ما هي حدود الاستمتاعات الجنسية المسموح بها بين الزوجين ؟
موقع مركز الاشعاع الاسلامي
منذ 8 سنواتحماية الزوجين من الانحراف هدف أساسي
لقد حرص الإسلام على أن يكون البيت الإسلامي الذي رغَّبَ في تأسيسه حصناً
منيعاً يحمي الزوجين من الإنحرافات الخُلقية و المفاسد الأخلاقية ، و أن يكون بيتاً تتوفَّر فيه كل ما تتطلبه الحياة الهادئة و الآمنة و السعيدة من الأجواء التي تُمَكِّن الرجل و المرأة من القيام بدورهما و أداء مسؤولياتهما .
لهذا فإننا نجد أن الله عَزَّ و جَلَّ قد وضع القوانين الحكيمة و سَنَّ السُنن القويمة الكفيلة بإسعاد الزوجين و تسهيل بلوغهما الى الأهداف المبتغاة من تأسيس الأسرة .
حدود الاستمتاعات بين الزوجين
لكي تتحقق أهداف الزواج و الأسرة ، فان الاستمتاعات الزوجية لا بد و أن تكون محدودة بحدود تتماشى مع أهداف الزواج في الاسلام و تكون بحيث تضمن سلامة الزوجين و كذلك العلاقة الزوجية و الأسرة من جميع الجهات .
هذا و قد ذكرنا في إجاباتنا السابقة جملة من آداب الزواج و سُننه في الشريعة الإسلامية ، و هنا لا بد لنا من بيان حدود الاستمتاعات الجنسية بين الزوجين من جميع الجهات و لو بصورة مختصرة جداً .
لقد سمح الدين الاسلامي للزوجين بالاستلذاذ و الاستمتاع المتقابل جنسياً بينهما ضمن حدود الشريعة الاسلامية ، أي ما لم تتجاوز الاستمتاعات حدود المعاشرة بالمعروف ، و ما لم تتضمن محرماً من المحرمات ، أو تتسبب في ترك واجب من الواجبات ، فللزوجين أن يتلذذا من بعضهما متى شاءا و كيفما شاءا ، فهي جائزة بكل أشكالها نظراً و لمساً و تقبيلاً و مصاً و ما إليها من أنواع الإستمتاعات المتصورة .
ما لا يجوز من الاستمتاعات للزوجين
مستثنيات الاستمتاعات الجنسية بين الزوجين هي ما يلي :
1 - لا يجوز الجماع خلال فترة الحيض و النفاس .
2 - لا يجوز للزوجين ـ و كذا لغيرهما ـ حال الاحرام ممارسة الأمور الجنسية ، وطياً أو إستمناءً أو تقبيلاً أو لمساً أو النظر بشهوة و تلذذ .
3 _ يشترط أن تكون الاستمتاعات بين الزوجين غير ضارة و غير مؤذية لأي منهما ، كما إذا تلذذ أحد الزوجين من قَرص أو عَض أو ضرب الطرف الآخر ، و يجوز كل ذلك برضاهما .
4 - يجوز لهما الإستعانة بأعضاء البدن في إثارة الطرف الآخر جنسياً و إفراغ شهوته ، لكن لا تجوز الاستعانة بأجسام خارجية بإدخالها في الفرج أو الدبر ( الشرج ) .
5 - لا يجوز لأي منهما بلع المادة المنوية لكونها نجسة .
6 _ لا يجوز للزوج إكراه زوجته على مجامعتها في الدبر ، و لها أن لا تستجيب له .
7 _ لا يجوز للزوج إكراه زوجته على الجماع حال كونها مريضة بحيث لا تطيق ممارسة الجنس ، أو تكون العملية الجنسية مضرة بالنسبة لها ، و لها أن تمتنع مما يضر بها .
حكم الجماع في الدبر
خصص الله عز و جل مسلكاً خاصاً للعملية الجنسية تتوفر فيه كل المواصفات الكفيلة بإيصال الزوجين الى ذروة المتعة الجنسية و هو الفرج ( المهبل ) ، و جعل الله جل جلاله أحكاماً للإتصال الجنسي ، كما و سنن آداباً للاستمتاعات الزوجية ، و نحن نؤمن بأن الأزواج الملتزمين بهذه القوانين و السنن يضمنون لأنفسهم سلامة معاشرتهم الجنسية الى جانب حصولهم على أعلى درجات المتعة الجنسية السليمة ، و يجنِّبون أنفسهم سلبيات و أضرار السلوك الجنسي الخاطيء .
