أدعية لتسهيل الولادة
الشيخ مهدي المجاهد
منذ شهرفي الساعات الأخيرة من الحمل، تعيش المرأة فترة من أصعب لحظات حياتها، حيث تشتد آلام المخاض وتبدأ رحلة ولادة جديدة. هذه الآلام ليست فقط مشقة جسدية، بل هي اختبار لصبرها وقوتها. إلا أن الله تعالى قد منح المرأة قدرة خاصة على تحمل هذه المشاق، وجعل من ولادتها وسيلة لزيادة الأجر والثواب. قال الله تعالى في القرآن الكريم:
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ (1)،
مشيرًا إلى تلك المعاناة التي تتحملها الأم خلال الحمل والولادة.
كما وردت العديد من الروايات عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام التي تشجع على الصبر في هذه اللحظات الصعبة، ومنها قول الإمام الصادق عليه السلام:
« الْمَرْأَةُ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَمْ يَنْشُرْ لَهَا دِيوَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (2)،
مما يدل على عظمة الأجر المترتب على تحمل آلام الولادة.
وورد عن الإمام الصادق عليه السلام في بيان استحباب خدمة المرأة زوجها وارضاعها ولدها :
« إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، فإذا وضعت كان لها من الاجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه ، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد اسماعيل ، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال : استأنفي العمل فقد غفر لك » (3)،
يعكس هذا الحديث تقدير الإسلام لجهود المرأة في الأسرة، ويرفع من شأنها ويكافئها على تضحياتها الكبيرة.
وفي تلك اللحظات، من المفيد للمرأة أن تذكر الله وتستعين بآياته مثل قراءة سورة الفاتحة وآية الكرسي، والتي ورد في بعض الروايات أن لها تأثيرًا في التخفيف من الألم. فذكر الله واللجوء إليه يبث السكينة والطمأنينة في قلب الأم، ويعينها على تحمل هذه المرحلة الصعبة، متذكرةً أن هذا الألم هو بداية حياة جديدة.
وهنا نذكر لكم بعض الآيات والروايات الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته الكرام عليهم السلام وان شاء الله تكون مفيدة للنساء اللاتي يمرّن بهذا الظرف الصعب واللطيف.
شدة الطلق
عن جابر بن يزيد الجعفي أن رجلا أتى أبا جعفر محمدبن علي الباقر عليه السلام فقال : يا ابن رسول الله أغثني ، فقال : وماذاك؟ قال : امرأتي قد أشرفت على الموت من شدة الطلق ، قال : اذهب واقرء عليها:
﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ (4)،
ثم ارفع صوتك بهذه الاية
﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
(5)، كذلك اخرج أيها الطلق ، اخرج باذن الله » فانها تبرأ من ساعتها بعون الله تعالى (6).
آيات لتسهيل الولادة
عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا عسر على المرءة ولادتها تكتب لها هذه الايات في إناء نظيف بمسك وزعفران ، ثم يغسل بماء البئر ، ويسقى منه المرأة ، وينضح (النضح : الرش بالماء.) بطنها وفرجها فانها تلد من ساعتها ، يكتب
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ (7) ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (8) ، ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ (9) » (10).
تكتب الآيات عند دخول الحامل شهرها
عن أبي الظبيان ، عن الصادق عليه السلام قال :
تكتب هذه الايات في قرطاس الحامل إذا دخلت في شهرها التي تلد فيه ، فانه لا يصيبها طلق ولا عسر ولادة وليلف على القرطاس سحاة (11) لفا خفيفا ، ولايربطها وليكتب
« ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (12) ، ﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ ﴾ (13)، ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ﴾ (14).
وتكتب على ظهر القرطاس هذه الايات :
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (15) ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ (16)،
ويعلق القرطاس في وسطها فحين يقع ولدها يقطع عنها ولا يترك عليها ساعة واحدة (17).
عند عسر الولادة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
« إذا عسر على المرأة ولدها فاكتب لها في رق :
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مايوعَدونَ لَمْ يَلْبثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ ﴾ (18)، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبثُوا إِلاّ عَشيَّةٍ أوْ ضُحاها ﴾ (19) ، ﴿ إذْ قالَتْ إمْرأةَ عِمْرانٍ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْني مُحَرَراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ (20)
ثم اربطه بخيط وشده على فخذها الايمن ، فاذا وضعت فانزعه » (21).
