أيّهما أفضل أن نقول « اللهم صلّ وسلّم على محمّد وآل محمّد » أو « اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد » ؟ وما هو الدليل على أفضليّة أحدهما ؟
الأفضل بل الواجب أن تكون صيغة الصلاة على الرسول صلّى الله عليه وآله على الصورة الثانية ، وهي : « اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ».
والدليل عليه : قوله عزّ اسمه : ( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (1).
فقد ذكر البخاري في صحيحه أنّه عندما نزلت هذه الآية الشريفة جاء المسلمون عند الرسول :
فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَد عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ... (2)
أمّا السلام عليه ، كيف عرفوه ؟ فذلك أنّ التحيّة عند العرب الجاهليّة كان قولهم أنعمت صباحاً ، وأنعمت مساءً. فجاء رسول الإسلام بشعار التحيّة بالسّلام وميّز المسلمين بهذا الوسام وأمرهم كيف يحيي الواحد منهم الآخر ، وعلى رأسهم الرسول صلّى الله عليه وآله ، فجرت سيرة المسلمين وعرفوا بهذا الشعار وهذه التحيّة. وأمّا الصلاة عليه فأمرهم كما ذكرنا بذكر الآل معه كما هو شعار الشيعة.
وكذلك الموجود في زبور آل محمّد صلّى الله عليه وآله الصحيفة السجاديّة (3) وفي كلّ الأدعية (4) وخاصّة الأدعية الرمضانيّة (5) والروايات عندنا متواترة متضافرة بهذه الكيفيّة (6) ، فالصلاة عليه وحده غير مطلوب له بل ممنوع عنه ، كما ورد في البخاري :
لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا وما الصلاة البتراء ؟ قال تقولون « اللهم صل على محمد » وتمسكون بل قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد. (7)
وهي أن لا يقرن الآل معه ويذكر هو وحده كما هو المعروف عند إخواننا أهل السنّة حيث يقولون : صلّى الله عليه وآله وذكر السلام مع الصلاة عليه منهم ليس متابعة للقرآن الكريم ، وذلك لأنّ قوله عزّ اسمه وسلّموا تسليماً ، وإن احتمل بعض المفسّرين إن تكون بمعنى التحيّة والسلام عليه ، لكن الأقوى والأظهر كما ذكر أكثر المفسّرين هو الاحتمال الآخر وهي الإطاعه والتسليم والإنقياد له (8) ، فإنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً.
فقد جاءت هذه الصيغة في آيتين في القرآن الكريم قوله : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (9).
وكذا في قوله تعالى : ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) (10).
ولا يحتمل فيهما إلّا الإطاعة والإنقياد كما لم تأت التحيّة في القرآن إلّا بصيغة السلام كقوله :
( سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (11).
( سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ) (12).
( سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) (13).
وهكذا كلّما جاء في كلمات العزيز الكريم .
وعلى فرض أن يكون المراد به التحيّة فهو أمر لنا بأن نحييه بالسلام عليه ، لا أنّه سلّم عليه كما صلّى عليه بل صرّح في كتابه بالسلام على عدد من الأنبياء والمرسلين كما قدمنا ، ولم يسلّم على أشرفهم وأفضلهم.
نعم سلّم على آله في قوله عزّ أسمه : ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (14) ، فقد ذكرنا في محلّه ، وأثبتنا على نحو لا شكّ ولا ريب فيه أنّ القراءة الصحيحه النازلة على رسوله لا يمكن أن تكون غيرها ، فيا عجباً زاد في تعظيمه وتكريمه وسلّم على آله ، ولمَ لم يجمع بالسّلام عليه مع التكريم بالسّلام على آله أنّ في ذلك سرّ هو أعلم به ، والشيعة ملتزمون بالسّلام على آله تبعاً لكتابه ، وغيرنا ملتزمون بغيره ، وللمؤمن الذي ينظر بنور الله أن يستنبط السرّ ويميز بين الحقّ والباطل لأجله ويستمر على الحقّ الذي عرفه وعلم به ، فالواجب أن تكون صلاتنا عليه كما أمرنا بها وهي قولنا : « اللهم صل على محمّد وآل محمّد » والحمد لله ربّ العالمين.
الهوامش
1.
التعلیقات
١