي حديثه. وقال ابن خزيمة : لا يحتجّ به. وقال الحاكم : هو مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه. وقال عليّ بن حجر : ابن عيّاش حجّة لولا كثرة وهمه. إلى آخر ما مرَّ في هذا الجزء صفحة (82).
وفيه : تمام بن نجيح الدمشقي. قال أحمد (131) : ما أعرفه. قال حرب : يعني ما أعرف حقيقة حاله. وقال أبو زرعة : ضعيف. وقال أبو حاتم (132) : منكر الحديث ذاهب. وقال البخاري (133) : فيه نظر. وقال ابن عديّ (134) : عامّة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات وهو غير ثقة. وقال ابن حبّان (135) : روى أشياء موضوعة عن الثقات كأنَّه المعتمد لها. وقال البزّار : ليس بقويّ. وقال العقيلي (136) : يحدِّث بمناكير. وقال الآجري عن أبي داود : له أحاديث مناكير (137).
33 ـ أخرج ابن عساكر (138) بالإسناد ، قال : أنبأنا أبو الحسن القرضي ، حدّثنا أبو القاسم بن العلاء ، أنبأنا أبو بكر عبدالله بن أحمد بن عثمان بن خلف ، حدثنا أبو زرعة محمد بن أحمد بن أبي عصمة ، حدّثنا أحمد بن عليّ ، حدّثنا عليّ بن محمد الفقيه : حدّثنا محرز بن عون ، حدّثنا شبابة عن محمد بن راشد عن مكحول ، قال : دفع النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى معاوية سهمين فقال : خذ هذين السهمين سهمي الإسلام فتلقّني بهما في الجنّة ، فلمّا مات معاوية جعلا معه في قبره ، ولمّا حلق النبيُّ رأسه بمنى دفع إلى معاوية من شعره فصانه ، فلمّا مات معاوية جعل شعر النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم على عينيه والله أعلم (139).
قال الأميني : هذا الإسناد باطلٌ مزيّف ، وهو مع ذلك غير مسند الأخير ، إذ مكحول الدمشقي حديثه مرسلٌ والرجل ليس بصحابيّ ، ذكره ابن سعد (140) في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام ، وهو قدريّ ضعيف يدلِّس.
وفي الإسناد محمد بن راشد الدمشقي ، وهو قدريُّ من أهل الورع والنسك ولم يكن الحديث من صنعته ، وكثر المناكير في روايته فاستحقَّ الترك. وقال الدارقطني : يُعتبرُ به. وقال ابن خراش : ضعيف الحديث (141).
وفيه شبابة الفزاري كان يدعو إلى الإرجاء ويقول به ، تركه أحمد ولم يكتب عنه وكان يحمل عليه ولا يرضاه ، وقال أبو حاتم (142) : يكتب حديثه ولا يحتجُّ به. وقال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : كان يدعو إلى الإرجاء وحكي عنه قولٌ أخبث من هذه الأقاويل قال : إذا قال فقد عمل بجارحته. وهذا قول خبيث ما سمعت أحداً يقوله ، قيل له : كيف كتبت عنه ؟ قال : كتبت عنه شيئاً يسيراً قبل أن أعلم أنّه يقول بهذا. وقبل كلّ هذا كان الرجل يبغض أهل البيت الطاهر ، ومات بإصابة الدعوة عليه فلجاً (143).
وفي الإسناد مجاهيل لا يُعرفون ولا يوجد لهم ذكرٌ في المعاجم.
34 ـ أخرج إسحاق بن محمد السوسي من طريق محمد بن الحسن بالإسناد مرفوعاً : إنَّ معاوية يُبعث نبيّاً من حلمه وائتمانه على كلام ربِّي.
زيّفه ابن حَجر في لسان الميزان (144) (5 / 125) وقال : محمد بن الحسن لعلّه النقّاش صاحب التفسير فإنّه كذّابٌ أو هو آخر من الدجاجلة.
