إنّ معاوية كان يلبس الحرير والذهب ، ويذكر له موبقات أخرى ، فكيف تكون صفات شخص هكذا ، ويبايع ! فالحسن والحسين عليهما السلام بايعوه ، وهذا باعتراف كبار علماء الشيعة كالمجلسي والسيّد المرتضى وغيرهما يقولون بأن الحسن والحسين عليهما السلام بايعا معاوية !. والبيعة هي طاعة لولي الأمر ، فكيف بايع الحسن والحسين عليهما السلام شخص يلبس الحرير والذهب ولا يشبع (1) و ... ، فالأمر فيه تناقض عجيب ؟
أحسنت هذه صفات معاوية أيعقل أن يبايعه الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام ، فلا يخطر على بالك أنّها بيعة إكراه ، أضف إلى ذلك ما الذي أخذه معاوية ؟ أنتم تتصوّرون ، وتعتقدون دائماً بأنّ الإمام الحسن عليه السلام أقرّ لمعاوية بالإمامة ؟! أبداً لم يكن ذلك ؛ لأن لم ينازع إمامٌ من أئمّتنا في إمامته على السلطة التشريعيّة حدّ أدنى ، لكن نوزع على السلطة التنفيذيّة ، عندما تكون حجيّة إمامته أوسع بكثير من السلطة التنفيذيّة تركها.
إذن ، إذا تقرأ بدقّة بنود صلح الإمام الحسن عليه السلام (2) سوف تحصل على جواب سؤالك. من بنوده أن لا يقرّا له بإمرة المؤمنين ماذا تعني ؟ تعني بإنّه لا شرعيّة له ، وأن لا يتولّى له شيء ، واقرأ البنود الباقية حتّى تعرف أنّ الذي تخلّى عنه الإمام الحسن عليه السلام هي السلطة التنفيذيّة وليست الإمامة.
الهوامش
1. البداية والنهاية « لابن كثير » / المجلّد : 9 / الصفحة : 86 ، الناشر : هجر :
قد روَى البيهقيُّ ، عن الحاكِم ، عن عليِّ بن حَمْشاذَ ، عن هشامِ بنِ عليٍّ ، عن موسى بنِ إسماعيلَ ، حدَّثني أبو عَوانةَ ، عن أبي حَمْزةَ ، سمِعْتُ ابنَ عباس قال : كنتُ ألْعَبُ مع الغِلمانِ ، فإذا رسولُ اللهِ صّلى الله عليه وسلّم قد جاء ، فقلتُ : ما جاء إلا إليَّ. فذهبْتُ فاخْتَبأْتُ على بابٍ ، فجاء فحطَأني حَطْأةً وقال : « اذْهَبْ فادْعُ مُعاويةَ » . وكان يَكْتُبُ الوَحْيَ. قال : فذهَبْتُ فدعَوْتُه له ، فقيل : إنه يأكُلُ. فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فقلتُ : إنه يأكُلُ. فقال : « اذْهَبْ فاْدعُه لي ». فأتَيْتُه الثانيةَ ، فقيل : إنه يأكُلُ. فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فأخْبَرْتُه ، فقال في الثالثةِ : « لا أشْبَعَ اللهُ بطنَه » . قال : فما شبِع بعدَها.
2. وهي شروط كثيرة لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا إلّا عن بعض منها ، غير أنّه قد أشار التاريخ إلى كثرة هذه الشروط حين صرّح بأنّ معاوية قد أرسل إلى الإمام الحسن عليه السلام وثيقة ضمن له فيها شروطاً ، ولكن الإمام الحسن عليه السلام قد شرط عليه أضعاف ذلك. [ راجع : تاريخ الطبري « لمحمد بن جرير الطبري » / المجلّد : ٤ / الصفحة : ١٢٤ / الناشر : الأعلمي للمطبوعات ، راجع : جواهر المطالب في مناقب الإمام علي عليه السلام « لمحمد ابن احمد الدمشقي » / المجلّد : ٢ / الصفحة : ١٩٨ / الناشر : مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة / الطبعة : 1 ].
أن لا يسمّي الإمام الحسن عليه السلام معاوية أميرَ المؤمنين. [ راجع : علل الشرائع « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 1 / الصفحة : 212 / الناشر : منشورات المكتبة الحيدريّة ]
ولا يقيم عنده شهادة. [ راجع : علل الشرائع « للشيخ الصدوق » / المجلّد : ١ / الصفحة : ٢١٢ / الناشر : منشورات المكتبة الحيدرية ]
وأن يعمل معاوية بكتاب الله وسنّة رسوله. [ راجع : كشف الغمة « للاربلي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 570 / الناشر : بني هاشمي / الطبعة : 1 ، بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلد : 44 / الصفحة : 65 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]
وليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده. [ راجع : كشف الغمة في معرفة الأئمة « للأربلي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 570 / الناشر : بني هاشمي / الطبعة : 1 ، بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد : 44 / الصفحة : 65 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]
أن يترك سبّ أمير المؤمنين وأن لا يذكر عليّ الا بخير. [ راجع : مقاتل الطالبيين « لأبي الفرج الاصفهاني » / الصفحة : 75 / الناشر : شريف الرضي ]
ولكن معاوية لم يلتزم ببنود الصلح باعترافه.
الإرشاد « للمفيد » / المجلّد : 2 / الصفحة : 14 / الناشر : المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد :
فلمّا استتمّتِ الهُدنةُ على ذلكَ ، سارَ معاويةُ حتّى نزلَ بالنُّخَيْلةِ ، وكانَ ذلكَ يومَ جمعةٍ فصلّى بالنّاسِ ضحى النّهارِ ، فخطَبَهُم وقالَ في خطبتهِ : إِنِّي واللهِ ما قاتلتُكم لتُصلُّوا ولا لتصوموا ولا لتحجُّوا ولا لتزكُّوا ، إِنّكم لتفعلونَ ذلكَ ، ولكنِّي قاتلتُكم لأتأمّرَ عليكم ، وقد أعطاني اللهُ ذلكَ وأنتم له كارِهونَ. أَلا وإِنِّي كنتُ منَّيتُ الحسنَ وأعطيتُه أشياءَ ، وجَمِيعُها تحتَ قَدَمَيَّ لا أفي بشيءٍ منها له.
التعلیقات
١