من الواضح أنّ الكلام حول تحريف القرآن عند إخواننا الشيعة والسنة هو فقط نظري ، والقول بالتحريف هو خرافة كما يقول الإمام الخوئي أعلى الله مقامه ، ولكن الغريب إصرار أهل السنة على أنّ الشيعة تقول بالتحريف ، ولا أريد أن أناقش أدلة الطرفين ، وهنا لدي سؤال رأت قول شيخ الطائفة الطوسي عن كيفية النسخ في القرآن ، وهو يقسمها على ثلاث أقسام حيث يقول ولا يخلو النسخ في القرآن من أقسام ثلاثة 1ـ نسخ حكمه دون لفظه ، كآية العدة في المتوفى عنها زوجها المتضمنة للسنة ( أ ) ، فإنّ الحكم منسوخ والتلاوة باقية ، وكآية النجوى ( ب ) وآية وجوب ثبات الواحد للعشرة ( د ) فإنّ الحكم مرتفع، والتلاوة باقية ، وهذا يبطل قول من منع جواز النسخ في القرآن ؛ لأنّ الموجود بخلافه . 2ـ ما نسخ لفظه دون حكمه ، كآية الرجم فإنّ وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه ، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف ، وهي قوله ( والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته ، فإنهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم). 3 ـ ما نسخ لفظه وحكمه ، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة أنّه كان في ما أنزل الله أنّ عشر رضعات تحرمن ، ونسخ ذلك بخمس عشرة ، فنسخت التلاوة والحكم .وأمّا الكلام في شرائط النسخ ، فما يصح منها وما لا يصح ، وما يصح أن ينسخ به القرآن ، وما لا يصح أن ينسخ به ، وقد ذكرنا في كتاب العدة ـ في أصول الفقه ـ ولا يليق ذلك بهذا المكان واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة أوجه قال قوم يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير إفراد واحد منهما عن الآخر، وقال آخرون يجوز نسخ الحكم دون التلاوة ، وقال آخرون يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ ، كما ينسخ الكتاب من كتاب قبله ، وقالت فرقة رابعة يجوز نسخ التلاوة وحدها، والحكم وحده ونسخهما معا ، وهو الصحيح .سؤالي هل يذهب الشيخ الطوسي إلى القول بنسخ الحكم والتلاوة معاً كما فهمته من قوله ( وهوالصحيح ) .
كلام شيخ الطائفة في العدة يدور حول جواز النسخ والامتناع عقلاً ، فيذهب إلى الإمكان عقلاً والجواز تصوراً ، في قبال من لا يجوّز النسخ لفظاً أو حكماً أو كلاهما ، والحكم بالجواز والإمكان عقلاً شيء ، وبالتحقق والوقوع شيء آخر ، فهو نسب الحكم بوقوع كليهما على ما ذكرته أنت عنه في القسم الثالث إلى المخالفين الذين ذكروه عن عائشة ، كما أنّ نسخ تلاوة الآية التي كانت متضمنة لرجم المحصنة دون حكمها وهي القسم الثاني الذي ذكرته مع زيادة لفظ بلا خلاف ، والحمل على الصحة يحكم بصدور الزيادة منك اشتباهاً ، أو يكون تقوُل عليه من بعض المتقوُلين ، فإنّ الشيعة لا تقول بها ، وهو شيخ طائفتها لا يعترف بها ، وينكرها معها بل هاتان الآيتان ممّا روتهما صحاح أهل السنة ، وليس منهما أثر ووجود في كلام الله الموجود لدينا ، فهو القول بالنقص والتحريف نصاً ، وخصوصاً القائل بها نفس الخليفة عمر على ما رواه ابن عباس عنه ، وهو على المنبر : « قال عمر : إنّ الله بعث محمّداً بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم فقرئناها وعقلناها ووعيناها ، فلذا رجم رسول الله صلى الله عليه وآله ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد الرجم في كتاب الله . فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا اُحصن من الرجال .... ثمّ إنّا كنا نقرأ في ما نقرأ من كتاب الله ، أن لا ترغبوا عن آبائكم ، فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم » . صحيح البخاري : 8/22 ، وفي صحيح مسلم : 5/116 بلا زيادة : « ثمّ إنّا ...».
وليس في هذا الكلام ولا في غيره من مختلف ألفاظه من النسخ فيه عين ولا أثر ، لكن علماء الزور والبهتان الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ينسبون النقص والتحريف إلى الشيعة ، ويلبسون التحريف إطار النسخ ، ويعبّرون بخلاف صريح قول عمر ، وخصوصاً في آية الرغبة عن الآباء.
وأيضاً روى مسلم في صحيحه : 4/167 : عن عائشة ، أنّها قالت : « كان في ما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن ، ثمّ نسخ بـخمس معلومات . فتوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وهي في ما يقرأ من القرآن» .
وهل يصح النسخ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ !
ثمّ أين هي آية الخمس الناسخة ؟ ! سبحان الله هل يشعرون بما يقولون ؟
وليس بغريب من الآلوسي عندما يقول : « أنّ أحداً من علماء أهل السنة لم يذهب إلى التحريف ويكذّب أمين الإسلام الطبرسي حينما ينسب التحريف بتأدّب منه إلى الحشوية من السنة » . نعم ليس بغريب منه ، وليس بعجيب ، فإنّه ولد في بغداد ، وعاش في عاصمة العراق ، والشيعة تحيط به من جوانبه الأربع ، وكتبها في متناوله ، وقريب من يده ، وفي تفسير قوله عز اسمه : { َكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ}(البقرة/187). 1/472 ينسب إلى الشيعة كذباً وبهتاناً ، لا في بيت مظلم ولا مع شخص أو في أذن وهمس بل في كتاب ويبعث إلى الإفطار ليبقى هذا العار عليه وجه النهار : إنّهم يمسكون من طلوع الشمس.
وهذا منه عناد للحق ودرس وطمس وبالعكس إسقاط وأفضاح للنفس ، فاعرفوا أيها المنصفون الدجالين المفترين من المؤمنين الصادقين ، والله يظهر الحق ويعليه على الباطل ويميّز الخبيث من الطيب .
التعلیقات