35 ـ قال سعيد بن المسيِّب : من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وشهد للعشرة بالجنّة ، وترحّم على معاوية ، كان حقّاً على الله أن لا يناقشه الحساب.
تاريخ ابن كثير (145) (8 / 139).
قال الأميني : فأوّل من يناقشه الله الحساب إن صدق هذا الحلم هو النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّه أمير المؤمنين عليه السلام للعنهما معاوية كما عرفت حديثه ، ويلحقهما في ذلك عيون الصحابة العدول المتقرِّبين إلى الله بالوقيعة في هذا الإنسان ، بل يحقُّ على الله أن يناقش الحساب كلّ مؤمن صالح مرضيّ عنده لنقمتهم على ابن آكلة الأكباد وأفعاله وتروكه ، وذكرهم إيّاه بكلِّ مخزاة وبائقة بكرةً وعشيّاً.
وهل على الله أن لا يناقش ابن أبي سفيان الحساب أخذاً بهذا الحكم الباتِّ التافه ؟ وهل قنوت الرجل بلعن عليّ أمير المؤمنين وسبِّه إيّاه ووقيعته فيه وتحامله عليه ودعوته الناس إلى مقته وعداه وخروجه عليه بالسيف وقتاله إيّاه ، إلى تلكم الفواحش المبثوثة في صحيفة تاريخ الرجل السوداء من بوائقه وموبقاته مع شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، كانت كلّها آية حبّه إيّاه ورمز شهادته له بالجنّة ، وبذلك استوجب الترحّم عليه ؟
وهل كان تقاعسه عن نصرة عثمان ، وتثبّطه عن الدفاع عنه ، وإيصائه بذلك قائد جيوشه عن آيات حبّه إيّاه ، وشهادته له بالجنّة ، وموجبات الترحّم عليه ؟ نعوذ بالله من التقوّل بلا تدبّر.
36 ـ قال سعيد بن يعقوب الطالقاني : سمعت عبدالله بن المبارك يقول : ترابٌ في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبدالعزيز. ولفظ : لترابٌ في منخري معاوية مع رسول الله خير وأفضل من عمر بن عبدالعزيز.
تاريخ ابن كثير (146) (8 / 139).
وسُئل أحمد بن حنبل إمام الحنابلة : إيّما أفضل معاوية أو عمر بن عبدالعزيز ؟ فقال : لَغبارٌ لحق بأنف جواد معاوية بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خيرٌ من عمر بن عبدالعزيز.
شذرات الذهب (147) (1 / 65).
قال الأميني : إنَّ الحريَّ بعرفان معاوية ومكانته من الفضيلة هم أُولئك الذين عاصروه وشاهدوه من كثب ، والذين رأوا بوائقه واطّلعوا على مخازيه بين ثنايا المشاهدة ، والذين أدركوا أصله ومحتده وعرفوا نفسيّاته وملكاته ، ولن تجد فيهم رجل صدق يقيم له وزناً أو يرى له كرامة ، ويحقُّ أن تسألهم عنه ، لا ابني حنبل ومبارك اللذين أوفر حظّهما من أخبار معاوية السماع أو ركوب العصبيّة العمياء ، وأنت إذا أمعنت النظرة فيما أسلفناه ممّا قيل فيه وذكر عنه ظهرت لك جليّة الحال وعرفت البون الشاسع بين كلمة الرجلين وبين هاتيك الكلم الجوامع المعربة عن حقيقة الرجل وعُجره وبُجره.
37 ـ قال بعض السلف : بينا أنا على جبل بالشام إذ سمعت هاتفاً يقول : من أبغض الصدّيق فذاك زنديق ، ومن أبغض عمر فإلى جهنّم زمراً ، ومن أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن ، ومن أبغض عليّاً فذاك خصمه النبيُّ ، ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جهنّم الحامية ، يرمى به في الحامية الهاوية.
تاريخ ابن كثير (148) (8 / 140).
