المذاهب الإسلاميّة والتثويب
السيد علي الشهرستاني
منذ سنتينالمذاهب الإسلاميّة والتثويب
التثويب عند الشافعية
للشافعي قولان : كرهه في (الأم) ، واستحبه في (مختصر البويطي) (1) والقديم.
فقال في (الأم) : ... ولا أحبّ التثويب في الصبح ولا غيرها ؛ لأنّ أبا محذورة لم يحكِ (2) عن النبي أنّه أمره بالتثويب ، فأكره الزيادة في الأذان وأكره التثويب بعده (3).
وقال المزني في (مختصره) : ... قد قال في القديم : يزيد في أذان الصبح التثويب وهو : « الصلاة خير من النوم » (4) مرّتين ، ووراه عن بلال مؤذن النبي صلّى الله عليه وآله وعن علي عليه السلام (5) ، وكرهه في الجديد (6) ، لأنّ أبا محذورة لم يحكه عن النبي صلّى الله عليه وآله ، قال المزني :
وقياس قوليه أنّ الزيادة أولى به في الأخبار (7) ، كما أخذ في التشهد بالزيادة وفي دخول النبي البيت بزيادة أنه صلّى الله عليه وآله صلّى فيه وترك من قال لم يفعل ... (8)
وقد فصّل الرافعي في (فتح العزيز) هذه المسألة وقال :
فيه قولان : ... القديم أنه يثوّب والجديد أنه لا يثوّب. والثاني : القطع بأنه يثوّب ، وبه قال مالك وأحمد لما روي عن بلال رضي الله عنه قال : قال رسول الله : تثوّبنّ في شيء من الصلاة إلّا في صلاة الفجر ... وإنما كرهه في الجديد معلّلاً بأن أبا محذورة لم يحكِه ، وقد ثبت عن أبي محذورة أنه قال : علّمني رسول الله الأذان وقال : إذا كنت في أذان الصبح فقلت « حي على الفلاح » فقل « الصلاة خير من النوم » مرتين. فيحتمل أنّه لم يبلغه عن أبي محذورة وبنى التثويب في القديم على رواية غيره (9) ، ويحتمل أنه بلغه في القديم ونسيه في الجديد ، وعلى كل حال فاعتماده في الجديد على خبر أبي محذوره وروايته فكأنه قال : مذهبي ما ثبت في حديثه (10).
وقال النووي في (المجموع) : وأمّا التثويب في الصبح ففيه طريقان : الصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور أنه مسنون قطعاً لحديث أبي محذورة. والطريق الثاني فيه قولان :
أحدهما هذا (11) وهو القديم ، ونقله أبو الطيب وصاحب الشامل عن نص الشافعي في البويطي ، فيكون منصوصاً في القديم والجديد ، ونقله صاحب التتمة عن نص الشافعي في عامة كتبه.
والثاني وهو الجديد أنه يكره ، وممن قطع بطريقة القولين الدارمي ، وادّعى إمام الحرمين أنها أشهر ، والمذهب أنّه مشروع ، فعلى هذا هو سنة لو تركه صح الأذان وفاتته الفضيلة ، هكذا قطع به الأصحاب (12).
وعليه فالسيرة جرت عند الشافعية على التأذين به في الفجر خاصة رغم رجوع الشافعي في الجديد عما كان يفتي به في القديم ، وهذا يدلّ على شيء ما ، يجب فتحه وبسط الكلام فيه.
التثويب عند الحنفية
قال محمّد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ) في كتاب (الآثار) : أخبرنا أبو حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : سألته عن التثويب ، قال : هو مما أحدثه الناس ، وهو حسن مما أحدثوا. وذكر أنّ تثويبهم كان حين يفرغ المؤذن من أذانه : (الصلاة خير من النوم) ، قال محمد : وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة (13).
وقال في كتاب (الصلاة) ، قلت : أرأيت كيف التثويب في صلاة الفجر ؟ قال : كان التثويب الاول بعد الأذان : (الصلاة خير من النوم) ، فأحدث الناس هذا التثويب ، وهو حسن (14).
وقال في كتاب (الحُجّة على أهل المدينة) :
قال أبو حنيفة : كان التثويب في صلاة الصبح بعد ما فرغ المؤذن من الأذان :
(الصلاة خير من النوم) ، وأهل الحجاز (15) يقولون : (الصلاة خير من النوم) في الأذان حين يفرغ المؤذن من « حي على الفلاح » أخبرنا إسرائيل بن يونس ، قال : حدثنا حكيم بن جبير ، عن عمران بن أبي الجعد ، عن الأسود بن يزيد أنّه سمع مؤذناً أذّن ، فلمّا بلغ « حي على الصلاة » [ كذا ] قال : (الصلاة خير من النوم) ، قال الأسود : ويحَك ! لا تزد في أذان الله.
قال : سمعت الناس يقولون ذلك.
قال : لا تفعل (16).
وقال الإمام محمد بن الحسن في (موطّئه) ـ بعد أن نقل عن عمر جعل « الصلاة خير من النوم » في نداء الصبح ، وبعدما حكى عن ابن عمر أنه كان أحياناً إذا قال : حي على الصلاة ، قال على أثرها : حي على خير العمل ـ : الصلاة خير من النوم يكون في نداء الصبح بعد الفراغ من النداء ، ولا نحب أن يُزاد في النداء ما لم يكن منه (17).
وعلق فقهاء الأحناف اللاحقون على كلام الشيباني ، وما حكى عن أبي حنيفة وفسروه طبق ما يرتضونه ...
فقال الكاشاني في (بدائع الصنائع) : وأمّا التثويب فالكلام فيه في ثلاثة مواضع :
أحدها : في تفسير التثويب في الشرع.
والثاني : في المحل الذي شُرِّع فيه.
والثالث : في وقته.
أمّا الأوّل فقد ذكر محمد في كتاب الصلاة ، قلت : أرأيتَ كيف التثويب في صلاة الفجر ؟ قال : كان التثويب الأول بعد الأذان الصلاة خير من النوم ، فأحدث الناس هذا التثويب [ أي قول حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين ] وهو حسن. وفسّر [ الشيباني ] التثويب وبيّن وقته ، ولم يفسّر التثويب المحدث ولم يبيّن وقته ، وفسّر ذلك في (الجامع الصغير) وبيّن وقته ، فقال : التثويب الذي يضعه الناس بين الأذان والإقامة في صلاة الفجر « حي على الصلاة ، حي على الفلاح » مرتين حسن.
وإنما سماه محدثاً ، لأنه أُحدث في زمن التابعين ، ووصفه بالحسن ، لأنّهم استحسنوه ، وقد قال : ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح (18).
