أربعين الطف
السيد هاشم الهاشمي
منذ سنةأربعين الطف
أربعين الطف بالأحزان عاد |
يالخطبِ زلزل السبع الشداد |
* * *
شعلة الثورة فينا أجّجتها كربلاء |
علّمتنا أنّ درب المجد شوكٌ ودماء | |
في سبيل الله آلام صغار ونساء |
أسروها ومدى الأسر سياطٌ وبذاء | |
والضحايا دون أيدٍ ورؤوسٍ في العراء |
فجّر الأجيال بالثورة فوجُ الشهداء | |
بعثوا بالدم في التاريخ صحواً ومضاء |
يتحدّى أبداً كل عروش الأدعياء |
رسموا للمؤمنين |
منهجَ النصر المبين |
أيقظوا الحُرَّ ، لكي يصلح بالعدل البلاد
* * *
عاد ركب الأسر للطفِّ بيوم الأربعين |
رغم حزن الطف عاشوا رحلة الأسر الحزين | |
ذكرياتٌ مرّةٌ تبقى على مرّ السنين |
تبعث الأشجان والحسرة فينا والأنين | |
فقيود أوجعت آل الهداة الطاهرين |
وسياط وجراح وعيون الشامتين | |
وعلى الهزل في البيد بأيدي الحاقدين |
حملوا رغم الخطوب السود صوت الثائرين |
رغم عرش المجرمين |
كشفوا الحق المبين |
مذ رأوا في الثورة الشمّاء فرضاً واعتقاد
* * *
وأتى جابر يطوي البيد شوقاً للّقاء |
أخبروه أنّ هذي الأرض تُدعى كربلاء | |
هاهنا خير رجال الدهر صرعى في العراء |
هاهنا قتل وتشريد وكرب وبلاء | |
هاهنا نهبٌ وسلبٌ ودموعٌ ودماء |
هاهنا قد أرهق الأطفال ذعرٌ وظماء | |
هاهنا لم يرفق الأوغاد حتى بالنساء |
سلبوها وسبوها أحرقوا منها الخباء |
بطش الوحش اللعين |
بتراث الطاهرين |
حاربوا آل رسول الله ظلماً وعناد
* * *
هاهنا هبّت إلى الثأر دعاة الجاهليّة |
حاولوا إطفاء نور الله في تلك الرزيّه | |
طاردوا شيعة آل المرتضى خير البريّه |
تتبع الاُمّة في الظلم الدعيَّ ابن الدعيّه | |
كيف يرضى الدين أن تحكم هندٌ وسميّة |
أعمت الأحقاد والأهواء أوغادَ اُميّة | |
ماتت الرحمة في تلك القلوب الهمجيّة |
حاربوا الأخلاق والدين بأرض الغاضريّه |
فتكوا بالمؤمنين |
فأسيرٌ وطعين |
هكذا قد أسلم العصرُ إلى الطاغي القياد
* * *
هاهنا في الطف يا جابر كانت نائبات |
هاهنا العبّاس مطروحٌ على شاطي الفرات | |
وهنا الأكبر قد قطّعه طعن الجناة |
ورضيعٌ ظاميءٌ روّته بالنبل رماة | |
وصحابٌ بذلوا في نصرة السبط الحياة |
والحسين السبط رضّت صدره خيلُ الطغاة | |
كيف لا نبكي على تلك الرزايا المؤلمات |
قد بكته قبل خلق الأرض كلُّ الكائنات |
يا له جرح دفين |
في قلوب المؤمنين |
سوف يبقى حزننا فيه إلى يوم المعاد
* * *
وبكى جابر مذ أصغى إلى الرزء المهول |
كم رأى رأس حسين السبط في حجر الرسول | |
يلثم النحر ويرنو الصدر والدمع هطول |
فإذا صدر حسين فوقه تجري الخيول | |
وإذا الرأس على الرمح مع الأسر يجول |
وإذا زينب بعد العزّ والخدر ثكول | |
تنظر الأعين والأيدي على الركب تطول |
وسياط البغي تنهال على آل البتول |
صرختْ يا مسلمين |
ليس لي فيكم معين |
بعدما قد فقدت في كربلا كلّ عماد
* صفر 1412
مقتبس من كتاب : أنوار الولاء / الصفحة : 90 ـ 92
التعلیقات