عجباً لبيئة دمشق التي لا تربِّي إلّا الروح الأمويّة الممقوتة هي وأهلها وضواحيها وجبالها ، ومن يهتف بها من شيطان مريد أو إنسان عنيد ، أو مشاغب عن الحقِّ والصلاح بعيد ، وبُعداً لمن يحتجّ في أُمور الدين بالهاتف المجهول ، وطيف الخيال الممجوج ، ويضرب عن الحقائق الراهنة صفحاً ، ويطوي عن البرهنة الصادقة كشحاً.
38 ـ قال بعضهم : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية إذ جاء رجلٌ فقال عمر : يا رسول الله هذا يتنقّصنا فكأنَّه انتهره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا رسول الله إنّي لا أتنقّص هؤلاء ولكن هذا ـ يعني معاوية ـ فقال : ويلك ! أوَليس هو من أصحابي ؟ قالها ثلاثاً. ثم أخذ رسول الله حربةً فناولها معاوية فقال : جأ بها (149) في لبّته ، فضربه بها ، وانتبهت فبكرت إلى منزلي فإذا ذلك الرجل قد أصابته الذبحة من الليل ومات ، وهو راشد الكندي.
تاريخ ابن كثير (150) (8 / 140).
قال الأميني : عجباً من حفّاظ قوم وأئمّة مذهب يغرّون بسطاء الأُمّة بأضغاث الأحلام ، ويموّهون على الحقائق الراهنة بالترّهات ، ويسوِّدون صحائف التاريخ بالتافه الواهي ، ويشوِّهون سمعة الصحابة ويدنّسون ساحة قدس صلحائهم بعدِّ ابن هند الخمّار الربَّاء من زمرتهم ، وجعله وإيّاهم عكمي بعير ، قاتل الله الجهل.
ليتني أدري أنّ الذي شهده هذا الرجل في طيف الخيال هل هو ذلك النبيّ الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي كان ينتقص هو معاوية ويلعنه في يقظته وانتباهته ، وقد تطابق في ابن هند لسان حاله والمقال ، أم هو غيره ؟ انتظر هاهنا حتى يوافيك الجواب عن صاحب الرؤيا ولا أظنّ.
وليتني عرفت ما مصير عدول الصحابة مناوئي معاوية ومنتقصيه بألسنةٍ حداد ، والداعين عليه في صلواتهم جهاراً ، والمتحاملين عليه في كلّ ندوة ومجتمع ؟ هل انتهرهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وناول معاوية حربة وجأ بها في لبّتهم ؟!
39 ـ وجد أبو الفتح يوسف القوّاس في كتبه جزءاً له فيه فضائل معاوية وقد قرضته الفأرة ، فدعا الله تعالى على الفأرة التي قرضته ، فسقطت من السقف ولم تزل تضطرب حتى ماتت.
تاريخ بغداد للخطيب الحافظ (14 / 327).
هلمَّ واضحك على عقليّة هذا الحافظ المعتوه الذي يرى من كرامة معاوية على الله أن أهلك لأجله فأرة قرضت جزءاً فيه فضائل معاوية ، وقد أصفق أئمّة الحديث كما أسلفناه على أنَّه لا يصحّ منها شيء ، وهل الفئران كلّفت بولاء ابن آكلة الأكباد ، والفأرة التي أصابتها الدعوة قد شذّت وخالفت أُمّتها وعادت معاوية فحقّت عليها كلمة العذاب ؟ وهل المسكينة كانت عارفة بما في ذلك الجزء فأنكرته وسخطت عليه وقرضته وهي على بصيرة من أمرها ، وهل كانت لأبي الفتح القوّاس سابقة معرفة بتلك الفأرة فلمّا سقطت وماتت عرف أنَّها هي هي ؟ إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين.