وأمّا محل ّالتثويب : فمحلّ الأول هو صلاة الفجر عند عامّة العماء ، وقال بعض الناس بالتثويب في صلاة العشاء أيضاً ، وهو أحد قولي الشافعي في القديم وأنكر التثويب في الجديد رأساً ... إلى أن يقول :
وأمّا التثويب المحدث فمحله صلاة الفجر ووقته ما بين الأذان والإقامة ، وتفسيره أن يقول حي على الصلاة حي على الفلاح على ما بيّن في (الجامع الصغير) ، غير أنّ مشايخنا قالوا : لا بأس بالتثويب المحدث في سائر الصلوات ؛ لفرط غلبة الغفلة على الناس في زماننا وشدة ركونهم إلى الدنيا وتهاونهم بأمور الدين ، فصار سائر الصلوات في زماننا مثل الفجر في زمانهم فكان زيادة الإعلام من باب التعاون على البرّ والتقوى ، فكان مستحسناً ، ولهذا قال أبو يوسف : لا أرى بأساً أن يقول المؤذن : السلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، الصلاة يرحمك الله ، لاختصاصهم بزيادة شغل بسبب النظر في أمور الرعية ، فاحتاجوا إلى زيادة إعلام نظراً لهم !
ثمّ التثويب في كلّ بلدة على ما يتعارفونه : إمّا بالتنحنح ، أو بقوله : الصلاة الصلاة ، أو : قامت قامت ، أو : با يك نماز با يك كما يفعل أهل بخارى ، لأنّه الإعلام ، والإعلام إنّما يحصل بما يتعارفونه (19).
وفي (المبسوط) للسرخسي : وكان التثويب الأول في الفجر بعد الأذان (الصلاة خير من النوم) مرتين فأحدث الناس هذا التثويب [ حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين ] وهو حسن ... إلى أن يقول : قوله « فأحدث الناس هذا التثويب إشارة إلى تثويب أهل الكوفة ، فإنّهم ألحقوا الصلاة خير من النوم بالأذان ، وجعلوا التثويب بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين (20).
وقال أيضاً : والتثويب في كلّ بلدة ما ما يتعارفونه : إما بالتنحنح ، أو بقوله : الصلاة الصلاة ، أو بقوله : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، لأنّه للمبالغة في الإعلام.
إلى أن يقول : وإنّما يُستحسَن التثويب لأنّ الدعاء إلى الصلاة في الأذان كان بهاتين الكلمتين فيستحسن التثويب بهما أيضاً. هذا اختيار المتقدمين ، وأما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات ، لأنّ الناس قد ازداد بهم الغفلة وقلّما يقومون عند سماع الأذان فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام ، فمثل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس. وقد روي عن أبي يوسف أنّه قال : لا بأس بأن يُخَصَّ الأمير بالتثويب ، فيأتي بابه فيقول : السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حيّ على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين يرحمك الله ، لأنّ الأمراء لهم زيادة اهتمام بأشغال المسلمين ورغبة في الصلاة بالجماعة ، فلا بأس بأن يُخَصّوا بالتثويب. وقد رُويَ عن عمر أنّه لما كثر اشتغاله نَصَب من يحفظ عليه صلاته ، غير أنّ محمداً رحمه الله كره هذا (21).
وقال ابن نجيم في (البحر الرائق) : التثويب : وهو نوعان : قديم وحادث.
فالأول : الصلاة خير من النوم ، وكان بعد الأذان إلّا أنّ علماء الكوفة ألحقوه بالأذان.
والثاني : أحدثه علماء الكوفة بين الأذان والإقامة : حيّ على الصلاة مرتين ، حيَّ على الفلاح مرتين. إلى أن يقول :
فعلى هذا إذا أحدث الناس إعلاماً مخالفاً لما ذُكر جاز ، كذا في (المجتبى). وأفاد أنّه لا يخص صلاة بل هو في سائر الصلوات ، وهو اختيار المتأخرين لزيادة غفلة الناس وقلما يقومون عند سماع الأذان. وعند المتقدمين هو مكروه في غير الفجر ، وهو قول الجمهور كما حكاه النووي في (شرح المهذّب) لما رُوي أنّ علياً رأى مؤذناً يثوّب في العشاء قال : اخرجوا هذا المبتدع من المسجد ، وعن ابن عمر مثله ... ولحديث الصحيحين : مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رِدّ (22).
وقال القاضي خان في (شرح الجامع الصغير) : والتثويب القديم « الصلاة خير من النوم » في رواية البلخي وأبي يوسف عن أصحابنا في نفس الأذان ، والأصح أنه كان بعد الأذان ؛ لأنه مأخوذ من الرجوع ، والعود إما يكون بعد الفراغ. وأفاد أنّه لا يخصّ شخصاً دون آخر ، فالأمير وغيره سواء وهو قول محمّد ، لأنّ الناس سواسية في أمر الجماعة. وخصّ أبو يوسف الأميرَ وكلّ مَن كان مشتغلاً بمصالح المسلمين كالمفتي والقاضي والمدرس بنوع إعلام ...
وقال أبو الوفاء الأفغاني ـ محقّق كتاب (الآثار) للشيباني ـ :
وذكر أبو الحسن القدوري في (شرح مختصر الكرخي) في حق التثويب ـ بعد ما نقل عبارة الأصل وأنه بعد الأذان لا في صلبه (23) ، وبعد ما نقل عن كتاب (الآثار) ، أثر إبراهيم هذا وقول الإمام محمد فيه : (وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة) ـ :
... قال الحسن في كتاب (الحجة) : قال أبو حنيفة : التثويب إذا فرغ من الأذان قال : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : « الصلاة خير من النوم » مرتين ، قال الحسن : وفيها قول آخر أنّه يؤذّن ويمكث ساعة ثمّ يقول « حي على الصلاة » مرتين ، قال : وبه ناخذ.
قال أبو يوسف في (الجوامع) : التثويب بين الأذان والإقامة لا يجعله في صلب الأذان (24). وذكر الطحاوي في التثويب الأول أنه يقوله في نفس الأذان ، وذكر ابن شجاع عن أبي حنيفة أنّ التثويب الأول يقوله في نفس الأذان ، والثاني ـ أي حي على الصلاة حي على الفلاح الذي أحدثه الناس بعد الأذان ـ فيما بين الأذان والإقامة.
وأما وجه ظاهر الرواية التي جعلت التثويب الأول بعد الأذان ، فروى أبو يوسف عن كامل بن العلاء عن أبي صالح أبي محذورة قال : كان التثويب مع الأذان « الصلاة خير من النوم » مرتين.
