اريد عمري
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتتجاوزت الخمسين بعامين ولا اخشى من الاعتراف بسني امام الجميع فكل عمر له بهاؤه وجماله اليست هذه كلماتك سيدتي وانا مقتنعة بها لأبعد حد.
وعلى الرغم من انني حزمت امري الا انني اكتب اليك لتحاولي معي اقناع اسرتي الصغيرة في حقي في ان اتنفس هواء الحرية بعد ثلاثين عاماً قضيتها مدفونة وماتت فيها زهرة شبابي، استجير بك في مساعدتي.
تزوجت يا سيدتي منذ ثلاثين عاماً من زوج اختي بعد وفاتها اثناء وضعها لطفلها الثاني فكان لزاماً علي ان اقبل تلك الزيجة من اجل الطفلين ولن ائتمن اي مخلوق عليهما غيري وبالفعل تم الزواج بسرعة دون فرح وودعني الاهل بالدموع بل ان امي سقطت منهارة اثناء مغادرتي بيتنا.
تذكري يا سيدتي اليوم الذي تنتظره اي فتاة بتلك الصورة الكئيبة وتم زفافي على رجل لا اعرف عنه الكثير فلقد تم زواجه من اختي سريعاً وبعدها سافرا ولم يعودا الا قرب ولادتها الثانية لتدهور حالتها الصحية.
شعرت يا سيدتي انني اعيش مع انسان غريب عني، بل وجوده امامي يذكرني بأختي الرقيقة الحانية فابذل جهدي للعناية بابنائها لتهدأ روحها وعندما نطق وليدها بأول كلمة كانت "ماما" لي.
وبعد فترة شعرت باحتياجي للامومة الحقيقية وانجبت ابني الاول فلم يقل حبي لابناء اختي بل كنت اعاملهما يعلم الله مثل ابني ومضت الحياة ورؤقنا بعد الطفل الاول بثلاثة ابناء اخرين فصرت اما لستة أولاد اعطيهم من حياتي وحبي واعتدت على حياتي الجديدة وعلى زوجي الذي لا يريد ان يسبب اي مشاكل فانشغاله الدائم في عمله وحبه له جعله يتغاضى عن المشكلات البسيطة ويحاول أرضائي بشتى الطرق وتزوج اربعة من ابنائي الستة ولم يتبق سوى ابنة تستعد الان للزواج وابني على مشارف الجامعة.
عندما نظرت حولي فوجدت بيتي بدأ يخلو من اولادي وبدأ زوجي يكثر من اجازاته ويجلس بجواري في البيت فشعرت بمشاعر الغربة تتسرب داخلي مرة اخرى ونظرت في المرآة فوجدت أمرأة عجوزاً اصابها الوهن في كثرة ما تحملت ونظرت حولي فوجدت ابنائي الذين افنيت عليهم زهرة شبابي قد انشغلوا عني بعملهم وبيوتهم ولم يبق لي غير هذا الرجل الغريب.
والآن اريد ان استرد حريتي التي استلبت مني بارادتي ضحيت من اجل ابنائي وابناء اختي بثلاثين عما افليس من حقي الان ان اعيش ما تبقى من عمري بطريقتي وبأرادتي انا وليس كما يريد الآخرون الا يكفي كل سنوات الصبر والحرمان التي عشتها من أجلهم.
طلبت الطلاق من زوجي فشعرت كأنني رميت قنبلة في وجه عائلتي وانصب عليَّ جام غضبهم وانقلبت نظرات الامتنان والحب لنظرات كراهية وازدراء، لدرجة ان زوجي الذي لم يخطىء في حقي ابدا اتهمني بالجنون وبأنني اعيش مراهقة متأخرة وقرر عرضي على طبيب امراض نفسية.
تخلي يا سيدتي عائلتي تتهمني بالجنون لانني طالبت بحقي في حريتي وفي حياتي ارجوك يا سيدتي وجهي لهم كلمة قولي لهم ان السيدة التي افنت حياتها عليهم جديرة بالراحة الآن والهدوء.
اهمس لك: معك يا سيدتي في مشاعرك الان، ولكن لنعد للخلف لتلك السنوات الطوال لنعرف من الذي تسبب فيما انت فيه لقد عشت ثلاثين عاماً مستسلمة لمشاعر التضحية ورعاية الابناء ولم تحاولي الاقتراب من زوجك ولا تحطيم ذلك الجدار الذي اقمته بينك وبينه ولم تقف طيلة هذه الاعوام وقفة صادقة مع النفس فالله يا سيدتي ادرى بنا ولا يختار الا الافضل لحياتنا حتى في ابتلائنا يريد صالحنا.
ما اهمس به لاولادك ان يقفوا بجانبك الان وانت في أشد الحاجة لهم وعليهم ان يتفهموا موقفك حتى تمر هذه العاصفة بسلام.
أما أنت ايها الزوج فلا تسخر من زوجتك وحاول الاهتمام بها واذابة جبال الجليد التي تكومت عبر هذه السنوات ولم تشغل بالك سوى بعملك فقط، زوجتك بحاجة للحب والحنان فهي لم تمارس حياتها طبيعية مثلها مثل اي أمرأة اخرى.
واخيراً يا سيدتي اذا تحقق لك الطلاق ستكوني الخاسرة الوحيدة لانك سوف تعيشين في غربة قاتلة ولكن اريد ان تبتعدي عن بيتك قليلا وتذهبي لمكان بعيد لتعيدي فيه حساباتك واوراقك ولحظتها ستتأكدين من ان الله اختار لك الخير كله بأبناء صالحين وزوج طيب استمتعي بما تبقى من عمرك بعد اداء رسالتك وانا واثقة من رجاحة عقلك وليهديك الله سواء السبيل.
التعلیقات