الاختيار الزوجي
حسين هادي الشامي
منذ 11 سنةأولا : يجب إحراز سلامه الزوجين من الأمراض الخطيرة خصوصاً السارية منها ، كالأمراض الزهرية والسل وغيرها. ويجب على الزوج أن يتأكد بصورة خاصة سلامه الزوجة من مرض السكر الذي يضر بجنينها عند الحمل ضررا عظيما ، وكذلك
سلامتها من الإدمان على التدخين الذي يفتك بها وبأولادها فتكا ذريعاً. ويتأكد كل من الزوجين سلامة أقرباء الآخر من التخلف العقلي والفسلجي ، فإن الوراثة لها أثرها الفعال. وليحذر الطبيب من إصدار شهادة صحية مزورة ، فإنها خيانة للدين وعدوان صارم عل الإنسانية.فليراقب الأزواج مع أوليائهم هذه الأمور بكل وعي وإمعان ، فإن لم يفعلوا فسيهوى الزوجان في هوة سحيقة من الشقاء والعناء ( نعوذ بالله ).
ثانياً : إحراز تقوى الزوجين وتمسكهما بالدين الحنيف ليؤدي كل منهما واجبه نحو الآخر ، فيسطع نور السعادة بينهما ويتمتعان بحياة طيبة سليمة.
وقد رويت أحاديث نبوية تتعلق بهذا الموضوع إليكم أهمها :
(أ) ( كما مرّ سابقا ) ( إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ). إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير « عريض ». أجل فقد سادت الفتنة في الأرض وظهر الفساد الكبير العريض بالزنى واللواط والمساحقة والعادة السرية.
(ب) ( لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يرديها، ولا لمالها فلعل مالها يُطغيها. وانكح المرأة لدينها ) ليس المقصود من هذا الحديث الاقتصار على دين المرأة والانعزال عن جمالها ومالها ، فإن الله جميل يحب الجمال والمتجملين، وبالمال تُحقق مشاريع إنسانية سامية. وإنما المراد أن يكون ذلك الجمال والغنى الماديان ملازمين للإيمان والتقوى .. فإنهما جمال النفس وغناها كما قال الشاعر :
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
فإذا كانت الزوجة جميلة في جسمها وقبيحة في دينها ، أو كانت غنية في أموالها وفقيرة في تقواها ، فإنها تدمر حياة زوجها. فهو لا يطيق أن يفارقها لجمالها ومالها ، ولا يستطيع أن يصبر على شراستها وسوء أخلاقها الزوجية فتلك الحال هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى ( ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ).
وقد روى عن سيدنا الحسن بن علي عليهماالسلام أنه قال لرجل سأله عن تزويج بنته « زوجها ممن يتقى الله تعالى ، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها ». نعم والله هكذا خُلُقُ المتقين.
ثالثا : إذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة ، فلينظر إليها ويتأكد في الفحص بالاعتماد على شهادة امرأتين على الأقل تتصفان بالتقوى والذكاء والوعي لكي يحقق آماله الجنسية. كذلك يحق للمرأة أن تطلع بنفسها أو بشهادة أمينة صادقة على منظر الرجل وسلوكه ، لتكون مطمئنة في تحقيق الزواج.
رابعا : يحاول الزوج أن تكون الزوجة خفيفة المهر ، ويرشد والديها إلى الأحاديث النبوية التي رُويت ناهية عن المغالاة في المهر. فمن أهمها :
(أ) ( خير النساء أحسنهن وجوها وأرخصهن مهورا ).
(ب) ( من بركة المرأة سرعة تزويجها وسرعة رحمها ـ أي الولادة ـ ويسر مهرها ) فإن الهدف الحقيقي في الزواج ليس هو المال، بل هو منال أسرة كريمة تتمتع بالهناء والرخاء في الدنيا والآخرة.
خامساً : يجب على الزوج أن يدقق النظر ويمعن الاختيار في البيئة التي نشأت فيها الزوجة ، والأسرة التي أنبتت نبات شخصيتها. فيختبر إخوانها وآباها وخصوصا أمها ، فإن الوراثة الصالحة والبيئة الفاضلة قاعدتان رصينتان لبناء الإنسانية العليا ، قال الشاعر :
إذا أردت زوجة تبغيها
كريمة فانظر إلى أخيها
يُنبيك عنها وإلى أبيها
فإن أشباه أبيها فيها
( ولم يذكر الشاعر الأم لضيق مجال القافية ).
ـ رُوى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(أ) ( إياكم وخضراء الدمن ).
والمعنى هو المرأه الحسناء في المنبت السيء كالعشب الذي ينبت في المزابل.
(ب) ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دسّاس ).
ملاحظة هامة : لم يثبت في التشريع الإسلامي بصورة مؤكدة النهي عن الزواج من الأقارب بالقول المشهور « اغتربوا لا تضووا » وبالقول الآخر « لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاويا » ( أي ضعيفاً ). فإن هذين القولين لم يُصحح الفقهاء صدورهما عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلو كان الزواج من الأقارب يؤدي إلى انحراف خطير في سلامة النسل ، لتواترت الأخبار الشرعية في التحريم ، لأن الأمر هام جداً وجدير بالبيان فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، والشاهد على ذلك هو أننا نرى كثيرا ممن تزوجوا من أقربائهم قد وُلد لهم أولاد يتمتعون ببنية قوية وصحة جيدة جدا. نعم إن ما أثبته العلم الحديث من الأضرار الصحيحة في زواج الأقارب لا يبعد أن يَخصَّ ما نَصَّ به الدين الحنيف وقرره في تحريم الزواج من أقرب الأقرباء ، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت فالميزان الصحي للأبناء هو صحة الآباء والأمهات وما يتلقاه الطفل من عوامل التربية في البيئة التي ينشأ فيها أثناء الحمل وبعده.
التعلیقات
١