وعلق الأستاذ أبو الوفاء الأفغاني على النَّصِّ السابق بقوله : وقوله معه (25) لا يُفهَم أنه كان مفعولاً فيه ، وكان خبر بلال رضي الله عنه أنه يؤذن فإذا فرغ من أذانه مشى إلى رسول الله وقال : الصلاة خير من النوم ، فلما أقر صلّى الله عليه وآله فعله بعد الأذان وجب أن يكون هناك موضعه ، لأنّه كان بعد الأذان فهو أبلغ في الإعلام. ثمّ ختم الأستاذ كلامه بالقول :
قلت [ والكلام للأفغاني ] : أما مذهب الإمام وصاحبه ـ كما عُلم من الروايات التي نقلت من عيون كتب المذهب : أن قوله « الصلاة خير من النوم » بعد الأذان ، فوالله أعلم متى هجر ، وصار تعامل الأمة على خلافه ، وقواعد المذهب مصرِّحة بأن لا يفتى إلّا بقول الإمام إلّا إذا صار تعامل القوم بخلافه فإنّه حينئذ لا يفتى به ، صرح به في (البحر الرائق) في بحث الشفق بعد المغرب ..
وأما ما نقله عن الطحاوي فهو في (شرح معاني الآثار) قال فيه : وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، ومحمد (26) ، فوالله أعلم من أين له قولهم ، وكتب القوم مشحونة بخلافه ، وكذا قول القاضي خان في رواية البلخي وأبي يوسف من أين جُعلت له ، ومن أصحابنا ها هنا حتى رويا عنهم ، فكان ينبغي له أن يقول : رويا عن أبي حنيفة لا عن أصحابنا ، لأن أصحابنا : الإمام ، وصاحباه ، وزفر ، والحسن (27).
وبهذا فقد عرفت أن السيرة جرت عند الأحناف على الأخذ بالتثويب في الأذان رغم عدم ثبوته عند أبي حنيفة والشيباني وأبي يوسف ، بل تصريحهم بأنّه مما أحدثه الناس لاحقاً وفي زمن التابعين على وجه الخصوص.
التثويب عند المالكية
استند الإمام مالك بن انس (ت 179 هـ) على شرعية التثويب بخبر أبي محذورة ، فقال في (المدونة الكبرى) :
أخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم بن جريح ، قال : حدثني غير واحد من آل أبي محذورة أن أبا محذورة قال : قال لي رسول الله : « اذهب فأذّن عند المسجد الحرام ».
قال : قلت : كيف أؤذن ؟
قال : فعلمني الأذان : الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، ثم قال : ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله (28).
فقيَّدَ الإمام مالك كغيره جملة : (الصلاة خير من النوم) بالأولى من الصبح ، وعلق محقق المدونة على قوله : (في الأولى من الصبح) بقوله :
يحتمل أن تكون الثانية هي الإقامة ، والأولى هي أذان الصبح ، أي ما فعل في المرة الأولى وهو الأذان ، ويحتمل أن الأولى هو الأذان الأول من أذانَي الصبح (29) ـ أي لصلاة الليل المتقدم على أذان الصبح ـ لما في الحديث : إن بلالاً ينادي بليل فكلو واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم. وكان ابن أمّ مكتوم رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحتَ أصبحت.
وقد اختلف المسلمون في عهد الإمام مالك في شرعية التثويب والترجيع حتى نقل ابن وهب عن ابن جريج أنّه قال : قال عطاء : ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم ، وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم ، وكان أبو محذورة يؤذن على عهد النبي حتى أدركه عطاء وهو يؤذن (30).
وفي موطّأ الإمام مالك ، عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه ، قال : ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه إلّا النداء بالصلاة (31).
ونقل الحطاب الرعيني عن مالك بأنّه يجيز ترك قول (الصلاة خير من النوم) لو كان في ضيعة لوحده بعيداً عن الناس ، وردّه صاحب (الطراز) ، فقال الرعيني : (الصلاة خير من النوم) يعني أنّه يثنيها وهذا مذهب المدونة وهو المشهور ، ومقابله لابن وهب يفردها.
قال في (التوضيح) : والمشهور قولها لمن يؤذّن في نفسه ... انتهى ، ويشير إلى قول مالك في مختصر ابن شعبان : فيمن كان في ضيعة متحيراً عن الناس فترك ذلك ؟ أرجو أن يكون في سعة.
وحمله اللخمي على الخلاف ، قال : وهذا القول أحسن ، لأنّه إنما يزيد ذلك في الأذان لإمكان أن يسمعه من كان في مضجعه فينشط للصلاة ، وأمّا من كان وحده أو معه من ليس بنائم فلا معنى لذلك ، انتهى.
ورده صاحب (الطراز) وقال : هذا فاسد ، فإنّ الأذان يتّبع على ما شُرِّع ، ألا تراه يقول : حي على الصلاة ، وإن كان وحده وكان ينبغي له أن يستحسن ترك ذلك أيضاً ولا قائل به ؟ ثمّ قال : ومجمل ما في (المختصر) على أنّه لا يبطل الأذان بترك ذلك لا أنّه ينبغي له تركه ، انتهى.
تنبيه : واختلف في مشروعية هذا اللفظ في (الموطّأ) أنّ المؤذّن جاء يؤذن عمر بن الخطاب للصلاة فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، فقال له : اجعلها في نداء الصبح.
وقيل : أمر بها رسول الله ، رواها أبو داود والنسائي في حديث أبي محذورة. قاله في (الطراز) واقتصر في (التوضيح) على الثاني فقال : أعلّق أنّ قول المؤذّن : الصلاة خير من النوم صادر عنه عليه الصلاة والسلام ذكره صاحب (الاستذكار) وغيره وقول عمر : اجعلها في نداء الصبح إنكار على المؤذن أن يجعل شيئاً من ألفاظ الأذان في غير محله كما ذكر مالك التلبية في غير الحج ، انتهى والله أعلم (32).
أقول : لو صحّ كلام صاحب (الاستذكار) وغيره وأنّه مثل التلبية في غير الحج ، فهل يجوز قول : لبيك في غير الحج ، وقول : الصلاة خير من النوم في غير الصبح أم لا ؟ فإن قال بعدم جوازها فكيف يجيز مالك وأمثاله ذلك مع عدم إنكارهم له ، وإن قال بجوازه فمعناه أن لا لبس بين أن يأتي بهذه الجملة في محله وفي محل آخر.
المهم أنّ الحطاب الرعيني ذكر نسبة تشريع التثويب إلى رسول الله على سبيل التمريض لقوله : « وقيل أمر بها رسول الله ». وهذا يشير إلى عدم اطمئنانه بالصدور عن رسول الله ، أي أن رأيه مثل رأي الإمام الشافعي الذي يشكّ في شرعيته ، ولأجله أفرد التنبيه ليجلب رأي القارئ إلى موضوع حساس مع رعايته لحال العامة من الناس واشتهار التثويب عندهم.
وقال ابن رشد المالكي في (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) :
واختلفوا في قول المؤذن في صلاة الصبح : « الصلاة خير من النوم » هل يقال فيها أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقال ذلك فيها.
وقال آخرون : إنّه لا يقال ، لأنّه ليس من الأذان المسنون ، وبه قال الشافعي ، وسبب اختلافهم : هل قيل ذلك في زمان النبي صلّى الله عليه وآله أو إنما قيل في زمان عمر بن الخطاب (33).