40 ـ قال الكلواذي في قصيدة له :
ولابن هندٍ في الفؤاد محبّةٌ |
مغروسةٌ فليرغمنَّ مفنّدي |
ردَّ عليه العلّامة شهاب الدين أحمد الحفظي الشافعي بقوله :
قل لابن كلواذي وخيمِ الموردِ |
أوقعتَ نفسك في الحضيضِ الأوهدِ |
|
أفأنت تطمع يا سخيف العقل في |
إرغامِ طه والوصيِّ المهتدي |
|
والمسلمين الصادقي إيمانهم |
بالله جلَّ وبالنبيّ محمدِ |
|
أوَلست أنت القائلَ البيتَ الذي |
تصلى به وهجَ السعيرِ المؤصدِ |
|
( ولابن هندٍ في الفؤاد محبّةٌ |
مغروسةٌ فليرغمنَّ مفنّدي ) |
|
أرأيت ويلك ذا يقين لا يفنّد |
ما يفوه به لسان الأبعدِ |
|
أوَهل ترى إلّا بقلبِ منافقٍ |
غُرِستْ محبّةُ عجلِك المتمرّدِ |
|
أوَما علمت بأنَّ من أحببته |
رأسُ البغاةِ وخصمُ كلِّ موحِّدِ |
|
لعن الوصيَّ وبدّل الأحكامَ وار |
تكب الكبائرَ باللسانِ وباليدِ |
|
إنَّ المحبَّ مع الحبيبِ مقرُّه |
ولسوف تعلمُ مستقرَكَ في غدِ |
|
فعليكما سخطُ الإلٰهِ ومقتُهُ |
وعلى الذي بك في العقيدة يقتدي (151) |
توجد جملةٌ ضافية من الآراء والأقوال الساقطة والأحلام الخياليّة التافهة في الثناء على ابن هند في تاريخ ابن كثير (152) (8 / 139 ، 140) ، وتطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوّه بثلب معاوية بن أبي سفيان لابن حجر الهيتمي (153) وغيرهما وفي المذكور غنىً وكفاية.
( فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) (154)
الهوامش
1. النساء : 93.
2. الأحزاب : 57 و 58.
3. التوبة : 61.
4. النور : 19.
5. البقرة : 275.
6. النساء : 14.
7. هم خلفاء معاوية من بني مروان بن الحكم.
8. ربيع الأبرار للزمخشري ، باب 75 [ 4 / 24 ]. ( المؤلف )
9. تاريخ ابن كثير : 8 / 45 [ 8 / 49 حوادث سنة 50 هـ ]. ( المؤلف )
10. راجع أوائل السيوطي ، وتاريخ الخلفاء له [ ص 187 ] ، ومحاضرة الأوائل للسكتواري. ( المؤلف )
11. تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص 133 [ ص 186 ] ، فتح الباري : 7 / 83 [ 7 / 104 ] ، الصواعق : ص 76 [ ص 127 ]. ( المؤلف )
12. اللآلئ المصنوعة : 1 / 220 [ 1 / 424 ] ، فتح الباري : 7 / 83 [ 7 / 104 ]. ( المؤلف )
13. صحيح البخاري : 3 / 1373 باب 28.
14. فتح الباري : 7 / 104.
15. سنن الترمذي : 5 / 645 ح 3842 ، 3843.
16. تاريخ ابن كثير : 11 / 124 [ 11 / 140 حوادث سنة 303 هـ ] ، سيوافيك تفصيل قصّة النسائي.
( المؤلف )
17. كشف الخفاء : 2 / 420.
18. عمدة القاري : 16 / 249 رقم 254.
19. الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة : ص 423 ح 162.
20. لسان الميزان : 1 / 416 رقم 1165.
21. كتاب المجروحين : 1 / 116.
22. تاريخ مدينة دمشق : 16 / 693 ، ومختصر تاريخ دمشق : 25 / 12.
23. اللآلئ المصنوعة : 1 / 422 ـ 423.
24. ميزان الاعتدال : 2 / 623 رقم 5085.
25. المصدر السابق : 4 / 331 رقم 9339.
