التعاون والإحسان في مدرسة أهل البيت
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتفي الإسلام رصيد معرفي ضخم يدعو إلى قيم التعاون والإحسان في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد
، الأمر الذي يرسي أساس التكافل ويعمّق من مساره ، فالقرآن وهو المصدر المعرفي الأساسي يحثّ في آيات عديدة على التعاون ، يقول في هذا الصدد : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ) (١). وقال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : « من مشى في عون أخيه ومنفعته ، فله ثواب المجاهدين في سبيل الله » (٢).
تجدر الإشارة إلى أن الإنسان خلق وحده ضعيفاً لا يقدر على شيء إلاّ إذا توفرت له ظروف التعاون مع غيره ، والقليل إلى القليل كثير ، والضعيف إذا ساند الضعيف قوى ، فالحياة الاجتماعية ما هي إلا تعاون أفراد المجتمع في سبيل توفير الطمأنينة النفسية لأفراده الذين يقعون تحت تأثير الحاجة أو الفزع أو القلق أو الاضطراب أو العجز عن تهيئة الامكانيات التي تعيد الطمأنينة النفسية إليهم ، من هنا تظل الحاجة إلى التعاون ماسة عبر الزمن.
يروي إسحاق بن عمّار أنّه سمع الإمام الصادق عليهالسلام يقول : « يأتي على الناس زمان من سأل الناس عاش ، ومن سكت مات ، قلت : فما أصنع إنّ أدركت ذلك الزمان ؟ قال : تعينهم بما عندك ، فإن لم تجد فبجاهك » (٣). فالدعوة إلى التعاون ـ إذن ـ لازمة مهما تغير الزمان ، وتعاقبت الأجيال ، وتغيرت العادات والتقاليد واختلفت الظروف.
أما الإحسان فهو قيمة عليا تؤدي إلى تنمية روح التكافل ، وتطلق الفرد من عقال الأنا أو ( الذات ) إلى مدارات إجتماعية رحبة ، وتجعله متضامناً مع إخوته وأبناء جنسه. وحقيقة الإحسان : هي التطوع بأعمال الخير التي لم يلزم بها الشارع المقدس.
إن الإنسان المحسن هو الذي يمارس العطاء المالي ، أو يبذل جهوداً إضافية في خدمة الناس ، والقرآن يحثّ على ذلك بقوله : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ ) (4) فنجد العطاء هنا مقروناً بالإحسان ، ونجد دائرة القرابة هي الأقرب من حيث الاستحقاق.
******************************
(١) سورة المائدة : ٥ / ٢.
(٢) ثواب الأعمال / الشيخ الصدوق : ٢٨٨.
(٣) الكافي ٤ : ٤٦ / ١ ، باب النوادر من كتاب الزكاة.
(4) سورة النحل : ١٦ / ٩٠.
التعلیقات