وعليه فالمالكية تقول بالتثويب في أذان الصبح خاصّة ، مع تشكيك البعض منهم في شرعيته وشرعية الترجيع.
ومما احتمله بهذا الصدد أن يكون المعنيّ بجملة في (الأولى من الصبح) والذي مرّ عن (المدوّنة) للإمام مالك قبل قليل هو ما يؤتى به لايقاظ النائمين ، ويتأكّد لك هذا المعنى بعد قليل فيما يحكيه أحمد بن حنبل عن شعيب بن حرب عن مالك بن أنس ... فانتظر.
التثويب عند الحنابلة
قال الترمذي في (سننه) : قد اختلف أهل العلم في تفسير التثويب ، فقال بعضهم : التثويب أن يقول في أذان الفجر « الصلاة خير من النوم » ، وهو قول ابن المبارك وأحمد.
وقال إسحاق في التثويب غير هذا ، قال : هو شي أحدثه الناس بعد النبي صلّى الله عليه وآله ، إذا أذّن فاستبطأ القوم ، فقال بين الأذان والإقامة « قد قامت الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ». وهذا الذي قاله إسحاق هو التثويب الذي كرهه أهل العلم والذي أحدثوه بعد النبي صلّى الله عليه وآله ، والذي فسّر ابن المبارك وأحمد أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر « الصلاة خير من النوم » وهو قول صحيح ويقال له التثويب أيضاً ، وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه (34).
وقال أحمد بن حنبل : حدّثنا شعيب بن حرب ، قال : قلت لمالك بن أنس : إنّ الصبح ينادي لها قبل الفجر ؟ فقال : قال رسول الله : إنّ بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا ، قلت : أليس قد أمره النبي أن يعيد الأذان ؟ قال : لم يزل الأذان عندنا بليل.
وقال أبو بكير : قال مالك : لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادي بها إلّا بعد أن يحل وقتها (35).
قال الخرقي في (مختصره) : ويذهب أبو عبد الله إلى أذان بلال وفيه يقول في أذان الصبح « الصلاة خير من النوم » مرتين (36).
وقال ابن قدامة في (المغني) :
ولنا ما روى النسائي وأبو داود عن أبي محذورة قال : قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان. فذكره إلى أن قال بعد قوله حي على الفلاح : فان كان في صلاة الصبح قلت « الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم » الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله.
وما ذكروه قال إسحاق : هذا شيء أحدثه الناس .. وقال الترمذي : وهو التثويب الذي كرهه أهل العلم.
ويُكره التثويب في غير الفجر سواء ثوّب في الأذان أو بعده ؛ لما روي عن بلال قال : أمرني رسول الله أن اثوّب في الفجر ونهاني أن اثوّب في العشاء ، رواه ابن ماجة (37).
وقال المرداوي في (الإنصاف) ، قوله : « ويقول في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم مرتين ». لا نزاع في استحباب قول ذلك ، ولا يجب على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وعنه : يجب ذلك. جزم به في (الروضة) ، واختاره ابن عبدوس في (تذكرته) ، وهو من المفردات ...
ويكره التثويب في غير أذان الفجر ، ويكره بعد الأذان أيضاً ، ويكره النداء بالصلاة بعد الأذان ، والأشهر في المذهب : كراهة نداء الأمراء بعد الأذان وهو قوله « الصلاة يا أمير المؤمنين » ونحوه. قال في (الفصول) : يكره ذلك لأنه بدعة ، ويحتمل أن يخرجه عن البدعة لفعله زمن معاوية !! (38)
وخلاصة الكلام أن الحنابلة تقول بالتثويب في صلاة الصبح خاصّة ، مستدلّين على ذلك برواية بلال وأبي محذورة ، وحيث إنّ بلالاً كان يؤذن بليل حسب نصوصهم فلا يمكن الاستدلال به للصبح خاصّة. وأمّا رواية أبي محذورة فلم تثبت حكايته ذلك عن رسول الله حسبما مَرَّ عليك قول الشافعي فيه قبل قليل ، وقد يكون لأجل هذا قال المرداوي : لا نزاع في استحباب قول ذلك ، ولا يجب على الصحيح من المذهب.
التثويب عند الإماميّة الاثني عشرية
قال الشيخ الطوسي في (الخلاف) : لا يستحب التثويب في حال الأذان ولا بعد الفراغ منه ، وهو القول بـ « الصلاة خير من النوم » في جميع الصلوات (39).
وفي (النهاية) : ولا يجوز التثويب في الأذان ... ولا يجوز قول « الصلاة خير من النوم » في الأذان ، فمن فعل ذلك كان مبدعاً (40).
كما قال الشيخ في (المبسوط) (41) والمرتضى في (الانتصار) (42) بكراهته ، وقال ابن البراج في (جواهر الفقه) : بدعة وخلاف السنة (43).
وقال ابن الجنيد : لا بأس به في أذان الفجر خاصة (44).
وقال الجعفي : تقول في أذان صلاة الصبح بعد قولك : حي على خير العمل ، حي على خير العمل « الصلاة خير من النوم » مرتين وليستا من أصل الأذان (45).
وقال ابن إدريس في (السرائر) (46) وابن حمزة الطوسي في (الوسيلة) (47) بالتحريم ، وهو ظاهر اختيار الشيخ في (النهاية) (48). سواء في ذلك أذان الصبح وغيره.
وقال المحقق الحلي في (المعتبر) و (المختصر) بكراهة القول في أذان الصبح وغيرها « الصلاة خير من النوم » (49). وقال محمد بن السعيد الحلي في (الجامع) : بدعة (50).
وقال العلّامة الحلي في (تذكرة الفقهاء) : التثويب عندنا بدعة ، وهو قول « الصلاة خير من النوم » (51). وقال : بتحريمه في (التبصرة) (52). وكذا ابن العلامة في (الإيضاح) (53). وعن الشهيد الأول في (البيان) : الأقرب التحريم إلّا للتقية (54). وفي (الذكرى) قال بالكراهية (55) ، وذهب ابن فهد إلى الكراهية أيضاً (56). وقال الكركي بالتحريم (57). والشهيد الثاني والمحقق الاردبيلي : بدعة (58).
وقال السيّد العاملي في (مدارك الأحكام) : واختلف الأصحاب في حكم التثويب في الأذان ـ الذي هو عبارة عن قول : « الصلاة خير من النوم » ـ بعد اتفاقهم على إباحته للتقية ، والمعتمد التحريم ؛ لنا أن الأذان عبادة متلقاة من صاحب الشرع ، فيُقتصَر في كيفيتها على المنقول ، والروايات المنقولة عن أهل البيت خالية من هذا اللفظ ، فيكون الإتيان به تشريعاً محرماً (59).
وحكى المحقق في (المعتبر) : أن في كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي من أصحابنا قال : حدثني عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قوله : ... إذا كنت في أذان الفجر فقل « الصلاة خير من النوم » بعد « حي على خير العمل » ، وقل بعده « الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله » ، ولا تقل في الإقامة « الصلاة خير من النوم » إنما هو في الأذان.