26. تاريخ ابن عساكر : : 7 / 210 [ 26 / 195 رقم 3071 ، وفي مختصر تاريخ دمشق : 11 / 306 ].
( المؤلف )
27. تاريخ ابن كثير : 8 / 130 [ 8 / 139 حوادث سنة 60 هـ ]. ( المؤلف )
28. مرّ حديثه في هذا الجزء. ( المؤلف )
29. هذه القضية ذكرها الراغب في محاضراته المخطوطة الموجودة ، وهكذا نقلت عنها في تشييد المطاعن في 2 / 409 غير أن يد الطبع الأمينة حرّفتها من الكتاب مع أحاديث ترجع إلى معاوية.
راجع : 2 / 214 من المحاضرات وقابلها بالمخطوطة منها. ( المؤلف )
30. وفي كتاب المجروحين وميزان الاعتدال ولسان الميزان : بهرام.
31. كتاب المجروحين : 2 / 214.
32. ميزان الاعتدال : 2 / 38 [ 3 / 332 رقم 6645 ، 3 / 369 رقم 6796 ] ، لسان الميزان : 4 / 414 ، 459 ، 6 / 219 [ 4 / 481 رقم 6474 و 538 رقم 6625 ، 6 / 266 رقم 9004 ].
( المؤلف )
33. ميزان الاعتدال : 3 / 545 رقم 7517.
34. معرفة الرجال : 1 / 73 رقم 183.
35. كتاب الضعفاء والمتروكين : ص 160 رقم 387.
36. تهذيب التهذيب : 6 / 156.
37. تاريخ مدينة دمشق : 14 / 113 رقم 1566.
38. كتاب المجروحين : 1 / 213.
39. عبارة ابن حبّان عن الحديث هي : هذا موضوع لا أصل له.
40. ميزان الاعتدال : 1 / 416 ، لسان الميزان : 2 / 156 رقم 2049.
41. لسان الميزان : 2 / 266 رقم 2466.
42. لسان الميزان : 1 / 339 رقم 937.
43. الجرح والتعديل : 5 / 400 رقم 1853.
44. الضعفاء الكبير : 3 / 19 رقم 975.
45. الكامل في ضعفاء الرجال : 5 / 379 رقم 1543.
46. ميزان الاعتدال : 2 / 636 رقم 5136 ، تهذيب التهذيب : 6 / 323.
47. التاريخ 4 / 432 رقم 5146.
48. كتاب الضعفاء والمتروكين : ص 49 رقم 36.
49. كتاب المجروحين : 1 / 125.
50. ميزان الاعتدال : 1 / 240 رقم 923 ، تهذيب التهذيب : 1 / 282 ـ 284.
51. التاريخ : 4 / 203 رقم 3959.
52. الجرح والتعديل : 5 / 254 رقم 1204.
53. الكامل في ضعفاء الرجال : 4 / 298 رقم 1126.
54. ميزان الاعتدال : 2 / 572 رقم 4901 ، تهذيب التهذيب : 6 / 187.
55. ميزان الاعتدال : 1 / 388 رقم 1440 ، البداية والنهاية : 8 / 129 حوادث سنة 60 هـ.
56. لسان الميزان : 2 / 123 رقم 1908.
57. التاريخ : 4 / 235 رقم 4120.
58. ميزان الاعتدال : 3 / 574 رقم 7645 ، لسان الميزان : 5 / 218 رقم 7453.
59. الضعفاء الكبير : 2 / 237 رقم 789.
60. ميزان الاعتدال : 2 / 398 رقم 4229 ، لسان الميزان : 3 / 328 رقم 4502.
61. ميزان الاعتدال : 3 / 455 رقم 7134 ، لسان الميزان : 5 / 41 رقم 6903.
62. ميزان الاعتدال : 3 / 516 رقم 7390 ، لسان الميزان : 5 / 142 رقم 7207.
63. لسان الميزان : 1 / 416 رقم 1165.