و أما من حيث الحكم الشرعي فان آراء الفقهاء تختلف في حكم إتيان الزوجة من الدبر من حيث الحرمة و الكراهة ، و الكراهة الشديدة ، لكن المشهور بين فقهاء الشيعة الإمامية جواز ذلك بشرط رضا الزوجة ، و لكن على كراهة ، بل على كراهة شديدة ، كل ذلك إعتماداً على الأحاديث الشريفة التي يستنبطون الأحكام الفقهية منها حسب القواعد الفقهية و الأصولية .
الفرق بين جماع الزوجة في الدبر و اللواط
ينبغي التنبيه هنا على أنه من الخطأ الفاحش عَدُّ هذا النوع من الممارسة لواطاً و من أعمال قوم لوط ، و هو نوع من المغالطة ، و ذلك لأن اللواط هو الإتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر و أنثى كما هو واضح ، كما لا تسمى ممارسة الجنس بين أنثيين زناً و لا لواطاً ، و إنما تُسمى سحاقاً .
ثم أن قوم لوط كما أشرنا كانوا يأتون الرجال في أدبارهم و ليس النساء ، و يدل على ذلك قول الله عز و جل في القرآن الكريم
حكاية عن النبي لوط ( عليه السلام ) : ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ 1
و من الخطأ أيضاً أن يتصور بأن المقصود من قول الله عز و جل : ﴿ ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ... ﴾ 2 حرمة إتيان النساء من الدبر ، بل المقصود منه من حيث أمركم الله تجَنُّبه في حال الحيض و هو الفرج ، و يظهر هذا المعنى بملاحظة الآية بكاملها التي تتحدث عن إعتزال النساء حال الحيض .
قال الله عز و جل : ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ 3
قال المفسر الكبير العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) في تفسير هذه الآية : ﴿ ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ... ﴾ 2 معناه من حيث امركم الله تجنّبه في حال الحيض و هو الفرج ، عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع .
و قيل : من قِبَل الطُهر دون الحيض ، عن السدي و الضحاك .
و قيل : من قبل النكاح دون الفجور ، عن ابن الحنفية ، و الأول أليق بالظاهر .
قال الزجاج : معناه من الجهات التي تحل فيها أن تقرب المرأة ، و لا تقربوهن من حيث لا يحب ، أي لا تقربوهن و هن صائمات أو محرمات أو معتكفات .
و قال الفراء : و لو أراد الفرج لقال في حيث ، فلما من حيث علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله بها 4 .
هذا مضافاً إلى ما يُستدل بقول الله عز و جل حكاية عن النبي لوط ( عليه السلام ) : ﴿ ... قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ... ﴾ 5 ، حيث أن لوطاً ( عليه السلام ) عرض عليهم بناته و هو يعلم أنهم لا يريدون الفروج .
حكم الجنس الفمي
معاشرة الزوجة من طريق الفم و انزال المني في فمها ممارسة خاطئة و مستقبحة ينبغي اجتنابها و الترفع عنها ، و هذه الممارسة إن لم تكن برضا الزوجة فهي محرمة ، كما و يحرم ابتلاع شيء من المني لنجاسته ، و أما اذا كانت هذه الممارسة برضا منها و لم تتسبب في ابتلاع المني فهو عمل مستقبح رغم جوازه ، و ينبغي للمؤمنين اجتناب مثل هذه الأمور ، حيث أنها من الممارسات الخاطئة التي قد تصنَّف ضمن الشذوذ الجنسي .
هذا و للاستماعات الزوجية آداب و مستحبات و مكروهات ينبغي للإنسان المؤمن معرفتها و الالتزام بها لما فيها من آثار مهمة صحية و اجتماعية و معنوية .
1. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 80 و 81 ، الصفحة : 160 .
2. a. b. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
3. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
4. مجمع البيان : 1و 2 / 563 .
5. القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 78 ، الصفحة : 230
التعلیقات