ثمّ نقل عن الشيخ في (الاستبصار) أنه حمل ذلك على التقية ، ثم قال : لست أرى هذا التأويل شيئاً ، فإنّ في جملة الأذان « حي على خير العمل » وهو انفراد الأصحاب ، فلو كان للتقية لما ذكره ، لكن الوجه أن يقال : فيه روايتان عن أهل البيت أشهرهما تركه (60).
ويمكن الجواب عنه : بأنّه ليس في الرواية تصريح بأنّه يقول : حي على خير العمل جهراً ، فيحتمل أن يكون المراد أنّه قال ذلك سرّاً ، يقول بعده « الصلاة خير من النوم » لكن هذه الرواية مخالفة لما عليه الأصحاب من تربيع التكبير في أول الأذان وتثنية التهليل في آخره ، وكيف كان فالمذهب ترك التثويب مطلقاً.
وقال المحقق الكركي في (جامع المقاصد) : وعلى كل حال فالتثويب حرام في الأذان والإقامة. وبينهما ، في أذان الصبح وغيره على الأصح ؛ لأنّ الأذان والإقامة متلقيان من الشرع كسائر العبادات التي لا مدخل للعقل فيها ، فالزيادة فيها تشريع فتكون محرمة (61).
وفي صحيحة معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عن التثويب الذي يكون بين الأذان والإقامة ؟ فقال : ما نعرفه (62).
وإنا إن شاء الله سنوضّح رأي مدرسة أهل البيت في بدعيتها (63) ، وعدم جواز الأذان بها لا في الصبح ولا في غيره إلّا تقية.
التثويب عند الزيدية
جاء في كتاب (الأحكام) : قال يحيى بن الحسين (ت 298 هـ) : وقد صح لنا أنّ « حيّ على خير العمل » كانت على عهد رسول الله يُؤذَّن بها ، ولم تُطرح إلّا في زمن عمر بن الخطاب ، فإنّه أمر بطرحها وقال : أخاف أن يتّكل الناس عليها ، وأمر بإثبات « الصلاة خير من النوم » (64).
وقال الإمام المؤيد بالله أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني (ت 424 هـ) في كتاب (التحرير) ، قال القاسم : الصلاة خير من النوم محدث ضعيف ، أحدثوها في زمان عمر (65).
وقال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني (ت 614 هـ) : لا ترجيع في الأذان ولا تثويب ، وهو قوله : الصلاة خير من النوم (66).
وقال الإمام أحمد بن المرتضى (ت 840 هـ) في (شرح الأزهار) : والتثويب بدعة (67).
وقال الإمام الزيدي القاسم بن محمد (ت 1029 هـ) في كتابه « الاعتصام بحبل الله » وفي « شرح التجريد » : وروى بن أبي شيبة قال : حدثنا عبده بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن رجل يقال له إسماعيل قال : جاء المؤذن يؤذن عمر بصلاة الفجر فقال : الصلاة خير من النوم ، فأُعجب عمر بها ، وأمر المؤذّن أن يجعلها في أذانه ، وهو في (أصول الأحكام) وفي (الشفا).
وفيه أيضا : ورُويَ عن ابن جريج قال : أخبرنا عمر بن حفص أنّ جده سعد القرظ أول من قال : « الصلاة خير من النوم » بخلافة عمر ، وبتوفي أبي بكر ، فقال عمر : بدعة ، وهو في (أصول الأحكام) ، وفي (الشفا).
وفي (شرح التجريد) ... : وروى أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن عمران بن أبي الجعد ، عن الأسود بن يزيد أنّه سمع موذناً يقول في الفجر « الصلاة خير من النوم » فقال : لا تزيدوا في الأذان ما ليس فيه ، وهذا في (أصول الأحكام) ، وفي (الشفا).
وفي (الشفا) أيضاً : سُئل طاووس ، وحسن بن مسلم جالس عنده ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، متى قيل « الصلاة خير من النوم » ؟ فقال طاووس : أما إنّها لم تُقَل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : فثبت أنّه مُحدَث كما قاله القاسم ـ إلى أن يقول ـ :
قلت وبالله التوفيق : وكفى بهذا جرحاً عن رفعه إلى النبي ، لأنّ إنكارهم متضمن لتكذيب مَن رفعه ، والله الهادي (68).
وقال أحمد بن قاسم العيسي اليماني الزيدي في « التاج المُذهَّب لأحكام المذهب » : فصل : وهما (أي الأذان والإقامة) مَثنى ، إلّا التهليل في آخرهما فإنّه مرة واحدة ، ومنهما (حيَّ على خير العمل). يعني أن من جملة ألفاظ الأذان والإقامة (حيَّ على خير العمل) بعد : حيَّ على الفلاح.
والتثويب عندنا بدعة ، سواءً كان في أذان الفجر أو في غيره ، ومحلّه في الأذان فقط بعد « حي على الفلاح » قول المؤذّن « الصلاة خير من النوم » (69).
وجاء في (نيل الأوطار) للشوكاني ... وذهبت العترة والشافعي في أحد قوليه إلى أن التثويب بدعة ، قال في (البحر) : أحدثه عمر ، فقال ابنه : هذه بدعة ، وعن علي حين سمعه : لا تَزيدوا في الأذان ما ليس منه ، ثم قال بعد أن ذكر حديث أبي محذورة ، وبلال :
قلنا : لو كان لِما أنكره علي وابن عمر وطاووس ، سلّمنا ، فأمرُنا به إشعاراً في حال لا شرعاً ، جمعاً بين الآثار (70).
وعليه ، فالثابت الذي لا خلاف فيه أنّ الزيدية مثل الإمامية ترى بدعية « الصلاة خير من النوم » في الفجر وغيره.
التثويب عند الإسماعيلية
قال القاضي نعمان بن محمد بن حيّون الاسماعيلي (ت 363 هـ) في (الإيضاح) : اختلف الرواة عن أهل البيت ـ صلوات الله عليهم ـ في التثويب في أذان الفجر ، وما بين الأذان والإقامة ، ففي كتاب (الصلاة) من رواية أبي ذر أحمد بن الحسين بن أسباط ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عن التثويب الذي بين الأذان والإقامة ، فقال : ما أعرفه.
وفي كتاب (يوم وليلة) و (الجامع) من كتب طاهر بن زكريا ، و (جامع الحلبي) ، وكتاب (الصلاة) من رواية أبي ذر أحمد بن الحسين بن أسباط عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد.