64. راجع ميزان الاعتدال : 2 / 302 [ 3 / 291 رقم 6465 ] ، تهذيب التهذيب : 8 / 115 [ 8 / 102 ].
(المؤلف)
65. البداية والنهاية : 8 / 128 حوادث سنة 60 هـ.
66. الكامل في ضعفاء الرجال : 5 / 295 رقم 1435.
67. راجع الجزء الخامس من الغدير : ص 242 ، ولسان الميزان : 6 / 41 [ 6 / 48 رقم 8394 ].
(المؤلف)
68. لسان الميزان : 4 / 265 رقم 5823.
69. الصحيح : السري بن عاصم. (المؤلف)
70. كذا والصحيح : عن أبيه عن هشام. (المؤلف)
71. تاريخ ابن كثير : 8 / 120 [ 8 / 128 حوادث سنة 60 هـ ]. (المؤلف)
72. تاريخ ابن كثير 8 / 122 [ 8 / 130 حوادث سنة 60 هـ ] ، مجمع الزوائد : 9 / 356 ، [ وانظر أيضاً مختصر تاريخ دمشق : 25 / 8 ]. (المؤلف)
73. تهذيب التهذيب : 11 / 225.
74. الجرح والتعديل : 8 / 274 رقم 1250.
75. البداية والنهاية : 8 / 130 ـ 131 حوادث سنة 60 هـ.
76. مختصر تاريخ دمشق : 25 / 16.
77. تاريخ ابن كثير : 8 / 123 [ 8 / 132 حوادث سنة 60 هـ ] ، مجمع الزوائد : 9 / 357. (المؤلف)
78. التاريخ : 4 / 429 رقم 5124.
79. الثقات : 5 / 372.
80. كان يلعن عليّاً كلّ يوم سبعين مرّة ، أحد رجال صحيح البخاري. (المؤلف)
81. تهذيب التهذيب : 9 / 150.
82. العلل ومعرفة الرجال : 2 / 39 رقم 1484 ، كتاب الضعفاء والمتروكين : ص 262 رقم 699 ، الطبقات الكبرى : 7 / 467.
83. التاريخ : 4 / 437 رقم 5173.
84. الجرح والتعديل : 2 / 405 رقم 1590.
85. تهذيب التهذيب : 12 / 33.
86. البداية والنهاية : 8 / 132 حوادث سنة 60 هـ.
87. كذا في المصدر ولعلها في الأصل : كان مناماً.
88. البقرة : 229.
89. مسند أحمد : 1 / 551 رقم 3094.
90. في صحيح مسلم ومسند أحمد : فحطاني حطأة ، والحطأ هو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين.
91. صحيح مسلم : 8 / 27 [ 5 / 172 ح 96 ـ 97 كتاب البر والصلة والآداب ] ، تاريخ ابن كثير 8 / 119 [ 8 / 127 ـ 128 حوادث سنة 60 هـ ]. (المؤلف)
92. صحيح البخاري : 5 / 2339 ح 6000.
93. البداية والنهاية : 8 / 127 ـ 128 حوادث سنة 60 هـ.
94. من قولنا : وما ملأ آدمي إلى آخره ، أخرجه أحمد [ في المسند 5 / 117 ح 16735 ] ، والترمذي [ في السنن 4 / 509 ح 2380 ] ، وابن ماجة [ في السنن : 2 / 1111 ح 3349 ] ، والحاكم [ في المستدرك على الصحيحين : 4 / 367 ح 7945 ] مرفوعاً ، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الجامع الصغير [ 2 / 526 ح 8117 ]. (المؤلف)
95. راجع الغدير : 8 / 304. (المؤلف)
96. اللّهمّ إنّما أنا بشر فأيّما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة.
اللّهمّ أني اتّخذ عندك عهداً لن تخلفنيه ، فإنّما أنا بشر فأيّ المؤمنين آذيته ، شتمته ، لعنته ، جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.