عوذة لتعسر الولادة
عن جابر بن يزيد الجعفي قال : جاء رجل من بني امية إلى أبي جعفر عليه السلام وكان مؤمنا من آل فرعون يوالي آل محمد ، فقال : يا ابن رسول الله إن جاريتي قد دخلت في شهرها ، وليس لي ولد ، فادع الله أن يرزقني ابنا ، فقال : اللهم ارزقه ابنا ذكرا سويا ، ثم قال : إذا دخلت في شهرها فاكتب لها إنا أنزلناه ـ وعوذها بهذه العوذة وما في بطنها ـ بمسك وزعفران ، واغسلها واسقها ماءها وانضح فرجها ، والعوذة هذه :
« اعيذ مولودي بسم الله ، بسم الله ، وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا » ثم يقول : « بسم الله ، بسم الله ، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، أنا وأنت والبيت ومن فيه والدار ومن فيها ، نحن كلنا في حرز الله ، وعصمة الله ، وجيران الله وجوار الله ، آمنين محفوظين » تقرء المعوذتين ، وتبدأ بفاتحة الكتاب قبلهما ثم سورة الاخلاص ، ثم تقرأ
« أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ، ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به ، فانما حسابه عند ربه ، إنه لا يفلح الكافرون ، وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ، لو أنزلنا هذا القرآن ـ إلى آخر السورة الحشر : ٢١ ـ ٢٢.
ثم تقول : « مدحور من يشاق الله ورسوله ، أقسمت عليك يا بيت ومن فيك ، بالاسماء السبعة ، والاملاك السبعة ، الذين يختلفون بين السماء والارض محجوبا عن هذه المرأة وما في بطنها كل عرض واختلاس أو لمس أو لمعة أو طيف مس من إنس أو جان ».
وإن قال عند فراغه من هذا القول ومن العوذة كلها « أعني بهذا القول وهذه العوذة فلانا وأهله وولده وداره ومنزله » فليسم نفسه ، وليسم داره ومنزله وأهله وولده ، وليلفظ به ، وليقل أهل فلان بن فلان ، وولده فلان بن فلان ، فانه أحكم له وأجود ، وأنا الضامن على نفسه وأهله وولده أن لا يصيبهم آفة ولا خبل ولا جنون باذن الله تعالى (22).
دعاء لعسر الولادة
عن الصادق عليه السلام قال :
يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في رق أو قرطاس : « اللّهُمَّ فارِجَ الهَمِّ وَكاشِفَ الغَمِّ وَرَحْمنَ الدُّنْيا وَالاخِرَة وَرَحيمَهُما إرْحَمْ فُلانَةَ بِنْتَ فُلانَةَ رَحْمَةً تُغْنيها بِها عَنْ رَحْمَةِ جَميعِ خَلْقِكَ ، تُفَرِّجُ بِها كُرْبَتها وَتَكْشُفُ بِها غَمَّها وَتُيَسِّرُ وَلادَتَها ، وَقُضيَ بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ وَهُمْ لايُظْلَمونَ وَقيلَ الحَمْدُ لله ربِّ العالَمينَ » (23).
1ـ سورة لقمان : الآية 14.
2ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق / المجلّد : 1 / الصفحه : 139.
3ـ وسائل الشيعة / الشيخ حرّ العاملي / المجلّد : 21 / الصفحه : 451 / ط-آل البیت.
4ـ سورة مريم : الآيات 23 ـ 25.
5ـ سورة النحل : الآية 78.
6ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 117 / ط مؤسسة الوفاء ؛ عن طب الأئمة / الصفحة : 69.
7ـ سورة النازعات : الآية 46.
8ـ سورة الاحقاف : الآية 35.
9ـ سورة يوسف : الآية 111.
10ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 117 / ط مؤسسة الوفاء ؛ عن طب الأئمة / الصفحة : 95.
11ـ السحاء : نبت شائك يرعاه النحل فيطيب عسله عليه وسحاء القرطاس : ماسحى منه ، أى أخذ.
12ـ سورة الأنبياء : الآية 30.
13ـ سورة يس : الآيات 37 ـ 44.
14ـ سورة يس : الآية 51.
15ـ سورة الاحقاف : الآية 35.
16ـ سورة النازعات : الآية 46.
17ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 118 / ط مؤسسة الوفاء ؛ عن طب الأئمة / الصفحة : 95.
18ـ سورة الاحقاف : الآية ٣٥.
19ـ سورة النازعات : الآية ٤٦.
20ـ سورة آل عمران : الآية ٣٥.
21ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 119 / ط مؤسسة الوفاء ؛ عن مستطرفات السرائر.
22ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 119 / ط مؤسسة الوفاء ؛ عن طب الأئمة / الصفحة : 96.
23ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 121 / ط مؤسسة الوفاء.
التعلیقات