وفي كتاب حمّاد بن عيسى (71) عن أبي جعفر فيما حُكيت من هذه الكتب من كيفية الأذان أنّ الرواة فيها قالوا عمن ذكرته من الائمة : إنّ المؤذن يقول في صلاة الفجر في الأذان بعد قوله : « حي على خير العمل » « الصلاة خير من النوم » ، وقالوا : ليس هو من الأذان ، وقال بعضهم : هو التثويب ، وقال بعضهم : وإن شئت أن تقول موضع « الصلاة خير من النوم » « حي على الصلاة ، حي على الفلاح » يعني بين الأذان والإقامة فافعل. فأما ما جاء من قول المؤذن : « الصلاة خير من النوم » فالعمل على تركه (72).
خلاصة واستنتاج
بهذا فقد اتضح لك أنّ السيرة العملية عند أتباع المذاهب الأربعة كان الإيتان بـ « الصلاة خير من النوم » في الصبح خاصة ، وإن كان أئمة المذاهب الأربعة لا يرتضون ذلك في كتبهم ، وقد مَرّ عليك كلام بعضهم ما يدلّ على عدم شرعيتها عندهم.
بخلاف نظر الشيعة بفرقها الثلاث ، فقد اتفقت : الإمامية الاثنا عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية على جزئية « حي على خير العمل » وبدعية « الصلاة خير من النوم » ، وفي هذا الاتفاق تأكيد على تخالف النهجين في الفقه ، وكون ما تذهب إليه مدرسة الإمامة هو سنة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ويؤيّده ما وضّحناه من كلام أئمّة المذاهب الأربعة.
إذ إنّ في كلام أبي حنيفة النعمان بن ثابت (ت 150 هـ) وتلميذه محمد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ) التصريح بأنّ التثويب كان بعد الأذان « الصلاة خير من النوم » ، فأحدث الناس تثويباً آخر [ حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، مرتين مرتين ] » (73).
وقد حكى الشيباني أيضاً عن أهل الحجاز = (مكة) أنّهم كانوا يقولون « الصلاة خير من النوم » بعد فراغ المؤذن من « حي على الفلاح » ، وأنّ الأسود بن يزيد سمع مؤذناً أذّن بذلك ، فقال له : « ويحك لا تزد ! ».
وقال أبو يوسف القاضي (ت 182 هـ) : التثويب بين الأذان والإقامة لا تجعله في صلب الأذان.
وبهذا ترى أنّ أبا حنيفة وتلميذيه لا يعتقدان بشرعية « الصلاة خير من النوم » في الأذان الشرعي ، ومعناه : أنّ التثويب كان يُؤتى به للأذان الاول ـ قبل الفجر ـ لا لأذان الفجر ، ثمّ أُدخل تدريجاً شيئاً فشيئاً في أذان الفجر ، وذلك لاتحاد التعليل مع العلة ـ عند الفقهاء !! ـ ، لأنّ ما عللوه للأذان الأول قبل الفجر بأنّه شرّع لإيقاظ النائم وتنبيه الغافل ، يتفق مع تعليل وضع جملة « الصلاة خير من النوم » لإيقاظ النائمين ، ويؤيد هذا ما قيل في كراهة التثويب في غير الفجر ، واختصاص الفجر بأذانين ، وهو ما فهمناه من نصوص الحنفية.
أمّا الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) فكان يذهب في القديم إلى القول بها جرياً مع فهم جمهور الناس لها ، لكن لمّا أتضح له عدم حكاية أبي محذورة التثويبَ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله رجع عن رأيه في الجديد بقوله : « أكره الزيادة في الأذان وأكره التثويب بعده ».
أمّا الإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) فقد استدلَّ على شرعية التثويب برواية أبي محذورة ، لكنه حصر التثويب في « الاولى من الصبح » ، وحيث نعلم بأنّ الجمهور خصوا الفجر بأذانين : الاول لإيقاظ النائم ، والثاني للفجر الصادق ، فيكون معنى كلام مالك بن أنس هو قوله بعدم ثبوتها لأذان الصبح ، وذلك لتخصيصه بـ « الاولى من الصبح » ، أي إن هذا الأذان مشروع للأذان الاول في الليل لا للصبح.
أما ما قالوه عن جملة مالك وأنّها تعني الأذان الشرعي قياساً مع الإقامة الذي هو الثاني للفجر ، فهذا الكلام باطل ، لان الإقامة لا تسمى أذاناً هذا أوّلاً.
وثانياً : قد يمكن تصحيح ما احتملوه لو أخذنا الأمور بعيداً عن ملابساتها ، في حين مر عليك كلام محمد بن ادريس الشافعي والنعمان بن ثابت وغيرهم من أن المعني بالأذان الأول هو ما يؤذّن به قبل الفجر لا فيه.
وبذلك يكون معنى كلامنا أنّ أئمّة المذاهب : النعمان بن ثابت ، والشافعي ، وحتّى مالكاً كانوا لا يقولون بشرعية التثويب في أذان الفجر.
وأما الإمام أحمد (ت 241 هـ) فقد استدل على شرعية التثويب برواية أبي محذورة وما جاء عن بلال ، وقد فنّدناهما في هذه الدراسة.
ولا أدري كيف استدل أحمد على حصر التثويب بالصبح خاصة مستدلاً بفعل بلال الحبشي مع وقوفه على تصريح مالك بن أنس بأن بلالاً كان يؤذن بليل !!
وعلى هذا فلا يجوز لأحمد أن يستدل على شرعية التثويب بالروايتين (74).
فأما رواية أبي محذورة فلم تثبت حكايته عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وهذا ما قاله الشافعي قبل قليل ، مع أنّ أحمد حكى تلك الرواية عن أبي محذورة ـ كما روتها الصحاح الستة أيضاً ـ عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة وليس فيها « الصلاة خير من النوم » ، وهذه الرواية خير من اخواتها الروايات الأخرى الموجودة في مسنده والمروية بأسانيد متصلة.
وعليه (75) ، نفهم أنّ جملة « الصلاة خير من النوم » هي مما كان يؤتى بها « في الاولى من الصبح » أي قبل الفجر ؛ أمّا أصحاب المذاهب الأربعة فكانوا يريدون الذهاب إلى شرعيتها في الصبح خاصة ، في حين أنّ رواية أبي محذورة لا يمكن الاستدلال بها لهذا الغرض.
وأمّا رواية بلال فهي الأخرى لا يمكنه الاستدلال بها أيضاً ، لأنّ الثابت المشهور عندهم هو أنّ بلالاً كان يؤذن بليل وأنّ ابن أم مكتوم كان يؤذن للصبح ، ومعنى كلامهم عدم مشروعية « الصلاة خير من النوم » في الصبح ، لعدم ثبوت اذان ابن أم مكتوم بها. وحتّى لو صح الخبر عن بلال فلا يمكن الاستدلال به ؛ لأنّه ثبت أنّه كان يأتي بها في الليل قبل الفجر (76).
ويضاف إلى ذلك أنّ الألباني نقل عن الصنعاني في (سبل السلام) قال ابن ارسلان : ... وصحح هذه الرواية ابن خزيمة.