اللّهمّ إنّ محمداً بشر يغضب كما يغضب البشر وإنّي قد اتّخذت عندك عهداً لن تخلفنيه ، فأيّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفّارة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.
إنّما أنا بشر وإنّي اشترطت على ربّي عزَّوجلَّ أيّ عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجراً.
إنّي اشترطت على ربّي فقلت : إنّما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيّما أحد دعوت عليه من أمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقرّبه بها منه يوم القيامة. هذه ألفاظ حديث مسلم في صحيحه : 8 / 24 ـ 27 [ 5 / 168 ـ 170 ح 88 ـ 95 ]. (المؤلف)
97. الأحزاب : 58.
98. أخرجه البخاري [ في الصحيح : 1 / 13 ح 10 ] ، ومسلم [ في الصحيح : 1 / 96 ح 41 كتاب الإيمان ] ، وأحمد [ في مسنده : 2 / 396 ح 6767 ] ، والترمذي [ في السنن 4 / 570 ح 2504 ] ، والنسائي [ في السنن الكبرى : 6 / 530 ح 11726 و 11727 ] ، والطبراني [ في المعجم الكبير : 1 / 369 ح 1137 ] ، وابن حبّان [ في الإحسان : 2 / 125 ح 399 ] ، وأبو داود [ الطيالسي في مسنده : ص 246 ح 1777 ]. (المؤلف)
99. مستدرك الحاكم : 1 / 12 ، 47 [ 1 / 57 ح 29 ، و 110 ح 145 ]. (المؤلف)
100. متّفق عليه ؛ أخرجه : البخاري [ في صحيحه : 1 / 27 ح 48 ] ، ومسلم [ في صحيحه 1 / 114 ح 116 كتاب الايمان ] والترمذي [ في السنن : 4 / 311 ح 1983 ] ، والنسائي [ في السنن الكبرى : 2 / 313 ح 3567 ـ 3578 ] ، وابن ماجة [ في السنن 2 / 1299 ح 3939 ـ 3941 ] ، والطبراني [ في المعجم الكبير : 1 / 145 ح 325 ] ، والحاكم ، والدارقطني. (المؤلف)
101. صحيح مسلم : 8 / 24 [ 5 / 168 ح 87 ]. (المؤلف)
102. عن أحمد [ في مسنده : 5 / 167 ح 17033 و 331 ح 17878 ] ، والطيالسي [ في مسنده : ص 146 ح 1080 ]. (المؤلف)
103. الترغيب والترهيب : 3 / 197 [ 3 / 515 ح 32 ] ، رواه الطبراني بإسنادٍ جيّد. (المؤلف)
104. إحياء العلوم : 3 / 167 [ 3 / 164 ]. (المؤلف)
105. إحياء العلوم : 3 / 167 [ 3 / 164 ]. أخرجه أبو داود [ في مسنده : 3 / 318 ح 3646 ]. (المؤلف)
106. سنن الدارمي 1 / 125. (المؤلف)
107. أخرجه الترمذي في الشمائل [ ص 113 ح 225 وفيه : عن الحسن بن عليّ عليهالسلام ]. (المؤلف)
108. الترغيب والترهيب : 3 / 196 [ 3 / 472 ح 16 ]. (المؤلف)
109. الترغيب والترهيب : 3 / 197 وصحّحه [ 3 / 474 ـ 475 ح 21 ـ 26 ]. (المؤلف)
110. الترغيب والترهيب : 3 / 196 فقال : إسناده جيّد [ 3 / 474 ح 19 ]. (المؤلف)
111. صحيح مسلم : 8 / 23 [ 5 / 166 ـ 167 ح 83 كتاب البرّ والصلة والآداب ]. (المؤلف)
112. الترغيب والترهيب : 3 / 195 قال : سندٌ جيّد [ 3 / 472 ح 15 ]. (المؤلف)
113. الصواعق المحرقة : ص 108 [ ص 181 ]. (المؤلف)
114. الخصائص الكبرى للسيوطي : 2 / 244 [ 2 / 425 ] ، المواهب اللدنيّة : 1 / 395 [ 2 / 625 ].