قال : فشرعية التثويب إنما هي في الأذان الأول للفجر لأنّه لإيقاظ النائم ، وأمّا الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة ، انتهى من « تخريج الزركشي لأحاديث الرافعي » ومثل ذلك في « سنن البيهقي الكبرى » عن أبي محذورة : أنّه كان يثوب في الأذان الأول من الصبح بأمره صلّى الله عليه وآله.
قلت : وعلى هذا ليس « الصلاة خير من النوم » من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها ، بل هو من الألفاظ التي شُرِّعت لإيقاظ النائم ، فهو كألفاظ التسبيح الأخير الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة عوضاً عن الأذان الأول » (77).
وبهذا نكون قد عرفنا ـ حسب النصوص السابقة والروايات التي نقلها أهل السنة في كتبهم الحديثية والفقهية ـ أنّ هذه الجملة مرت بعدة مراحل ، منها :
1 ـ أن « الصلاة خير من النوم » كانت تقال في الليل قبل الفجر لإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين لا أنّهم كانوا يقولون بها على أنّها سنّة ، أي أنّها جاءت في الليل للتنبيه فقط.
2 ـ ثم أتوا بها بعد الأذان وقبل الإقامة لا على أنّها سنة رسول الله لا للدعوة إلى الصلاة.
3 ـ في بعض النصوص تقف على أنّ عمر بن الخطاب كان قد أدخلها في أذان الفجر ووضعها بديلاً عن (حي على خير العمل) لحاجة في نفسه ! وهذا يوضح دور الرأي في تثبيت هذه الشعيرة.
4 ـ ثم أُدخلت في وقت متأخر ـ في مكّة ـ في الأذان الشرعي ، أي في أذان الفجر ، وقد اعترض الأسود بن يزيد على ذلك.
5 ـ في زمن التابعين أتوا بجملة « حي على الصلاة ، حي على الفلاح » كتثويب ثان بعد الأذان.
6 ـ زيدت جملة : الصلاة يا أمير المؤمنين والسلام على الأمراء بعد الأذان في عهد معاوية ، وقيل قبل ذلك في عهد عمر بن الخطاب على وجه الخصوص.
كان هذا خلاصة ما جاء في هذا الفصل ، وسيتّضح لك تفصيل هذه الأمور أكثر فأكثر في الصفحات القادمة إن شاء الله تعالى.
الهوامش
1. هذا ما حكاه عنه الشيخ الطوسي في (الخلاف 1 : 286) ، والمجموع 3 : 101.
2. إنّ جملة الشافعي (لأنّ أبا محذورة لم يحكِ عن النبي أنّه أمره بالتثويب) لَتشير إلى تشكيك الشافعي في نسبة التثويب إلى رسول الله وإن كان أبو محذورة قد فعله ، فيكون معنى كلامه أنّ تشريع التثويب لم يكن شرعياً لعدم انتساب الفعل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وإن فعل أبو محذورة ذلك ، لأنّ فعله ليس بملزم للآخرين ، وبذلك يكون التثويب عند الشافعي سيرة شُرِّعت من قبل اللاحقين ، لم تَرِد من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله ، والشافعي لا يرى ضرورة اتّباع ما لم يأمر به رسول الله ، ولم تثبت حكاية أبي محذورة عنه صلّى الله عليه وآله.
3. الأُم ، للشافعي 1 : 85.
4. أجمل الشافعي مقصوده من التثويب ، لكن المزني جاء ووضحه بأنّه هو : « الصلاة خير من النوم » !!
كما أنّ جملة (يزيد في أذان الصبح التثويب) تُفهَم انّ التثويب هي زيادة لم تكن في الأذان ، فلو كانت في جزء الأذان لم يقل (يزيد في أذان الصبح).
5. انفرد المزني بهذا القول ، فلم ينقل أحد من المحدّثين والعلماء عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في تشريع التثويب رواية ، نعم ادعى ابن تيمية في (شرح العمدة 4 : 109) بأنّ الشافعي رواه عن الإمام علي في القديم ، وكأن مستند كلامه قول المزني لا غير ، فافهم.
بلى توجد روايات عن بلال عن رسول الله صلى الله عليه وآله في كتب السنن تشير إلى التثويب ، لكن طرقها ضعيفة حسبما ستقف عليه لاحقاً في الفصل الثاني من هذا الكتاب تحت عنوان : « الصلاة خير من النوم ، روايةٌ أم رأي ».
6. من الثابت عند جميع العقلاء فضلاً عن المسلمين هو الأخذ بالرأي الأخير للشخص حينما يُنقَل عنه قولان ، والشافعي نُقل عنه قولان في هذه المسألة ، في حين نرى الشافعية يخالفون هذه القاعدة العقلية والشرعية في عدة مسائل أخذوها من الإمام الشافعي ـ منها مسألة التثويب ـ فيرجّحون رأيه القديم على الجديد ، لماذا ؟ إنها مسألة تحتاج إلى بحث ودراسة !! أُنظر : فتاوى ابن الصلاح 1 : 225 ، إعلام الموقّعين 4 : 239.
7. هذا الكلام غير صحيح من المزني أيضاً ، لأنّ الشافعي صرح بكراهته للزيادة في الأذان والتثويب بعده ؛ لقوله « فأكره الزيادة في الأذان وأكره التثويب بعده » ، ومعنى كلامه هو ردّه على ثبوت هذه الزيادة عن رسول الله أو عن أبي محذورة !! بل في كلامه ما يشير إلى وقوفه على خيوط خفيّة في هذا الأمر لا يريد البوح عنها ؛ لأن العدول عن رأي إلى رأي آخر لا يمكن تصوّره إلّا بعد تأنٍّ طويل واطمئنان راسخ.
وأما قوله « وقياس قوليه أن الزيادة أولى به في الأخبار ، كما أخذ في التشهد بالزيادة وفي دخول النبي البيت بزيادة ... » فهو غير صحيح أيضاً ، لأنّ الشافعي قال بالزيادة في تلك الموارد على أساس روايات كانت موجودة عنده دالة على ما ذهب إليه ، أما فيما نحن فيه فالأمر خلاف ذلك وحيث يختلف عنه اختلافاً جذريّاً.
8. مختصر المزني : 12.
9. سنثبت لاحقاً أنّ كلّ ما استدلوا به على شرعية « الصلاة خير من النوم » في أذان الصبح الشرعي ضعيف ، سواء في ذلك ما ورد عن بلال أو ما ورد عن أبي هريرة ، وحتى ما نُقل عن أبي محذورة ، فالذي يجوز قوله فيه هو : أنّ أولاد أبي محذورة وسعد القرظ هم الذين وضعوا هذه الأخبار ونسبوها إلى آبائهم ، أما ما انفرد به المزني عن الإمام علي فلم نعثر عليه في المعاجم الحديثية رغم تتبّعنا الكثير له.
10. فتح العزيز 3 : 169 ـ 171.
11. أي ما حُكي عن الشافعي في القديم.
12. المجموع للنووي 3 : 101.
13. الآثار للشيباني 1 : 101 / خ 60 ، ولم يخرج هذا الخبر أبو يوسف في (آثاره) ، وقال الشيباني في (الجامع الصغير : 83) : والتثويب في الفجر حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، مرّتين بين الأذان والإقامة حسن ذِكرُه في سائر الصلوات ، فقال أبو يوسف : لا أرى بأساً أن يقول المؤذن : السلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله وبركاته : حي ...
14. كتاب الصلاة للشيباني.
15. قال السيّد البكري في حاشية (إعانة الطالبين 1 : 236) : جرت عادة أهل مكة بتخصيصه [ أي قول المؤذن : الصلاة خير من النوم ] بالأذان الثاني ؛ ليحصل التمييز بينه وبين الأول.
16. كتاب الحجة للشيباني : 84 ـ 85.
17. هامش الآثار للشيباني 1 : 102 عنه ص 84.
18. بدائع الصنائع 1 : 148. والخبر تراه في : مسند أبي داود الطيالسي : 33 / 246 ، وهذا النَّصّ ممّا خرّجه العجلوني في : كشف الخفاء 2 : 245 / 2214 أيضاً ، وعلق عليه بقوله : قال الحافظ ابن عبد الهادي ؛ مرفوعاً عن أنس بإسناد ساقط ، والأصح وقفه على ابن مسعود.
19. بدائع الصنائع 1 : 148.
20. المبسوط 1 : 310.
21. المبسوط 1 : 131.
22. البحر الرائق 1 : 452.
23. أُنظر : شرح معاني الآثار 1 : 137 ـ الباب 3.
24. أُنظر : مواهب الجليل 1 : 431.
25. اشارة إلى كلام أبي محذورة : كان التثويب مع الأذان : الصلاة خير من النوم مرتين.
26. شرح معاني الآثار 1 : 137 ـ الباب 3.
27. أُنظر كلام الافغاني في هامش : الآثار للشيباني 1 : 103 ـ 104.
28. المدونة الكبرى 1 : 57 ـ 58 ، باب ما جاء في الأذان.
29. المشهور عند أهل السنة بأن للفجر أذانين : أحدهما لايقاظ النائم ويؤتى به في الثلث الأخير من الليل والآخر إعلاماً لدخول الوقت ، فقد يكون مقصود الإمام مالك هو الاتيان به لما قبل الفجر ، لوحدة التعليل مع العلة ، وأن جملة الصلاة خير من النوم مع ايقاظ النائم وتوجهه للعبادة هي اقرب من أذان الفجر ، لأن الإنسان عند ذلك ليس بنائم حتى يقال له « الصلاة خير من النوم ».
30. المدونة الكبرى 1 : 58.
31. موطأ مالك.
32. مواهب الجليل للحطاب الرعيني 2 : 73.
33. بداية المجتهد 1 : 77.
34. سنن الترمذي 1 : 380 ـ 381 ، الباب 45.
35. تنقيح التحقيق للحنبلي 1 : 285 / الرقم 417 ، التحقيق في احاديث الخلاف لابن الجوزي 1 : 310 / الرقم 380 ، الموطّا لمالك : 72 ، القبس في شرط موطّأ مالك بن أنس 1 : 178.
36. مختصر الخرقي 1 : 23. وأنت تعلم بأنّ أذان بلال كان بليل حسب رواياتهم ، فلا يمكن تشريعه للصبح ، فتأمل.
37. المغني 1 : 245 ، وانظر : سنن ابن ماجة 1 : 237 / ح 715.
38. الإنصاف 1 : 413 ـ 414.
39. الخلاف 1 : 286 ـ المسألة 30.
40. النهاية : 67.
41. المبسوط 1 : 95.
42 الانتصار : 137 ، وقال في الناصريات : 183 ، والرسائل 1 : 279 : بدعة.
43. جواهر الفقه : 257 ، وانظر : المهذب 1 : 89.
44. نقله عنه في : الذكرى : 169.
45. انظر : الذكرى 3 : 238 ـ الفصل 13 ، مدارك الأحكام 3 : 291.
46. السرائر 1 : 212 ، وفيه : لا يجوز التثويب في الأذان.
47. الوسيلة : 92 وفيه : عُدّ التثويب من المحظورات إلّا إذا أراد تنبيه قوم.
48. النهاية : 67.
49. المعتبر 2 : 144 ، المختصر النافع : 28.
50. الجامع للشرايع : 71.
51. تذكرة الفقهاء 3 : 47 / المسألة 60 ، وانظر : إرشاد الأذهان 1 : 251 ، نهاية الأحكام 1 : 415.
52. تبصرة المتعلمين : 45.
53. إيضاح الفوائد 1 : 96.
54. البيان : 71.
55. الذكرى : 175.
56. المهذب البارع 1 : 315.
57. جامع المقاصد 2 : 189.
58. روض الجنان : 246 ، مجمع الفائدة 2 : 177.
59. مدارك الأحكام 3 : 291.
60. المعتبر 2 : 144 ـ 145 ، وانظر الروايتين في : وسائل الشيعة 5 : 426 ـ الباب 22 / ح 6994 ، 6995.
61. جامـع المقاصد 2 : 190. ولنا تحقـيق في هــذه الرواية وأمثــالها ، راجع كتابنا (أشهد أنّ علياً ولي الله).
62. الفقيه 1 : 188 / 895 ، الكافي 1 : 303 / 6 ، وسائل الشيعة 5 : 426 / 6994.
63. في فصلٍ خاص لم يدوّن بعد.
64. الإحكام في الحلال والحرام 1 : 84.
65. التحرير
66. المهذب
67. شرح الازهار 1 : 224.
68. الاعتصام بحبل الله 1 : 282.
69. التاج المذهَّب لأحكام المذهب 1 : 88 ـ الفصل 43.
70. نيل الأوطار 2 : 18 ـ عن البحر. وانظر : السيل الجرار 1 : 206 وفيه كلام آخر.
71. روايته عن حريز عن زرارة بن أَعين.
72. الإيضاح ـ المطبوع في مجموعة ميراث حديث شيعه 10 : 123 ؛ وانظر : الحبل المتين للشيخ البهائي : 204 ـ فصول الأذان والإقامة ، ووسائل الشيعة 5 : 426 ـ الباب 22 / ح 6994.
73. هذا ما حكاه الشيباني قبل قليل عن أبي حنيفة في (موطّئه) وفي كتاب (الآثار) و (الصلاة).
74. أي 1 ـ رواية أبي محذورة 2 ـ رواية بلال.
75. حسب رواية مالك آنفة الذكر.
76. سنتعرض لما رُوي عن بلال وغيره في الفصل اللاحق إن شاء الله تعالى.
77. تمام المنة في التعليق على فقه السنّة 1 : 146 ـ 147 ، وانظر : سبل السلام 1 : 120.
مقتبس من كتاب : الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة / الصفحة : 57 ـ 86
التعلیقات