(المؤلف)
115. راجع الخصائص الكبرى : 2 / 244 [ 2 / 425 ]. (المؤلف)
116. المواهب اللدنيّة : 2 / 625.
117. لسان الميزان : 6 / 24 رقم 8314.
118. تاريخ بغداد : 13 / 272 رقم 7228.
119. راجع الجزء الخامس من الغدير : ص 259 الطبعة الأولىٰ [ ص 486 من هذه الطبعة ]. (المؤلف)
120. المقاصد الحسنة : ص 124 ح 189 ، الفتاوى الحديثية : ص 269.
121. المعجم الكبير : 18 / 251 ح 628.
122. سنن الترمذي : 5 / 645 ح 3842.
123. تاريخ مدينة دمشق : 6 / 62 رقم 296 ، وفي مختصر تاريخ دمشق : 3 / 316.
124. الاستيعاب : القسم الثاني / 843 رقم 1445.
125. الطبقات الكبرى : 7 / 417.
126. الإصابة : 2 / 414 [ رقم 5177 وفيه : حليس ، والظاهر أنه سهو طباعي. والصحيح حَلْبَس كما ضبطه ابن حجر في تهذيب التهذيب : 11 / 394 والمزي في تهذيب الكمال : 32 / 544 رقم 7185 وآخرون ، وقد مرَّ في الصحيفة 111 ما أخرج له الطبراني من مناقب معاوية ح 25 وأسماه ابن حلبس ]. (المؤلف)
127. تهذيب التهذيب : 11 / 151 ـ 155 [ 135 ـ 136 ]. (المؤلف)
128. مختصر تاريخ دمشق : 25 / 8.
129. اللآلئ المصنوعة للسيوطي : 1 / 421. (المؤلف)
130. لسان الميزان : 2 / 124 [ 2 / 156 رقم 2049 ]. (المؤلف)
131. أنظر : الجرح والتعديل.
132. الجرح والتعديل : 2 / 445 رقم 1788.
133. التاريخ الكبير : 2 / 157 رقم 2046.
134. الكامل في ضعفاء الرجال : 2 / 84 رقم 304.
135. كتاب المجروحين : 1 / 204.
136. الضعفاء الكبير : 1 / 169 رقم 210.
137. تهذيب التهذيب : 1 / 510 [ 1 / 448 ]. (المؤلف)
138. مختصر تاريخ دمشق : 25 / 11.
139. اللآلئ المصنوعة : 1 / 422. (المؤلف)
140. الطبقات الكبرى : 7 / 453.
141. تهذيب التهذيب : 9 / 159 [ 9 / 140 ]. (المؤلف)
142. الجرح والتعديل : 4 / 392 رقم 1715.
143. تهذيب التهذيب : 4 / 301 [ 4 / 264 ]. (المؤلف)
144. لسان الميزان : 5 / 142 رقم 7207.
145. البداية والنهاية : 8 / 148 حوادث سنة 60 هـ.
146. البداية والنهاية : 8 / 148 حوادث سنة 60 هـ.
147. شذرات الذهب : 1 / 270 حوادث سنة 60 هـ.
148. البداية والنهاية : 8 / 149 حوادث سنة 60 هـ.
149. من : وَجَأ أي ضرب.
150. البداية والنهاية : 8 / 149 حوادث سنة 60 هـ.
151. تقوية الإيمان : ص 107 [ 110 ـ 111 ]. (المؤلف)
152. البداية والنهاية : 8 / 143 ـ 150 حوادث سنة 60 هـ.
153. طبع في هامش الصواعق المحرقة له [ ص9 ـ 28 ]. (المؤلف)
154. البقرة : 79.
مقتبس من كتاب : الغدير في الكتاب والسنّة والأدب / المجلّد : 11 / الصفحة : 91 ـ 132
التعلیقات